|
على هذه الارض المسماة فلسطين يعيش انسان يستحق الحياة
سامي كاب
(Ss)
الحوار المتمدن-العدد: 4522 - 2014 / 7 / 24 - 17:21
المحور:
المجتمع المدني
على هذه الارض فلسطين الحبيبة كائن حي يشبه الانسان تماما وينطق بلغة الانسان ويحس كالانسان ويفكر كالانسان ويضحك ويبكي كالانسان
هذا الكائن هويته فلسطينية وقوميته عربية وهو من السكان الاصليين لهذه الارض وكيفما كان تصنيفه وتقييمه فانه يستحق الحياة ويستحق الحرية والاستقلال والكرامة والاعتبار ويستحق الامن والسلام ويستحق كل اسباب الحياة ومقومات الوجود واستمراريته بافضل ما يمكن وما يليق بالانسان من حياة كريمة
كنت عائدا من السوق احمل اغراضا ضرورية لحياتي اليومية من طعام وملبس وخدمات هذا وبعد شق الانفس حيث الزحام والصخب والفوضى والتعديات على الارصفة وعلى خصوصية المتسوقين وحيث عمليات الغش والخداع ورفع الاسعار والتحايل والكذب والاستغلال التي يقوم بها التجار ضد المستهلك المتسوق دونما ضمير او رقابة او حساب او عقاب او قانون او نظام او اي وازع انساني وهذا كله يتزامن ويحصل وبشكل علني وشرعي دون اعتراض او منع او حظر او رقابة بشهر رمضان وبالخصوص بالاسبوع الاخير من رمضان تلك فرصة الشراء للعيد حسب مصطلح السوق
عدت من السوق تعب الجسد من كثرة النط والانعطاف والقفز والمشي والتسارع لتفادي الاصطدام او التصادم بالعربات والسيارات والبضاعة المترامية المكدسة على الارصفة وفي وسط الشارع حيث كل الاماكن مغلقة امام المارة وامام السيارات
ولتفادي الاصطدام والنزاع مع المشاة المستهترين المتسكعين وبائعي الشوارع المتطفلين وغيرهم من الزعران والشبان الهائمين الباحثين عن ذواتهم المفقودة في معمعان الفقر والتخلف والضياع والتشرذم والقهر والفشل والخذلان وانعدام العمل وانغلاق ابواب الامل وقلة التعليم والثقافة وسوء التربية وانعدام الضبط والتوجيه والمسؤولية الاجتماعية وفقدان الاحساس بالانتماء للوطن والانسانية وانعدام الضمير والاخلاق الانسانية العليا والقيم الحياتية الاجتماعية الحضارية الراقية وفي ظل الاحتلال الاسرائيلي القتل الغاشم القاهر المقيت
اسير بالطريق اثناء عودتي للبيت مشيا وانا متعب الجسد احمل اغراضي بتثاقل رغم خفة وزنها اللا انها ثقيلة احسها كون اعصابي متوترة ومتعبة وذهني شارد كاره لحياة لا تليق بي كانسان
فهنا لا سلام ولا امان
وانعدام وجود اسباب الحياة وانغلاق سبل الحياة فلا عمل ولا انتاج ولا عطاء
الكل مستهلك والاقتصاد مبني بمجمله على الاستهلاك والاعانات والسلبية والحياة تصل الى اعلى مستوياتها مستوى الكفاف اي مستوى الاكل والشرب لغاية استمرارية الحياة دون تجدد او تطور او تحديث او بناء او تنمية
بمعنى ان حياة الانسان هنا هي حياة الحيوان في زريبة
وفوق كل هذا هناك الحرب القائمة على غزة حيث القصف العشوائي والتدمير وقتل المدنيين والحصار والتجويع واغلاق كل سبل الحياة والنجاة
وهناك الاجتياحات الاسرائيلية للقدس الشرقية والضفة الغربية والاعتقالات والمواجهات والاضطرابات وهناك البطالة واغلاقات المعابر ومنع مرور العمال والتصاريح وهناك كل المضايقات التي تحيل حياة الانسان الى جحيم وفقر وسقم ومعاناة لا تنتهي
واثناء مسيري بالطريق من السوق للبيت لفت نظري طفلة في عمر الاربع سنوات تقريبا جميلة تلعب في حديقة منزلها المحاذية للطريق
تلبس فستانا زهريا جميلا وصندلا احمر وتسدل شعرها الناعم المسترسل على كتفيها وتتحرك بخفة وبراءة وذكاء
كم احب هذه الطفولة
لقد دفعتني شهيتي الانسانية وفطرتي الاجتماعية وفضولي للتعرف على هذه الطفلة والحديث معها حيث اجد في حضرتها انسانيتي المنشودة ونشوتي الاجتماعية وحبي للحياة والانسان
عرجت خطوتين من بوابة الحديقة المنزلية للداخل حيث تلعب امام مسكنها وقلت لها مرحبا صغيرتي
قالت اهلا رافعة راسها بشموخ وثقة بالنفس مبتسمة متالقة المحيى كانها حكيمة في عمر الستين سنة
وهذا ما يعجبني ويثير الدهشة في داخلي ويحرك كل عواطفي حبا وتقديرا واحتراما للانسان والقيم الانسانية
انا احب الطفولة واقدرها جل تقدير وخصوصا طفولة الانثى
انها انسانة نعم ... انها انسانة ذكية بارعة في التعبير راقية الاحساس جميلة المحيى قوية الحضور مهذبة مرتبة نظيفة انيقة رشيقة ذات لياقة حركية وحسية وذهنية وذات مواصفات تربوية وادبية راقية وانسانية رفيعة
انها انسانة تستحق الحياة بكل صورها واشكالها وبامن وسلام وحرية واستقلالية وكرامة
رغم انها طفلة لا تتجاوز سن الاربعة اعوام لكنها تحمل في خلايا جسدها وفي راسها مشروع انسان راقي متحضر كريم طيب مسالم محب منتج عامل فاعل مبدع مبتكر متطور يستحق الحياة كي يعطي لمن يستحق الحياة ايضا
سالتها ما هو اسمك ؟؟
فاجابت اسمي سارة
وماذا تفعلين يا سارة ؟
قالت كما ترى امامك ارضع صغيري النائم في الكوت اسمه باسم على اسم اخي الصغير باسم
امي ترضع باسم اخي الصغير وتنيمه بالكوت وتهدهده وانا ارضع باسم ابني اللعبة برضاعته القنينة اللعبة التي تراها واهدهده وانيمه
الا ترى انني اضعه في زاوية السور تحت الحجر الكبير ؟؟.
قلت لها ارى ولكن ما السبب ؟
قالت ان اسرائيل تقصف المساكن وتقتل الاطفال واخاف ان يقصفون منزلنا ويقتلون باسم بقذائفهم الملعونة المدمرة الغاشمة التي لا ترى ولا ترحم فخبأته في الزاوية تحت الحجر هنا لا يطاله ضرر ... صحيح عمو ؟
قلت لها ولماذا لا تختبئي معه في الزاوية تحت الحجر تفاديا للقصف الاسرائيلي ؟
قالت انا لا يهم ان مت اموت شهيدة ولكن الاهم ان لا يموت باسم وليبقى حي يعيش على هذه الارض الطيبة ... فلسطين الحبيبة
اغرورقت عيناي بالدموع ولم اتمالك نفسي وانهارت قواي ومال جسدي مرتكزا على حافة بوابة المنزل
وبعد لحظات استفقت على يد الطفلة وهي تتحسس خدي قائلة بلطف لماذا تبكي عمو ؟ هل انت تعبان عمو .؟ هيا اساعدك بالاغراض اين بيتك ؟ دعني اسير معك ... انا احبك عمو
قلت لها شكرا يا حلوتي انا بحال سليم وساكمل مشواري لبيتي والسلام
باي باي
وعدت للبيت استذكر في كل خطوة اخطوها ما جرى معي من احداث شاهدتها وسمعتها واستخلص منها العبر
انه فلم قصير عشت احداثه منذ خروجي صباحا من البيت للسوق وحتى عودتي ظهرا وكانت ترجمة هذا الفلم اختصارا بعبارة مفادها هنا على هذه الارض المسماة فلسطين يعيش انسان يستحق الحياة
#سامي_كاب (هاشتاغ)
Ss#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انا انسان ومن حقي العيش في اي مكان
-
الولاء للحيوان والانتماء للانسان
-
الصحوة الاسلامية في الوقت الراهن مبرراتها واسبابها
-
الرسائل الوجدانية هي الوسيلة الطبيعية للتواصل الانساني
-
ازمة الفكر وعقدة الثقافة عند العرب
-
كلمات علماني يعيش في بلاد العرب والاسلام ويعاني فأين المفر ؟
...
-
احب ان اعيش انسانيتي بسلام وحرية في ظل منهج العلمانية
-
قبل ان تحكم عليك ان تفهم وتعلم وقبل ان تقرر عليك ان تفكر
-
في مجتمع العربان لا حياة للانسان والانسانية جريمة
-
حريتي لا يمنعني منها دين او عقيدة او سلطان
-
العلمانية فكر طبيعي مادي يتخذ منهج حياة للانسان عكس الدين
...
-
كابوس لا صحوة منه وداء لا شفاء منه
-
نعم انا اكرهكم وهذه حقيقة احساسي اتجاهكم
-
الحرية يستحقها كل من لا يؤمن بالله او يعتنق ديانة
-
الجمال صفة الانسان الراقي امراة كانت ام رجلا
-
الاخلاق يصنعها الانتاج وعلاقاته ولا علاقة للدين بذلك
-
مجتمع مريض علاجه ابعاده عن مصدر مرضه
-
كن متميزا لك قرارك لا مع ولا ضد
-
في بلاد العرب والاسلام الحب موبقة ومنكر وحرام
-
اذا كان التفكير الفردي كفرا فانا اول الكافرين
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|