عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4522 - 2014 / 7 / 24 - 10:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إذن الجاهل كالعالم المتناقض مع علمه كلاهما تقوده النفس السيئة النفس التي تتخذ موارد تشغيلها ليس من العقل بل من الأنا المتضخمة الذاتية المتزاحمة حتى مع وجودها لتفرض عليه حالة أن يكون في الطرف الأخر من قضية وجود الرب أو حتى فهمها على أستقامة ما تتضح من شكلياتها الخارجية فضلا عما في أسرار جوهرها من علل وبناءات سببية تحيل الفهم للعقل السليم العقل الذي هو أساسا بصمة الرب في الإنسان .
هل يكفي الأعتذار والتعذر بالابتلاء كي نؤمن أن القضية يمكن تفهمها من هذا الجانب وعلينا أن لا نجعل هذا الأمر إشكالية حقيقية بين الإنسان والسماء ونتجاوز ما نتج عن ذلك من إساءات حقيقية حصلت للإنسان جراء ما كان من نتائج البلاء من الجاهل والعالم على حد سواء خاصة وأن الإساءة المجردة عندما تكون بين إنسان وأخر نتيجة معاملة مادية يمكن رفعها أو جبر ضررها , أما أن تكون الإساءة ممن جعل منهجه الأساسي الإصلاح والتعارف والإعمار ثم يأت بكل نقائض ذلك ثم ينسبها للرب يكون الحال هنا أشد تأثيرا في مستوى الضرر وأعمق في رد الفعل .
التناقض بين إرادة الأنا وبين إرادة الرب تمثل واحدة من مشكلات البشر التي تفصل بين ما هو إيماني وبين ما هو تحريفي يراد فيه ومنه أن تختلط المفاهيم بيت تساهل حاد يضيع المعاني وبين تشديد يضيق على الإنسان طرق العقل في خياراته الأساسية التي منها أنه يحتاج إلى فضاء من الحرية والثقة في أكتشاف الطريق لبن الرب والوجود ,من هنا ساءت العلاقة بين العقل وبين منهج الأنا بين منهج الأصول والمنطق وبين منهج الوصول الحتمي القهري للمراد النفسي حتى لو تعارض مع إيمان المتعبد , في صورة من هذه الصور أدعى الإنسان أنه قادر على أن يماثل الرب بالقدرة في خصيصة واحدة وإن كانت في الأساس شبه مردودة ,قال أنا أحي وأنا أميت , قال أن ربي يأتي بالشمس من المشرق فآت بها من المغرب , فبهت.
من يحيي الغير قادر على الحفاظ عبى حياته أولا من الفناء هذا منطق الأشياء والقادر على الإماتة يكون بالضرورة قادر علبى التخلص من الموت هذه الشبه قي قول فرعون تؤشر على مدى تدخل النفس في ترتيب العلاقة بين الرب والإنسان ,العقل هنا شبه غائب أو محجور في زاوية الفعل التنفيذي وليس الشأن التدبيري وأن يكون ناطقا على النفس المتجبرة لكنه في الحقيقة أول من يتملص من نتائج النفس وينحاز للمنطق .
إذن هل من حل لهذه الإشكالية أم أن الأمر في غاية الطبيعية والأعتياد ولا يؤثر بشيء على مسيرة الإنسان لو تم عزل حالة التحسس الموجودة في إدراك وشعور المؤمن وشعور الأخر ولتجري الحياة وفق قوانين ما هو واقعي دون الالتفات لما هو طبيعي , لأن تحقيق الطبيعية في عالم لا يكف عن التصارع بين كل شيء وعلى أي شيء , الحقيقة الطبيعة لا تنكر الأمر ولا تنكر حق الإنسان في التناقض وحتى التصارع شرط أن تكون النتائج والمفاعلات داخل حيز الأطراف المتصارعة , لكن المصيبة الكبرى أن أي صراع شخصي سرعان ما ينتقل إلى دائرة أوسع فكيف بالصراع في أكبر الدوائر ,إنها صراعات لا يحتملها البشر ولا يطيق الدفع بها نحو السلام .
المشكلة الأخرى التي واجهها مفهوم الرب هو ظن البعض أن الإنتساب له يعطي ميزة تفضيلية له تمنع من المسائلة وتمنع من المساواة مع الناس ,التدرج في هذا الانتساب يتناسب عكسيا مع الإنسان الأخر كلما أدعى الاقتراب أكثر بعدت المسافة بينهما , عكس منهج الرسالة الأساسي الذي يقوم على فكرة أن الداع للدين يتناسب كوقعه طرديا في المعادلة ,النبي والرسول كلما قربت منزلته من الله تقرب أكثر من الإنسان لأنه يعلم أن مجرد القرب هذا يفرض عليه أن يلتصق بمن جعله الله خادما للإنسان في طريق استدلاله على الأحسنية والخيرية والأنفعية ,ولنا في سيرة عيسى عليه السلام وسيرة الرسول محمد صل الله عليه وأله نموذج لا يدحض .
قد يرد على هذا الكلام أن ما يحدث هو من الأمر الطبيعي أيضا فهناك ملكيون أكثر من الملك وهناك المتزلفون الذين يدعون القرب في الحياة الاعتيادية , نعم هذا من الطبيعي جدا وحتى في موضوع الدين عندما يزعم شخص أنه الأقرب لله حسب ما يستنج من مقدماته ومعطياته فهو حر بعلاقته مع الرب , لكن الطامة الكبرى حين يحول هذا القرب إلى حرب حقيقية بسقط من أجل الدفاع عن هذه الفكرة إنسان ,فتتحول إلى جدار فاصل بين الرب والعبد عندها ستنشب الكراهية للرب أو الوقوع في شرك عبودية الإنسان للإنسان بمسمى ديني .
تبقى المشكلة اكبر من كل الحلول حينما يتحول الخصام والتنافس بين الأنا وبين الرب إلى حرب تأخذ أبعاد أيديولوجية بين أنصار الأنا وبين أنصار الرب عندها تتزعزع كل إمكانيات السلام الأجتماعي وينقسم الناس صفين محاربين وأنصار ومشجعين لكلا الطرفين هنا تأتي أخطر المشاكل وأعمقها عندما يتحول الدين بالتنظير سيفا بيد الطرفين ,الكل يحاول أن ينتهك النص ويلي عنقه وقد يصل به الأمر إلى أسر النص ذاته في سبيل الدفاع عن فكرته نحن أبناء الله وأودائه , قل لم يعذبكم أذن .
الوصول بالحال إلى هذه المرحلة نون أمام حالة من شيطنة الصراع ودخول قيم ومواضيع لم تكن حاضرة في أصل وجوهر الصراع وتبني منظومة من الحقائق باعتقاد الطرفين لا يمكن الاتفاق حتى على مناقشتها مهما كانت الأسباب والعلل لأنها تحولت أسس أرتكازية مطلقة عند الطرفين وأضحت جزء من ذروة الصراع وضرورته وإلا بماذا يفسر كل طرف بمنع وجود الطرف الأخر من حرية الوجود الكوني وهو يعلم أن الخلاف هذا لا يغير من كونية طرفيه ولا يؤثر على فرص بقائهما معا على واقع واحد يمكن التفاهم على ان يتعايشا معا دون ان تكون هناك ضرورة للصراع ,المسألة أكثر من نزاع فكري لأن الأنا الذاتية المتضخمة تدفع للتزاحم تدافع عن قيمها هي وليست عن قيم الفكر أو ما ينتسب لها ,لذا نجد أن طرفي الصراع وإن استندا للدين في تبرير المزاحه أباحا الإلغاء والقتل والدين مثلا يقول لكم دينكم ولي دين .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟