ماءالعينين سيدي بويه
الحوار المتمدن-العدد: 4525 - 2014 / 7 / 27 - 10:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرة أخرى نستشهد من وقائع التاريخ العربي المعاصر أن الشعوب ليست من تصنع مصيرها . فقد مرت ثلاث سنوات على تماوج جل الدول العربية في إرهاصات ثورات بعضها كان شبه حقيقي والبعض الآخر لم يتحول قط عن ناموس نظامه القديم . طبعا هناك عاملين رئيسين حالا دون الثورة المنشودة هما : الأنظمة الحاكمة و النظام الإستعماري المعاصر أو الدول القوية ،أمريكا-أوروبا.
بينما ظل السبب المساعد في نجاحهما لإجهاض كل الثورات ، متمثلا في ما يمكن تسميته ب"نظام التنشئة " ،ويعني أن الناس أو الشعوب هم ما تصنع بهم تربيتهم و كذلك الأنظمة ذاتها . فالدول الإستعمارية قامت بتنشئة الأنظمة العربية على مقاييسها في حين تولت الأخيرة تنشئة شعوبها على مقاسها .
فلماذا تقبل الشعوب العربية وأنظمتها أن تكون مستعبدة بشكل طوعي ،دون أن تحاول التخلص من عبوديتها ؟ ذلك هو السؤال المركزي للعبودية المختارة ،الذي إنطلق منه صاحب "مقال في العبودية المختارة ،إيتيان دي لابويسيه" .
والمثال على تلك العبودية المختارة يتجلى في نظام التنشئة ،الذي تحدث عنه "دي لابويسيه" في حكاية لأحد أشهر مُشرّعي إسبارطة (التاسع أو السادس قبل الميلاد) ،"قد ربى كلبين خرجا من بطن واحد،ورضعا الثدي ذاته ،فجعل أحدهما يسمن في المطابخ ،وترك الأخر يجري في الحقول وراء أبواق الصيد .فلما أراد أن يبين لشعب لاسيدومونيا( اسبارطة) أن الناس هم ما تصنع بهم تربيتهم جاء بالكلبين وسط السوق ،ووضع بينهم حساءً وأرنباً ،فإذا أحدهما يجري وراء الطبق ،والأخر وراء الأرنب ".
لذلك عارضت الدول الاستعمارية (سابقا و حاليا) و الأنظمة العربية ،الثورات الشعبية ، التي تبين أنها إتخذت شكلين ، ثورة حقيقية و أخرى مزيفة. أما الحقيقية فقد عرفتها تونس ومصر ، بينما المزيفة أحرقت ليبيا وسوريا .
كلا الشكلين إستخلاصنا منهما أن الشعوب ما تصنع بهم تربيتهم ،رغم أن التربية أو التنشئة التي كانت سائدة من طرف النظامين الاستعماري والعربي هي تنشئة العبودية ،دون أن يكون لتلك الشعوب وعيا يساعدها على بلورة سؤال التخلص من العبودية أي سؤال الثورة .
وبذلك ،كل الثورات العربية نالها الفشل ، أو الإفشال من طرف النظامين السابقين .
#ماءالعينين_سيدي_بويه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟