|
سوفالدي؛ مضاد فيرس الكبد سي
كيرلس سمعان شهدي
الحوار المتمدن-العدد: 4529 - 2014 / 7 / 31 - 09:00
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
فى اوائل السيتينات أُجبرت أسرة مصرية صغيرة على مغادرة ميناء الإسكندرية لتعانى ألم اللجوء فى أحد المخيمات بإيطاليا، وكان السبب لذلك أنها أسرة يهودية، وكان هذا أحد أسوأ القرارات التعسفية التى أتخذها جمال عبدالناصر فى حق مواطنين مصريين بسبب ديانتهم، بعد ذلك انتقلت الأسرة لأنجلترا والتحق احد الابناء ريموند بجامعة صغيرة فتحت أبوابها للتو وهى جامعة باث ليدرس الكيمياء، وبعدها ترك ريموند تلك الجامعة المتواضعة لينال منحة تدريب فى جامعة يال الأمريكية المرموقة، أهتم بعد ذلك بدراسة فيرس الهربس ووضع نظرية لخمول الفيرس وإعادة نشاطه، وفى الثمانينات عندما تم اكتشاف فيرس الإيدز، قرر ريموند أن يولي كل مجهوده لدراسة هذا الفيرس ليؤسس أول معمل خاص لأبحاث الإيدز فى جامعة إيموري، وبعدها أسس شركته الدوائية الخاصة وسماها ‘‘فارماسيت‘‘، وهى تقدر ببلايين الدولارات اليوم. يحمل شينازى ما يقارب 90 براءة اختراع، معظم أدوية الإيدز شارك هو بشكل ما فى اكتشافها، نشر ما يقارب 470 ورقة علمية و7 كتب، وفى عام 1995 قرر شينازى التركيز على فيرس الكبد سي، فقد كان هذا الفيرس يستفز العلماء للغاية، فهو بعكس فيرس الإيدز او الكبد الوبائى بي، ففيرس سي لا يتغلغل فى الجسم، لا يشتبك مع جهاز المناعة ولا يصنع لنفسه أماكن مخفية فى الجسم أنه ببساطة لا يتكاثر إلا داخل سيتوبلازم خلايا الكبد، أمام مرأى ومسمع الجميع واضعاً نفسه فريسة سهلة للهجوم الكيميائى، لكن أحدًا ما استطاع تطويّر سلاح فعال يوقف هذا الفيرس المستفز من الرقص حافيًا على سلاسل الأحماض النووية لخلايا الكبد. إن كل ما نحتاجه نيكليوسيد كاذب يتحد بالمادة الوراثية للفيرس بدل من أن تتحد هى بالمادة الورائية الحقيقية لخلايا الكبد، أنها مهمة سهلة وبالفعل استطاع شينازى وفريقه من تطوير عقار بهذه الكفاءة وهو سوفالدي (سوفوسبوفير) الذى يستطيع الاتحاد بالفيرس فى مكانين فى نفس الوقت. وهو عبارة عن نيكليوتيد خامل يتم تحويله فى الجسم إلى نظير اليريدين ثلاثى الفوسفات وهذا بدوره يتحد بإنزيم البوليمريز الذى يستخدم نسخة الآر إن إيه الخاصة بالفيرس وينسخها لنسخة دى إن إيه، وبالتالى يتوقف النسخ الذاتى للفيرس. العقار يؤخذ عن طريق الفم، كورس العلاج يستمر لـ12 أسبوع، 400 مجم يوميًا يُضاف إليه الأدوية الأخرى وهى الريبافيرين والألفا إنترفيرون، يمكن التوقف عن الإنترفيرون مع زيادة كورس العلاج لمدة 24 اسبوع، التكلفة التقنية لكورس العلاج تبلغ 84 ألف دولار، من المرجح انها ستنخفض كثيراً فى الفترة المقبلة. الفكرة بسيطة وهى أن نقوم بخداع البوليمريز الخاص بالفيرس بتقديم نيكليوتيدات وهمية لا تدخل فى بناء الحمض النووى، أما المشكلة الكيميائية التى أخرت صناعة نيكليوتيد فعّال هو أن النيكليوتيد لكى يتحد بإنزيم البوليمريز كان يحتاج لثلاث مجموعات من الفوسفات، وكان إضافة المجموعة الأولى يتطلب إنزيم بطئ جداً (نيكليوسيد كينيز)، لكن السوفوسبوفير أو سوفالدي يحتوى بالفعل على مجموعة فوسفات تحميها حلقة بنزين ومجموعة كيميائة أخرى، ربما لاخفاء الشحنة السالبة للفوسفات لكى يتمكن المركب من المرور بسلام لداخل الخلية، وبالتالى فإن ما يحتاجه سوفالدى لكى يعمل هو نزع حلقة البنزين والمجموعة الأخرى، وإضافة مجموعتين من الفوسفات لنحصل على نيكليوتيد ثلاثى الفوسفات جاهز تماماً للاتصال بالانزيم الناسخ ووقف عملية النسخ كلها. تذكرنى تلك المشكلة بالفكرة الخاطئة التى وضعها لاينوس باولينج فى عام 1951 عندما وضع نموذج لتركيب الحمض النووي حيث كانت ذرات الفوسفات غير متأينة فى ركيزة السكرفوسفات على جانبي اللولب المزدوج، وكأن الحمض النووي ليس حامضاً أو ربما أن أحد اشهر علماء الكيمياء على الإطلاق والحاصل على جائزتي نوبل ومكتشف قواعد الراوبط الكيميائية الأكثر ابهاراً قد نسى أبسط قاعدة فى علم الكيمياء أن الحمض فى المحاليل المائية يتأين!! ويبدو أن مجموعة الفوسفات تكرّر فعلتها بعد نصف قرن وتسبب لنا تأخير فى أهم اكتشاف فى علم الفيريولوجى وهو عقار سوفالدي. العيب الخطير الذى اكتشفته أن المركب يحتوى على مجموعة حديد وهذا سيجعله يقع فريسة سهلة لمركب بى جليكوبروتين وهو بروتين ناقل يوجد فى خلايا الغشاء المخاطي للقناة الهضمية يقوم بضخ بعض المركبات الغير مرغوب فيها (مثل المعادن الثقيلة) التى يتم امتصاصها، أى أن جزء كبير من مركب سوفالدى الذى سيمتص فى خلايا الامعاء سيعاد ضخه إلى تجويف الامعاء ثانياً، فهل يمكن الاستفادة من حاملات الترانسفرين النانوية لنقل هذا المركب باستخدام اكسيد الحديد سوبربارماجنتيك SPIONs؟!! أما الشئ الذى يخجلنا حقاً إن ريموند شينازى كتب فى بروفايله الشخصى فى خانة الجنسية وهو يمتلك دستة جنسيات منها الأمريكية لكنه كتب أنه: مصري-إيطالي، معتزاً بالبلد الذى ولد فيه والبلد الذى لجأ إليه حينما طرده وطنه الأم.
#كيرلس_سمعان_شهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية شيرين هنائى الأولى؛ نيكروفيليا
-
الإخوان المتمردون وسقوط الجماعة المهيب
-
برهان العسل، دفاعًا عن تراث المرأة أم امرأة التراث؟
-
اليمين الإسلامى، الصعود والهبوط فى مصر
المزيد.....
-
وصف حرائق لوس أنجلوس بـ-آية من الله-.. مقتدى الصدر يشعل ضجة
...
-
-خائف للغاية-.. عم أحد الرهائن في غزة يتحدث لـCNN وسط آمال ب
...
-
فلسطينيون وإسرائيليون يعربون عن -تفاؤل حذر- بشأن إبرام اتفاق
...
-
حمص تنهض من بين الأنقاض.. جهود مجتمعية تبعث الأمل بعد سقوط ا
...
-
وزير خارجية ترامب: الصين غشت لتصبح قوة عظمى
-
مسؤول ألماني رفيع يدعو لإحياء -السيل الشمالي-
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة 3 جنود بتفجير عبوة بمركبة عسكرية قرب
...
-
-أمر مأساوي-.. قنصل إسرائيل السابق بنيويورك يكشف سبب قرب الت
...
-
بزشكيان يحذر ترامب من -حمام دم-
-
عالم: الحياة على الأرض ستختفي حتما بعد 1.6 مليار عام
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|