مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 4537 - 2014 / 8 / 8 - 20:39
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ترجمة مازن كم الماز
مقدمة المترجم : يمكن ترجمة العنوان بعدة أشكال , عودة الوعي كما سماها مثلا توفيق الحكيم بعد موت , و سقوط , عبد الناصر , أو خيبة الأمل , لكني فضلت عنوانا أكثر تعقيدا ربما لكنه ينقل بصورة أفضل كما أرى المعنى الذي قصدته الكاتبة : زوال الأوهام .. إيما غولدمان أناركية روسية - أمريكية ولدت عام 1869 في ليتوانيا , هاجرت إلى الولايات المتحدة بعد خلافها مع والدها , هناك عملت في عدة مصانع و أصبحت ناشطة في الحركة العمالية و الأناركية و النسوية .. في عام 1892 ساعدت صديقها الكسندر بيركمان في محاولته اغتيال هنري فريك رجل أعمال كان قد استخدم قتلة مأجورين لقمع إضراب قام به عمال شركته .. اعتقلت لأول مرة عام 1893 لتحريضها العمال على الإضراب .. حكم عليها عام 1917 بالسجن سنتين بسبب مشاركتها النشيطة في الدعاية المناهضة للحرب , و في 1919 طردت مع الكسندر بيركمان و 247 شخصا آخر عن امريكا , لتقرر الذهاب إلى روسيا .. غادرت روسيا بعد عامين مع بيركمان و شابيرو بعد أن اقتنتعت تماما بعد مجزرة كرونشتادت أن روسيا قد أصبحت , كما تنبأ باكونين من قبل , ديكتاتورية حمراء .. شاركت مع القوى التحررية المناهضة للفاشية في الحرب الأهلية الإسبانية , توفيت في أمريكا عام 1940 , بقت مخلصة للأناركية حتى آخر أيامها .. هنا تتحدث عن قصتها مع الثورة الروسية , و الطريق الوعرة التي قطعتها نحو الاعتراف بحقيقة النظام الجديد في روسيا ... هذه هي مقدمة الطبعة الأمريكية الأولى لكتابها زوال أوهامي عن روسيا
كنت قد اتخذت قراري بأن أسجل تجاربي , و ملاحظاتي و ردود أفعالي أثناء إقامتي في روسيا قبل أن أفكر بترك ذلك البلد بوقت طويل . لقد كان ذلك في الواقع هو السبب الرئيسي لمغادرتي تلك الأرض البطولية على نحو مأساوي .
إن أقوانا ليخشى من التخلي عن حلم طالما راودنا طويلا . لقد جئت إلى روسيا مسكونة بالأمل بأني سأجد بلدا يولد من جديد , و قد كرس شعبه كل طاقاته للمهمة العظيمة , و لو أنها شديدة الصعوبة : مهمة إعادة البناء الثورية . و كنت آمل بكل حماسة بأن أصبح جزءا فاعلا من هذا العمل الملهم .
لقد وجدت الواقع في روسيا مشوها , يختلف تماما عن المثال العظيم الذي ولد داخلي مع قمة الأمل بالذهاب إلى أرض الميعاد . تطلب الأمر 15 شهر طويلة قبل أن أتمالك نفسي من جديد . كان كل يوم , كل أسبوع , كل شهر , يضيف حلقات جديدة للسلسلة المهلكة التي هدمت صرح أملي العزيز . لقد حاربت سقوط أوهامي بيأس . كافحت لوقت طويل ضد ذلك الصوت الذي لم يتوقف داخلي الذي كان يدفعني لمواجهة الحقائق الصارخة . لم أفعل و لم أستطع أن أستسلم .
بعد ذلك جاءت كرونشادت . كانت تلك القشة الأخيرة . أكملت كرونشتادت إدراكي الرهيب بأن الثورة الروسية لم تعد موجودة بالفعل .
لقد رأيت أمام عيني الدولة البلشفية , الهائلة , و هي تسحق كل فعل ثوري خلاق , تقمع , تنفي و تفكك كل شيء . عندها قررت , لأني لم أكن قادرة و لا راغبة بأن أصبح ترسا ( جزءا ) في تلك الآلة الشريرة , و مدركة بأني لن أكون مفيدة عمليا لروسيا و شعبها , قررت أن أغادر ذلك البلد . و أني ما أن أصبح خارجه , سأسرد بكل صدق و إخلاص و موضوعية بالقدر الذي يمكنني كإنسانة , قصة إقامتي في روسيا طوال سنتين .
وقعت الثورة الروسية الفعلية في صيف عام 1917 . أثناء تلك الفترة استولى الفلاحون على الأرض بأنفسهم , و العمال على المعامل , كاشفين بذلك أنهم يفهمون جيدا معنى الثورة الاجتماعية . كان التغيير في أكتوبر اللمسة الأخيرة في العمل الذي بدأ قبل ستة شهور . في تلك الانتفاضة الكبرى تبنى البلاشفة صوت الناس ( الشعب : PEOPLE بالانكليزية ) . فأخذوا السياسة الزراعية للاشتراكيين الثوريين و التكتيات الصناعية للأناركيين . لكن بعد الموجة العالية من الحماسة الثورية التي حملتهم إلى السلطة, تخلى البلاشفة عن قناعهم الزائف . هنا بدأ الانفصال الروحي بين البلاشفة و بين الثورة الروسية . و مع كل يوم كانت الفجوة بينهما تصبح أكبر , و تزداد مصالحهما تنافرا . لا مبالغة إذا قلنا اليوم أن البلاشفة هم اليوم ألد أعداء الثورة الروسية .
تموت الخرافات بصعوبة . و في حالة الخرافة المعاصرة فإن هذه العملية تصبح أصعب بصورة مضاعفة لأن عوامل مختلفة اجتمعت لتمنح تلك الخرافة حياة إضافية اصطناعية . التدخل الدولي , الحصار , و الدعاية الدولية المؤثرة جدا للحزب الشيوعي , كلها أبقت الأسطورة البلشفية حية . حتى المجاعة المريعة استغلت لذلك الغرض .
لقد أدركت بتجربتي الخاصة كم يمكن لتلك الخرافات أن تكون متمكنة . كنت أعرف أن البلاشفة ماركسيي العقيدة . و طوال ثلاثين عاما حاربت النظرية الماركسية كصيغة باردة , ميكانيكية , و تؤدي إلى العبودية . و انتقدتها في محاضراتي , و كتبي و نقاشاتي . لذلك لم أكن جاهلة بما يمكن توقعه من البلاشفة . لكن هجوم الحلفاء عليهم جعل منهم رمز الثورة الروسية , و دفعني إلى الدفاع عنهم . من نوفمبر تشرين الثاني 1917 حتى فبراير شباط 1918 , بينما أفرج عني بكفالة من السجن الذي دخلته بسبب موقفي من الحرب , قمت بجولة في أمريكا للدفاع عن البلاشفة . و أصدرت كراسا لشرح الثورة الروسية و تبرير مواقف البلاشفة . لقد دافعت عنهم كتجسيد لروح الثورة في الواقع , على الرغم من تمسكهم بالماركسية . تمثل موقفي منهم في ذلك الوقت في المقاطع التالية من ذلك الكراس ( الحقيقة عن البلاشفة - من إصدار دار نشر أمنا الأرض "نشرة أناركية أمريكية" , نيويورك , فبراير شباط 1917 ) : "الثورة الروسية معجزة بأكثر من مقياس . من بين مفارقاتها غير العادية ظاهرة تبني اشتراكيين ديمقراطيين ماركسيين , لينين و تروتسكي , للتكتيكات الثورية الأناركية , بينما يتخلى أناركيون مثل كروبوتكين , تشركيسوف , تشايكوفسكي عن هذه التكتيكات و سقطوا في وحل التفكير الماركسي , الذي شجبوه طوال حياتهم على أنه "ميتافيزيقيا ألمانية" . قام البلاشفة في عام 1903 رغم ثوريتهم , بتبني العقيدة الماركسية عن تصنيع روسيا و عن المهمة التاريخية للبرجوازية كعملية تطورية ضرورية قبل أن يمكن للجماهير الروسية أن تركز على مصالحها هي . لكن بلاشفة عام 1917 لم يعودوا يؤمنون بالوظيفة الحتمية للبرجوازية . لقد ساروا للأمام على خطى باكونين , أنه ما أن تصبح الجماهير واعية بقوتها الاقتصادية حتى تبدأ بصناعة تاريخها , و أنها لا تحتاج بالتالي الالتزام بتقاليد و صيرورات ماض ميت , لأن هذه مثل المعاهدات السرية , قد صنعت على الطاولة , و لا تفرضها ( أو تمليها ) الحياة نفسها .
في عام 1918 زارت السيدة بريشكوفسكي الولايات المتحدة و بدأت هناك حملتها على البلاشفة . كنت ما أزال وقتها في سجن ولاية ميسوري , لقد صعقني فعل "جدة الثورة الروسية" هذا . كتبت لها يومئذ متوسلة إليها أن تعيد النظر في موقفها و ألا تخون القضية التي كرست حياتها لأجلها . أكدت يومها على حقيقة أنه بينما لا نتفق أنا أو هي مع البلاشفة نظريا لكن يتوجب علينا أن نتحد معهم في الدفاع عن الثورة . و عندما استخدمت محاكم نيويورك أساليبها الاحتيالية لتسحب مني جنسيتي الأمريكية التي كنت أحملها منذ 32 عاما , تنازلت عن حقي في استئناف الحكم لكي أعود إلى روسيا و أشارك في العمل العظيم هناك . اعتقدت يومها بكل حماسة أن البلاشفة كانوا يدفعون الثورة إلى الأمام و يبذلون أنفسهم في سبيل الشعب ( نيابة عن الشعب ) . و بقيت متشبثة بإيماني هذا لأكثر من سنة بعد قدومي إلى روسيا . لكن ملاحظاتي , دراستي , و أسفاري الكثيرة إلى أجزاء مختلفة من البلاد , و لقاءاتي بكل الطيف السياسي بكل أعداء و أصدقاء البلاشفة - كل هذا أيقظني من الوهم المروع الذي كان قد فرض على العالم . أشير إلى هذه الظروف لأقول أن التغير الي طرأ على عقلي و قلبي كان عملية مؤلمة و صعبة , و أن قراري النهائي بأن أتحدث أخيرا له سبب وحيد : أن يستطيع الناس في كل مكان أن يميزوا بين البلاشفة و بين الثورة الروسية . المفهوم التقليدي لشكر الجميل هو ألا ينتقد المرء أولئك الذين عاملوه بلطف . بفضل هذا المفهوم يستعبد الآباء أبناءهم بشكل أشد و أقوى مما تفعله القوة الوحشية , و بنتيجته يرهب الأصدقاء بعضهم بعضا . لقد أفسدت هذه الفكرة المؤذية في الواقع كل العلاقات الإنسانية حتى تاريخنا هذا . بعضهم وبخني بشدة بسبب موقفي الانتقادي من البلاشفة . و ها هم يصرخون بسخط "كم هو ناكر للجميل أن أهاجم الحكومة الشيوعية بعد كل الحفاوة و حسن الضيافة اللتين قوبلت بهما في روسيا !" . أنا لا أريد أن أنكر أني قد حصلت على بعض الامتيازات عندما كنت في روسيا . لكن كان بمقدوري أن أحصل على أكثر منها بكثير لو أني قبلت بخدمة القوى المسيطرة هناك . إن هذا هو نفس الظرف الذي جعل من الصعب علي أن أتحدث ضد الشرور التي كنت أراها هناك يوما بعد يوم . لكني أدركت أخيرا أن الصمت هو في الواقع علامة على الموافقة . ألا أصرخ ضد خيانة الثورة الروسية يجعل مني جزءا أو طرفا في هذه الخيانة . إن الثورة و سعادة البشر داخل و خارج روسيا أهم بكثير لي من أن أسمح لتقيمي الشخصي للشيوعيين الذين قابلتهم و تعلمت أن أحترمهم أن يلغي إحساسي بالعدالة و يدفعني لأمتنع عن تقديم تجربتي لسنتين في روسيا إلى العالم . في بعض الأوساط ستثار اعتراضات دون شك لأني لم أعط أسماء الأشخاص الذين أقتبس عنهم . و بعضهم سيستغل هذا لتشويه صحة ما أقول , لكني أفضل أن أتحمل ذلك عن أن أضع أيا من هؤلاء تحت رحمة التشيكا كما لو أني أكشف بصورة مباشرة عن أسماء الشيوعيين و غير الشيوعيين الذين تحدثوا أمامي بحرية . إن العارفين بحقيقة الوضع في روسيا و المتحرريين من سحر الخرافة البلشفية أو لا يعملون عند الشيوعيين سيعرفون أني قد أعطيت صورة حقيقية عن الوضع هناك . أما بقية العالم , فسيعرف الحقيقة في الوقت المناسب .
أصدقاء أقدر رأيهم اقترحوا أن خلافي مع البلاشفة يعود إلى فلسفتي الاجتماعية و ليس إلى فشل النظام البلشفي . يزعمون اني كأناركية سأصر بشكل طبيعي على أهمية الفرد و الحرية الفردية , اللذين يجب أن يخضعا في المرحلة الثورية لمصلحة الجميع . أصدقاء آخرون أشاروا إلى أن التدمير , العنف و الإرهاب هي عوامل حتمية في الثورة . إنهم يقولون أني لا أستطيع كثورية أن أعترض دائما على العنف الذي يمارسه البلاشفة . كان يمكن تبرير كل من هذين الانتقادين لو أن جئت إلى روسيا متوقعة أن أجد الأناركية و هي تتحقق , أو أني من القائلين بأنه يمكن صنع الثورة بشكل سلمي فقط . لم تكن الأناركية يوما بالنسبة لي تنظيما ميكانيكيا للعلاقات الاجتماعية يفرض على الإنسان من خلال تغيير المشهد السياسي أو بنقل السلطة من طبقة إلى أخرى . كانت الأناركية بالنسبة لي و ستبقى , وليدة , ليس التدمير بل البناء - نتيجة نمو و تطور القوى الاجتماعية الخلاقة الواعية لشعب مجدد . لذلك فإني لم أتوقع أن تأتي الأناركية فورا بعد قرون من الاستبداد و الخضوع . و لم أتوقع بكل تأكيد أن أرى النظرية الماركسية و هي تبشر بها . لكني كنت آمل على أي حال أن أجد في روسيا بدايات التغير الاجتماعي الذي حاربت الثورة من أجله . لم يكن مصير الفرد هو همي الرئيسي كثورية . كنت سأقنع لو أن العمال و الفلاحين الروس كانوا قد حققوا تقدما اجتماعيا ضروريا نتيجة وجود النظام البلشفي . لكن سنتان من الدراسة الدقيقة , و المراقبة و التمحيص أقنعتني أن الخير الذي جلبه البلاشفة للشعب الروسي يوجد على الورق فقط , و زركشته الدعاية البلشفية الفعالة بألوان فاقعة خصيصا للجماهير في أوروبا و أمريكا . كقدرة دعائية تفوق البلاشفة على كل شيء عرفه العالم من قبل . لكن الشعب الروسي لم يكسب في الواقع أي شيء من التجربة البلشفية . لنتأكد جميعا , أن الفلاحين يملكون الأرض , ليس بفضل البلاشفة , بل من خلال نضالاتهم هم , التي بدأت قبل تغيير أكتوبر بوقت طويل . و أن الفلاحين ما زالوا يحتفظون بالأرض يعود ذلك على الأغلب إلى المثابرة السلافية الخاملة , لأنهم يشكلون الجزء الأكبر من السكان و لأنهم متجذرون في أرضهم بقوة , لم يكن من السهل فصلهم عنها كما كان الحال مع العمال و وسائل الإنتاج . لقد استخدم العمال الروس , مثل الفلاحين , العمل المباشر . و استولوا على المصانع , و شكلوا لجان المصانع الخاصة بهم , و أصبحوا يسيطرون فعليا على الحياة الاقتصادية في روسيا . لكن سرعان ما نزعت منهم قوتهم و وضعوا تحت النير الصناعي للدولة البلشفية . لقد أصبحت عبودية الملكية هي عبء البروليتاريا الروسية . لقد قمعت و استغلت باسم ما كان يفترض أن يجلب لها النور و السعادة و الدفء . حاولت قدر ما أستطيع أن أجد أي دليل على الخيرات التي حصل عليها العمال أو الفلاحون من النظام البلشفي دون جدوى . على الجهة الأخرى وجدت إيمان الناس الثوري و قد تحطم , روح التضامن و قد سحقت , معنى الروح الرفاقية و المساعدة المتبادلة و قد شوه . إذا عاش المرء في روسيا , قريبا من الحياة اليومية للناس , فإنه سيشعر و يرى بكل تأكيد خيبة أمل الناس و يأسهم المطلقين لكي يقدر جيدا التأثير الهدام للمبدأ و الأساليب البلشفية - لقد جرى تحطيم كل ما كان يشكل يوما فخر و مجد روسيا الثورية . أنا لا أعترض على القول بأن الدمار و الإرهاب هما جزء من الثورة . و أعرف أن كل تغير سياسي و اجتماعي كبير في الماضي استلزم اللجوء إلى العنف . كان يمكن أن تبقى أمريكا حتى اليوم تحت النير البريطاني لو لم يتجرأ بعض المستوطنين الشجعان على معارضة الطغيان البريطاني باستخدام السلاح . و كان يمكن لاستعباد الزنوج أن يبقى مؤسسة قانونية في الولايات المتحدة حتى يومنا لولا الروح الكفاحية لجون براونز ( 1800 - 1859 , أمريكي ابيض اعتقد أنه لا يمكن إلغاء العبودية إلا عن طريق المقاومة المسلحة خلافا لمعظم الشماليين البيض المناهضين لاستعباد الزنوج , في عام 1859 هاجم موقعا فيدراليا عسكريا في الجنوب بقصد إثارة ثورة مسلحة بين السود , اعتقل و حوكم بتهمة القتل العمد و شنق في نفس السنة - المترجم ) . لم أنكر أبدا أن العنف حتمي , و لن أفعل ذلك اليوم أيضا . لكن أن تستخدم العنف في المعركة , كوسيلة للدفاع , شيء , مختلف تماما عن أن تجعل من الإرهاب مبدأ , أن تمأسسه , و أن تعطيه المكان الأكبر و الأهم في الصراع الاجتماعي . مثل هذا الإرهاب يولد الثورة المضادة , و هو نفسه يصبح مضادا للثورة . نادرا ما جرت ثورة بهذا القدر المحدود جدا من العنف كما حدث مع الثورة الروسية . و لا أدى الإرهاب الأحمر الذي تلاها إلى انتزاع السيطرة من أيدي الناس و قواهم الفكرية . لقد ظهر ذلك في الروح الرفاقية و روح التضامن التي سادت روسيا في الأشهر الأولى بعد ثورة أكتوبر . لكن أقلية صغيرة كانت عازمة على خلق دولة مطلقة دفعت باتجاه القمع و الإرهاب . هناك اعتراض آخر على نقدي من جانب الشيوعيين . إن روسيا , كما يقولون , في حالة إضراب , و من غير الأخلاقي أن يقف الثوري ضد العمال عندما يواجهون سادتهم . هذه هي الديماغوجية ( الخداع ) الذي يمارسه البلاشفة لإخراس أي نقد . غير صحيح أن الشعب الروسي مضرب , حقيقة الأمر أن الشعب الروسي مسجون و أن الدولة البلشفية - حتى كسيد صناعي برجوازي - تستخدم السيف و المدفع لتبقي الناس مسجونين . في حالة البلاشفة فإن هذا الاستبداد يخفي وجهه بشعار أثار العالم : و هكذا فقط نجحت في تعمية الجماهير . فقط لأني ثورية أرفض أن أقف مع الطبقة الحاكمة , التي تسمى في روسيا الحزب الشيوعي . حتى آخر أيامي سيبقى مكاني مع المحرومين و المضطهدين , و لا يهمني من هو الطاغية الذي يحكم في الكرملين أو في أي مقعد آخر للأقوياء . لم أستطع ان أفعل شيئا لروسيا التي تعاني عندما كنت في ذلك البلد . ربما يمكنني فعل شيء ما الآن بان أتحدث عن الدروس المستفادة من الثورة الروسية . و لم يكن همي الشعب الروسي وحده عندما كتبت هذه السطور , بل الجماهير في كل مكان .
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟