أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - جون قرنق – مكتوبٌ لاحَظََّ للفقراء














المزيد.....

جون قرنق – مكتوبٌ لاحَظََّ للفقراء


وديع بتي حنا

الحوار المتمدن-العدد: 1279 - 2005 / 8 / 7 - 11:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما كان كارل ماركس جالسا مُنكبا على الكتابة يحمل هموم كل الفقراء والكادحين نظرت اليه والدته , ادركت مقدار الهم الذي هو فيه فقالت له بسذاجة الام القلقة على ابنها عبارتها الشهيرة ( كارل , كارل , انت تصنع السعادة للجميع وتنسى نفسك ). نعم لقد نسي ماركس نفسه ولكن التاريخ يتذكره دائما ولايتوانى الكادحون عنن ذِكره في صلواتهم ايام الجمع والسبوت والاحاد.

ولد جون قرنق ولم تكن في فمه ملعقة من ذهب , جائعا بين الجياع , عاريا بين العراة , منبوذا بسبب اللون والدين , مضطهَدا بين الملايين. شاهد جون قرنق المئات وربما الالاف يُساقون للذبح كشاة لم تنطق بنت شفة كفرا والحادا سوى انهم طالبوا بان يكونوا مواطنين في بلدهم وليس ضيوفا عليه او مسًاحي احذية فيه . ما اقسى ان يكون الانسان مواطنا من الدرجة الثانية او الثالثة ( واحيانا بدون درجة ) في وطنه واجداده فيه هم الاصل والفصل. لم يستطع جون قرنق ان يتحمل القهر والاستبداد والاضطهاد , كانت دموع الثكالى والاطفال وانات الرجال الضعفاء وقودا لنار لاتقبل ان تنطفئ فرفع السيف واخر الدواء الكي .

حارب جون قرنق لاكثر من عقدين , كان يتقدم تارة ويتقهقر تارة اخرى , يكًُر و يفر. نال وبامتياز اوسمة جميع من تعاقبوا على حكم الخرطوم في انه العميل والمتمرد والخائن , بحث جميعهم عنه ( ليُكٍرموه ). كيف لايكون جون قرنق عميلا وخائنا في بلاد يخطط فيها الحاكم لاقصاء رفاقه قبل ان يجف حبر البيان رقم واحد. وبعد كل سنين القتال عاد من بقي من اؤلئك الحكام ليعترف ( لاندري مُجبرا او مُخيرا ) بان جون قرنق وطني مخلص مثله . يؤمن جون قرنق ان القتال قانون الحياة الخاص وان السلام هو قانونها العام فمدً يده ليصافح من حاربه عشرات السنين ليفتح صفحة جديدة ويبدا محاولة جادة في ان يوفر للملايين من الافواه الجائعة لقمة يتناولوها بسلام.

دخل الخرطوم دخول الفاتحين بالرغم من انه دخلها اعزلا . احتفى به جميع المساكين الجنوبيون والشماليون فهو ينادي الى سودان جديد للجميع . فرح جميع المضطهدين فقد اصبحوا شركاء في قصر الرئاسة , ومن فرط فرحتهم التي انتظروها طويلا غاب عن بالهم وهم يضحكون ان يقرأوا سورة الفلق او ان يقولوا ( خمسة وخميسة ) او ان يبحثوا عن اية قطعة خشب قريبة ليضربوها باياديهم ثلاث مرات لان الكتاب يقول ( ومن يقف قُدًام الحسد ). وهكذا لم يدم الفرح طويلا وكأنه مكتوب لافرح للمساكين والفقراء. ما أبشع ان يعيش الانسان حلما جميلا يستغرق لحظات ليتعبه كابوس طويل لاينتهي إلا بيقظة مُخيفة تطلب كوب ماء. ما أقسى ان يشعر الانسان ان كل شئ تعب من اجله قد اصبح فجأة في مهبِ العاصفة وليس الريح . لانقول ان الحياة تتوقف على مصير كائن ما كان ولكن المساكين كانوا الان بأمس الحاجة الى قرنق ربما اكثر من حاجتهم اليه في اي وقت مضى .

كُتب على قرنق وهو في نشوة ايامه ان يطير للمرة الاخيرة فاستقبلته احراش بلاده جثة مقضية . يا لسخرية القدر فقد حارب في تلك الاحراش عقودا ولم تسمح للرصاصة ان تخترق جسمه. مات قرنق ولاحَظَ للفقراء في الموت ايضا فقد صادف موته مع اعلان وفاة العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز, وكما يتقدم الاهم على المهم هكذا يتقدم الغني على الفقير حتى في الموت والنفس في طريقها الى خالقها راضية مرضية . انشغل العالم واعلامه وقنواته الفضائية حبا او محاباة وتملقا بالعاهل السعودي ففي زحمة المانشيتات والتقارير التي تغطي حياة الملك فهد وبيعة الملك الجديد يكاد المتابع بصعوبة يقتنص بين برهة واخرى خبرا خجولا عن مصيبة السودانيين في قرنق. كان وقع الصدمة كبيرا على المسحوقين المضطهدين الذين انتابهم الاحساس ان امالهم ذهبت ادراج الرياح فنزلوا الى الشوارع وكسروا وحرقوا وعربدوا فانتبه العالم قليلا اليهم وقال فيهم البعض انهم الرعاع يفرحون ويحزنون بطريقتهم الخاصة.
ترى هل يحترم خلفاء قرنق تمرده , قتاله , مبادئه , موته فيُكملوا الطريق ويعيدوا الفرحة للمساكين ام انهم ينفخون في ( قربة مكسورة ) فحال المساكين كحال الذي اشقاه ربي فكيف هم يُسعدوه .



#وديع_بتي_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَين إبلحد ويونادَم راحَتْ فْلوسَكْ يا صابر
- وزارة الدكتور الجعفري في النَفَس الاخير
- وحدويون مخلصون على انغام ما يطلبه المشاهدون
- كتابة الدستور – جرعة الكوكايين الجديدة
- من قال ان لجنة البيئة ليست كشخة و أُبَهَة ؟
- العراق --- مزرعة تسمين القطط
- من النقل الى المهجَرين الى العلوم والتكنولوجيا— الكير على ال ...
- وزارة الجعفري – وفرة في الخصوم والاعداء وشحة في الانتماء وال ...
- مفاقس الاحزاب وفراخها المنغولية
- ولي العهد السعودي – بابا النفط في زياراته الرسولية
- سياسة الإقصاء – زمن ضائع ونتائج مريرة
- كل الوزارات ومن ضِمنها البيئة - سيادية -
- الولاء المطلق والمعارضة المطلقة – المرض القاتل
- تعالَ نلعب اللوتو
- رحيل البابا ومفعول اسلحة الحب الشامل
- جلال الطالباني ومكافأة نهاية الخدمة
- العلم والنشيد الوطني واغاني نانسي عجرم
- العراق بين نار التقسيم وزلزال الاطفاء
- المؤجر والمستأجر والدلال – هدايا بالباكيت
- كلنا حماميز الله


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - جون قرنق – مكتوبٌ لاحَظََّ للفقراء