أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دعاء البياتي - تأريخ اصفر














المزيد.....


تأريخ اصفر


دعاء البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 23:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأريخ اصفر

حينما كنت اقرأ صفحات التأريخ الأصفر الذي يصف غزوات المسلمين بالفتوحات , كانت تصيبني الحيرة الشديدة , هراء و اكاذيب قاموا بحشوه في عقولنا الصغيرة , لازلت اذكر حصة التأريخ و كيف كانت معلمة المادة , تقف منفوشة الريش , و هي تتحدث عن فتوحاتنا العظيمة , و عن حضاراتنا الباهرة التي ظهرت على اثر هذه الفتوحات و تتغنى بماضي الاجداد , بماضي الخلفاء , و يشرد تفكيرها بأحلام وردية عن هارون الرشيد و غرفه المليئة بالجواري الحسان !!
و عقلي الصغير يأبى التصديق بهذا الحشيش المرير , و اتسائل بصمت هل كانت حقا فتوحات ام كانت مجرد غزوات !! لماذا يعيب تأريخنا العربي على الفرس و الروم و الانكليز و الفرنسيين و الامريكان غزوهم لبلداننا , و يسموها غزوا و احتلال ؟؟ بينما نسمي غزونا لبلاد الآخرين فتوحات !! اي وحل هيروني غسلوا به عقولنا الغضه ؟؟
رفعت يدي , معلمتي هل لي بسؤال ؟
قالت لي : تفضلي اسألي .
قلت لها : من اين جاء هارون الرشيد بحواريه الحسان ؟؟
قالت بلهجة مزهوة : من اسواق النخاسة , و من فتوحات العرب المسلمين , التي امتدت الى الصين , فجيشنا كان جيشا ابيا , و فتوحاتنا كانت فتوحات رائعة , اثمرت عن اتساع بدولتنا العربية الاسلامية .
ظل كلام معلمتي معلقا في رأسي , كفانوس تهزه الريح في ليلة ماطرة , و حين كبرت بحثت عن الحقيقة المطمورة , بحثت عن اصل كل المصطلحات و كشفت النقاب عن السر الذي اخفوه عنا في طفولتنا , هذه الجواري الحسان لم يكن سوى سبايا حرب , دخل عليهم جيشنا المقدام فقتل من رجالهم و اهلهم ما قتل , اما النساء فلقد سقن الى اسواق النخاسة , ليتاجر النخاس بأجسادهن الجريحة , و ليأتي موفد خليفة المسلمين ليختار اجملهن , ليحملها معه الى قصر خليفة المؤمنين , لتبقى هناك في حجرة الحريم , تنتظر ببؤس مصيرها الهزيل , لعلها تكن من المحظوظات من ضمن الالاف الاخريات , و تحظى بليلة حميمة في فراشه المقدس , فخليفة المؤمنين كان شديد الورع , يعشق الغلمان و يحب الطرب و الرقص , و قلبه ينتفض كالحمامة امام جواري منهن الشقراء و الحميراء و السمراء , و لا ننسى السؤال عن الذراري المساكين , ابناء الامم المغلوبة من قبل جيش المسلمين , ترى كيف كان حالهم , لم يكونوا افضل حالا من النساء , فلقد اخذوا ليصبحوا كعبيد !! هذا هو جوهر تأريخنا المجيد جواري و عبيد و غنائم حرب تقدر بالذهب , هذه هي فتوحاتنا المجيدة التي بنيت على اجساد الأمم المغلوبة , هذا هو حقيقة تأريخنا البشع الذي خط بدماء الأبرياء المحتلة اراضيهم , و المصيبة و كل المصيبة اننا لا نشعر بالخجل , حين نقرأ بالتأريخ القائد الفلاني جز رأس احدهم و وضعه في قدرة ليطهوه على مهل , و الخليفة الفلاني ذبح احدهم في ليلة عيد , كأضحية شبيه بأضاحي الماشية , ليتدحرج رأسه بين صفوف المصلين , هل يجب ان افخر بتأريخنا العظيم ؟؟ هل يجب ان اعتبر كل هذه المجازر و كل هذه الانتهاكات الغير انسانية رمزا من رموز البطولات ؟؟ اي عار يحتقن في ذاكرتنا , و اي تأريخ ملوث بدماء و بشرف الابرياء يطالبنا بأن نعتبره مقدسا , و كخط احمر ممنوع تجاوزه , و ممنوع حتى نقده !! الى متى سنبقى كالمدمنين الغائبين عن الوعي ؟؟
قد يقول قائل , حضاراتنا قدمت اعظم العلماء ؟؟ عن اي علماء تتحدث ؟؟ عن علماء هم من اصول البلدان التي قمنا بغزوها و احتلالها بلا حياء !! فعلمائنا الذي تصدع بذكرهم رؤوسنا هم من اصول اما فارسية او امازيغية !! ربما عالم وحيد هو من اصول عربية لكنه نشأ و ترعرع بالأندلس , و هل لي بأن اذكركم بأن اغلب هؤلاء العلماء و صفوا و وصموا بالزندقة و الكفر !!
ربما ستذكرون عمارتنا الاسلامية و بنيانها المبهر للعيان , هل حقا قمنا بابتكار شيئا جديد ؟؟ معظم المساجد كن بالأصل كنائس , ايا صوفيا كانت كنيسة و غيرها الكثير و الكثير , عدا مسجد قبة الصخرة الذي بناه الخليفة عبد الملك بن مروان , على طراز اكبر كنيسة كانت موجودة بالقدس , نفس التصميم , نفس الهندسة , فعن اي عمارة تتحدثون ؟؟ هل تعلمون بأن اغلب هذه التصاميم يعود الى العماره البيزنطينة !!
لكن الغريب و كل الغريب ان نستمر في نقدنا المستمر لكل قوه اجنبية جاءت و غزت بلداننا و قامت باحتلالها , بينما نسمي عار غزواتنا بفتوحات , و نجلس بكل فخر نبكي ماضيها و نتمنى عودته بدعائنا المستمر , و يبدوا ان الله قد استجاب لصلواتنا , فلقد بعث خليفة اسمة ابو بكر البغدادي , ليعيد علينا هذا التأريخ المتهتك الحرمة , العفن الرائحة , فكل ما يقوم به ما هو سوى اعادة احياء لكل طقوسنا الإجرامية التي البسناها رداء التقوى و القدسية و العظمة , التأريخ يعود الآن , يبعث من مقبرته العتيقة , على يد مجرم يطبق طقوسه بحذافيرها , ها قد عاد ما كنتم تحلمون به , فأخبروني لما انتم في حالة جلل في حالة خجل و نكران مستمر من هذا الواقع المرير , هذا هو حقيقة تأريخكم الذي يعاد كتابته بحروف دماء الابرياء من جديد , هذا هو عارنا , فلنكن اقوياء و نواجه الحقيقة , و نفرغ عقولنا من سفسطة مناهج مدارسنا , ومن نعيق عهره منابرنا الذين اكلوا رؤوسنا بماضينا العتيد , و لنحاول و لو لمرة واحدة ان نكون انسانيون متسامحون محايدون في طرحنا .



#دعاء_البياتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاعون العصر
- لا تدعيه يكون مركز كونك
- الدعارة بين الماضي و الحاضر
- التغيب العقلي و سيطرة العاطفي في ظل عصر السبحة و العمامة


المزيد.....




- الشرع: قتل أفراد من الطائفة العلوية يهدد الوحدة السورية
- تردد قناة طيور الجنة toyour jana على الاقمار الصناعية 
- 60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مؤتمر الأساقفة قلق من صعود -البديل- في الانتخابات الألمانية ...
- لوموند: هل تستهدف فرنسا المدارس الإسلامية الخاصة؟
- اعتنق الإسلام وتزوج جزائرية.. قصة ريبيري قاهر التنمر وصانع ا ...
- “من هنا” رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 وأهم الشر ...
- العشرات من المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى
- حرق المساجد في فلسطين
- كاتب يهودي أميركي: توقعت تطهيرا عرقيا واسعا لكن ما رأيته بغز ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دعاء البياتي - تأريخ اصفر