|
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الأول
محمد ابداح
الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 4 - 11:17
المحور:
حقوق الانسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المبتورة/ الجزء الأول محمد ابداح قال تعالى : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) صدق الله العظيم، الكهف:49 قال تعالى : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ، الكهف:49. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا من بعدي أبداً ، كتاب الله وسنتي ) أخرجه البخاري ومسلم. إن هذا البحث المقارن نقدمه بين أيدي عموم القراء، بكافة دياناتهم وأفكارهم، وأعراقهم وإختلاف ثقافاتهم ومرجعياتهم وإنتماءاتهم ، وهو عبارة عن دراسة مقارنة لكافة نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يفترض فيه أن يكون خلاصة جهد وفكر أكبر فقهاء وفلاسفة ومفكري العالم منذ أن خلق الله تعالى سيدنا آدم وحتى يومنا هذا، فقد إجتمع فقهاء القانون الدولي والوطني وجهابذ علم النفس الإجتماعي وعلماء تاريخ الديانات والعقائد والأعراف الإجتماعية والعديد من المراجع والمصادر التاريخية، بل حتى شملت تلك المصادرشريعة حمورابي حرفيا والتي تشمل القوانين والعقوبات وكذلك ثيقة حقوق سايرس في الامبراطوريه الفارسيه والتي تسمح بحرية الدين والغاء الرق (559-530 قبل الميلاد)، كذلك دستور اثينا في اليونان القديمة(508قبل الميلاد)، ذو الصبغة الديمقراطيه، والذي أقر نظام إنتخاب القادة ، وكذلك القانون الإنجليزي (ماجنا كارتا، 1215م ) والمتعلق بحقوق الإنسان، وغيرها من القوانين والمصادر العديدة. إن هذا البحث لايقصد التقليل بأي شكل من الإشكال من أو التعرض بأي صورة من الصور لتلك الجهود الإنسانية والتاريخية المبذولة من قبل لجنة الجمعية العامة للأمم المتحدة المحترمة، والتي قامت بصياغة نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك يبدو أن واضعي تلك النصوص قد شرّعوا للبشرية ديناً ودستوراً غيرذلك الذي أقرته الديانات السماوية وخصوصاً الإسلام، وكمثال واضح لم يتم الإشارة إلى العديد من الحقوق الأساسية الأخرى، كحقوق الوالدين ، فقد ازدادت بعد هذا الإعلان أعداد دور رعاية المسنين، وأصبحت تجارة مزدهرة من كثرة طرد الأبناء لآبائهم من منازلهم التي بنوها أصلا ، كي ينعم الإبن أو الإبنة بخصوصية أكثر، هذا مثال واحد، وهو غيض من فيض الحقوق السماوية التي أمرنا الله تعالى بفعلها، فأتى الإعلان العالمي مبرراً للتغاطي عن العديد من تلك الحقوق ، وهذا ما سنتعرض لبيانه في دراستنا هذه ، أملاً أن نقدم ما هو مفيد في هذا المجال من الناحية الإنسانية والقانونية. المحامي محمد إبداح يمثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان توافقاً دولياً يتضمن وثيقة تشمل جملة حقوق إنسانية عبر عنها الإعلان الذي تبنته الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948م(1)، بقصر شايو في باريس، و الإعلان يتحدث عن رأي الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان المحمية لدى كل الناس. ويتألف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من 30 مادة ويخطط رأي الجمعية العامة بشأن حقوق الإنسان المكفولة لجميع الناس، يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة ،1948 من بين الوثائق الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان والتي تم تبينها من قبل الأمم المتحدة، ونالت تلك الوثيقة موقعاً هاماً في القانون الدولي، وذلك مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من سنة 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من سنة 1966. وتشكل الوثائق الثلاثة معاً ما يسمى ( لائحة الحقوق الدولية)، وفي 1976، بعد أن تم التصديق على الوثيقتين من قبل عدد كاف من الأمم، أخذت لائحة الحقوق الدولية قوة القانون الدولي. أثناء الحرب العالمية الثانية اعتمد الحلفاء الحريات الاربعة وهي حرية التعبير وحرية التجمع والتحرر من الخوف والتحرر من الحاجة، وكان هدف ميثاق الأمم المتحدة هو التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقدرة الشخص البشري، على أن تلتزم به جميع الدول الأعضاء من خلال تشجيع الاحترام العالمي ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز على أساس العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين. ___________________________________________________________ 1- إنظر النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عن الأمم المتحدة لعام 1948م. وعندما ظهرت الفظائع التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية، كان ثمة توافق في الآراء داخل المجتمع الدولي أن ميثاق الأمم المتحدة لم يحدد بما فيه الكفاية الحقوق التي اشار إليها! ، ( هذا هو النص الحرفي كما ورد في مقدمة الميثاق!)(1)، وبالتالي ظهر الإعلان العالمي الذي يحدد حقوق الأفراد اللازمة لتنفيذ أحكام الميثاق بشأن حقوق الإنسان. تم استدعاء الكندي جون بيترز همفري من قبل الأمين العام للأمم المتحدة للعمل على مشروع الصياغة، وأصبح الصائغ الرسمي للاعلان، كان من مساعدي ( همفرياليانور روزفلت) من الأمم المتحدة، وجاك ماريتان ورينيه كاسان من فرنسا، شارل مالك من لبنان، وجيمتشانغ من جمهورية الصين وآخرين، ( ومنهم بالمناسبة ممثلي دول الرأسمالية الإستعمارية والشيوعية المادية في العالم!) وفي الوقت الذي تم تعيين همفري مديرا لشعبة حقوق الإنسان في إطار الأمانة العامة للأمم المتحدة، تم تشكيل لجنة حقوق الإنسان، كهيئة دائمة تابعة للأمم المتحدة، للعمل على إعداد ما تم تصوره في البداية باعتباره التشريعة الدولية لحقوق الإنسان وقد صمم لعضوية اللجنة أن تكون ممثلة على نطاق واسع من المجتمع الدولي مع ممثلي البلدان التالية : أستراليا، بلجيكا، الجمهورية السوفياتية البيلاروسية الاشتراكية، تشيلي، الصين، مصر، فرنسا، الهند، إيران، لبنان، وبنما، الفلبين، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، وشملت اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وأوروغواي ويوغوسلافيا، أعضاء من المعروف جيدا للجنة اليانور روزفلت في الولايات المتحدة، الذي كان رئيسا، وجاك ماريتان رينيه كاسين من فرنسا، وشارل مالك من لبنان، وبي.سي. تشانغ من الصين، وغيره. صدقت الجمعية العامة في 10 كانون الأول / ديسمبر 1948 بتصويت 48 لصالحه، ولم توصت أية دولة ضد القرار، غير أنه قد إمتنعت 8 دول عن التصويت هي اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية، تشيكوسلوفاكيا، جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، وجمهورية بولندا الشعبية، واتحاد جنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية. كانت لجنة حقوق الإنسان مكونة من 18 عضواً يمثلون شتى الخلفيات السياسية والثقافية والدينية وقامت إليانور روزفلت، أرملة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت برئاسة لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واشترك معها رينيه كاسين من فرنسا، الذي وضع المشروع الأولي ___________________________________________________________ 1- إنظر مقدمة وديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عن الأمم المتحدة لعام 1948م. للإعلان، ومقرر اللجنة شارل مالك من لبنان، ونائب رئيسة اللجنة بونغ شونغ شانغ من الصين، وجون همفري من كندا، ومدير شعبة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي أعد مخطط الإعلان. ومع هذا، فإنه كان ثمة تسليم بأن السيدة روزفلت كانت بمثابة القوة الدافعة وراء وضع الإعلان. على الرغم من الدور المركزي الذي كان يقوم به الكندي جون همفري، امتنعت الحكومة الكندية في التصويت الأوّلي على مشروع الإعلان، لكن لاحقاً صوتت لصالح المشروع النهائي ، وكانت أكثر الحقوق بروزاً هي حق العمل وعدم التمييز في الأجر، حق الراحة وقضاء وقت وقت الفراغ ، والمستوى المعيشي الذي يحقق الرفاهية والصحة الجيدة قام الكندي جون همفري بوضع مسودة للإعلان، فوضع 400 صفحة بناء على تكليف اللجنة الثلاثية المؤلفة من روزفلت وتشانغ ومالك، ولما كان من غير العملي أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 400 صفحة، قطعت اليانور روزفلت الجدل بقرار حاسم جرى بموجبه تكليف رينييه كاسان وضع مسودة مختصرة واضحة ودقيقة، على أن يستنير برأي شارل مالك في كل فقرة من فقراتها، فاعتمد كاسان على ( إعلان حقوق الإنسان والمواطن) الصادر عن الثورة الفرنسية عام 1789، وشريعة (الماغتا كارتا ) ، والصادرة عن( نبلاء بريطانيا العظمى!!) سنة 1215، وعمل على اختصار الإعلان العالمي في ثلاثين مادة مستعيناً باللبناني ( شارل مالك) في بلورة نصوصه وصياغته باللغة الإنكليزية( التي كان يجهلها !) والتي كانت ولا تزال اللغة الأولى في الأمم المتحدة. وهكذا انطبعت الوثيقة بأفكار السيد شارل مالك ، وكان واضحاً إصراره على المواد 18 التي تنص على حرية التفكير والضمير والدين، والمادة 20 (حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية وعدم إكراه أي إنسان في الانضمام إلى جمعية ما(1)، والمادة 26(حق الإنسان في التعليم)، واستطاع كاسان الفرنسي بدبلوماسيته الفائقة وخبرته القانونية من التوفيق بين القائلين بحقوق الفرد والمدافعين عن حقوق الجماعة. ___________________________________________________________ 1- إنظر المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عن الأمم المتحدة لعام 1948م.
و تتمة الجزء الثاني سأقوم بعرضه لاحقا ان شاء الله محمد ابداح-;-
#محمد_ابداح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرية لفتا الفلسطينية
-
دعوها فإنها مأمورة !
-
الأشياء الخفية
-
سقوط إسرائيل
-
النفط العراقي من كردستان العراق لإسرائيل وأمريكا !
-
عقود النكاح في الجاهلية
-
هل تذكريني رفيقتي
-
حقيقة القلوب
-
سوق الأحوال
-
فقه الطحالب- قراءة في أزمة الفكر العربي
-
تعريف الميراث وبيان أركانه وشروطه
-
علم الفرائض في الإسلام
-
الأمثال الشعبية الفلسطينية
-
حق الحضانة - بحث قانوني
-
الصعود من القمة
-
رسالة إلى أخي الداعية
المزيد.....
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
-
بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
-
بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
-
مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح
...
-
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة
...
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|