أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9















المزيد.....

الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 11:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد حاولت البرهنة في المقالات السسابقة على أن تأسيس الصيغة النظرية والعملية لفكرة المرجعية يفترض إيجاد الصلة الواقعية والمرنة لوحدة الإبداع وروح العصر. وهي مهمة ممكنة التنفيذ من خلال ما أسميته بإدراك حدود الثقافة، وحدود الحقيقة، ووحدة المساعي الأخلاقية. أما الاستمرار المنطقي والفعلي لتنفيذ هذه المهمة ضمن إطار الرؤية العقلانية للمرجعية الشيعية وفلسفة البدائل، فيفترض بدوره تأسيس الأهمية الروحية والسياسية والفكرية للمرجعية نفسها. وسوف اكتفي هنا برسم الأولويات النظرية والعملية الكبرى لهذه الأهمية.
إن تحقيق الأهمية الروحية للمرجعية، ممكن من خلال تنفيذ خمسة مساع كبرى، هي:
أولا: السعي في بناء منظومة متسامية للقيم: وهي مهمة لها أساسها التاريخي والفكري والعقائدي في التشيع. لاسيما وانه كان وما يزال حامل لواء القيم الإسلامية الحقيقية، وممثل الرموز المتسامية للائمة وشخصياته الروحية الكبرى، التي جسدت في حياتها وأعمالها ومواقفها نموذجا رفيعا لقيم العدل والحق والخير والمساواة والاستعداد للتضحية من اجلها. وهي خلفية تاريخية ونماذج واقعية ومثالية قادرة على استلهام الرؤية الواقعية المعاصرة فيما يخص إمكانية بناء منظومة من القيم وليس أجزاء منها يمكن الاعتداد بها أو الإعلان عنها والدعاية لها في أماكن وأوقات محددة (عاشوراء بالأخص).
ثانيا: السعي في تأسيس الذهنية الثقافية للعراق. والمقصود بذلك هو إعادة الصلة بين التاريخ والوعي الثقافي في العراق. فالعراق من حيث مكوناته التاريخية والثقافية هو حصيلة أقوامه وثقافاته المتعددة، التي ارتقت بفعل صهرها الشامل في بوتقة الثقافة العربية الإسلامية إلى أن يكون كيانا ثقافيا. لهذا لم يعد العراق تجمع أعراق، بل كينونة شكلت من الناحية التاريخية والثقافية والوطنية هوية متميزة وأصيلة. وتبلور معها مزاج خاص وذهنية لا تخرج في إطارها العام عما هو مميز لخصوصية الثقافة العربية الإسلامية، لاسيما وانه مؤسسها الأول. وفي هذا فقط تكمن خصوصيته بينها. وهو الأمر الذي يجعل من إعادة الصلة بين التاريخ والوعي أسلوب استرجاع حقيقة الهوية العراقية بوصفها هوية ثقافية. ومن ثم فإن أي خروج عليها هو تدمير لمكوناتها، يؤدي بالضرورة إلى الفرقة والمذهبية والطائفية والعرقية وما شابه ذلك. إذ أن القوة التاريخية والثقافية للعراق كانت تكمن على الدوام في قدرته على صنع سبائك قوية من تنوع الأقوام والأمم والثقافات والأديان،التي شكل التشيع أحد نماذجها الوجدانية العليا. وبالتالي فانه الأوسع والأعرق رصيدا بالمعنى التاريخي والثقافي للمشاركة الفعالة في تأسيس ما أسميته بالذهنية الثقافية العراقية بوصفها إعادة للصلة بين تاريخه ووعيه الثقافي.
ثالثا: السعي في إرساء أسس الوجدان المبدع. لقد أشرت قبل قليل إلى أن التشيع كان ولا يزال أحد السبائك النموذجية للوجدان المتسامي في العراق. وهي صفة لها مقوماتها في التاريخ والثقافة العراقية من جهة، كما أن لها خصوصيتها في ظهور وتاريخ التشيع نفسه. وهو الأمر الذي يجعله اقرب إلى القاع السحيق في المزاج الشعبي والنفسية الاجتماعية، أي مصدر الإلهام التاريخي للإبداع الكبير. وهو واقع يصنع الشروط الضرورية لما يمكن دعوته بالوجدان المبدع. وقد لا يكون غلوا القول، بان ماهية التشيع هي وجدان مبدع رغم الحصار السياسي الهائل الذي تعرض له على امتداد قرون عديدة. أما العقود الأخيرة من الدكتاتورية فقد وجدت في سحقه وتخريبه وتدميره و"حق تمثله" أيضا أسلوب سيطرتها الشاملة. إلا أنها لم تدرك الحقيقة البسيطة القائلة، بان كل ما لا أرضية له هو كيان هش البنية والأساس. لقد أرادت تمثل وجدان لم تعان من اجله قط. بل على العكس. أنها لم تدرك بان الوجدان من الفقدان. بينما أرادت هي أن تجعل من إفقاد الجميع حقيقة الوجدان أسلوبا للارتماء في أحضانها! وهو ارتماء العبيد المماثل لجوهر نفسيتها. من هنا تعمق وتزايد واشتداد الخلاف والهوة والتناقض بينها وبين التشيع العراقي الذي يضع من جديد مهمة إعادة اللحمة للوجدان العراقي بطريقة تجعله قادرا على تمثل تاريخه الذاتي. وهو تاريخ لا يعقل خارج التشيع. وإذا كان الوجد من الفقد، فان التشيع هو اكثر من فقد في تاريخ الإسلام وفي تاريخ العراق المعاصر. من هنا ضرورة تأسيسه الجديد بأسلوب يقتلع بصورة نهاية أية محاولة لتكرار اغتيال الإمام علي ومقتل الإمام الحسين ومآسي كربلاء والمقابر الجماعية المعاصرة وما شابه ذلك.
إن الأسلوب الحقيقي لذلك يقوم في تأسيس الرؤية العقلانية والواقعية للحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية عبر إشراكهم الفعال في الدفاع عن فكرة الحقوق وتحقيقها العملي في مختلف المجالات، وبالأخص في مجال بناء الدولة ومؤسساتها الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني. وهو أسلوب ينبغي أن يسند الرؤية العقلانية والواقعية، بوصفها المكون النظري القادر على تمثل حقائق وقيم الوجدان الشيعي في التاريخ العراقي. حينذاك يمكن لهذا الوجدان أن يكون مبدعا، أي فاعلا عاقلا مدبرا لكيفية بناء مؤسسات الدولة والمجتمع والثقافة على أسس المرجعيات الثقافية.
رابعا: السعي في تجذير وعي الذات التاريخي. إن وضع المرجعيات الثقافية في أساس الرؤية العقلانية والواقعية للحركات الاجتماعية والسياسية هو الأسلوب الفعال لشحذ وعي الذات التاريخي. فإذا كان وعي الذات التاريخي هو حصيلة التجارب الثقافية المتعددة والمتنوعة للأمة، فإن تأسيسه الواقعي والعقلاني في الحركة الاجتماعية والسياسية الشيعية هو أحد الأساليب الفعالة بالنسبة لتجذير وعي الذات التاريخي العراقي. وذلك لما في التشيع من قيمة واثر ووجود جوهري في الكينونة العراقية، بوصفه حامل تراثها الوجداني وقيم الإخلاص للحق والعدالة فيه. فهي قيم تربط بصورة لا يمكن فك عراها المضمون الروحي لوعي الذات التاريخي. إذ لا يمكن لهذا الوعي أن يتبلور ويتكامل خارج المسار المتجدد للقيم الوجدانية. وهي قيم كان التشيع العراقي من بين اكثر ممثليها وحملتها التاريخيين. من هنا تصبح مهمة تجذيرها في الوعي السياسي والاجتماعي المعاصر على أسس عقلانية وواقعية الأسلوب الأمثل لتجذير وعي الذات التاريخي. مما يتطلب بدوره إعادة ترتيب أولوياته في الوعي الفردي والاجتماعي من خلال توسيع مدى الشخصيات والرموز والحوادث المؤثرة في بناء الرؤية الوجدانية للتاريخ وتأصيلها في معاصرة المستقبل. فهو الأسلوب الذي يضمن الوجود الطبيعي للهوية العراقية ويعيد تفعيل مكوناتها الثقافية في بناء الدولة العصرية والمجتمع المدني.
خامسا: السعي في رسم تفاؤل المستقبل. وليس المقصود برسم تفاؤل المستقبل سوى العمل من اجل وضع الصيغة العلمية والعملية للمعاصرة. وهي صيغة ممكنة من خلال إدراك المضمون العملي للحقيقة البسيطة القائلة، بان الحاضر هو المستقبل. وبالتالي فان المساعي الضرورية لتأسيس الأبعاد الروحية للمرجعية تقوم في إعلاء شأن المرجعيات الثقافية في الرؤية النظرية والعملية. ومن حصيلة هذه الجهود يمكن المساهمة في إرساء الأسس الروحية لتحقيق الأهمية السياسية للمرجعية.




#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرجعية الشيعية ومرجعية التقليد - الواقع والآفاق 5 من 9
- المرجعية الشيعية - الفكرة والتاريخ الفعلي 4 من 9
- فلسفة المرجعيات في التراث العربي الإسلامي3 من 9
- مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9
- فلسفة المرجعية والمرجع في العراق1 من 9
- الديمقراطية في العراق - خطوة إلى الأمام
- الفدرالية القومية في العراق - خطوة إلى الوراء
- النخبة السياسية في العراق – الهوية المفقودة
- هل العراق بحاجة إلى مساعدات؟
- جنون الإرهاب الوهابي - خاتم الإرهاب التوتاليتاري 4 من 4
- جنون الإرهاب المقدس – الحنبلية الجديدة 3 من 4
- جنون الإرهاب الأصولي – تحطيم العدل والاعتدال 2 من 4
- جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4
- الجمهورية العراقية الرابعة – الاحتمالات والابعاد المجهولة
- هل العراق بحاجة إلى مرجعيات دينية؟
- الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق
- إشكالية الهوية العربية للعراق – مشكلة الجهل والرذيلة
- المثقف العراقي – المهمة الشخصية والمسئولية التاريخية
- العلم والأنوثة
- ملاحظات على حملة التضامن مع منتدى الاتاسي


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - الأهمية الروحية للمرجعية 6 من 9