مناف الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 01:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقول الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن إن تجربة روحية فردية خاضها غيرت أوصافه وأحواله وجعلته شخصاً آخر ، وبالرغم من أنه -كأستاذ في فلسفة اللغة - لا يجد في أدلة علم الكلام الإسلامي ما هو كفيل بدرك اليقين في مسائل الاعتقاد إلا أنه يؤكد أن يقينه بهذه القضايا قد تحقق عبر تجربته تلك.
في دمشق كان العالم الذي تلقيت على يديه بعض علوم التشريع نموذجاً ربطتني به علاقة حية تجعلني لا أستغرب ما يقول طه عبد الرحمن إنه قد حصل معه فقد كان رجلاً واهباً وقته وجهده بدون مقابل لخدمة طلبة العلم الذين يفدون إليه من كل مكان ومن شتى الدول ، وكان رحمه الله يمتلك يقيناً لا يتزحزح بصواب ما يفعله كسبيل لنيل رضا الله وكان أكثر ما يسوؤه ما يراه من سعي بعض زملائه أو جلّهم من شغف بالظهور والثناء والشهرة .
وكان كلما افترقنا قال لي ألقاك في الغد إذا لم أنتقل إلى الآخرة بطريقة المتوقع للموت بكل جوارحه وفي أي لحظة.
لم أستغرب وأنا الذي عاصرت علماء دمشق حديث معاذ الخطيب ومبادرته التي سماها "عيدية" وحضرتني مباشرة صورة أستاذي وكانت المقارنة بين هذا المثال المجسّد للهوى الرسالي وبين الشيخ الخطيب بالتأكيد عاملاً كافياً لتفسير ما استعصى على فهم البعض .
فعبارة " بنرجع متل ما كنا" التي كررها الشيخ الخطيب أكثر من مرة في نوستالجيا غريبة لماض قبيح مليء بالظلم والقهر والكبت والفسادتعبر عن واقع حال هذا الشيخ الدمشقي الذي لم يخض تجربة روحية على درجة من العمق والغنى بحيث تفضّ التنازع بين الهوى الرسالي وبين مكاسب الدنيا ولهذا فالماضي الذي يحنّ إليه هو الذي اجتمع فيه بالنسبة إليه مكاسب الدنيا وصدارة الدين.
وحسن الظن الذي يتوجه به إلى النظام لاجتراح حل سياسي عن طريق استدرار العاطفة والحسّ الإنساني ، وهو حسّ لا ننكر وجوده لديه ليس إلا انعكاساً لحالة مصالحة بين هذا النموذج وبين النظام لم تكن في مستوى متقدم ولكنها كانت في حدود لا تفسح المجال أمام الشيخ وأمثاله لإدراك قبح نظام الاستبداد وضلوعه في الفساد والرذيلة اللهم إلا في المساجلات النظرية.
مبادرات الشيخ انعكاس لمصلحة من يمثلهم ممن ينتمون إلى النموذج نفسه ولهذا تراها مفارقة للواقع ومتعالية على مجريات الأحداث
#مناف_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟