أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9















المزيد.....

مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 10:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد حاولت في المقال السابق التأسيس للفكرة القائلة، بان ن حقيقة المرجعية ليست كيانا مستقلا بذاته أو متجسدا في فرد أو جماعة أو مؤسسة، كما أنها ليس صيغة ثابتة ونهائية من العقائد والمعارف في التعامل مع الوجود في مختلف مظاهره وأحداثه. وهي الفكرة التي تعطي لنا إمكانية الحكم على أن حقيقة المرجعية أو المرجعية الحقيقة هي مجرد منظومة المبادئ والقيم المتبدلة ضمن ثبات الانتماء لحقائق الكلّ الثقافي للأمة. ومن ثم فهي مجرد "روح متسام" قادر على التجسد بصيغة ومستويات متنوعة بالارتباط مع مستوى تطور الأمم والثقافات وكيفية بلورتها للمبادئ الضرورية (العملية) لحل الإشكاليات الواقعية الكبرى التي تواجهها في مجرى تطورها التاريخي. وفي هذا تكمن الأهمية العلمية والعملية للمرجعية. وفي هذا أيضا يكمن سبب تحولها إلى مشكلة فكرية مثيرة على امتداد التاريخ الثقافي للأمم. وهي مشكلة نعثر عليها في الأديان والفلسفات والأيديولوجيات العملية من جهة، وضمن صيرورة ما أسميته بحقائق الكلّ الثقافي للأمم، من جهة أخرى، أي ضمن الكيفية التي يجري تأسيس وعي الذات القومي وبدائله العملية.
فالتاريخ العربي المعاصر والعراقي بشكل خاص، بعد محنته الشديد في زمن التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية واستمرارها الحالي، يكشف عن الأهمية النظرية والعملية الفائقة لفكرة المرجعية بالنسبة للبدائل العملية المتعلقة بالدولة والمجتمع والثقافة والنظام السياسي. بمعنى الكيفية التي تؤسس بها هذه البدائل بحيث يجعل منها استمرارا فعليا وذاتية لتجارب الأمة وليس اجترارا لزمن الخراب والضياع الروحي الذي ميز تجارب عقود طويلة من الممارسة الراديكالية. وهو تأسيس ممكن في حال تحويل فكرة الاجتهاد الحر في حل الإشكاليات الكبرى القائمة أمام المجتمع والدولة، والمستند أيضا إلى تأمل إبداع الأسلاف العظام وتجارب الأمم شرطها النظري الأول. ومن ثم التحرر الفعلي والتام من كل هيمنة لنصوص الماضي وقدسية الرجال أيا كان وزنهم في عقول النخبة وضمائر الأمم وأوهام الجمهور.
فالمرجعية هي إحدى الضمانات الكبرى بالنسبة للتحرر الفعلي، كما يمكنها أن تكون قيد الاستبداد والعبودية. ذلك يعني أن مضمونها الفعلي ووظيفتها الاجتماعية والسياسية والفكرية تتوقف على طبيعة تأسيسها ونوعية المبادئ الجوهرية فيها. ويمكن اختصار ذلك بعبارة وجيزة تقول، بان المرجعية الحقيقية هي منظومة المبادئ والأفكار والقيم العاملة من اجل صنع وحدة عملية قادرة على توليف وتحقيق الحرية والنظام. أما نقيضها فهي المرجعية التي تعطي للأفراد أولوية جوهرية وثابتة في العلم والعمل. بمعنى المرجعية التي لا تدرك قيمة المنظومة المرنة الفاعلة ضمن السياق التاريخي ومتطلباته الوضعية. فالمرجعية بالمعنى الأول هي ضمانة التحرر والنظام والارتقاء المادي والمعنوي، أما بالمعنى الثاني فهي أسلوب الجمود والانحطاط. وذلك لان الأفراد مهما كان شأنهم ودورهم وعظمتهم العقلية والأخلاقية لا يمكنهم أن يكونوا ضمانة دائمة للمبادئ المتسامية.
إن المبادئ المتكاملة في منظومة للمرجعيات المتسامية هي ضمانة الإنتاج الدائم للأفراد العظام ونظام الوجود الحر للأمم وارتقائها الشامل. وذلك لان هذه المنظومة هي الوحيدة القادرة على أن تجعل من "قيودها" أيضا وسيلة للتحرر من خلال "إجبار" الجميع على العمل ضمن رؤية منظومية. وبالتالي تجبر الجميع على إدراك الحرية باعتبارها ضرورة الخروج من الأزمات والمآزق وتذليل العثرات والعوائق عبر حل الإشكاليات الواقعية بأدوات واقعية مستندة على قيم العدل والحرية. وفي هذا التقييد تكمن ضمانة بقاء الإبداع التاريخي للأفراد والأمة ضمن قيم منظومية قادرة على التجدد والمواجهة. وتفلح حتى في هزيمتها، وذلك لأنها تفسح المجال أمام بنية منظومية أوسع وأدق واكثر قدرة على التجدد في حل الإشكاليات الواقعية الكبرى القائمة أمام المجتمع والدولة. ذلك يعني أنها تفلح حتى في الهزيمة على تجذير وعي الذات المنظومي بوصفه الشرط الضروري للتحرر، والأسلوب الفعلي للارتقاء الدائم. وذلك لإقرارها الضمني، بان المنظومات مهما كانت "متكاملة" هي مجرد اجتهاد تاريخي تتحدد قيمته في كونه علما وعملا من اجل توسيع المدى الواقعي والأبعاد الفعلية لوحدة الحرية والنظام المثلى. وفي هذا تكمن إمكانية التراكم الدائم للعلم والعمل عند الأمم، أي لتجاربها التاريخية. وهو تراكم يكفل حقيقة المسار الإصلاحي الدائم، وبالتالي تحجيم النفسية الراديكالية وإلغاء تقاليد المغامرة أيا كان نوعها ومزاجها. وهي حقيقة نعثر على نماذجها ومستوياتها المتنوعة في كل التجارب التاريخية للأمم والأفكار.
إن الفشل الذريع الذي تصاب فيه "مرجعيات" الأمم، الذي يجعل من تضحياتها الهائلة عبثا لا معنى له وعبئا ترزح تحت ثقله نفسية الأمم وذهنيتها هو في الأغلب النتاج الحتمي لاستتباب "المرجعية السيئة"، أي تلك التي تعلي من شأن الأفراد على المبادئ والقيم والأفكار. وذلك لان "المرجعية السيئة" لا تعمل من حيث الجوهر إلا على إنتاج أنواع اقل جودة واكثر عصبية وتخلفا من ثنائية الخواص – العوام. وبالتالي لا تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى إنتاج "منطق الخضوع" وتدمير عناصر الحرية الفردية والاجتماعية والاجتهاد العقلي. مع ما يترتب على ذلك من مفارقة "تقديس" النصوص والأفراد. وهو أمر جلي في كل الحركات السلفية القديمة والمعاصرة والتيارات الدينية والدنيوية، بما في ذلك الماركسية، التي تبلورت في البدء بوصفها حركة ساعية لتدمير قدسية النصوص وإعلاء شأن المعارضة النقدية إلى الدرجة التي جعلت من "الإلحاد" دينا جديدا. أما النتيجة فهي مجرد تكرار بائس لما كانت تؤدي إليه عادة تجارب ما أسميته بالمرجعية السيئة. فهي لم تجعل من مضمون المبادئ الشيوعية وقيمها وأفكارها المنظومية مرجعية قائمة بذاتها، بل جعلت من نصوص أئمتها (ماركس وانجلس ولينين) مصادر الحقيقة المطلقة والمعرفة التامة. والأكثر نكاية من ذلك تحزيبها للفكر والقيم والمبادئ. وهي ممارسة كان لابد لها من أن تفجر النتائج الكامنة في "المرجعية السيئة" وان تؤدي في نهاية المطاف إلى استفحال دور أنصاف المتعلمين والجهلة في "القرار السياسي"، ومن ثم إخضاع الجميع بما في ذلك المثقفين إلى قوة "تبشيرية" فجة بحيث تجعل منهم في نهاية المطاف هراوة خشنة. وهي صيغة لا تختلف كثيرا عن نماذج السلفيات الجامدة الباحثة دوما عن "صراط مستقيم" دون أن تفهم ماهية وحقيقة الاستقامة. ولعل التجارب المتنوعة لهذه الظاهرة في "الشرق" و"الغرب"، المتطور منهما والمتخلف، داخل السلطة أو خارجها، لا تخرج عن هذا الاستنتاج العام. أما التجربة البعثية في العراق، فإنها قدمت أحد أسوء النماذج وأكثرها إجراما بهذا الصدد. فقد حولت شرطي المرور إلى علامة مرور، مما أدى بالضرورة إلى تخريب قواعد السير (الحرية) والنظام وانتشار الفساد والرشوة والابتزاز. والنتيجة لا تحتاج إلى كبير تأويل وتفسير. إلا أنها تقدم صورة "نموذجية" عن المدى الواقعي والأبعاد الفعلية لكيفية فعل "المرجعية السيئة".



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة المرجعية والمرجع في العراق1 من 9
- الديمقراطية في العراق - خطوة إلى الأمام
- الفدرالية القومية في العراق - خطوة إلى الوراء
- النخبة السياسية في العراق – الهوية المفقودة
- هل العراق بحاجة إلى مساعدات؟
- جنون الإرهاب الوهابي - خاتم الإرهاب التوتاليتاري 4 من 4
- جنون الإرهاب المقدس – الحنبلية الجديدة 3 من 4
- جنون الإرهاب الأصولي – تحطيم العدل والاعتدال 2 من 4
- جنون الارهاب السلفي – إيمان مشوه وبصيرة حولاء-1 من4
- الجمهورية العراقية الرابعة – الاحتمالات والابعاد المجهولة
- هل العراق بحاجة إلى مرجعيات دينية؟
- الأغلبية المعذبة ومشروع البديل الوطني في العراق
- إشكالية الهوية العربية للعراق – مشكلة الجهل والرذيلة
- المثقف العراقي – المهمة الشخصية والمسئولية التاريخية
- العلم والأنوثة
- ملاحظات على حملة التضامن مع منتدى الاتاسي
- فلسفة الاعتدال السياسي الأمثل في العراق المعاصر
- فلسفة التسامح ومنظومة الاحتمال العقلاني
- فلسفة الإصلاح العقلانية
- الاسلام والجنس – عقيدة العقدة


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم الجنابي - مرجعية الروح المتسامي ومرجعية النفس السيئة 2 من 9