أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع















المزيد.....

الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4525 - 2014 / 7 / 27 - 10:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المسيح و المرأة

ولد المسيح في القرن الاول الميلادي في فلسطين التي كانت خاضعة للحكم الروماني آنذاك في عهد أغسطس قيصر. كان اليهود عندها يشكلون القسم الأكبر من عدد السكان في اليهودية (المنطقة المحيطة بأورشليم) و الجليل (شمال فلسطين) فيما كان السامريون (شعب ينسب الى مزيج من اليهود الذين بقوا في فلسطين بعد السبي البابلي على يد نبوخذنصر عام 580 قبل الميلاد و الامم الذين اتى بهم البابليون الى فلسطين بعد إفراغ الارض من سكانها) يسكنون في وسط فلسطين بين اليهودية في الجنوب و الجليل في الشمال. أما الديكابوليس، فكانت كناية عن اتحاد عشر مدن معظمها يقع شرق نهر الاردن، تم ضمها من قبل الرومان لتشكل مركزا للثقافة الرومانية وسط هذا البحر السامي و لتكون حاجزا و درعا يحد من تأثير الانباط (العرب الساكنين في الاردن).

في هذا الجو ولد المسيح. كان اليهود آنذاك خاضعين للحكم الروماني و يتوقون للاستقلال. كانوا يؤمنون بتفوقهم الديني و الثقافي و يكرهون كل ما ليس يهوديا. و كما أشرنا سابقا، كانوا يمارسون تعدد الزوجات و كانت مكانة المرأة في المجتمع دون مكانة الرجل. وسط هذا الجو، نمت مجموعة كانت تعيش في قمران أطلق على أفرادها تسمية "الأسينيين". كان أفراد هذه المجموعة من الرجال فقط و كانوا يعيشون حياة النسك و الصوفية. كانوا، شأنهم شأن اليهود، يؤمنون أن المرأة مصدر الشر في العالم، لذلك اعتزلوا عن الزواج و العلاقات الاسرية و الجنسية و فضلوا تربية أبناء الآخرين.

نعرف من قراءتنا للأناجيل، أن تربية المسيح كانت يهودية بحتة. فهو لم يغادر أرض فلسطين الا مرتين: الاولى كانت عندما هرب به أمه و أبوه الى مصر إثر معرفتهما بمحاولة هيرودوس لقتله و الثانية كانت عند زيارته لنواحي صور و صيدا حيث شفى ابنة المرأة الكنعانية. نقرأ عنه أنه كان في الثانية عشرة من عمره حين ذهب مع أبويه الى العيد في أورشليم. و لدى عودتهم، ظن أبواه أنه كان مع الرفقة، فلما طلباه و لم يجداه، فتشا عنه فوجداه في الهيكل وسط المعلمين يسمعهم و يسألهم. و لدى بلوغه سن الرشد، نقرأ أنه خصص وقته و رسالته لأبناء جلدته فيما أوكل الى تلاميذه مهمة نشر الانجيل في العالم أجمع.

على عكس معاصريه، نقرأ أن المسيح أخذ موقفا مغايرا للثقافة المعاصرة آنذاك و كسر الكثير من التقاليد السائدة في زمنه، فيما يختص بالمرأة و الزواج. من المعروف أن تلاميذ المسيح الاثني عشر كانوا رجالا، لكننا نرى الى جانبهم مجموعة نسائية كن يتبعنه، يخدمنه و يصرفن عليه من أموالهن. سوف نركز في هذا المقال على النسوة اللاتي كان لهن وجودا مميزا و أثرا خاصا في حياة المسيح:

• مريم المجدلية: كلمة المجدلية لا تعني كنية او اسم العائلة التي تنتمي اليها مريم، إنما هي تشير الى قريتها أو مسقط رأسها ألا و هي قرية مجدلة، و قد أضيفت كلمة المجدلية لاسمها لتمييزها عن مريم ام يسوع و سائر المريمات اللاتي كن يتبعنه. لا نعرف الكثير عن مريم سوى انها كانت قبل لقائها بالمسيح مسكونة بسبعة شياطين أو أرواح شريرة. و هنا يستطيع القارئ أن يتخيل معي معاناة هذه المرأة و رفض المجتمع لها للأسباب التالية: أولا هي تعتبر في نظر المجتمع امراة مجنونة. و نعرف أن شهادة المراة في المجتمع اليهودي لم تكن مقبولة، فكيف إذا كانت امراة و مجنونة؟ لا شك انها كانت محتقرة و مرذولة. كما يبدو انها لم تكن متزوجة و إلا لكان كاتب الانجيل ذكر اسم زوجها على غرار يونا امرأة خوزي وكيل هيرودوس كما أنه من الصعب عليها تكريس حياتها لخدمة يسوع فيما لو كانت مرتبطة. أما و بعد شفائها على يد يسوع، أصبحت هذه المرأة المجنونة من أكثر التابعين ولاء له، كما أنها أظهرت له حبا و شجاعة نادرتين حتى بين التلاميذ أنفسهم. فهي المرأة التي ذهبت الى القبر ليلا لتحنيط يسوع على الرغم من أخطار اللصوص و قطاع الطرق و الظلام. و المسيح أيضا أولاها اهتماما خاصا إذ كانت الانسان الاول الذي ظهر له بعد قيامه من الاموات.

• المرأة السامرية: لم تكن من أتباع يسوع، لكن لقاءها معه على البئر غيّر مفاهيم ثقافية كثيرة تركت آثارا واضحة منها تحطيم الحواجز الثقافية و الإثنية و الجنسية و العرقية بين الناس. و نستطيع بثقة القول أن لقاء يسوع مع هذه المرأة الزانية علمنا أن نفتح ابواب السجون التي أقفلنا على أنفسنا فيها لندرك أن شمس الحق ليست مقتصرة على فئة من الناس (اليهود أو الرجل) إنما هي تشع على الجميع من دون استثناء. على عكس مريم المجدلية التي لم يدون لها الانجيل حوارا طويلا مع يسوع، نقرأ أن المرأة السامرية ناقشت يسوع على محاور و مستويات عدة اجتماعية، دينية، فكرية و ثقافية.

• المرأة الزانية: لم تقتصر معاملات يسوع مع المرأة على السيدة التقية مثل مريم و أختها مرثا شقيقتا لعازر صديق يسوع، إنما نراه يكسر التقليد و يمد يده لنساء زانيات، لا يجوز في العرف اليهودي للرجل المحترم أن يخاطبهن. و الزانية في العرف اليهودي كما في معظم الأعراف و خاصة القديمة منها تعتبر امرأة ساقطة وجب قتلها. لكن يسوع غيّر هذا المفهوم و نظر الى المرأة الزانية شأنها شأن أي إنسان خاطئ أكان رجلا أو امرأة و علّم ان الحل يكمن في انتشال الانسان من الخطيئة و ليس في رجمه و قتله. لقد افترى كثيرون على يسوع و نسبوا اليه علاقات حميمة مع زانيات و خاصة مع مريم المجدلية دون اي دليل منطقي أو تاريخي دامغ. لكن على العكس، فإن قراءتنا للإنجيل توضح أن يسوع وقف الى جانب المرأة الزانية، ليس بهدف تشجيعها على الزنى، إنما بهدف تحريرها من هذه الآفة. و يمكن للقارئ التأكد من هذا الكلام بالعودة الى انجيل يوحنا الفصل الثامن إذ قال يسوع للمرأة التي أتى بها اليهود ليرجموها " و لا أنا أدينك، إذهبي و لا تخطئي بعد".

• نساء أخريات: لا يذكر الطبيب لوقا منهن سوى "يونا امرأة خوزي وكيل هيرودوس و سوسنة بالاضافة الى نساء أخريات كثيرات كن يتبعنه و يصرفن عليه من أموالهن."

إذا لا شك أن يسوع أحدث ثورة ثقافية، اجتماعية و فكرية في تعامله مع المرأة إذ لم يخجل من التعامل معها كالند خلافا لما تفرضه الثقافة آنذاك، كما أنه وقف الى جانبها في مواجهة رجال الدين الذين يحكمون مجتمعهم بفكر ذكوري و أسقط ممارسة الكيل بمكيالين كما نرى في قصة المرأة الزانية. أخيرا، فتح يسوع الباب للمرأة لتكون شريكا فعالا معه في خدمته لبني شعبه على غرار مريم المجدلية و يونا و سوسنة و غيرهن.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلب انطوان حنا
- أثداء البقر فتنة
- داعشية تبني مجتمعا
- سيدي الخليفة
- أضرب يا عباس
- اضرب يا عباس
- إسمحي لي بقتلك لأنني بلا خطيئة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث
- امرأة بنصف عقل و رجل بعقل كامل
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني
- بين كندا و لبنان
- سيدي فخامة الرئيس ساركوزي
- أهلا سادتي الدواعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
- ديانا الترك ضحية جريمة الشرف
- التحرش الجنسي بين الثقافة و القيم المعاصرة
- الموت لمريم
- رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق
- سامحينا يا مريم
- مات القمر


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع