|
عيد الطفولة أحمر ... في وطن لن يُقهر؟!
سهير قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 00:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقطر غزة بالدماء، أشلاء تتطاير على قارعة الطرقات: شهداء، جرحى يبحثون عن أقارب لهم، أطفال اختلطت دماؤهم، نساء تستغيث تبحث عن ملاذ آمن ولا من مجيب، صرخات تدوّي هنا وهناك، غاب المكان والزمان، توقفت عقارب الساعة بل انعكس اتجاهها، خلت المدارس والمساجد أو حتى المؤسسات الدولية والهيئات من الأمن والأمان ومن الضمائر. لم تجد الهمجية الصهيونية طريقًا لها غير أجساد أطفال بريئة تتصدى لصواريخ متطورة، أخالها صُنعت لأجلهم، وحينها تتحول إلى تلك الأجساد إلى قطع يلتقطها ذويهم والمارة، فأي درس أو تربية يودّ العالم وتودون طبعه في أذهانهم، أي رسالة إرهاب تُبثّ لهؤلاء الصغار في القرن الواحد والعشرين، زمن التكنولوجيا والتقدم العلمي المشؤوم إن كان على هذه الشاكلة، فهل بقي إرهاب بعد إرهابهم؟! ليس من أجل البكاء نكتب، ولكن من أجل إعادة النظر، وليفكّر وليراجع الذّات قولاً وممارسة في زمن تعالت فيه الشرور وتضافرت، زمن ساد فيه الذل في ظل أشباه حكام، أما الشعوب والجماعات فتخاذلت على مرأى ومسمع من عالم ادّعي الإنسانية والرّقي، والتساؤل المهم لنا جميعًا، أين ما سميتموه بالربيع العربي الذي تغنّيتم وتغنّى به ورقص له الكثيرون؟! أم أن العاطفة ما زالت تقودنا كما قادت الشعوب العربية، أين نحن من الأمس، لم تغب عن ذهني كلمات أؤلئك الراقصين على هدم عروش مصطنعة في الوطن العربي، قادتهم سياسات خارجية تُضاف إلى الغيرة ومجرد مقاومة شخوص بعينهم أو حكام قد ضلوا السبيل، وكانت النتيجة ما وصلنا إليه في مثل هذه الحروب؟ ماذا بعد... تفرد الإرهابيون بالشعوب، كل شعب بمفرده، باتوا يبحثون عن لقمة العيش، يبحثون عن المأوى، فكيف لهم أن يغيثوا بعضهم بعضًا؟! كثيرًا ما تفاخر أصحاب العواطف الجياشة، فهدفهم يتحقق بمجرد سقوط تلك العروش، عرش لفلان أو لآخر ذلك قد عدّوه الإنجاز الفعلي وليحدث ما يحدث بعد ذلك. ونتساءل عن أي إنجاز تتحدثون، وأي حرية تحققت، وأين الوطنية والربيع العربي الملوّث المدعوم من مستعمري العقول والمجلوب من الغرباء إلى بلداننا العربية التي بتنا نكره نعتها بصفة " العربية"؟! أما الإعلام المشبوه فله التقدير كيف لا وقد ساق الكثيرين وحقق تطلعات المارقين والمتصهينين على هذا التاريخ، إعلام أسير جائر جسّد العداء وما نراه اليوم في الحرب على أطفال فلسطين الأبرياء. اللوم والتلاوم على الجميع دون استثناء، لا يخص أحدًا بعينه، للأفراد والشعوب قبل الجماعات، فصوت الفرد مؤثر وذو صدى، ليتوجه اللوم إلى الذات أولاً ولتقارن الكلمات وليعاد النظر، فأين نحن من الأمس، وما الذي يجري في هذه الأيام، أليست العلاقة وثيقة بينهما، ألم يكن تخطيط الأمس من أجل حرب ظالمة على الأطفال؟! أين هذه الثورات التي نسبها الكثيريون لأنفسهم؟ أم نكتفي بالقول أخطأنا وكان ما كان، ولكن النتيجة لم تكن صادمة فعلية، فهي نتاج ثورات مشبوهة ومخاض شرق أوسطي مخطط له من أجل طمس الصوت العربي والفلسطيني بصورة أبدية؟! تكشفت الأمور، لكن الوقت فات، فالشعوب تُقهر وتُذبح، لا معين لها ولا ناصر؟ أين أطفال غزة في فلسطين من ثورات الربيع العربي؟! غاب الاستنكار والشجب الذي كرهناه، المضحك أننا بتنا تواقين باحثين عنها هذه الأيام، نجدها لدى أفراد غرباء في العالم، لكنها غابت عن أمتنا، نفتش عندهم عن نصرة لهؤلاء الأطفال الذين هم ضحايا القتل، ومع ذلك فهم الشهود على خنوع هذه الأمة. إلى متى سنبقى على حالنا، تستفحل العاطفة وتغيّب العقول، واستميحكم عذرًا لأطلق وصفًا أدق لما يجري إنه الغباء السياسي، فهل من المنطق أن نفتقر إلى الوعي والإدراك لمثل هذه الأمور إذ تتغير وجهات النظر بتسارع واختلاف حيث يُساقون إلى مشبوهات وزيف هو في أشدّ الوضوح، ثم يعودون للاعتراف بأن الماضي أفضل وما جرى من باب الخطأ؟ وكم سمعنا تلك المقولة؟ لا خير فينا إن كانت العاطفة وحدها تقود، أما العقول فرانت عليها الخرافات؟! إن التصرف بردة الفعل لا يغني ولا يسمن من جوع، وإن مجرد التشجيع لمجرد التشجيع والتفاخر والتباهي على صفحات التواصل هزيل، إننا بحاجة إلى صياغة استراتيجية لأنفسنا أولاً، كم مرت من التجارب على شعبنا المعطاء، كم تغنينا، فهل ذلك كاف، هل تعلمنا من التجارب؟! لا نريد أن نصل مرحلة الإحباط والشعور بالفشل، فالأمل بأطفالنا الذين يستظلون بمقاومة جبارة تعمل بجهود التي لن تكون هباء منثورًا. العتب كبير، والألم مريب، والأهم هو الاستعداد للانتصار، نخشى الشعارات الرنانة المفرغة من مضامينها. أسئلة كثيرة تركز على الذنب الذي اقترفه هؤلاء الأطفال! الإجابة صعبة، فهل لأنهم أطفال ينتمون إلى غزة فلسطين ممن عاشوا طفولتهم في بقعة جغرافية تتسامى على الأحزان؟! أيام دامية، بانتظار الفرج، وفي الوقت ذاته تلاشت الكلمات وذابت، عجزت ووقفت في الحناجر، فكيف لها أن تخرج عاجزة عن وصف الحدث والغمة التي المت بنا، كيف لها أن تسرد وهي جامدة لا تعبر عن حقيقة ما يجري، ألم يأت بعد يوم الانتقام! أليست دموع الأطفال وصرخاتهم بواعظة لنا؟! أين الحياة الكريمة التي طالما حلموا بها؟ أما الدول المجاورة والتي تدّعي العروبة التي قررت خوض حرب على الأطفال، حرب تشعبت ما بين دول إسلامية وعربية قررت تصفية حساباتها، وعلى الطفل الفلسطيني أن يدفع الثمن، نعم ذلك الطفل ببراءته يقف اليوم وينهض من بين الركام ليقول لا بوركت جهودكم وأوراقكم الخائبة مكشوفة أمام الجميع، كيف لا وهو من يتصدى لصورايخ الحضارة العالمية والتقدم التكنولوجي بصدره العاري. وفي الوقت الذي تزود الولايات المتحدة إسرائيل بالذّخائر والعتاد والمال، يفتقر الفلسطيني إلى الدعم والمساندة، كما أنهم يعدّون لمثل هذا اليوم مذ سنوات، ربيع عربي ليس بربيع، رقص له العرب والغرب، مجرد مؤامرات حيكت بإحكام، ليبقى العرب يتهافتون على لقمة العيش ويبحثون عن الخبز، وما أشبه اليوم بالأمس الذي أُعدم فيه قادة عظام في هذه الأمة وفي أعيادهم، أتذكرون؟ لا حاجة للتذكير، ألم يكن ذلك اليوم جزء مما يجري على أطفال غزة الفلسطينيين. إن العين تدمع والقلب يحزن، ولكنها رغبة في النصر بإذنه تعالى في زمن غابت فيه البطولة وساده إعلام صهيوني ومتصهين وما أكثرهم!! أثق بطائفة باقية على الحق رائدة لهذه الأمة، وذلك لا يغني عن مراجعة الذات قبل تقييم الآخرين. رحم الله الشهداء ومهما كبرت المؤامرات ثقتنا كبيرة بالله وبشعبنا، ومهما عملوا لن يباد شعب قرر التحرر والمقاومة. وليسجل التاريخ أن طفلنا الفلسطيني قد صمد ووقف في وجه عدوان همجي ظالم، وليُسجل التاريخ... .
#سهير_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علموا أبناءكم الواسطة والمحسوبية وتفصيل الوظائف؟! د. سهير قا
...
-
طلبة المدارس في جناحي الوطن ،،، واقع جديد؟!
-
عذراً أطفال فلسطين،،، إنهم لا يريدون توريط جيوشهم؟!!
-
أشلاء الأطفال،،، بساط لمجهول
-
النضال،،، ما بين التكريم والثمن !!!
-
شجرة الزيتون... حاضرة فينا؟!!
-
يحدث في رمضان!!
-
وداعاً شاعر العرب والقضية!!!
-
تموت القضية... وتحيا الحزبية!!!!!
-
حركة التهدئة الإسلامية؟؟؟
-
ذاكرة الحياة!!!
-
ما زالت تروي قصة أرض لم تعش فيها!!!
-
ثقافة الفساد
-
في ذكرى الثورة الفلسطينية؟
-
بلا حدود!!!
-
من يرد لهم طفولتهم!!!
-
عذراً فلسطين تاهت بنا السبل!!!
-
من أنتم حتى تبددون القضية؟؟؟
-
الاعلام الموجه وثقافة فوق القانون!!!
-
الثانوية العامة في مهب الريح!!!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|