|
واقع الحال في مصر.. دون مساحيق تجميل
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 07:47
المحور:
حقوق الانسان
أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي لعام 2004 عن حالة حقوق الإنسان في مصر. وإذا كان هذا التقرير يمثل - في حد ذاته - حدثا يستحق الاهتمام والدراسة فإنه يصبح حدثا استثنائيا بتزامن صدوره مع ما تشهده البلاد من تزايد المطالبة بالاصلاح السياسي والدستوري الشامل من قبل مختلف القوي السياسية والحزبية، وبتزامنه أيضا مع تعديل المادة 76 من الدستور وهو التعديل الذي يتيح انتخاب رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشر من بين مرشحين متعددين بعد أن كان يتم الاستفتاء علي شخص أوحد من قبل. في هذه الظروف غير العادية، والمشحونة باحتمالات وامكانات غير مسبوقة لتحقيق نقلة حقيقية في الحياة السياسية المصرية التي سيطر عليها الركود والجمود سنوات طويلة. وبدلا من الاكتفاء بترديد الشعارات العامة المؤيدة أو المعارضة. يصبح من الأهمية بمكان أن نري الواقع علي حقيقته دون أي مساحيق تجميل.. كي نستطيع أن نتأمل حجم الاصلاح المطلوب وحجم المسئولية التي تنتظر المجتمع في الأيام والشهور والسنوات القادمة. يبدأ التقرير بالاعتراف بأن الجانب التشريعي شهد في مصر عام 2004 العديد من التطورات الايجابية، من قبيل انشاء محكمة الاسرة وصندوق تأمين الاسرة وإلغاء بعض الأوامر العسكرية بأمر رئيس الجمهورية رقم 2 لسنة 2004 وتعديل بعض أحكام رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 باحالة بعض الجرائم إلي محاكم أمن الدولة »طوارئ« وصدور القانون رقم 154 لسنة 2004 والخاص بتعديل مواد القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية كما أصدرت محكمة القضاء الاداري حكما برفع الحراسة عن نقابة المهندسين وما يترتب علي ذلك من اَثار. وبرغم هذه التطورات التي أدخلت علي الاطار التشريعي فإن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تري أنها لم ترق إلي احداث تغيير جذري في البنية التشريعية. وإلي جانب ذلك رصد تقرير المنظمة انتهاكات حقوق الانسان في مصر خلال العام الماضي علي النحو التالي. 1- الحق في الحياة: رصدت المنظمة وفاة 22 شخصا في أقسام ومراكز الشرطة نتيجة لممارسات التعذيب، مقارنة بثماني حالات فقط عام 2003. 2- الحق في الحرية والأمان الشخصي شهد هذا الحق استمرار تزايد الانتهاكات الواقعة عليه، حيث ارتفعت حالات انتهاك الحق في سلامة الجسد وحالات التعذيب لهذا العام حيث بلغ عددها 42 حالة مقارنة بـ 22 حالة تعذيب في العام السابق اما حالات سوء المعاملة داخل أقسام ومراكز الشرطة فبلغت 10 حالات بخلاف 23 حالة احتجاز تعسفي، يضاف إلي ذلك حالات الاعتقال السياسي والجنائي (66 معتقلا حصلوا علي قرارات الافراج ولكنهم لايزالون رهن الاعتقال). 3 - العقاب الجماعي شهد عام 2004 توسعا في ممارسات العقاب الجماعي التي طالت قطاعات واسعة من المواطنين في اطار الاجراءات المشددة التي قامت بها الأجهزة الامنية وشملت الاعتقالات العشوائية الواسعة النطاق واحتجاز الرهائن وحظر التجول واطلاق النار بصورة عشوائية وترويع أمن المواطنين وتجلت أبرز مظاهر العقاب الجماعي في العريش حيث اعتقل ما يقرب من 3 آلاف شخص وفي عزبة الإصلاح الزراعي بمدينة بنها.
4 ـ الاختفاء القسري: لم يتم رصد حالات اختفاء قسري العام الماضي، غير أنه مازال هناك قصور تشريعي في مجابهته، إذ لا يوجد نص تشريعي صريح يتضمن تعريفاً بالاختفاء القسري أو تجريمه وفرض العقاب علي مرتكبي أعماله، فضلاً عن عدم تصديق مصر علي إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992. (علماً بأن 59 شخصاً قد اختفوا بصورة قسرية منذ عام 1992 حتي عام 2000 تم إجلاء مصير 17 منهم غير أن الباقين لايزالون في عداد المفقودين). 5 ـ معاملة السجناء: لم يرصد التقرير أي تحسن يذكر في اوضاع السجون، فثمة استمرار ملحوظ لتردي الأوضاع داخل السجون المصرية وإساءة معاملة السجناء وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية. 6 ـ الحق في المحاكمة العادلة: شهد هذا العام محاكمة عسكرية واحدة ورصدت المنظمة إحالة 4 قضايا خلال عام 2004 أمام محاكم أمن الدولة العليا »طوارئ« وهي الاشتراكيون الثوريون وحزب التحرير ومدعي النبوة ومدعي الألوهية.
7 ـ سوء معاملة الصحفيين: شهد عام 2004 حالات عديدة للاعتداء علي الصحفيين جاء في مقدمتها ما تعرض له الدكتور عبدالحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة العربي من اختطاف واعتداء بالضرب، بالإضافة إلي الاعتداء علي كل من الصحفيين محمود عبدالرحيم مراسل جريدة الخليج الاماراتية بالقاهرة وعلي عبدالسلام منصور الصحفي بجريدة الأهرام المسائي، واستدعاء 7 صحفيين أمام النيابة، واحالة 9 صحفيين للقضاء. 8 ـ الضبطية القضائية والمصادرة: شهد مايو 2004 تفعيل قرار وزير العدل الخاص بمنح الضبطية القضائية لعشرة من شيوخ مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، مما يعتبر قيداً تعسفيا علي حرية الرأي والفكر والاعتقاد.. وتمت مصادرة عدة كتب منها كتاب »سقوط الإمام« لنوال السعداوي و»مسئولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث« لجمال البنا، وكتاب الإمام المهدي واليوم الموعود لخليل رزق. 9 ـ الحق في التجمع السلمي: تعرضت حرية الاجتماع والحق في التجمع السلمي علي مدي عام 2004 لانتهاكات خطيرة تجسدت أبرز مظاهرها في استخدام القوة بصورة مفرطة في التصدي لبعض التجمعات السلمية، ويعزز هذه الانتهاكات استمرار البنية القانونية القمعية المتمثلة في قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وقانون الاجتماعات والمظاهرات رقم 14 لسنة 1923 وكذلك قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958.. وفي ظل هذه الظروف وقعت 11 حالة اضراب عن العمل، و18 اضراباً عن الطعام و16 اعتصام. هذه هي خلاصة مركزة جداً، وموجزة للغاية، لما رصده تقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بجانب واحد من جوانب حقوق الإنسان المصري، وهو جانب الحريات السياسية وحقوق التعبير. وهناك ايجابيتان ينبغي التأكيد عليهما بهذا الصدد. الإيجابية الأولي هي صدور هذا التقرير ونشره دون معوقات (أو هذا ما نأمله). الإيجابية الثانية هي التحسن النسبي والمحدود الذي رصده التقرير في مقدمته فيما يتعلق بتطورات محمودة ومحدودة علي الجانب التشريعي. أما غير ذلك فان الصورة سلبية، وهي تبين بالوقائع والأرقام، اننا بحاجة إلي عمل كبير لتحقيق إصلاح حقيقي. وتبين أيضاً أن أسلوب »الترقيع« لم يعد يفيد، كما أن التلكؤ والتباطؤ أمام القيام بإصلاحات جذرية يعد جريمة حقيقية لا يمكن لأي صاحب ضمير أن يحتمل وزرها. وتبين بالمقابل أن ما وصل إليه الحال يحتاج إلي إصلاح شامل وعاجل وجذري. وأعتقد أن توقيت صدور هذا التقرير يضاعف من أهميته، فهو يلبي احتياجاً حقيقياً في هذا الوقت الذي تفتح فيه الانتخابات الرئاسية، ولزومياتها، ملفات الإصلاح السياسي والدستوري. وهذه هي إحدي فوائد الانتخابات في كل زمان ومكان، وعلينا ألا نضيعها في مهاترات بل بوضع هموم الوطن واَماله علي قمة جدول الأعمال.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلحة الفاسدة
-
الصحافة القومية .. سقطت فى أول امتحان
-
مبارك يطبق شعارات المعارضة .. برجال الحزب الوطنى
-
أهميــة العلــم.. يــا نـــاس!
-
شارون يطلب مساعدة مصر في مكافحة الإرهاب!
-
شرم الشيخ ترتدي ملابس الحداد.. ولا عزاء للمتهاونين
-
رياح التغيير تهب علي الصحافة القومية
-
وزير الصحة .. مصطفى النحاس باشا!
-
! مطالبة علي الهواء باستقالة وزير الخارجية
-
!من الذى شن الهجوم على لندن.... ولماذا؟
-
لعنة صفر المونديال تطارد الدبلوماسية المصرية
-
إيهاب الشريف : ثلاثية الحزن والسخط والدهشة
-
مطلوب حوار وطني حول مستقبل صحافة تبحث عن هوية الصحافة »القوم
...
-
إنقاذ السفير المصري المختطف.. كيف؟!
-
تقرير الأرقام القياسية للفساد يدق أجراس الخطر
-
طوارئ.. في دارفور فقط
-
الهموم الأكاديمية في حوار ساخن بالتليفزيون المصري
-
»إبن الحداد« أطاح بــ »شاه إيران «الجديد
-
مستقبل الصحافة.. أولي بالرعاية
-
مصر والسودان
المزيد.....
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر
...
-
خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين
...
-
عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض
...
-
-رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي
...
-
مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس
...
-
مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
-
الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه
...
-
رايتس ووتش: تواطؤ أميركي بجريمة حرب إسرائيلية في لبنان
-
الشتاء يهدد خيام النازحين في غزة بالغرق بمياه الصرف الصحي
-
اعتقالات واسعة بالضفة وكتيبة طولكرم تهاجم تجمعات لقوات الاحت
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|