|
تمزّق العراق والسلاح الروسي لن يجديه نفعا
تيلي امين علي
كاتب ومحام
(Tely Ameen Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 22:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تطفو الازمة العراقية مع ظهور تنظيم داعش، وسيطرته على ما يقارب الثلث من الاراضي العراقية ، واجهازه على ثلثي قدرات المالكي العسكرية . الازمة كانت قائمة ، والعراق تمزّق قبل ان تطأها اقدام الدواعش ، وقد حذّرت العديد من القوى السياسية ، والقوى المهتمة بالشأن العراقي ، من الوضع الحالي ومن حدوث ما حدث على الارض . لقد حمّلت هذه القوى جميعا الحكومة الشيعية الدينية مسؤولية ما تؤول اليه الاوضاع وخطر تفكك العراق وتجزأته الى عدد من الدول . لكن السلطات الحكومية بقيادة نوري المالكي وحزب الدعوة ، اصرّت على انتهاج سياستها الطائفية باقصاء السنّة وترهيبهم، بل واذلالهم بحجة الارهاب ومحاربته . كما اتبعت نهجا شوفينيا مع الكرد ، وحاولت الحكومة الشيعية سلب كل مكاسبهم وتجريدهم من الحقوق التي حصلوا عليها في السنوات الماضية ، ومارست سياسة التجويع بحقهم ، وفرضت حصارا اقتصاديا على كردستان ، كما حاولت الضرب على وحدة الصف الكردي وتشتيته . لا ينكر احد ما لحق بشيعة العراق من مظالم وما تكبدوه من خسائر جسام في ارواحهم البشرية ولاسباب طائفية ، وقد ظنّ المالكي والدائرة المغلقة المحيطة به ، ان سنّة العراق عموما مسؤولون عن الاضطهاد الشيعي فيما سبق ، وتوّهم ان بامكانه الانتقام منهم و(بجريرة ابائهم ). لم تهتم حكومة المالكي برفع الظلم عن الشيعة وتعويضهم عما فاتهم من فرص العيش الحر ، بتوفير الخدمات لهم ولقمة العيش وقدر من الحرية ، انما استعرت فيها نيران الثأر والانتقام ، فاشعل حربا شعواء في الرمادي والفلوجة ، واتهمت رموز السنة بالارهاب ،واغتالت قادتهم وشبابهم وأأمتهم ،واستولت على ممتلكاتهم ومساجدهم عن طريق ميليشيات شيعية تحت هذا المسمَى او ذلك ، وبدعم حكومي مكشوف وفي وضح النهار . وضعت حكومة المالكي دستور البلاد الذي صوّت له العراقييون ، على الرف ، وجمدّت بنوده واعلنت انه لا يصلح للتطبيق ، واراد المالكي وحزب الدعوة تعطيله وحكم البلاد والعباد بالنظريات الدينية الطائفية . في السنوات الماضية ، كان المالكي واقطاب حكمه ، يتحدثون بشوق عن اقامة حكومة مركزية قوية ، وكان يفهم منهم ، ان الحكومة المركزية القوية ، ليست الحكومة التي يدعمها المكونات العراقية ، انما هي تلك الحكومة التي تملك السلاح والجيش فتعطل القوانين ، وتقتل وتعزل وتسجن وتغتال كل معارض لنهجها وسياستها . بهذه العقلية، ورؤية ظهير قوى لها في المنطقة الاقليمية ، اصطدمت الحكومة الشيعية الدينية بشعب كردستان والقيادة الكردية . وكان لابد من الاصطدام ، فالكرد يحتكمون الى الدستور والى النظام الفدرالي وحقهم في استغلال مواردهم والشراكة في حكم العراق من قبل كل مكوناته، كما انهم يخشون الاستغناء عن قوتهم العسكرية . اما الحكومة الشيعية فكانت ولا تزال ترى ، انها تمثل الاغلبية وان السلطة تمنحها حق انتقاء ما يروق لها من الدستور ، وان الفدرالية تضعف الدولة ، فعملت على انهاك الاقليم اقتصاديا ، واحتكار الثروة فيه ، واضعاف قواته الدفاعية ، ريثما يتم تركيع السنّة ، ومن ثم الانقضاض على الاقليم وتهديده بالقوى الاقليمية . هذه المنهجية في رؤى وتصرف المالكي واقطاب حكمه ، مزّقت العراق في الواقع ، وانفصل السنّة عن الحكومة ، وبدأ حراكهم لاستعادة حقوق مكونهم في عديد من المحافظات . كما الغت الحكومة الشيعية كل التزاماتها تجاه الكرد بموجب الدستور والاتفاقيات الثنائية والوطنية واشعرت الاقليم ، ان عليه الاعتماد على نفسه وموارده ، وعليه تقبل الشروط التي يفرضها المالكي ومجاراته في الصاق تهم الارهاب بمن يريد ، وممارسة دور شرطي بغداد في ملاحقة معارضي المالكي . وبلغ حنق رئيس الوزراء لحكومة الاقليم حدا ، انه رفض ، وحسب شهادة الامريكيين ، الاستعانة بالبيشمرگه ، حتى قبل يومين فقط من هجوم داعش . اذن لم يقسم داعش العراق بهجومه في 9 حزيران ، انما وضع داعش يده على جزء من عراق قسمّه المالكي نفسه . وعندما تبخّر جيش المالكي في لمح البصر من امام الدواعش ، حمّلت العديد من القوى السياسية العراقية نهج المالكي وحزبه المسؤولية ، وحتى القوى العالمية بيّنت ان سياسة المالكي هي التي اوصلت العراق الى هذه الازمة ، وقال الرئيس الامريكي (( ان كل قوة النار الامريكية لا تستطع حفظ وحدة العراق)) في ظل سياسة طائفية فاشلة ، وردد الاتحاد الاوربي والامم المتحدة وحتى روسيا المقولة نفسها ، واوضحوا انه يجب تصحيح المسار السياسي ، حتى السيد رفسنجاني عزا ما حدث الى عدم رضا العراقيين من سياسات الحكومة . وحده المالكي ، يود ان يفهم الشيعة ان ما حصل ثمار (مؤامرة ) من السنّة والكرد ، ويأبى الاعتراف بفشله . لقد ابلغ قبل يومين اعضاء مجلس محافظة الموصل عند الالتقاء بهم ، ان الهزيمة في الموصل لم تكن امنية انما سياسية . ونحن نؤيده في ذلك ونقول اليس رئيس الوزراء ووزير دفاعه وحكومته وسياساتها هي المسؤوؤلة عن الهزيمة السياسية ، الا ينبغي الرحيل بعد هزيمة منكرة بهذا النوع ، وافساح المجال لسياسيين اخرين لقيادة البلد وتصحيح العملية السياسية. لا يبدو ان المالكي استوعب درسا او اقتنع انه لا يصلح لانقاذ العراق من محنته ، انما يحاول ان يتبع نهج بشار الاسد في تشبثه بالكرسي ،بالاعتماد على حل عسكري عقيم . فقد اوفد وزير الدفاع بالوكالة الى روسيا ونثر امامها ما في خزينة العراق من ثروة للحصول على السلاح متجاهلا مصالح شعب العراق ونصيحة اوباما حول القوة النارية العقيمة . مما ينذر بتحويل العراق الى سوريا اخرى ويتسبب السلاح في اطالة امد الحرب لسنوات دون ان يحسم المعركة ، ويبقى العراقييون وقودا لها ، يحترق لادامة سلطة حاكم صلف . ان المالكي في عناده ، يعتمد كثيرا على الموقف الغير الحاسم للمرجعيات الدينية والتي لا اراها تنظر الى العراقيين الاّ نظرة مساواة ، لكن المالكي وقد هوّل من خطر الارهابيين ، استفاد من اعلان المرجعية الدعوة الى الجهاد الكفائي ، بالضرب على المراجع الي فهمت لعبته ، واستغلها لصالحه في المضي بحربه ضد السنّة ، في البصرة وبغداد ، وغيرها حيث تهاجم ميليشياته المصلين في المساجد واثناء صلاة التراويح ، وهم يتلقون التهديدات بالابادة في حالة عدم اخلاء مدنهم . لقد حوّلت الميليشيات الحكومية مدينة البصرة وقصباتها الى جحيم ( لاحفاد عمر واولاد عائشة ) كما تذكرهم منشورات التهديد .واصبح الحديث عاديا عن طوفان جثث الشبان السنة المغدورين ، في نهر دجلة مع كل اخفاق يصيب به جيش المالكي المذعور . وفي مقابل ذلك تترك دولة المالكي افراد البيشمركة يلاقون مصيرهم في مواجهاتهم مع الارهابيين في جلولاء وطوز وتلكيف ، ويمتنع عن تسليحهم وحتى تأمين المؤن لهم . بل ان ابواقه الدعائية تتهم كل معارضي سياسته الهوجاء بالارهاب ، حتى وانهم يتصدون للارهابيين . ان الكثير من الجهات المعنية ، ومنها الامين العام للامم المتحدة يعولون الان على جهود المرجعية لانهاء الحكومة الطائفية ورمزها نورى المالكي، وتبليغ ممثلها السيد كربلائي ، اذا كان رئيس الوزراء من الشيعة حصرا ، فليس معناه ان يكون العراق كلّه للشيعة وحدهم . والا فالتقسيم تحصيل حاصل ولن يمنعه كل ذخائر الروس والصين وامريكا .
#تيلي_امين_علي (هاشتاغ)
Tely_Ameen_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آغاى نجاح محمد علي : التضليل لن يفيد سيّدك المالكي
-
دعاة استقلال كردستان يتسابقون للتوظيف في بغداد
-
مطلوب كردي تافه لرئاسة العراق
-
الطالباني في كردستان .. مرحبا به ولكن
-
تركيا الحديثة او تركيا الاتحادية عضو الاتحاد الاوربي
-
الرجل فقد صوابه .. انه يهذي
-
دعوا المالكي يسير بهذه الدولة نحو حتفها
-
كيري عرّاب المالكي
-
رسالتان فاشلتان من المالكي الى جهال الشيعة ، واخرى ناجحة
-
مشروع دستور اقليم كردستان بين التعديل والاقرار
-
من سيقضي على دجال بلاد الشام .. عيسى بن مريم أم المهدي المنت
...
-
عن اي عصر يتحدث السيد العلوي؟
-
الكورد الشيعة في قيادة الاتحاد الوطني هل يوجهون بوصلته ؟
-
على نفسه ونظامه جنى بشار
-
حبل مقتدى قصير
-
فاتورة انقرة امام السيد المالكي
-
شكرا... لا تردّوا ( تهمة الانفصال ) عنّا
-
استكان شاي وناركيلة مع المثقفين العرب العراقيين
-
السيد علاوي ... سئمنا توسلاتك
-
ولنا كلمة ... ليس ردا على السيد الموسوي انما رفقا بوحدتنا ال
...
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|