|
السؤال هو.. ما العمل؟
نادية محمود
الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 12:05
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إطلع اغلبنا على نص الدستور المقترح للعراق، و اظهر الجميع غضبا كبيرا تجاهه. كل الاوصاف التي قيلت بحق الدستور صحيحة انه اسلامي طائفي، انه يقوي العصابات الاسلامية، الارهاب الشيعي، الارهاب البعثي الشيعي، تقسيم المجتمع الى طوائف، دستور يدفع البلاد و الناس الى جهنم و بئس المصير، مصادرة حقوق الانسان، المرأة شهيده الاول، يجب ان يذهب الى المزبلة، الخ..
هذا كان تصويت اولي على الدستور.
كتبنا البيانات، و كتبنا المقالات، اجرينا المقابلات و المؤتمرات الصحافية، و اظهرنا سخطنا على ما يجري تحضيره للمجتمع في العراق- علما انه لم يكن مفاجئا للعديدين منا-، جمعية يسيطر فيها الاسلاميون، و اكراد يقايضون الدين بالفيدرالية، ولجنة كتابة دستور مشكلة على اساس طائفي، و قوى احتلال" تحترم ارادة الشعوب بصنع خياراتها حين يتعلق الامر باختيار الرجعية!!" اي دستور كانوا سيكتبون؟
لقد جرى الاسلاميون بسرعة خرافية من اجل الانتخابات، زجوا بها بكامل الياتهم الدينية التحميقية و حملات الارهاب و التخويف والتزوير، من اجل ان ينهوا المرحلة الاولى في طريق تثبيت سلطتهم الاسلامية.
لقد مضوا في القيام بواجباتهم على قدم و ساق، لم يضيعوا اية فرصة تمكنوا فيها من " تاسيس و فرض حكمهم" الا و فعلوا، في كل منطقة، في كل حي، في كل شارع، أنّى تاتي لهم، ان يفرضوا سلطتهم، فعلوها دون ادنى تردد، ومرة اخرى بصراع ضار، اما النصر او الهزيمة. فرضوا حكمهم على كل انسان، على كل فرد، في كل شاردة و واردة، من غلق محلات التسجيل الى تصفية المسيحين، من تحجيب النساء، الى التهجم على طلاب الجامعات، منظمة نساء شهيد المحراب، تطالب باللامساواة و بالعشائرية! و الشباب الذي لا يذهب الى الجامع، بضربون نوافذ بيته، و يدعونه ملحدا. اسسوا لدولتهم الاسلامية في بحر السنتين الماضيتين، ليقوموا لاحقا بكتابة دستورهم، كخطوة ثانية في مرحلة تثبيت هذه الدولة، لم يتبقى لهم الا الفصل الثالث في مرحلة تاسيس دولتهم و الذي سـ"يلفلفوه" كما لفلفوا الانتخابات و لفلفوا كتابة الدستور- على حد تعبير احد الكتاب- ليدفع بالمجتمع لاحناء رقبته لسيف الدولة الاسلامية، و لينزل رأسه امام عمائمها، و ليعاد المجتمع الى عصور اهل الكهف، محميون بأدب و دماثة خلق امريكا و بريطانيا التي تحترم " ارادة الشعب العراقي" الذي "صوت لاول مرة بشكل ديمقراطي" و تدافع عنه بقوة التها العسكرية .
يدرك الاسلاميون ان هذه فلتة تاريخية، اتاحتها لهم الحرب والاحتلال. يدركون انها فرصة لن تتكرر، لن يكون التاريخ بالغ الكرم معهم كل مرة، ليمكنهم من الوصول الى السلطة وتاسيس الدولة الاسلامية، و تحقيق حلم عشرون عاما راودهم في المنفى في ايران.
اتخذ الاسلاميون من هذه المعركة، معركة الفوز بالسلطة في العراق، معركة حياة او موت بالنسبة لهم ، اما ان تغتنم او لن ينفع البكاء على الفرص الضائعة!
ما ان ينجز الاسلاميون و القوى الرجعية الملتفة حولهم المرحلة الثانية لتشكيل دولتهم الاسلامية، حتى يّعبدوا الطريق للمرحلة الثالثة بثقة و بهدوء بال هذه المرة، و يعلنوها، " الجمهورية العراقية الاسلامية الاتحادية"! حينها لن يرى المجتمع الامن والسلام، سيكون الجوع و التعذيب و حرمان البشر مظاهر يومية معاشة، ستمتلأ السجون بكل معارض و حمامات الدم المسفوح بسيوف الاسلام ستبدأ في العراق ؟! و قوات الاحتلال، ستبقى راعية " للدولة الاسلامية المنتخبة في العراق بارادة الله وارادة الشعب.
ان السؤال هو هل حّول اليسار هاتين السنتين الى معركة له؟ هل كانت معركة حياة او موت بالنسبة له؟ هل شكّل قوته على الارض؟ هل وضع نصب عينيه الاستحواذ على السلطة؟ و تأسيس لدولة قانون و مجتمع حقوق الانسان، و مجتمع مدني، متحرر؟ ام انه ترك مهمة السلطة، لغيرّه؟ للاسلاميين السنّة منهم و الشيعة و البعثيين والوهابيين و من لف لفهم؟ هل وضع اليسار نصب عينه مّهمة وموضوعة السلطة و واصل العمل عليها الليل مع النهار؟ كما فعل الاسلاميون؟ ام ترّفع عنها، و ترك امر ادارة المجتمع لليمين؟
الم يحن الوقت ليتخذ اليسار مبادرة الفرصة الاخيرة، قبل ان ندخل عقود جديدة من الفاشية الاسلامية في العراق، حيث سيجري تطوير للـ"تجربة الاسلامية" في العراق استنادا للدروس المأخوذة من ايران، لقد قال احد الكتاب " ما يفعله الاسلاميون في البصرة يبدو متطرفا في ايران"!.
اشارك الكاتبات والكتاب الشعور بالغضب على هكذا دستور، لكن الم يحن الوقت لاستكمال بيانات التنديد وكتابة المقالات - التي بدون ادنى شك لديها اهمية بالغة- ببرنامج عمل؟ العراق الذي عرف بيساريته على امتداد قرن باكملة، يدفع بقوة ارهاب عالمية و محلية الى اليمين، فما العمل؟
لقد طرحنا مبادرة تاسيس مؤتمر حرية العراق، تحدثنا عن تنظيم ديمقراطي يضم القوى التحررية، العلمانية، المناهضة للاحتلال و للارهاب الاسلامي و من اجل اعادة المدنية للمجتمع في العراق. التنظيم يستند الى تنظيم القوى الحية في المجتمع من اجل انهاء سيناريو الاحتلال و الدولة الاسلامية. ابتدأ مؤتمر حرية العراق اعماله بتنظيم الجماهير، بعقد الاجتماعات في بغداد والبصرة والفلوجة، انضم اليه اعدادا من الافراد و من ممثلي المنظمات الجماهيرية و اعضاء احزاب، ويسعى الى تنظيم الجماهير في محلات سكناها و في اماكن عملها، من اجل التصدي لللاحتلال وللارهاب الاسلامي، ذا في داخل العراق، و في خارجه نسعى الى ايجاد تنظيم واسع يضم المهاجرين العراقيين وغير العراقيين الذين يريدون رؤية نهاية الاحتلال و نهاية الارهاب الاسلامي.
ان طريقنا للخلاص و انهاء الطائفية في العراق لا يحسم بالاجتماعات المعقودة في منزل اياد علاوي و بحضور حزب الدعوة و الوفاق و الحزب الشيوعي.؟ بل بتنظيم الناس في احياءهم في مواقع عملهم، من اجل ان يحسموا امرهم مع الاسلاميين والمحتل في الشوارع! هكذا سار التاريخ و هكذا سيسير!
اليسار في داخل العراق و في خارجه بحاجة الى التنظيم. التنظيم اولا. بدون تنظيم لا يمكن ان نغّير ساكنا. كعضو في مؤتمر حرية العراق ادعو كل مواطن في داخل العراق و في خارجه للانخراط في تنظيم " مؤتمر حرية العراق" كاطار واسع يمكن ان يجمع تحت سقفه اعضاء من مختلف التوجهات السياسية، الا انه تجمعنا القواسم المشتركة على مواجهة الارهاب و انهاء الاحتلال و اعادة المدنية للمجتمع في العراق.
في هذا الاطار- التنظيم سواء في داخل العراق او في خارجه، توضع خطط العمل و يتطوع اشخاص هذا التنظيم للقيام باعمالهم اليومية، بمواظبة و مثابرة و بشعور ان هذه معركة حياة او موت بالنسبة للمجتمع المتمدن و المتحضر للقيام بعمل عالمي و بتحرك محلي، و بالعمل مع الحركة العالمية اليسارية التقدمية و الداعية للعلمانية و المدنية في العراق من اجل تحقيق الاهداف الثلاثة المذكورة.
كذلك، ان تنظيما عالميا لدحر الاحتلال و الارهاب و لاعادة المدنية بحاجة الى ان يوصل صوته عاليا و واضحا وان يكون مركز استقطاب، و حتى يستقطب الناس بحاجة الى منبر، الى اذاعة و قناة فضائية تؤدي وظيفة تحريضية و تنظيمية، في جهاز لم يضعه اليسار نصب عينية بعد، و لا زال يكتفي بكتابة المقالة و نشر البيان، علما اننا نحتاج الى مجاراة البرجوازية و احزابها الرجعية في السباق من اجل كسب الجماهير، و تخليصها من الظلالات و التحميق الاسلامي. انهم يحمقون اذهان الجماهير، و نحن بحاجة الى تنويرها، الى تقويتها، الى تحريرها من عبأ اربعة عقود من الفاشية البعثية و تظليلها و تهميشها و سحق ارادتها، الى الحصار الاقتصادي و دورة في انكفاء المواطن و تقليص تطلعاته الى سد رمقه، ثم الحرب و الاحتلال و الارهاب الاسلامي! ان اي شعب يعيش كل تلك الظروف والاوضاع، لا بد ان تترك اثرا جسيمة في اضعاف قوة ارادته.
لذا فان واجبنا تقوية ارادة الجماهير، اظهارها مرة اخرى، تنظيمها مرة اخرى، العمل معها مرة اخرى، التصدي للطائفية لا يخرج من باب منزل اياد علاوي كما قلت، بل يمر بتنظيم الجماهير المتحررة، ومساعدتها على كشف الظلالات و التحرر منها والقيام بتغييرها.
انهم يحاولون ابعاد المجتمع، وتخويفه باخافته من الشيوعية و اليسار، ، بدعوى ان الشيوعيين يمسوّن مشاعر المسلمين، و الحال، ان هؤلاء الاسلاميين يريدون استخدام " مشاعر المسلمين" كغطاء، كمظّلة لحماية انفسهم من " مسّ الجماهير لهم" يتحدثون عن " قدسية مرجعياتهم" كي يقولوا" لا تمسّوا سياسيينا" انهم يتخفون خلف غطاء "مشاعر المسلمين" من اجل ان يصادروا من الجماهير الحق في الاعتراض، ناهيك عن التنظيم و التعبير عن ارادتها.
وهنا بالضبط تتجسد مهمة اليسار، اعادة الجماهير الى الميدان السياسي، تخليصها من سياسات التحميق والارهاب الاسلامي، و من التهميش والسحق الذي تمارسة قوى الاحتلال والقوى المحلية الملتفة حولها و المحتمية بقواتها. مهمتنا تقوية الجماهير و اعادتها الى الميدان، و مساعدتها على التدخل واتخاذ المبادرة.
امام المجتمع في العراق فرصة ضئيلة اما ان نغتنمها و نحرك ميزان القوى لصالحنا، او ان الفاشية الاسلامية ستستولي على الساحة لعقود قادمة.
كعضو في مؤتمر حرية العراق اوجه الدعوة للعمل المشترك معا و ادعو كل الرافضين للدستور الاسلامي الطائفي الرجعي، الى العمل بدأب و بمواظبة معا و كل في مكانه من اجل انهاء الاحتلال والارهاب الاسلامي و اعادة المدنية الى العراق.
#نادية_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة تهنئة الى نساء الكويت بمناسبة حصولهن على حقوقهن السياس
...
-
موجز حديث نادية محمود بمناسبة يوم الاول من ايار في لندن 2005
...
-
لا للافغنة - عدد خاص حول تظاهرات طلاب جامعة البصرة
-
كتلة الصوت التحرري للمرأة
-
مقابلة جريدة الشيوعية العمالية مع نادية محمود منسقة - الحملة
...
-
بيان رقم 2 من حملة التصدي لأفغنة العراق
-
بيان حملة التصدي لافغنة العراق حول مقتل فان كوخ في هولندا!
-
إعلان حملة التصدي لافغنة العراق
-
رد على جماعة تطلق على نفسها- كتلة اليسار داخل الحزب الشيوعي
...
-
كلمة تأبين في رحيل الرفيق محمد عبد الرحيم.. وكلمة في أذن الم
...
-
هل الحجاب حق من حقوق المرأة؟
-
بيان حول ايقاف قرار 137
-
لا للشريعة الاسلامية.. لا لدولة اسلامية نعم لدولة علمانية نع
...
-
الديمقراطية الاميركية تبدأ بحملة اعتقالات ضد ناشطي المنظمات
...
-
بلاغ صحافي نادية محمود تحدثت الى المنبر الجمهوري الديمقراطي
...
-
قناة المستقلة تلتقي نادية محمود مساءي يوم 6 و 8-11 حول انواع
...
-
نداء الى كل الناشطات النسويات و الرجال المدافعين عن حرية الم
...
-
نساء العراق بين خطابين..
-
ماذا بعد الاعمال الارهابية في الرياض و الدار البيضاء؟
-
في التظاهرة المناهضة للحرب في الهايد بارك، لندن تتحول الى كا
...
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|