أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإنسان والإسلام والدولة ح2














المزيد.....


الإنسان والإسلام والدولة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 21:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الرسول ص كان معلما ومدربا وخبيرا أراد أن يعلم المجتمع طريقة تفكير ويرسم لهم منهج مثالي يقودهم بالعقل إلى خلق رؤية كونية خاصة بالمجتمع تبحث لها عن تأسيس وجود منفرد ومتفرد وهذا ما فشل الإسلام السياسي من تحقيقيه وبعد مرور ألف وأربعمائة سنه ما زالت التجربة النبوية في موقعها الأول لم تتحول إلى منهج محدد الملامح والخصائص على أرض الواقع .
تبقى السلطة التي يتغنى بها الإسلاميون والتي تترجم معنى وجود دولة كاملة كانت فيها سلطة المدينة سلطة دينية فقط تمارس حقها في تنفيذ ما يلزم من شروط تعبدية لا أكثر ولا أقل فهي لم تمارس سلطة سيادية على المجتمع بالقدر الذي مارسته كسلطة روحية وأخلاقية بالضرورات فقط ,حتى في مسألة قيادة الجيش أو تنفيذ القضاء والفصل في المنازعات كانت تتماهى مع الواجب الديني وليس الواجب السياسي ,وشرط السلطة أن تنبثق من واجبها السياسي والإداري المسئول , أضافة انه حتى النبي ص لم يدع أنه يمارس السلطة كقائد سياسي بل مارسها من باب التبليغ والتعليم .
هذه الحقائق التي نقرأها من السيرة ومن فهمنا للنص الديني لا تسمح لنا بأفتراض أن هناك توجه حقيقي يمكن أن يقودنا لدولة الإسلام الدولة التي يكون مرتكزها تنفيذ إرادة الله بالشكل الذي ينطق به النص مثلا{مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ } سورة الأنعام 52,هنا النبي مأمور بعدم الملاحقة على تنفيذ النص بل ومنهي عن ذلك وبالتالي في حالة الخرق ولا نقول الاعتداء غير مأمور قائد الدولة أو الدولة نفسها التي يزعم القائلون بها من إجبار الناس على تطبيق الحكم الرباني .
القول بأن الدولة الإسلامية ملزمة بتطبيق النصوص حتى تكون تحمل الصفة وبين النهي عن الإجبار على ذلك تناقض أساسي وغير متوافق مع الواجب والمستوجب وبين الدليل والدليل , هذا التناقض يقودنا للأختيار بين التأويل من مجموع النصوص وبين النص الغير منسوخ النص المحكم وكما يقول الأصوليون لا اجتهاد في مورد النص ومورد الناس ينفي مهمة الدولة .
التناقض بين نصوص محكمة وبين قراءات تأويلية ترجح النص على سواه وما ينتج عن النص يبقى هو الحكم النهائي في فهم قضية الدولة الإسلامية ,وللتأكيد ونحن نبحث علاقة الإنسان بالدولة لا بد أن نرجح المبادئ التي تحترم إرادة الإنسان في إطار وجوده الطبيعي وهو المجتمع , القاعدة الإسلامية لا تبيح إجبار الإنسان في مجتمع يأخذ من الإسلام علاقة رابطة أن يكون أولا ملزما بالتسليم وثانيا بالإيمان وأخيرا حتى في أطار الإيمان غير ملزم بالحكم ما لم يلتزم به أصلا .
هذه القراءة أضافة لسابقتها تعط الحق للمخالف أن يكون خارج نفاذ الحكم الإسلامي بحقه وبحرية ودون قهر وإجبار فما قيمة أن نؤسس لدولة لا يؤمن البعض من أفرادها بالقواعد الحاكمة وغير ملزمة أصلا إلا لمن أعلن التزامه الطوعي بها ,ومن شروط الانتماء للدولة هو خضوعه القانوني لسلطتها والتقيد بأحكامها , لقد بدا واضحا وجليا أن فكرة الدولة الناشئة من النص الإسلامي مجرد وهم صنعه أهل السياسة للمضي قدما في أستعباد الإنسان تحت مسميات دينية روحية لها أحترام وتقدير في الوجدان الإنساني وهذا يفسر فشل المشروع السياسي الإسلاموي القائم على فكرة تطبيق الإسلام بقوة الواقع لا بنص الإرادة الربانية التي يدعون تمثيلها على الأرض .
لقد أستبدل الإسلاميون محور الدين وهدف الرسالة من المحورية الأساسية الإنسان إلى المحورية المصطنعة وهي تقديس العمل العبادي , من أن يكون العمل العبادي والشكلية التدينية مجرد ممارسة تهذيبية ترتقي بالإنسان نحو التعاطي الموضوعي مع قضايا الإنسان لخدمة الإنسان إلى جوهرية مركزية في هدف الدين ,هذا التغيير جعل من العمل الديني اليومي محور الحياة وأهملت وهمشت قضية الإنسان وكأن الإنسان مسخر بخدمة الدين وفكرة الرب .
تناقضت التجربة السياسية مع هدف الرسالة(إنما يريد بكم البسر ولا يريد بكم العسر) التيسير وفتح أبواب الحياة من فهم الرسالة المبني على قاعدة الأقلي المحذور وتوسيع دائرة المباح وتنويع الأسباب التي تترجم قدرة الإنسان على تصحيح الإنحرافات والعودة للمسار المستقيم وأكثر من مرة ولأبسط الأسباب ,في حين أن النهج السياسي الممارس كتجربة يحاول أن يقلص قدر الإمكان مساحة الأكثري المباح وتحويل المساحات التي تركها الدين مفتوحة للتصحيح إلى حدود تقيدية لا يمكن النفاذ إليها بالطوعية الذاتية وربطها بقواعد قانونية تتصل بالظاهر السلوكي وتنسى أن الدين والإيمان أصلا علاقة خفية غير منظوره .
الدولة عندما تحل محل الدين في تنظيم العلاقة بين الإنسان والإنسان ستكون عاجزة عن بسط القاعدة الدينية بحقيقتها لأن من فعل الدولة أن تستخدم السلطة المقرونة بالالتزام المستندة إلى قوتها بينما الدين يستند على التقوى والخوف من الله ومحاولة كسب الرضا والثواب وهذه الأمور مثالية روحية لا تتماهى مع موقع القوة والإلجاء الذي تمارسه السلطة وأدواتها , الوفاء بالعقود مثلا قيمة أخلاقية متى ما بنيت على الحس الديني ستكون أقوى في فاعليتها أما لو أستندت للقانون الوضعي الذي تفرضه الدولة سيتحول إلى شطارة وتسويف ومراوغة ومحاولة القفز على الحق والقانون وهذا مثال واحد من كم هائل من الأمثلة الحياتية .
إن تحويل الدين إلى قضية سياسية يعني تجريد الإنسان من سلاحه الروحي وإفراغ ذات الدين من قدرته في قيادة المجتمع نحو الفضيلة لو ترك له التعامل الحر الأختياري بعقلية الطواعية والمراقبة الذاتية للإنسان على مجمل علاقاته السلوكية والحسية والتصرفات البينية بدلا من الخلط المتعمد بين ما هو بشري محض وبين ما هو ديني والذي يهدف أصلا لإفشال مشروع الرسالة عندما لا نترك حدود ما بين ما لله وبين ما لقيصر .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب بين البحث عن الهوية وهموم المستقبل ح2
- العرب بين البحث عن الهوية وهموم المستقبل ح1
- قرعان أم عبد _ قصة قصيرة
- حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح2
- حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح2
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح3
- أبتلاء الرب ح2
- أبتلاء الرب ح1
- البحث عن الطوطم ح1
- البحث عن الطوطم ح2
- تزييف الفكرة
- تشريع الوهم ووهم التشريع
- وهم الدولة الإسلامية ج2
- وهم الدولة الإسلامية ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج2
- الدين والدولة والإنسان ح1
- الدين والدولة والإنسان ح2


المزيد.....




- الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف ...
- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الإنسان والإسلام والدولة ح2