|
هل يبقى العراق عراقاً بدون مكونه المسيحي ..؟!
علاء مهدي
(Ala Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 14:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اعترف بأنني ما زلت مذهولاًمن سقوط الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية، بيد مجموعة من المخلوقات الإجرامية المنحطة تطلق على نفسها داعش . اعترف ان سبب ذهولي ليس مردّه فقط ظهور تلك المخلوقات التي لا تكفي لوصفها أبشع ماتضمه اللغة من أوصاف ونعوت، وبروزها على ارض الواقع، بل إنه يعود بالدرجة الرئيسية إلى عدم وجود دولة بالمعنى الحديث والمتكامل للدولة التي تحمي ليس حدودها ضد اي هجوم خارجي فقط، بل وكذلك شعبها في الداخل من جرائم ترتكبها عصابات قذرة جاءت من خارج الحدود فوجدت الأبواب مفتوحة على مصراعيها! اعترف بأنني اشعر بالقرف من الوضع المزري الذي يعيشه العراق ليس في شماله فقط بل في وسطه وجنوبه كذلك. فقد اصبح العراق ساحة حرب تتبارز فيها قوى دولية عديدة منها عظمى وأخرى سفلى وثالثة استعمارية ورابعة دينية وطائفية والقائمة تطول. اعترف بان مجرد التفكير بتأسيس " دولة الخلافة الاسلامية " من قبل مجموعة من المرتزقة ، صفتهم الجهالة والتخلف مدعومين من قبل بقايا فلول النظام السابق ، على ارض العراق ، عراق التنوع الحضاري والفكري والثقافي ، هو ضرب من الخيال لايمكن سوى قراءته في قصة من قصص الف ليلة وليلة الخرافية. نحن قوم مازلنا نتغني بأمجاد حضارات بنيت على ارضنا منذ آلاف السنين وسنبقى نتغنى بها ونلحن لها قصائدَ ثم نرقص على أنغامها ، دون ان نعمل أو نجتهد في اعادة بناء تلك الحضارات وتطويرها لكي نلحق بالركب العالمي الذي كاد ان يعثر على سر الخليقة. نحن قوم ، خلقنا لنكون اتباعا لرموز عفنة تستنزف طاقاتنا وخبراتنا وتستغل ثرواتنا ، نصفق لديكتاتوريات بأحجام مختلفة ونتفنن بصناعة الطغاة ومن ثم ننحني لهم إحتراماً ليكيلوا لنا الصفعات والركلات ونحن صاغرون اذلاء نستمع لخطبهم الرنانة الداعية للتلاحم تحت ذرائع سياسية تارة وأخرى دينية او طائفية. فالتواجد الداعشي على ارض الواقع وسيطرته على مقدرات أجزاء مهمة من الوطن ربما يكون قد حدث خلال غفلة زمنية معينة نتيجة خلل أمني او خيانة او تخاذل لكن ان يستمر هذا التواجد لأشهر وان تستمر الجرائم التي يمارسها هؤلاء المرتزقة بحق أبناء العراق الأصلاء (أكرر : الأصلاء) دون ان تتحرك الدولة او المجتمع الدولي لضمان عودة الأمن والاستقرار لتلك البقع الموبوءة هو امر لايمكن للعاقل ان يقبله باي شكل من الأشكال. اجزم ان العالم كله متفق على كون عصابات داعش ، عصابات تمتهن الارهاب وان تصرفاتها والجرائم التي تقوم بها يمكن ان تحدث في أية بقعة في العالم وضد اي شعب او دين او طائفة في العالم وليس في العراق فقط ، وان ذلك يعني ان العالم بأكمله معرض لخطر هذه الجرائم عدا الجهة التي أسست ومولت وخططت لهذه العصابات! ولن أنسى داعمي داعش الذين حضروا مؤتمر عمان الأسبوع الماضي حيث اعلنوا صراحة دعمهم لعمليات داعش. في العام 1984 قرأت خبرا أو تقريراً في صحيفة أمريكية عندما كنت أعيش في نيويورك، يشير إلى ان الحكومة الامريكية عجزت عن القضاء على العصابات الإجرامية التي كانت متواجدة بشكل كثيف في شيكاغو والتي فاقت في جبروتها وقوتها سلطات الشرطة المحلية والفيدرالية فعمدت الحكومة في حينه الى تكليف عصابات المافيا في تلك المدينة بموجب عقد للقضاء على العصابات التي استشرت في تلك المدينة فأصبحت الحياة فيها لاتطاق. هذا ماحدث قبل ثلاثة عقود من الزمن في دولة عظمى حيث اضطرت الدولة لطلب مساعدة عصابات المافيا للقضاء على عصابات إجرامية من اجل إحلال الأمن. ترى ، ماهي إجراءات حكومتنا للقضاء على عصابات داعش وتحرير ارض العراق منهم؟ اعتقد انهم ينتظرون انتخاب رئيس جمهورية جديد ، ومن ثم الاتفاق على رئيس وزراء جديد ومن ثم مناقشة موضوع عصابات داعش في مجلس النواب واتخاذ قرار بشأن التخلص منها وبالتالي تكليف الحكومة الجديدة بتنفيذ ذلك ، بعد عمر طويل! وللتذكير فقط ، فإن عصابات داعش استباحت الحرمات في مدينة الموصل ، فسمحت لمقاتليها ان يختاروا جواريهم من بين الموصليات (الباكرات حصراً) إمعانا بإهانة السلطة والشعب والعراق وكل القيم الإجتماعية والدينية والأخلاقية ، كما ان "أمير المؤمنين" وخليفة هذا العصر، تكرم فأمر بمنح أتباع الديانة المسيحية فرصة اعتناق الإسلام بدلاً من دينهم المسيحي ، او دفع الجزية وفق الشريعة الاسلامية (رغم انهم ممنوعون من العمل في الدوائروالشركات كونهم من الأنجاس!) وبعكسه فالقتل مصيرهم ، الامر الذي اضطر معه المئات منهم الى ترك دورهم بما فيها من ممتلكات شخصية ، لايحملون سوى ما يرتدون من ملابس متوجهين مشيا على الأقدام الى مناطق كوردية بحثا عن أمان وقتي . ويقال ان الداعشيين استملكوا تلك الدور باعتبارها جزءً من غنائم دولة الخلافة الاسلامية بعد ان سمحوا لبعض الرعاع والفلول بنهب تلك البيوت ومحتوياتها باعتبارها غنائم حرب. ولم يقف تهورهم وانحطاطهم عند هذا الحد فقد أصدر "أمين المؤمنين " قراراً اعتبر بمثابة مكرمة منه وتطبيقا لمبادئ إسلامية بوجوب ختان النساء ! ونحن إذ نتحدث عن تهجير المسيحيين العراقيين من مدينة الموصل وربما لاحقاً من بقية المدن التي يتواجدون فيها حيث يعيشون منذ آلاف السنين، وندعو إلى تصعيد الجهود العربية والدولية إلى دحر هذه العصابات، وإعادة المهجرين إلى ديارهم، ندعو في ذات الوقت إلى تنفيذ خطط شاملة وفعالة لحماية كل أبناء المناطق الشمالية المحيطة بالموصل من اتباع بقية الديانات والمذاهب العراقية مثل الايزيديين والشبك وغيرهم. ان ما تم وما يخطط له من أعمال إجرامية ينبغي اعتباره من الجرائم المخلة بالشرف، واعتبار من يمارسه من مجرمي الحروب ويجب إحالته الى محكمة العدل الدولية لمحاكمته أصوليا وعالميا. ويمكن أن يذكرنا ما جرى ويجري بجريمة النكراء سبق وان مورست ضد يهود العراق في نهاية أربعينيات القرن الماضي والتي عرفت باسم - فرهود اليهود - حيث تم سلب ممتلكاتهم وبيوتهم ودور عبادتهم وتم قتل البعض منهم بشراسة. وإذا ما كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الذاكرة العراقية ما زالت تستعيد أيضا بألم وحزنين شديدين، الجرائم اللاإنسانية البشعة التي اقترفها النظام الديكتاتوري البعثي بتسفير الأكراد الفيلية والكثير من العراقيين أبا عن جد بحجة التبعية الإيرانية، وآخرين "من غير المرغوب بهم في العراق" الى ايران حيث سلبت أملاكهم وممتلكاتهم ووضع كبار السن منهم والنساء والأطفال على الحدود مع ايران وتحت نيران مدافع وصواريخ الطرفين ليذهب الآلاف منهم ضحايا في حين تم إعدام الآلاف من الرجال والشباب الذي صنفوا بكونهم قادرين على حمل السلاح ودفنهم بمقابر جماعية ربما لم يشهد التاريخ مثيلا لها سوى بمجازر هتلر ضد اليهود ومجازر خليفة المسلمين السلطان التركي عبد الحميد ضد الأرمن في المجزرة الأكثر دموية في التاريخ المعاصر. ان المرحلة التي يمر بها مسيحيوا العراق في الموصل والمناطق المحيطة بها وكذلك بقية اتباع الديانات والمذاهب بما فيهم المسلمين ممن هم ليسوا على هوى "دولة الخلافة الاسلامية" وأمير مؤمنيها خريج نظام صدام حسين وتربية سجون الاحتلال الامريكي ، مرحلة مخيفة ومرعبة ليس للمشمولين بهذه الحملة الإيمانية (تشبيها بحملة صدام حسين- عزت الدوري الإيمانية) بل للبشرية ككل. كما ان سكوت السلطات العراقية بكل مستوياتها وسكوت رجالات الدين وقادة المليشيات الدينية والطائفية وكذلك عدم تحرك القوى العالمية لتخليص العراق وشعبه بكل مكوناته من هذه الزمرة المجرمة امر غير مقبول وغير معقول وله تفسيرات واحتمالات عديدة لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها، وهي تفاصيل لا تخفى معالمها الأولية أو العامة على القاريء اللبيب. -;--;--;-
#علاء_مهدي (هاشتاغ)
Ala_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نساء مهاجرات بخطر !
-
من سينقذ المرأة العراقية؟
-
يوم لاينفع فيه عض الأصابع! حلول ومعالجات رهينة الانتظار والت
...
-
فوضى وتخبط !
-
أفكار ثائرة على نار هادئة!
-
أديب عراقي ينعي نفسه!
-
ذكريات أكثر من مؤلمة .. ! حسوني شهيد عراقي من أصل إيراني . .
...
-
شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !
-
ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني
-
هل المسألة فيها -إنَّ-.. ؟!
-
بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية!
-
هوامش على دفتر . . . الإنتخابات!
-
عزيزي . . . الناخب العراقي
-
ملاحظات إنتخابية تفرضها ضرورات ديمقراطية !
-
نحو إنتخابات عراقية ديمقراطية نزيهة
-
الإنتخابات العراقية في الخارج .. ملاحظات تنتظر الاهتمام - مس
...
-
صليوة !
-
جمعية الحجي !
-
هل يحارب الإرهاب بالإرهاب؟
-
إفعلوا بالأرمن ماتشاؤون!
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|