عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 4 - 10:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم تتشكل تجربة حضارية ديمقراطية كبرى راسخة عميقة متوارثة لدى قبائل اليهود المشتتة عبر خرائط الأرض. ثمة قدراتٌ فذةٌ تراكمتْ في مجال العلاقات التجارية والنقدية، فنجد القبائل اليهودية وهي تخرجُ من أحضانِ التجمعاتِ القرابية المتماسكة المنغلقة لا تندمجُ بالمجتمعاتِ الحضارية شبهِ الرأسمالية وشبهِ الديمقراطية في المدن والدول التي تنزحُ إليها.
وسواءً كان ذلك بنزوحِ القبائل من فلسطين إلى مصر أو إلى بابل، فإن التجمعَ التحديثي شبه الرأسمالي أو المُـقاربِ للحداثةِ في ذلك الزمن، يبقى منعزلاً عن الاندماج. إن القبليةَ الدموية السلالية تبقى مهيمنةً على العلاقاتِ الماليةِ البضائعية، وتعيدُ فوائضَها إلى أحضانِ الجماعة القبلية – الدينية المتماسكة.
هناك جوانبٌ عقيدية تتأس من البذور الأسرية والقبلية، برفضِ الاندماج مع (الأغيار). فهناك اليهودُ وهناك الأغيار. ولا مجالَ للخلطِ والاختلاط والتداخل والنمو المشترك. ومن هنا تغدو العقيدة مشبعة بالتفاصيل الخاصة المميزة؛ في رسم الوجود، في ذكر السلالة والأنبياء والحكايات الحقيقية والخيالية والمحرمات والطقوس، لكي تبقى القبيلة - الشعب، في وصاية الكهنة.
لعل بعض الاختراقات المحدودة أو الواسعة تمت لهذه العرقية الزرقاء، المتعالية فوق الشعوب، ولا يعقل أطلاقاً أن يحتفظ أي عرقٍ بنقائهِ الأبدي.
ونلاحظُ هذه العقيدةَ بعدمِ الاندماج مع الأغيارِ حتى في الرمزياتِ القصصيةِ المقدسة للأديان، فالقائدُ اليهودي يتاجر ويجمعُ ثروةً ويصلُ لمنصبٍ كبيرٍ في الدولة، لكنه لا يختلطُ بالخاصةِ أو العامة الأهلية في البلد الذي ارتفع فيه من الحضيض لذروة عالية، والعلاقة الأسرية تقومُ على استدعاء أهله، وجلبهم للبلد الغريب، ويرفضُ العلاقةَ الجنسيةَ الانصهاريةَ مع هؤلاء الذين احتضنوه!
إن تجميعَ المال بصورةٍ مقترة متراكمة، والعيش في القواقعِ الاجتماعية أو الزرائبِ السياسية، والتمدد المستمر نحو عروقِ الذهب والفضة، نحو الأمكنة التي تتفجر فيها الثروات هي خصائص البقاء والصعود الاجتماعيين.
وكذلك الحفاظ على القرابية لكونها تحتفظُ بتراكمِ رأس المال، والاختلاط مع الأغيارِ يزيلُ ليس الدم النقي بل عروق الذهب التي تشتهي أن تصيرَ جبالاً!
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟