ضياء رحيم محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 00:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التأريخ الحديث لا يختلف عن القديم بشيء جوهري، بل هو يكاد نسخة كاربونية عنه، لكن بشكل مطور، وبالتأكيد هذا الأمر ينسحب على العلاقات ما بين الدول والشعوب المتجاورة منها والبعيدة، فهناك العلاقات المبنية على مبدأ حُسن الجوار، إذا كانت بين دولتين متجاورتين، وهناك العلاقات المبنية على أساس المنافع الإقتصادية وحتى التي تقوم على أساس المواقف السياسية.
في علاقة الكورد مع المركز، هناك على ما يبدو علاقة متشنجة، وهي ليست وليدة اللحظة؛ بل إنها جاءت نتيجة تراكمات لسنين عديدة، ظهرت على السطح نتيجة الأحداث الأخيرة التي مر بها العراق.
بعد خروج نظام صدام من الكويت على يد قوات التحالف الدولي، إستغل الأكراد هذه الفرصة الذهبية، وطلبوا الحماية الدولية من المجتمع الدولي، وتم لهم ذلك؛ وزيادة على ذلك تم منحهم ما نسبته 17% من قيمة صادرات العراق بموجب إتفاق النفط مقابل الغذاء والدواء، الأمر الذي أتاح لهم الفرصة ليبنوا مؤسساتهم الحكومية، وتكون لهم دولة مصغرة، لكنها كانت مهددة من قبل جميع جيرانها، فمن الشرق إيران، ومن الجنوب نظام صدام، ومن الشمال تركيا ومن الغرب سوريا، بل وصل الأمر أن تركيا الى وقت قريب، تقوم بإختراق الحدود العراقية، بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني، هذا وهي لا زالت مرتبطة بشعرة معاوية بالعراق، فكيف بها إذا إستقلت عنه، ثم أن أوردغان المتحمس على إنفصال الكورد عن العراق، ها هو اليوم وعبر قنوات خاصة، يبلغ مسعود بارازاني بأن تركيا مع وحدة العراق، وأن هذه المسألة حساسة بالنسبة لهم، كذلك الأمر بالنسبة لإيران، والتي لها حدود طويلة مع الإقليم، والذين يمتلكون حتما نوعا من التأثير بواسطة شركائهم الموجودين في البيت الكوردي، هذا إذا لم نستثني سوريا، والعرب السُنة في العراق، والذين سيخسرون كثيرا من جراء إستقلال الأكراد.
أحد الديبلوماسيين الأميركيين علق على المعارك المندلعة بين اليكيتي والبارتي بين عامي 1994-1996 قائلا ( لو لم أكن أعرف منذ زمن بعيد أسباب فشل الكورد في إقامة دولة خاصة بهم لأدركت اليوم هذه الأسباب ).
نستشف من التعليق أعلاه، وجود تضارب مصالح بين القوى الكوردية بجميع مسمياتها، ومن ثم فإننا نسمع بعضهم يتهم الأخر بالمزايدة على حساب القضية الكوردية، وبالعمالة مرة لتركيا ومرة لإيران ومرة للحكومة العراقية.
وبعد كل هذا يجب أن لا ننسى الدور الكبير الذي لعبه ويلعبه الأمريكان في الإمساك بخيوط العملية السياسية الجارية في العراق، فهم لا يريدون أن يخسروا حربهم في العراق مهما كلف الأمر، وبالطبع فإن ذلك يشمل الأكراد، فالأمريكان لم يسقطوا صدام لكي يتم تقسيم البلد، ذلك لأن هذه المسألة ستنسحب على أصدقاءها في الخليج العربي، فإذا لم توافق الولايات المتحدة على تصرف السيد مسعود، وأعطت للحكومة العراقية ومعها التركية الضوء الأخضر، ماذا سيكون رد فعلكم؟.
#ضياء_رحيم_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟