|
عن داعش، في سياق الاحتلال المدني والحاجز الديني
محمد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 16:44
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الاحتلال المدني والحاجز الديني
لست من المصدقين لمقولة أن الربيع العربي منذ يومه الأول، ملهاة أو مسرحية أو مؤامرة حيكت ببراعة لتكريس المزيد من التفكيك. إنني على قناعة بأن جميع الأنظمة التي تعرضت للهزات الأولى (التونسي والمصري)، كانت تؤدي مهماتها المملاة عليها بـ “اقتدار” و بـ “أمانة”. لم يكن هناك من مبرر لاختطاف لحظة ثورية، لا يمكن للغرب أن ينكر صدمته بها، حاله حال المتفرجين جميعاً. ولكنه أدرك منذ اللحظات الأولى، أن لا إمكانية للبقاء في موقع المتفرج، لذلك بذل جهده للإبقاء على احتلاله الاقتصادي لمجتمعاتنا، من خلال ذراعين أساسيين، تم تقويتهما أكثر بشكل أو بآخر: الاحتلال المدني، والاحتلال الديني.
أما الاحتلال المدني فهو إحالة قضايا الصراع الأساسية (الفقر، المرض، المسكن، الرعاية الاجتماعية، الاستبعاد الاجتماعي، …إلخ) التي نشبت بسببها الانتفاضات في مصر وتونس وغيرها، إلى قضايا جزئية، وهذه هي العناوين الأساسية لمنظمات “المجتمع المدني”، التي تكاثرت بتسارع منقطع النظير مع الانتفاضات مباشرة، في كل من مصر وتونس مثلاً، وكان هدفها احتواء المشهد بالكامل، دون التعرض لأية احتمالات مفاجئة، قد تفرز تياراً ليس على الهوى الأمريكي!
أما الحاجز الديني، فهو تغذية تفاعلات التيارات التكفيرية (كما هو الحال مع داعش، وتغذية تفاعلات التيارات التكفيرية لا تعني بالضرورة تغذيتها هي بشكل دائم، فدعمها مالاً وسلاحاً من خلال وسيط في ظرف ما، قد يكافئ ضربها في ظرف آخر، وعندها الدعم بالمال والسلاح والضرب العسكري لها، كلاهما ينتج تفاعلات ما لحالة التيارات التكفيرية). وهذا الحاجز الديني يفجر النزعات الطائفية والدينية في المنطقة، ويحرم المجتمعات من أي انتقال ثوري محتمل. وهذه التيارات تشكلت من خلال عوامل تاريخية أساسية تتمثل في صعود الحركات الإسلامية المتشددة في مواجهة المد اليساري والقومي في الستينيات، وهذه المواجهة كانت مستندة على مبدأ مواجهة الإلحاد، وتغذيها بالتأكيد الإمبراطورية المحافظة الأمريكية، وتسكت عنها الأنظمة التي أسمت نفسها تقدمية في المنطقة العربية، وهذه الأنظمة هي ذاتها لم تخرج بحلول ناجعة لعلاج هذا التشدد من خلال سيطرتها على مؤسسات الدولة الأيديولوجية، والأنظمة التي أعنيها هنا هي حزب البعث في العراق بالتحديد، والبعث في سوريا بدرجة أقل.
في هذه الأجواء انطلقت الانتفاضات، في أجواء من الاحتلال المدني الذي يعيق التطور المدني نفسه، وفي أجواء من غلواء التشدد الديني، الذي وجد حاضنة اجتماعية، ووجد من يدعمه ويغذيه ليستخدم هوسه في معارك متعددة.
صراع بين الأيديولوجيات الدينية، صراع بين القيادات المتشددة
أطلقت السلطات الأردنية مؤخراً سراح منظّر السلفية الجهادية في الأردن، عصام البرقاوي، أو من يعرف بالمقدسي. المقدسي اتهم داعش خلال وجوده في السجن بخروجها عن السلفية الجهادية، وأسماهم بالخوارج. المقدسي يرى أن الأردن ليست ساحة قتال، فيما ترى قيادات داعش الأردن من زاوية مختلفة تماماً، ليست بعيدة عن الاستهداف العسكري.
تخوض داعش صراعات مع القوى الدينية الأخرى على مستويين: المستوى الأيديولوجي، والمستوى العملي. فداعش، ومن يشبهها، تخوض معركة مع التيارات الدينية المعتدلة، وصل إلى باكستان في مطاردة مستمرة للتيارات الصوفية التي تكن العداء للولايات المتحدة الأمريكية في شق كبير منها. وعلى المستوى العملي، فداعش خاضت معركة مع جبهة النصرة، التي تداخلت معها، حتى في العناصر (فداعش هي نتاج الخلاف التنظيمي داخل صفوف جبهة النصرة، أي أنه لا معنى لمحاولات خلق أية تمايزات بين الجهتين من ناحية التشدد الديني).
تنظيما داعش وجبهة النصرة ليسا تياران دينيان مختلفان على المستوى الأيديولوجي الديني، بل ارتبطت اختلافاتهما، باختلافات التنظيم الأم في العراق بقيادة البغدادي، والتنظيم الناشئ في سوريا (جبهة النصرة) بقيادة الجولاني. جبهة النصرة تأسست بناءً على توصيات الدولة الإسلامية في العراق، وعندما استحلت ما استحلت في سوريا، ارتأت أن تكون تنظيماً مستقلاً، لا يتبع تنظيمياً للتنظيم الأم في العراق.
السلطات الأردنية أخرجت المقدسي للعب على هذا الصراع (التنظيمي) بين داعش والنصرة، محاولة تغليب طرف على حساب آخر، ولكن هذه المرة من خلال استثمار حضور “كاريزما” منظر السلفية الجهادية، المقدسي، بين جمهور السلفيين. فالمقدسي، الذي يرى بأن الأردن ليست ساحة قتال، قد يكسب العديد من العناصر، لصالح هذه الفكرة، وهذا ما تريده أجهزة الأمن، التي لربما مستمرة إلى الآن في التواصل مع المقدسي.
كان رد داعش على حدث الإفراج واضحاً في الفيلم المصور والمنشور على اليوتيوب، من خلال دعوتهم عدم تصنيم الأشخاص وأن الحق لا يمكن اختصاره بشخص، والمقصود بهذا الحديث هو “أحد المرجفين”، المقدسي تحديداً.
من جاء بداعش؟ من جاء بالتيارات الدينية المتشددة؟
في الجدل السياسي الدائر، في المرحلة التي تمظهرت فيها الاصطفافات بشكل أحادي البعد، فضلت أغلبية التيارات السياسية، في سبيل تثبيت الاصطفاف وتبريره، التعمية على العديد من الأسباب التي جاءت بداعش، أو جاءت بتيارات التشدد الديني إجمالاً. الاصطفافات فرضت حالة من الرغبة في التغطية على الأسباب التي تُدين الجهات التي نصطف معها! ولكن هذا ليس الحل، ولا جزء من الحل حتى. لنتعرض معاً إلى كل الادعاءات، صدقناها أو لم نصدقها، وبعد ذلك يمكن تحليلها بعمق أكثر.
البعض يعيد المسألة إلى عجز الرأسمالية عن العيش بلا حروب، وأنها لا يمكن أن تتعافى وأن تخرج من أزماتها بدون الحروب (أنا أدعم هذا الرأي، وأرى أن التاريخ أثبت ذلك من خلال إنقاذ الحرب العالمية الثانية لأزمة الكساد الكبير، والحرب على العراق في بداية التسعينيات لحل أزمات الطاقة للدول المصنعة). وتغذية التيارات المتشددة، هو من أسهل الطرق لإبقاء حالة الحرب مستعرة في دول الأطراف، دول الطاقة. يرى الكثيرون أن مسار الحروب مر بمحطات رئيسية من الحرب العالمية الثانية إلى مكافحة الشيوعية، والانقلابات العسكرية في الدول المرشحة لتبني الاشتراكية، إلى الحرب على الإرهاب، الذي استخدم الأمريكيون أدواته (“الإرهاب”) في أفغانستان في الحرب ضد الإلحاد.
يرى تيار آخر أن من جاء بالتيارات التكفيرية، هو الفقر والجوع وحده، فهذه التيارات هي جموع من المحبطين اليائسين، الذين يرون الجنة في ساحة المعركة، وتشجع القيادات المقاتلين على الحرب من خلال استفزاز خيالهم الجنسي للحوريات اللواتي ينتظرن شهادتهم. وكما يشرح كارل ماركس نظرته للدين؛ “إن التعاسة الدينية هي، في شطر منها، تعبير عن التعاسة الواقعية، وهي من جهةٍ أُخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالمٍ لا قلب له، كما أنه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. إنه أفيون الشعوب”.
يرى آخرون، أن الأنظمة تدعم هذه التيارات، لتستخدمها في حروب بالإنابة، كما فعل النظام السوري عندما سهّل مرور الجهاديين إلى العراق لقتال القوات الأمريكية إبان الاحتلال. وما إن انتهت جولات تلك المعارك، حتى انفجرت هذه التيارات في وجه النظام الذي سهل لها عملياتها في العراق سابقاً.
ويرى البعض أن الأنظمة ذاتها تسهل تشكيل هذه التنظيمات دون أن تشكلها، كأن يُخرج النظام السوري هؤلاء السلفيين من السجون لغايات طرح المسألة بمعادلة “إما أو”، إما الفوضى أو القائم، وهذا التحليل تم سحبه كذلك على حكومة نوري المالكي في العراق.
وهناك من يقرأ التاريخية المؤسسة للهويات الفرعية في المنطقة، بصنفيها المناطقي والديني، فتتشكل داعش بذريعة السياسة الطائفية لحكومة المالكي، ويعود جيش المهدي ليلملم صفوفه من جديد (بعد أن قرف مقتدى الصدر من أوساخ الطائفية بالمناسبة) بذريعة خطر داعش. وهي مسألة، إن تجاوزت حدود التهديد عن بعد، لا تنتهي إلا بحمامات الدم.
العوامل سابقة الذكر متشابكة ومتداخلة، فمنها ما هو عامل طارئ أو حدثي أو تقني، ومنها ما هو عامل تاريخي. فالتيارات الدينية ما كانت لتتشكل لولا وجود الحاضنة الاجتماعية التي تمتد من المدارس والجمعيات والجوامع ودور تحفيظ القرآن إلى الفقر والجوع، هل كان لتلك الجماعات أن تتشكل في حقبة “الحرب على الإلحاد”، لولا الوعي الديني المطلوب لأفرادها، أو خامته على الأقل. هذا الوعي الديني الذي لم يتمكن نظام البعث العراقي، على سبيل المثال، من معالجته، إلى الحد الذي باتت معه قيادات الجيش العراقي البعثي سابقاً متحالفة مع الجماعات التكفيرية، ومتكيفة مع التنسيق معها! هل كان لأفراد تلك الجماعات أن يغامروا بحياتهم، لولا حجم الإحباط واليأس الذي تعرضوا له؟ (وهنا لا بد من الانتباه أن النسب الأغلب من عناصر هذه التنظيمات هم من أبناء الفئات المسحوقة، أما الفئات المتعلمة، فهي الفئة الأقل، وعادة ما تتراجع عن قرار المشاركة في “الجهاد” في اللحظات الأخيرة، أو تتخذ مواقع أقل خطورة من القتال في الميدان).
الفقر والجوع تشكل حاضنة المغامرة، المدارس والجامعات ودور تحفيظ القرآن تشكل حاضنة الوعي، الرأسمالية العالمية تضع خشبة المسرح وتكتب السيناريو، وتسدل الستار بشرارة أو اثنتين، تبدأ التيارات التكفيرية بالحركة، وتعيش واقعها هي، يدفع الناس الثمن، تتصرف الأنظمة وفق منطقها الخاص، الذي غالباً ما كان إما خاطئاً أو متآمراً. شبكة متكاملة من العوامل التي تنجب التيارات التكفيرية، والجميع إلى اللحظة عاجز عن وضع المدماك الأول في إنهاء هذه الحقبة!
كيف تنظر الشعوب العربية إلى التيارات الدينية المتشددة؟
الناس تُصوِّت للدين، وترغب أن تعيش في العلمانية، فيحركها الشعور بالخطيئة بدلاً من سعادة الفعالية البشرية.
كيف تنظر الناس للتيارات التكفيرية؟ بعين العداء أم التأييد، أم التأييد على استحياء، أم بلا اكتراث نابع من الشعور بمسرحية كبيرة تطلى عليهم؟
تنظر الشعوب العربية إلى هذه التيارات بأربعة عيون: عين التأييد الشديد والعلني، تماماً كما فعل أبناء معان مؤخراً، عندما نزلوا إلى الشوارع يرفعون أعلام داعش علانية، وهذه الفئة التي نشأت ضمن الظروف سابقة الذكر، وهم الآن سلفيون بالأساس أكثر من أي شيء آخر، ونحن هنا نتعامل مع ظاهرة تاريخية لا يجوز التساهل معها بحجة جور الظروف التاريخية التي أنتجتها، تحدثنا عن الأسباب العامة لنشأتها سابقاً في هذا المقال.
العين الثانية، هي العين المدينية التي تؤيد الدين، وتصوت له، وتؤدي طقوسه، ولا ترغب في العيش فيه، اجتماعياً بالتحديد، تبحث هذه الفئة عن الحلول الفردية للهروب في حال توسع آثار التيارات التكفيرية على مقربة منها، وترفض بشكل دائم إلصاق اسم الدين بهذه التيارات، وتعتبرها عار على الدين ولا تمثله.
العين الثالثة، هي التي تؤيد التيارات التكفيرية على استحياء، أو بالأحرى لا تنزع إلى إدانتها ومعارضتها وتقريعها، فعندما يأتي ذكرها، تلجأ لشتم إيران وحزب الله وجيش المهدي، ولا تتحدث عنها هي بالذات، فينبني موقفها على العداء للتيارات الدينية الشيعية كمخرج من الحديث عن داعش والقاعدة وغيرها.
العين الرابعة، التي تكن العداء لهذه التيارات علانية، كل التيارات التكفيرية، وهي العين العلمانية التي أسست موقفها، ليس بناء على مدينيتها، وإنما بناء على تموضعها الطبقي ونمط حياتها الاجتماعي، إنها فئة المثقفين الثوريين العلمانيين، الذين يقفون فوق هذا الواقع، ويريدون تغييره في الوقت نفسه.
داعش في الإعلام الغربي
الغارديان تناولت دور الإعلام في انتصار داعش على الأرض في الموصل، وكأنها ترى أن اندفاع الإعلام السابق على الانتصار الحقيقي على الأرض، ساهم في حدوثه فعلاً!
تحدثت الغارديان كذلك عن نشاط داعش على تويتر، ونشرها للعديد من الأفلام المخيفة للناس. وبهذا تميل الغرديان إلى تصوير داعش كحركة معتمدة عىلى الإعلام أكثر من أي شيء آخر. وهذا الإعلام ساعد في تصوير داعش وحش مخيف، تخشاه عناصر الجيش التي هربت جزعاً منه.
تقول الغارديان أن ما حاولت داعش فعله في الموصل، حاولت فعله في بغداد من خلال دب الذعر في قلوب العراقيين القاطنين لبغداد، وذلك من خلال شعارات “بغداد، نحن قادمون”. وصور لمقاتلين بجانب يافطات في شوارع بغداد على سبيل المثال.
وتتحدث الغارديان عن مستوى إعلامي آخر لهذه التيارات وهو مستوى الترويج عن نشاطهم الاجتماعي وإنقاذهم للجياع والفقراء، ومن ذلك على كل حالة وثيقة نينوى التي أصدروها مؤخراً، ويتحدثون فيها عن أساسيات العقد الاجتماعي الجديد. وتتحدث الغارديان أن عدد متابعي داعش على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر بكثير من متابعي التيارات الأخرى، فلا أحد يهتم لخطاب البعثيين، بقدر ما يهتم لخطاب قيادات داعش. داعش ليست إنفلونزا الطيور.
الإيكونومست: ركزت على زاوية السني- الشيعي، وعن خطط الدفاع للحكومة القائمة، وتناولت التقسيم بين السنة الذين “عانوا من عقدة نقص الأقليات التي لم يشعروا بها إلا بعد سقوط صدام حسين”، وبين الشيعة “المتلهفين للكعكة التي لم ينالوا منها شيئاً طيلة فترة حكم صدام حسين”.
تتحدث الإيكونومست عن قصور نوري المالكي في دعم التيارات السنية التي كانت ستتمكن من تكريس الوحدة الوطنية في العراق، ومن ذلك تقصيره في التنسيق مع مجالس الصحوة، المجالس العشائرية التي تصدت للقاعدة في العراق، حسب الإيكونومست. وحسب الإيكونومست، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعماً بالمال والسلاح لهذه المجالس لتتمكن من محاربة القاعدة.
نقلاً عن النشرة الدورية التي تصدرها داعش، فإنها نفذت 9540 هجوم (لا بد من تصنيف معنى الهجوم حسب المصدر)، ضمت 1083 إغتيال، منذ بدء أعمالها في العراق، وهذا لا يشتمل على العمليات التي قامت بها في سوريا.
إحدى النقاط التي أثارتها الإيكونومست أن داعش لا تريد إسقاط النظام السوري بقدر ما تريد بناء نظامها الخاص.
داعش والأحداث الأخيرة في الإعلام العربي
لا تنفي وسائل الإعلام العربية وعلى رأسها العربية والجزيرة صفة “الإرهابية” عن تنظيم داعش، ولكنها في الوقت نفسه، تضع داعش في سياق العدو لـ “الثورة السورية”، مع إشارات واضحة إلى أن النظام السوري هو من أطلق سراح المعتقلين من هذه التنظيمات لصالح تحويل الثورة إلى “إرهاب” حقيقي، ومن هنا يتمكن من لجم الغرب عن معركته ضد “الإرهاب”.
تناقلت وسائل الإعلام العربية خبر ضرب القوات الجوية السورية لداعش في القائم والرطبة ومعبر الوليد، ورأت بعضها بأن ذلك تعبير عن الحلف الجديد في المنطقة، وبعضها يرى أن ذلك تعبير عن رسالة خوف من النظام السوري.
وفي الوقت نفسه، تنشر العربية “يشار إلى أن مدينة البوكمال الواقعة شرق محافظة دير الزور تتمتع بأهمية استراتيجية لداعش، نظراً لوقوعها على الحدود السورية العراقية، وخاصة بعد سيطرة “داعش” على مدينة القائم العراقية المواجهة لمدينة البوكمال، بالإضافة إلى عدد من المحافظات العراقية”. فالسعودية معنية بتصدير أعلى حالات الارتباك في العراق وسوريا.
ملاحظات لا بد منها
o انطلقت الانتفاضات في الوطن العربي، في ظل أجواء من الاحتلال المدني والهوس الديني، كان هذا كفيلاً بالسيطرة على مجريات أية انتفاضة، وفرض مسار محدد لحركتها، المنظمات “غير الحكومية” بالتعاضد مع الحركات التكفيرية في ميادين القتال، كانت كفيلة بمنع أية حالة ثورية من التشكل. حالة من الاحتلال المدني والديني في آن واحد.
o في ظل الاحتلال المدني – الديني، واعتقاله لأي نشاط ثوري، يصبح غياب تيار اشتراكي علماني إحدى أهم الإشكاليات في التطور التاريخي لهذه الأمة!
o هناك شبكة متكاملة من الأسباب التاريخية التي أنتجت الظاهرة التاريخية “التيارات التكفيرية المتشددة”، وهذه التيارات تخوض معركة مع كل التيارات التي تختلف معها أيديولوجياً “بعض التيارات الصوفية مثلاً”، والتي تختلف معها في الميدان “النصرة”. علاج هذه الظاهرة التاريخية ينطلق من مستويين: لحظي وراهن للتخفيف من الآثار اليومية لهذه الظاهرة (وهذا يتم من خلال إجراءات شبيهة لإجراءات الطيران السوري على مواقع هذه التيارات)، وإجراء طويل الأمد الذي يعتمد على إعادة بناء المناهج الدراسية، وإعادة صياغة النظام الاقتصادي الاجتماعي (الأمر الذي يعتمد على جوانب التغيير الداخلية بالدرجة الأولى).
o لا يمكن الوصول إلى صيغة صورية ثابتة تجمع الولايات المتحدة الامريكية بهذه التيارات، فالولايات المتحدة وأعوانها، كما قلنا سابقاً، تغذي تفاعلات هذه التيارات، وهذا لا يعني لقاءها في البيت الأبيض! وإدارة هذا التفاعل لا تجنب هذه التيارات قصف الطائرات الأمريكية في مناسبة أخرى!
o لم ينجح نظام البعث في العراق من بناء ثقافة علمانية في المجتمع، لقد بقي نظام البعث العراقي طيلة سنوات حكمه، حاله حال نظام حكم سني، يستند إلى السنة كحامل اجتماعي لسلطته، وهذا يفسر سلوك ضباط الجيش العراقي البعثي للتحالف مع تيارات من أمثال داعش. إن التحالف مع التيارات الدينية، سواء بنسختها السياسية (جماعات الإخوان المسلمين)، أو بنسختها الميدانية الأكثر وحشية (داعش)، موضوع لا بد من وضعه على طاولة النقاش من جديد، ولا بد لهذا النقاش أن يتجاوز حدود “التحالف” إلى “التسهيل”، بمعنى هل كان استخدام هذه التيارات من قبل النظام السوري ضد الولايات المتحدة الأمريكية صحيحاً؟ هل من الممكن الاطمئنان لهذه التيارات حتى لو رغبنا في توجيهها ضد ألد أعدائنا؟
o لداعش وأسباب أخرى معها، أثر في التفكيك الجغرافي، والتفكيك الذهني. فالنظام الإعلامي القائم على الحيرة والخيال في آن، يتمكن من وضعك في خانات متعددة: أن تصدق داعش ولا تصدقها، أن تخشاها ولا تكترث لها، أن تميل لصالح النظام ضدها أو معها ضد الشيعة!! ولكن مهما كانت أخبار داعش أكثر “تسلية” ورواجاً من أخبار البعثيين “الثوار العائدون”، فهذا لا يمنع من أن تكون حقيقية، أو على الأقل أهم من أخبار البعث العائد!
o المعركة مع داعش قد تجبر جميع الأطراف على تجاوز حدود سايكس- بيكو، أو التورط فيها أكثر! ولكن الأهم، كيف؟
o لا يمكن مواجهة التيارات التكفيرية من خلال الاعتماد على “الأسفنة” بينها. ولا يمكن مواجهتها كذلك بالانزياح الفكري صوب من يواجهها!
ما نحتاجه اليوم هو تيار راديكالي يتجاوز الواقع ويتعداه ويقف فوقه لتغييره، تيار يرفض التشدد التكفيري السني، ولكنه لا يصبح شيعياً! فهو علماني! وهذا التيار يصوغ تحالفاته وحدودها بحذر شديد!
#محمد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطبقة العاملة الآسيوية، إذ تنتحر ولا تثور
-
كيجينيسكي، الرياضيات والفلسفة وتفجير الجامعات
-
معنى أن تكون يسارياً
-
عن الإمبريالية (1-4)
-
المانفستو الرأسمالي والمانفستو الشيوعي (2-2)
-
المانفستو الشيوعي والمانفستو الرأسمالي (1-2)
-
في التهديد الأمريكي لسوريا
-
في هدم النموذج الإخواني
-
الحرية والتكنولوجيا
-
أوهام الحرية في ظل الرأسمالية
-
-جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
-
“جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
-
الرأسمالية والاتفاقيات الزائفة | كيوتو نموذجاً
-
الحرية في عصر الاغتراب والاستلاب
-
مشروع الهيمنة بأدوات التمويل و”المجتمع المدني”
-
الرأسمالية، إقتصاد المافيا والدعارة والموت (2-2)
-
كيف يهاجمنا الرأسماليون؟ لودفيغ ميزس نموذجاً
-
الرأسمالية، إقتصاد المافيا والدعارة والموت (1-2)
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|