مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 01:09
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
1 - بتأسيسها على أساس الصراع الطبقي تهدف النقابية الثورية إلى توحيد كل العمال في منظمات اقتصادية كفاحية يناضلون فيها ليحرروا أنفسهم من النير المزدوج لرأس المال و الدولة . إن هدف النقابية الثورية هو إعادة تنظيم الحياة الاجتماعية على أساس الشيوعية التحررية , من خلال الفعل الثوري للطبقة العاملة نفسها . و بما أن المنظمات الاقتصادية للبروليتاريا وحدها القادرة على تحقيق ذلك الهدف , تتوجه النقابية الثورية إلى العمال بوصفهم منتجين و خالقي الثروة الاجتماعية , لتتجذر و تتطور بينهم , في معارضة الاحزاب العمالية السياسية المعاصرة التي تعتبرها عاجزة عن اعادة التنظيم الاقتصادي للمجتمع
2 - النقابية الثورية هي العدو اللدود لكل أشكال الهيمنة و الاحتكار , الاقتصادية و الاجتماعية , و تهدف الى الغائها عبر إقامة الكومونات الاقتصادية و الاجهزة الادارية لعمال الحقول و المصانع على أساس النظام الحر للمجالس , المتحرر كلية من هيمنة أية سلطة او حزب سياسي . و كبديل عن السياسات الدولتية و الحزبية , تقترح النقابية الثورية إعادة التنظيم الاقتصادي للإنتاج , مستبدلة حكم الإنسان للإنسان بالإدارة الجماعية للأشياء . بالنتيجة لا تهدف النقابية الثورية إلى الاستيلاء على السلطة السياسية بل إلى إلغاء كل وظائف الدولة من حياة المجتمع . و إلى جانب احتكار الملكية نرى أنه يجب أن يختفي أيضا احتكار السيطرة , و أن أي شكل من أشكال الدولة بأي قناع تخفت لن يكون أداة لتحرر الإنسان بل خالقا لاحتكارات و امتيازات جديدة .
3 - للنقابية الثورية مهمة مزدوجة , هي كما يلي : من جهة مواصلة النضال اليومي الثوري من اجل تحسين الظروف الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية للطبقة العاملة في اطار المجتمع القائم , و تثقيف الجماهير لتكون مستعدة لإدارة عملية الإنتاج و التوزيع بنفسها , مباشرة و بشكل مستقل عن أية حزب أو سلطة , عندما يحين الوقت لتأخذ بيدها ملكية كل عناصر الحياة الاجتماعية . لا تقبل النقابية الثورية فكرة أن نظاما اجتماعيا يقوم حصريا على الطبقة المنتجة ممكن من خلال أوامر الحكومة و ترى أنه يمكن تحقيقه فقط من خلال العمل المشترك لكل العاملين بسواعدهم و أدمغتهم , في كل فروع الصناعة , من خلال الإدارة الذاتية للعمال , بحيث أن كل مجموعة و معمل أو صناعة ستكون جزءا مستقلا من التنظيم الاقتصادي العام , و ستدير عمليات الإنتاج و التوزيع بشكل منهجي لما فيه صالح تلك المجموعة , وفق خطة متفق عليها و على أساس الاتفاق المتبادل .
4 - تعارض النقابية الثورية كل التيارات التنظيمية التي تستلهم مركزية كل من الدولة و الكنيسة , لأنها تؤدي فقط إلى إطالة بقاء كل من الدولة و السلطة و تخنق بشكل منهجي روح المبادرة و استقلالية الفكر . إن المركزية تنظيم مصطنع يخضع ما تسمى بالطبقات الدنيا لتلك التي تزعم انها أكثر تفوقا , و يضع شؤون المجتمع بأكمله في أيدي حفنة من البشر - محولا الفرد إلى آلة يوجه و يحرك من خارجه . في التنظيم المركزي تخضع مصالح المجتمع لمصالح قلة قليلة , و يستبدل التنوع بالتطابق , و المسؤولية الفردية بالانضباط الصارم . و لهذا السبب تبني النقابية الثورية رؤيتها الاجتماعية على أساس تنظيم فيدراالي عريض , أي منظمة تتشكل من الأسفل الى الأعلى , موحدة كل القوى للدفاع عن الأفكار و المصالح المشتركة .
5 - ترفض النقابية الثورية أي عمل برلماني و أي تعاون مع الهيئات التشريعية , لأنها تعرف جيدا أنه حتى أكثر أنظمة الاقتراع حرية لن تؤدي إلى اختفاء التناقضات الصارخة التي توجد في قلب المجتمع المعاصر , ليس للنظام البرلماني إلا هدف واحد , أن يضفي مسحة من الشرعية على نظام الخداع و انعدام المساواة الاجتماعية .
6 - ترفض النقابية الثورية كل الحدود السياسية و الوطنية , التي تقام بشكل تعسفي , و ترى أن ما يسمى بالقومية ليست إلا دين الدولة المعاصرة , الذي يخفي وراءه المصالح المادية للطبقات المالكة . تعترف النقابية الثورية فقط بالاختلافات الاقتصادية , سواء أكانت مناطقية أو وطنية , بينما ترفض تماما تلك الفوارق التي تنتج أي نوع من التراتبيات الهرمية أو الامتيازات أو أي شكل من الاضطهاد ( بسبب العرق أو الجنس أو أي فوارق حقيقية أو وهمية ) , و هي تدعو بروح التضامن إلى حق تقرير المصير لكل المجموعات الاقتصادية
7 - و لنفس الأسباب تناضل النقابية الثورية ضد العسكريتاريا ( النزعة العسكرية ) و ضد الحرب . و تدعو للقيام بالدعاية المضادة لها و إلى استبدال الجيوش النظامية , التي هي في الواقع أدوات للثورة المضادة في خدمة الرأسمالية , بالميليشيات العمالية , التي ستكون أثناء الثورة تحت سيطرة نقابات العمال , و تطالب أيضا بمقاطعة كل المواد الخام و المنتجات الضرورية لشن الحروب , إلا البلاد الذي يكون عمالها في خضم ثورة اجتماعية ( عنيفة ) , إننا في هذه الحالة سنساعدهم في الدفاع عن الثورة . أخيرا تدعو النقابية الثورية إلى إضرابات عامة وقائية و ثورية كوسيلة لمعارضة الحروب و العسكريتاريا .
8 - تدرك النقابية الثورية الحاجة إلى إنتاج لا يضر بالبيئة , و يسعى للتقليل ما أمكن من استخدام الموارد غير المتجددة و استبدالها حيث أمكن ببدائل متجددة . و هي لا تقبل أن الجهل هو سبب الأزمة البيئية الحالية , بل التعطش للأرباح . طالما سعى الإنتاج الراسمالي إلى التقليل من التكاليف لكي يزيد أرباحه , لكي يبقى , و هو لذلك غير قادر على حماية البيئة . خلاصة القول , أن أزمة الدين العالمية قد سرعت الاتجاه إلى الحصاد التجاري المهلك للزراعة . و أدى ذلك إلى تدمير الغابات المدارية , و إلى انتشار الجوع و المرض . يجب دمج النضال لإنقاذ كوكبنا و النضال لتدمير الرأسمالية , و إلا فإن كلاهما سيفشلان .
9 - تؤيد النقابية الثورية أساليب الفعل المباشر , و تدعم و تشجع كل النضالات التي لا تتناقض مع أهدافها . و أساليبها في خوض هذا النضال هي : الإضراب , المقاطعة , التخريب , الخ . يجد الفعل المباشر تعبيره الأعمق في الإضراب العام الذي يجب أن يكون أيضا , من وجهة نظر النقابية الثورية , مقدمة الثورة الاجتماعية .
10 - بينما تعارض النقابية الثورية كل أشكال العنف المنظم أيا كانت الحكومة التي تمارسه , فإنها تدرك في نفس الوقت أنه ستكون هناك صدامات عنيفة جدا في الصراعات الحاسمة بين رأسمالية اليوم و شيوعية الغد الحرة . لذلك فإنها تدرك أن العنف قد يستخدم كوسيلة للدفاع ضد الأساليب العنيفة للطبقات الحاكمة أثناء النضالات التي ستقوم فيها الجماهير الثورية بنزع ملكية الأرض و وسائل الإنتاج . طالما أن نزع الملكية هذا لا يمكن يتم و ينجح من دون التدخل المباشر للمنظمات الاقتصادية الثورية للعمال , أيضا فإن الدفاع عن الثورة يجب أن يكون مهمة هذه المنظمات الاقتصادية , لا أية مؤسسة عسكرية أو شبه عسكرية تتطور بمعزل عنها .
11 - فقط المنظمات الاقتصادية الثورية للطبقة العاملة هي القوى القادرة على إنجاز تحريرها و التي تشكل الطاقة الإبداعية الضرورية لإعادة تنظيم المجتمع على أساس الشيوعية التحررية .
نقلا عن
http://www.iwa-ait.org/content/statutes
* النقابية الثورية :
ليست النقابية الثورية إلا اللاسلطوية ( الأناركية ) النقابية ( السينديكالية ) نفسها .. ظهرت النقابية الثورية كفكرة و كحركة في فرنسا مع نهاية القرن التاسع عشر احتجاجا على تشرذم الحركة النقابية و استزلام قياداتها للأحزاب الاشتراكية المتنافسة , و كتعبير عن رفض الموقف الانتهازي لتلك الأحزاب بالمشاركة في انتخابات البرلمانات البرجوازية الذي أدى إلى دمج قيادات الحركتين الاشتراكية و العمالية في النظام الرأسمالي القائم ... تأسست الكونفيدرالية العامة للشغل في فرنسا عام 1895 على أسس النقابية الثورية رافضة العمل البرلماني لصالح النضال الثوري للجماهير و رافضة هيمنة الأحزاب السياسية أو تدخلها في النقابات , و مشددة على بناء منظمة فيدرالية من الأسفل إلى الأعلى , و في 1906 صدر بيان آمينز الذي رفض البرلمانات البرجوازية لصالح الصراع الطبقي الثوري . و في 1910 تأسست الكونفيدرالية العامة للشغل في إسبانيا , كاتحاد أناركي نقابي , و بعد سلسة طويلة من النضالات و القمع و الانتفاضات و الإضرابات لعبت الكونفيدرالية دورا رئيسيا في الثورة الإسبانية لعام 1936 التي وضعت لأول مرة و على نطاق واسع مبادئ الشيوعية التحررية موضع التطبيق قبل انتصار قوى الثورة المضادة الستالينية - الجمهورية ثم قيام فرانكو بسحق الثورة نهائيا عام 1939 .. في عام 1922 تأسست جمعية العمال العالمية كأممية للنقابات و المبادرات الأناركية النقابية على أساس مبادئ النقابية الثورية .. لعبت الاتحادات و النقابات المنضوية في الأممية دورا مهما في الصراع الطبقي الملتهب في عشرينيات و ثلاثينيات القرن العشرين , و بلغت عضويتها في ذروة تلك النضالات مليون عامل ( رغم غياب أكبر منظمتين أناركيتين نقابيتين , هما الكونفيدرالية الإسبانية للشغل و منظمة عمال العالم الصناعيين في أمريكا و العالم ) .. لكن سرعان ما تصاعد قمع الحكومات ضد الأناركيين النقابيين و الحركة النقابية و العمالية عموما , خاصة مع صعود الفاشية .. في إيطاليا و بعد السنوات الحمراء ( 1919 - 1920 ) , التي شهدت قيام المجالس العمالية في تورينو و ميلان و احتلال عشرات المصانع و إدارتها من قبل العمال مباشرة و بعد أن بلغ منتسبي الاتحاد السينديكالي الإيطالي قرابة 800 ألف عامل , جاءت السنوات السود التي شهدت قمعا وحشيا من الحكومة الفاشية للحركتين العمالية و الأناركية , و في ألمانيا حاول اتحاد العمال الألمان الأحرار الأناركي النقابي البقاء في وجه صعود النازية قبل أن يسحق عمليا تحت قمع الغستابو و يوزع نشطاءه على معسكرات الاعتقال النازية .. مصير مشابه سيلقاه أيضا الاتحاد الأناركي النقابي الأكبر الكونفيدرالية الإسبانية للشغل بعد انتصار الفاشية في الحرب الأهلية , رغم شجاعة و إبداع العمال و الفلاحين الإسبان لبناء حياتهم على أسس الحرية و العدالة .. أثناء الحرب العالمية الثانية تعرض الأناركيون الشيوعيون و النقابيون للاضطهاد و الاعتقال و التصفية .. فقط بعد الحرب بدأت الأناركية النقابية تلتقط أنفاسها : تشكلت فيدرالية الاشتراكيين التحرريين في ألمانيا عام 1947 من الأعضاء السابقين في اتحاد العمال الألمان الحر , و في انكلترا ظهرت فيدرالية العمال السينديكالية , و أعيد تأسيس الكونيفدرالية العامة للشغل الإسبانية عام 1946 في المنفى , و عادت جمعية العمال العالمية إلى الحياة مرة أخرى في مؤتمرها السابع في تولوز عام 1951 لكنها كانت فقط شبحا لما كانت عليه وقت تأسيسها في العشرينيات ...
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟