أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خالد حسن يوسف - تذبذب السياسة الأمريكية في الصومال















المزيد.....


تذبذب السياسة الأمريكية في الصومال


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 12:50
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورا بارزا في التأثير على السياسة الداخلية والخارجية الصومالية منذ استقلال الصومال الدولة وصولا إلى الحاضر, ويتوقع هذا التأثير في القادم المنظور وبحكم أن الولايات المتحدة تمثل بدولة عظمة ذات تأثير عالمي, ولاسيما في منطقة شرق إفريقيا والتي تشكل جزء مباشر في أركان سياسة الإدارة الأمريكية, في حين أن الصومال جزء إستراتيجي عضوي ضمن الشرق والقرن الإفريقي, وهو ما جعل واشنطن أن تضع الصومال نصب عينيها واهتمامها, وإن لم يكن هذا الاهتمام عادتا في خدمة المصالح الصومالية.

ومن المفارقات العجيبة أن الولايات المتحدة الأمريكية بقيمها الليبرالية وأبرزها(حقوق الإنسان وحق الإنسان في تقرير مصيره)ساهما بشكل مباشر في نهضة الصوماليين لتحرر من الاستعمار وميلاد دولتهم الوطنية, إذ جاء في الأدبيات التاريخية الصومالية لكتابة الذاكرة الوطنية, أن خطابات الرئيس الأمريكي "تيودور روزفلت" عن الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها, كانت من أبرز الأفكار الملهمة والتي شكلت الزاد المعنوي الذي تعاطه أبرز قيادات جامعة الشباب الصومالي"S.Y.L " في الأربعينيات من القرن العشرين.

وإذا تم تناول النظرة والخطاب الأمريكي في تلك الفترة, بصورة برجماتية وهي فلسفة الأمريكيين الأولى حتى على المستوى الشعبي, فيمكن القول أن أمريكا كدولة لم تكن من الدول المستعمرة وبتالي أن ذلك الموقف الإنساني من الشعوب المقهورة, لم يكن يملي أية خسارة مباشرة لمصالح أمريكية حول العالم, وبقدر ما كان يعمل على التأسيس لميلاد مصالح أمريكية قادمة منذ يوم إذا, لاسيما وأن السياسة الأمريكية قد أبتعدت فيما بعد عن المنحى الإنساني الذي بشرت به حينها, وفي الاتجاه الأخر فإن زمن "روزفلت" هو المؤسس للعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية وللعلاقات مع كل الدول الاستبدادية في العالم.

في حين كانت الدوافع المباشرة والحقيقية للموقف الأمريكي المعلن من قضايا الشعوب المسحوقة وتأييد حقها في التحرر من القوى الأوروبية, قائم على خلفية أن الولايات المتحدة, لم تكن يوم إذا بقوة عظمة ذات مصالح إستعمارية مباشرة فيما وراء البحار, وذلك بعد إستثناء السيطرة على دائرتها في الجنوب الاتيني, وقد أجاد الأمريكيين التقرب إلى الشعوب المقهورة وكانت من مداخلهم لذلك إرسال مجموعات "فرق السلام" , والتي مثلت أنذاك من أبرز وسائل السيطرة الناعمة والتي ساهمت في الترويج للمنظر الأمريكي في جغرافيا آسيا,إفريقيا وأمريكا الجنوبية.

إلى أن تلك الصورة الأمريكية الزاهية سرعان ما تبددت مع حلول سنوات الخمسينيات من القرن العشرين وهي مرحلة إندلاع الحرب الباردة بين القطبين الرئيسيين, حيث قادت الولايات المتحدة الأمريكية أحدهما وصولا إلى الحاضر, وبصورة مباشرة ساهمت في ميلاد الأحلاف العسكرية, وكان من أبرز روائع الدبلوماسية والقرار الصومالي أن تفادها مع ميلاد الدولة الصومالية عام 1960, وفي ظل نهجها حينئدا لخوض خيار سياسة "الحياد الإيجابي".

في حين أن إندلاع أول مناوشات عسكرية ما بين الصومال وإيثوبيا قادت مقديشو للبحث عن السلاح في واشنطن(جون كيندي), والتي خذلت يومها القيادة السياسية الصومالية في شخص رئيس الوزراء الصومالي عبدالرشيد علي شرماركي, وأسفر ذلك عن أول صدام مصالح صومالي-أمريكي, وتكرر في تجارب عدة لاحقة, مما أسفر أنذاك لتوجه الصومالي المباشر نحو القيادة السوفيتية كبديل عسكري لتعويض عن ما لم يتم الحصول عليه من قبل الأمريكيين عام 1963.

ويمكن القول أن تجارب الصدام الصومالي-الأمريكي تكررت بطرق وأساليب شتى فيما بعد وصولا إلى الراهن القريب, ليس مع الصومال كدولة فحسب, بل مع قوى سياسية صومالية, ولاشك أن تقدم العلاقات الصومالية-السوفيتية فيما مضى ساهم في برودة العلاقات الصومالية-الأمريكية, والتي كان البديل ورد الفعل تجاهها هو تعزيز الوجود والنشاط الأمريكي في إيثوبيا المجاورة, وبتالي فإن ما كان الأمريكيين يخشونه قبل استقلال الدولة الصومالية وهو دخول الإتحاد السوفيتي إلى الصومال وشرق إفريقيا عموما, قد حدث مع لجؤ الصومال لسلاح السوفيتي مع حلول عام 1963, وليست هذه الفترة تحديدا بالترجمة المباشرة والأكثر اهمية لسياسة الأمريكية تجاه الصومال.

إذ أن هناك سابقة تاريخية أكثر أهمية وأثرا مع المصير الصومالي, وذلك حين وقف الأمريكيين موقف مضاد من خطه "ارنست بيفن" وزير خارجية بريطانيا, والتي كانت تقضي بتوحيد الصومال تحت الرأية البريطانية في عام 1946 كمشروع بريطاني مقدم إلى الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية, وبغض النظر عن الدوافع البريطانية لتوحيد الصومال ممثلا في(المحميات البريطانية في الشمال,سلطنة الورسنجلي,المحميات البريطانية في الغرب والمستعمرة الإيطالية في الشرق,الوسط والجنوب), إلى أن ذلك كان يصب في خدمة الوحدة الصومالية بشكل مباشر وغير مباشر, لدى:"لا جرم أن بريطانيا لوحت بورقة الصومال الكبير ترسيخا لنفوذها في المنطقة, خاصة بعد أن بدت بوادر الانحلال تظهر في إمبراطوريتها الاستعمارية المتداعية, عقب تبدل الوضع الدولي, لكنها في نفس الوقت قدمت للصوماليين مشروع وحدتهم المنشودة على طبق من ذهب, وربما كانت الصومال الأن بمعزل عن كم هائل من مشاكلها السياسية والاقتصادية العسكرية, والتي يعتبر جزء كبير منها ناتجا عن سياسات التجزئة الاستعمارية, لو أن النجاح حالف خطة "بيفن" (1).

مما يعني أن الأمريكيين بتعاون مع الإثيوبيين أجهضوا المشروع البريطاني لمقاومة المد السوفيتي نحو القارة الإفريقية وتحديدا مستعمرات إيطاليا وذلك:"نتيجة لمخاوف الولايات المتحدة الشديدة من الخطر الشيوعي السوفيتي, خاصة بعد أن أفصح السوفييت عن نيتهم في مؤتمر"بوتسدام"(يوليو-أغسطس عام 1945م) في السيطرة على بعض المستعمرات الإيطالية, وتحديدا منطقة(طرابلس) في ليبيا , والمطلة على البحر الأبيض المتوسط, ورأى- حينها- مكتب الشئون الأوروبية الأمريكية- بالخارجية الأمريكية - عودة إيطاليا إلى مستعمراتها قبل سقوط الفاشية, تحت نظام الوصاية الفردية, وبإشراف الأمم المتحدة, نتيجة للخوف الشديد من الأهداف السوفييتية في البحر المتوسط (2).

وبتالي تم تقويض المشروع البريطاني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والتي وقفت امام تمريره نكاية بالإتحاد السوفييتي في حين كان الصوماليين الخاسر الأكبر من تلك المقايضات بين القوى العظمى(بريطانيا,أمريكا والإتحاد السوفييتي) وبتالي أسعف ذلك الإستعمار الإيطالي والذي كان قريبا من الرحيل:"ومن جهتهم فقد هاجم السوفييت مطالب بريطانيا في ضم جميع الأراضي الصومالية تحت إدارة بريطانية واحدة, واتهموا بريطانيا بأنها تسعى لتقوية مركزها الاحتكاري الاستعماري على حساب الدول الأوروبية الأخرى وإيثوبيا (3).

وقد نال ذلك الموقف السوفييتي إستحسان إيثوبيا والتي تحققت مصالحها من تلك التقاطعات السياسية بين القوى العظمى وبتالي بدورها كانت مساهمة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية في إجهاض المخطط البريطاني القاضي بتوحيد سيطرتها على الأرض الصومالية بما فيها الأراضي المتنازل عنها في عام 1963 للجار الكيني,وفي إتجاه أخر:"إن الموقف الأمريكي من قضية الوحدة الصومالية كان مرهونا باعتبارات الحرب الباردة, واحتواء الأطماع السوفييتية في المستعمرات الإيطالية بإفريقيا, فجاء الرفض الأمريكي لتوحيد الأراضي الصومالية طبقا لخطة "بيفن", وعلى هذا الأساس فضلت الولايات المتحدة أن تعود إيطاليا إلى سابق وضعها قبل الحرب العالمية الثانية (4).

وخلال فترة سلوك الجمهورية الصومالية سياسة الحياد الإيجابي ظلت العلاقات الصومالية-الأمريكية أقرب إلى الدبلوماسية منها إلى العلاقات السياسية المتينة نظرا لتمنع الصومال من خوض سياسة المحاور ووجود النفوذ الأمريكي في أراضي الإيثوبية وأستمر هذا الواقع السياسي مع إنتهاء عقد الستينيات من القرن العشرين, وصولا إلى ميلاد الإنقلاب العسكري في 21 أكتبوبر 1969, والذي شكل إتخاده للخط الماركسي اللينيني بعلامة فارقة نحو التباعد وفتور العلاقات بين مقديشو-وشنطن, وفي ظل الحظور السوفييتي إلى الصومال وتوغله في إيثوبيا مع حلول عام 1974 عند سقوط الملكية.

كما أن نهج الصومال نحو التعاطي مع حركات التحرر العالمي والإفريقية منها تحديدا عجل بالصدام الصومالي-الأمريكي لاسيما في عقد السبعينيات من القرن العشرين, وتورط النظام الصومالي مع اليسار الفلسطيني الذي مارس الإرهاب والممثل بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"الاتجاه الخارجي" والذي قاده الدكتور وديع حداد, وكانت القيادة الصومالية تدعمه أنذاك, ساهم ذلك في إشعال الصدام الصومالي-الأمريكي, وهو ما أسفر فيما بعد عن المقايضة الشهيرة لنظام الصومالي في عام 1978 مع المانيا الإتحادية وحلف الناتو عموما, والتي تمت ضد الاتجاه الخارجي.كما أن تداعيات الدعم الصومالي المطلق للثورة الفلسطينية بكل أطيافها السياسية, كان محل إسثياء أمريكي, ولدرجة أن الصومال كانت منحت حركة فتح الفلسطينية أراضي زراعية بلغت مساحتها 10.000 هكتار في محافظة شبيللي السفلى, وقد ساهم كل ذلك في الفجوة العميقة ما بين الصومال وأمريكا أنذاك.

إلى أن إنخراط الصومال في احباط عملية "طائرة شركة اللوفتهانزا" الألمانية, كانت العلامة البالغة والفارقة والتي حددت وغيرت من مجرى العلاقات الصومالية-الأمريكية, والتي ساهمت فيها عناصر النظام الصومالي ذوي التوجه السياسي الراسمالي ممثلا بكل من رئيس جهاز الأمن الوطني الصومالي العميد السابق "أحمد سليمان عبدالله" والدبلوماسي "أحمد بوكح" السفير الصومالي السابق في الألمانيا الإتحادية, وفي فتح باب العلاقات بين مقديشو-وشنطن فيما بعد, ونظرا للموقف السياسي الصومالي الذي كان يومها قد أستنفذ أوراقه السياسية ووقوعه في ظل حالة العزلة السياسية, وبغية تحقيق ثوازن في القوى مع إيثوبيا في ظل أستمرار الحرب بين الصومال وإيثوبيا, إذ شكل كل ذلك أرضية لتأسيس للعلاقة بين الطرفين.

وكانت من التداعيات المحمومة والتي دفعت النظام الصومالي للحفاظ على بقائه والإرتماء في الأحضان الأمريكية, حالة التخوف من السقوط السياسي والعسكري امام خصومه الإيثوبيين ورفاقهم السوفييت, فكان أن شرعت الأبواب للوجود العسكري الأمريكي في عام 1981, ومنح الأمريكيين قاعدة مدينة "بربرة" العسكرية, وأرتهنت الدولة الصومالية للمساعدات الأمريكية وأنزلقت بشدة في سياسة الأحلاف العسكرية والسياسية, وبالتالي نحو الإنخراط بعمق في الحرب الباردة ما بين الأمريكيين والسوفييت وحلفائهم, وبذلك أنتهت "جمهورية الصومال الديمقراطية" كدولة أختارت التخلي عن سياسة " الحياد الإيجابي", والتي أتبعتها الصومال انطلاقا منذ استقلالها ووصولا إلى قدوم العسكر في عام 1969.

إلى أن الملحوظ أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تسعف النظام الصومالي من التدحرج ومن ثم السقوط النهائي, وليس لنظام فحسب بل للوجود الصومالي جملتا كدولة مع حلول عام 1990, في ظل مرحلة سياسية فقدت فيها الصومال أهميتها الاستراتيجية كدولة, ولاسيما مع تعويض كل من إيثوبيا,ارتيريا وجيبوتي, للأمريكيين الأهمية الاستراتيجية السابقة لصومال والسقوط السوفييتي في عام 1989.

ويمكن القول أن مرحلة سقوط الدولة الصومالية تمثل أسوء فترة تمر بها العلاقات الصومالية-الأمريكية, إذ أدى الفراغ السياسي لصعود الإسلام السياسي الصومالي وتحديدا "تنظيم الإتحاد الإسلامي", وكانت من أبرز تجلياته إنخراط "الإتحاد الإسلامي" ضمن ما عرف "بالمؤتمر القومي الإسلامي" والذي استضافت السودان أعماله في عامي 1991-1992 والشامل أنذاك لبعض قوى الثورة الفلسطينية وإسلامية متطرفة.

ومن ثم راح "الإتحاد" يفتح جبهة عسكرية غير متكافئة مع إيثوبيا, مما أسفر عن التحالف السياسي والعسكري المشترك ما بين(إيثوبيا,إريتيريا,الولايات المتحدة), والذي تم تفعيله بشدة في عام 1994 حين خاض هذا التحالف حربه ضد "الإتحاد الإسلامي" في الإقليم الصومالي المنذرج تحت الدولة الإيثوبية, ذلك الهجوم الذي باركه الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر", كما أن الأمر أنتهى بالتوغل الإيثوبي لأراضي الصومال والسيطرة على محافظة "جيذو" في عام 1996 .

وعلى صعيد أخر إنساني وإن لم يخلو من دوافع سياسية إذ أتجهت الولايات المتحدة الأمريكية نحو الصومال, وهي تقود العالم في خطوة وبادرة فريدة من نوعها أسفرت عن إنقاذ الشعب الصومالي من المجاعة وتخفيف حدة الحروب الأهلية الصومالية, إلى أن تلك الخطوة التاريخية جوبهت باعرقلة أطراف صومالية منها تنظيم "المؤتمر الصومالي الموحد" و"الإتحاد الإسلامي الصومالي", وبتالي أدت تلك المواجهة إلى تغيير النظرة السياسية الأمريكية إلى الصومال وأعتمد الأمريكيين تكريس سياسة الفوضى الخلاقة في هذا البلد, وبتالي تم توكيل الإيثوبيين وقوى محلية صومالية مهام حماية المصالح والدور الأمريكي في الصومال وصولا إلى موعد إنتهاء الحكومات الإنتقالية في الصومال مع حلول شهر أغسطس عام 2012 وبعده ايضا.

وفيما بعد التاريخ المشار له أصبح للسياسة الأمريكية في الصومال نمط أخر من التعاطي مقارنتا بما كان مالوفا, ولاشك أن الضغوط التي تواجهها الولايات المتحدة على مستوى الخارجي والداخلي(لاسيما الإقتصادي منها), عجلت في تغيير النمط المشار إليه, وقد توج ذلك انطلاقا من الحضور الصومالي إلى أمريكا في ظل: "الزيارة الأخيرة (لرئيس الصومالي)والتي عززتها الجهود المشتركة للحرب على الإرهاب, ستكون الممر لفتح المزيد من أبواب التعاون مع الصومال من قبل المجتمع الدولي عامتا.ولايمكن إغفال أن الولايات المتحدة تمهد لمصالحها الأستراتيجية الإقتصادية في الصومال لاسيما بعد تقدم جهود الأكتشافات النفطية وفي ظل وجود عقود وامتيازات حصلت عليها شركات أمريكية في السابق, ومع النشاط الدولي الحالي المحموم على مصادر الطاقة في العالم, وتراجع نشاطات القراصنة الصوماليين والذي ساهمت معه إدارة أرض البونت في الصومال بجزء كبير منه" (5).

وقد تجاوز الأمريكيين النمط السابق في التعاطي مع الصومال والذي كان مخلا بالمصالح الصومالية العليا نحو التعاطي مع الدولة الصومالية والتي ساهموا في السنوات الأخيرة في دعم عودة مؤسساتها, فكانت الانطلاقة الكبرى لهذا الدعم: "فما تم تسميته بالاعتراف الأمريكي بمعنى أدق هو رفع وثيرة العلاقات الصومالية-الأمريكية سياسيا,إقتصاديا وعسكريا, وقد بدأت أثار مفعول الاعتراف(المجازي)على تصريحات الحكومة الايثوبية والتي رحبت بدورها بهذه الخطوة, وبشكل ما فإن رفع سقف العلاقة المباشرة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية مع الصومال, سيسهم في تخفيف القبضة السياسية والتدخلات العسكرية لجيران الصومال لأراضيه في القادم المنظور, وتبقى الاحتمالات مفتوحة في كيفية إستثمار القيادة السياسية الصومالية لهذه المستجدات (6).وبالتالي يعتبر من أبرز ما يمكن تسجيله للقيادة السياسية الصومالية الحالية أنها تحاول تحجيم أدوار دول الجوار(إيثوبيا وكينيا) في الصومال وهو ما سيخدم المصلحة العليا الصومالية.

وفي الاتجاه الداخلي فإن الخطوة الأمريكية الأخيرة ستقوض كل تلك القوى المحلية الطموحة والتي لعبت على حبال محاربة الإرهاب في الصومال, في حين كانت تقدم أجندتها الخاصة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين, مما يجعل التعاطي والتعاون مقصوراً على الحكومة الصومالية في المرحلة القادمة, وبتالي يسبب حالة من الفزع والاسثياء كما هو بادي من تصريحات إدارة هرجيسا الانفصالية ونخبتها السياسية, مع وجود حالة حذر دبلوماسي كانت وراء تصريحات رئيس إدارة أرض البونت الدكتور عبدالرحمن محمود فارولي"ممثلة في البيان الرئاسي الصادر عن مكتبه" (7).

وفي المرحلة الحالية لا زالت العلاقة ما بين الحكومة الصومالية والقوى السياسية الأقليمية تشوبها حالات شد وجذب وفتور وبالتالي لا يمكن التنبوء إلى أين ستنتهي في القادم المنظور, خاصة وأن هناك إجتهادات متابينة ما بين الحكومة والقوى الأقليمية في تفسير البنود الدستورية ذات العلاقة بنمط النظام الفيدرالي, ولاشك أن أداء الحكومة الصومالية يهم الولايات المتحدة الأمريكية ويمكن قراءة ذلك عبر الدعم الأمريكي القوي لرفع حظر السلاح عن الصومال واهتمام الحكومة الأمريكية بملف حقوق الإنسان في الصومال في ظل إرتفاع وثيرة إغتصاب النساء الصوماليات النازحات إلى مخيمات الإغاثة, وتزايد حالات اغتيال الصحفيين الصوماليين, والتركيز الأمريكي على ملف محاربة حركة الشباب الإرهابية, والذي يمثل ببالغ الاهتمام الأمريكي في الصومال مقارنتا مع أي جانب أخر, وبتالي مما يسبب بتكريس نظرة الريبة وعدم تعاطف الصوماليين مع الدور الأمريكي في الصومال, خاصة وأنهم يرونه أنه يحقق مصالح الطرف الأمريكي حصرا وعلى حساب المصلحة الوطنية الصومالية.

..................................................................................................................................
المصادر:

1-فاطمة الزهراء علي الشيخ أحمد,كتاب السياسات الأمريكية تجاه الصومال(1960-1991 ),ص82

2-فاطمة الزهراء علي الشيخ أحمد,المصدر السابق,ص83

3-فاطمة الزهراء علي الشيخ أحمد,المصدر السابق,ص84

4-فاطمة الزهراء علي الشيخ أحمد,المصدر السابق,ص84

5-خالد حسن يوسف,أبعاد الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية,نشر في موقع من أجل الصومال 21-يناير2013

6-خالد حسن يوسف,المصدر السابق

7-خالد حسن يوسف,المصدر السابق

نقلا: موقع من أجل الصومال(forsomalia.com)



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة صومالية مميزة إلى الاتحاد الافريقي
- الصومال تودع المناضلة سادو علي ورسمه


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خالد حسن يوسف - تذبذب السياسة الأمريكية في الصومال