|
العراق بين فكي .. الأنقسام والأقتسام
ياسين الياسين
الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 16:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاشك أن الأنقسام حاصل حقيقة على الأرض وأمراً واقعاً مفروغاً منه منذ السقيفة الداعشية قبل (1400سنة) وأولائك الأوائل من السقائفيون لهم قصب السبق في الأنقسام ، وتعدّدت في عهودهم حجج الأنقسام في الأمة وعليها حتى كاد بعضها أن يكون واهياً واهماً بلاحجة ولادليل ، ولكن الأرادات الشيطانية وحدها من أرادت وكرّست الجهد كل الجهد للأنقسام ولاغير لأنه لاشيء هناك يضير الشيطان ومريديه غير توحّد أمة محمد رسول الله وعلى كلمة واحدة سواء هي أشهد أن لاإله إلا الله محمداً رسول الله ، وهكذا تجسّد الأنقسام ودبّ أنصاره يعملون كدبي النمل في الأرض سائرين فيه بلاهوادة يذكون فيه بين الناس بل ويزيدون عليه من إفتراءات كذّابينهم الكبار أمثال اليهودي بن تيمية وغيره كثر من شياطينهم من الذين لايرعوون في النبي الأكرم محمد (ص) حرمة ولامخافة من الله في وصفه بمختلف النعوت والصفات وتلفيق الأحاديث الكاذبة وتنسيبها إليه (ص) ، ووصف لسيرته وسلوكه بعيد كل البعد عن شخص نبيّنا الأكرم من قبيل أنه كان يبيع الخمر وكان يتبوّل وهو واقفاً وأشياء يشيب لها الرأس ، وهؤلاء هم أئمة القوم من الذين يتمسّكون بهم وتهوي إليهم أفئدتهم قبل أجسادهم ، ولعن الله الفاسقين من الفريقين لما هم فيه من كفر وضلالة ، وهكذا توالت الحكومات اللاإسلامية منذ خلافة معاوية بن أبي سفيان حتى إنتهاءاً بها في خلافة مروان الملقب بمروان الحمار ، ومجيء أخرى هي دولة بنو العباس إبتداءاً من حكومة أبو العباس السفاح وإنتهاءاً بها في عهد المستعصم بالله الذي قتل على يد هولاكو المغولي ، وحتى دولة الخلافة العثمانية التي دامت زهاء أربعة قرون ، وتعايش الناس في كل هذه من دول الضلالة مع الأنقسام والظلامة التي عاشتها شرائح كبيرة من أنصار آل بيت رسول الله وأشياعهم ومحبيهم ومريديهم ورغم كل الحيف والظلم والقهر والأستبداد الذي لم تعرف له حدود من قوة القسر والقهر والظلم التي مارسها أرباب تلك الدول لكن الناس سلّموا وإستسلموا لأرادة الشيطان وتعايشوا مع هذا الظلم ، ولم يبيعوا الأمة لأجنبي قط ولم يتصرّفوا ثأراً لكرامتهم من قبيل الأتفاق مع خارجي نجس بأجندات تخدمه أولاً وتخدمهم ثانياً بغضاً لملوك وأرباب هذه الدول تمنعهم من ذلك أخلاق محمد وآل بيته الأطهار الذين تربوا عليها أحسن تربية وصبروا على الصعاب والقتل والذبح والتشريد والتغريب في التهجير والأبادة ، ولم يجرؤوا مطلقاً في بيع الأمة والأسراف في هدر كرامتها حفاظاً في أقل مايمكن على ماتبقى من ماء وجهها ، ولكننا شاهدنا ذلك الأسراف وهتك الأعراض وبيع الشرف بل وبيع حتى الأعراض وكل شيء من قيم كان الأعراب يتفاخرون بها زيفاً وجدناهم يعرضونها بأبخس الأثمان في سوق النخاسة ، وهم لايرعوون فيها حرمة لنسائهم ولشرفهم المهتوك ولعرضهن المهدور ، وكان ذلك واضحاً جلياً على صفحات التأريخ ، وقد تجلّى ذلك التآمر أيام دولة الأمام علي بن أبي طالب (ع) ، وهو يؤسس أوّل دولة شيعية في العالم لم يعرف النظام العالمي دولة على مر التأريخ والعصور أكثر منها عدلاً وإنصافاً بعد دولة النبي الأكرم محمد (ص) ، وقرأنا المواقف المخزية والمعيبة للأعراب في التآمر ليل نهار على الأمام علي (ع) وبكل ماأوتوا به من قوة لتهديم الدولة العربية الأسلامية التي أقامها الأمام وقد تجسّدت فيها كل معاني الأسلام الحنيف وقيمه السماوية وشريعته السمحاء ، ووجدنا الأجلاف من الأعراب حينذاك من الذين وصفهم القرآن الكريم (الأعراب أشد كفراً ونفاقا) لايألون جهداً وقد باعوا القيم والشرف وإبتاعوا الضمائر والذمم لأجل ذلك ، وقد إضطر الأعم الأغلب على مر الأزمنة والعصور حتى يومنا هذا وسط أتون هذا الواقع إلى الكذب والنفاق بعضاً على بعض ولن يستثنى من ذلك النفاق حتى بعض رجال الدين من الذين يحابون الآخرين لحسابات ضيقة وقصيرة ودنيوية أكثر منها أخروية ، وهم يكابرون في ذلك حد التدجيل والتدليس حين يجافون الحقائق ، وينكرون على المجتمع أن هناك إنقسام حقيقي وهناك الشيعة مثلما هناك السنة بل وينكرون الفروق بينهما ، ويكابرون في الكذب والنفاق حين يصرّون بأننا مجتمعاً واحداً مختلطاً تماماً ولايعرف الفرقة أبداً ، وتكفّل الزمن وحده بكشف المستور ، وطفح إلى السطح ماكانت تخفيه الصدور ، وظهر الغل إلى العلن حتى بلغ السيل الزبى ، والفرق بيننا وبين الآخرين في عالمنا هذا من أبناء الديانات الأخرى وخاصة الأوربيين هو أنّهم كانوا قوماً صادقين ، ولاننسى ويذكرنا التأريخ دائماً ضراوة الحروب وشراسة المعارك بين الأوربيين أنفسهم حينما تمذهبوا إلى مذاهب عدة بعد أن كانوا كلهم على مذهب واحد فصاروا إلى مذهب جديد إنبجس من الكاثوليك وهم البروتستانت ومن ثم الآرثوذوكس وهكذا دواليك ، فضلاً عن إرهاصات الهراطقة ، ومع كل هذا إستطاعوا أن يخرجوا ببلدانهم وشعوبهم من عنق الزجاجة ويتعايشوا بعد هذه الحروب في أمن وسلام ، ورخاء ووئام نتيجة لصدقهم ووضوح رؤاهم وتسميتهم الأشياء بمسمياتها ولم يدلّس أحداً منهم بغير مايؤمن به ، وتصارحوا بعضاً لبعض فكانت المكاشفة ، وكانت وضع النقاط على الحروف ، وبعدها عرف كل ذي حد حدّه ، ولكن ماتجده عندنا كذب ونفاق وفرية وإفتراء بعضاً على البعض سنة وشيعة وبالآخر كلاهما يضحك على الآخر ويزداد في الآخرين خسارا يوماً بعد آخر ، ولكن التأريخ والزمن كانا كفيلين بأن يجودا بما لم يجرؤ عليه الآخرون من الفئتين فأضحى الأنقسام أمراً واقعاً مفروغاً منه شاءت الشيعة أم أبت السنة ، ومما زاد الطين بلّة ومما وسّع الهوّة اليوم هو تسليم مقدرات الأمة والشعب إلى فئة من الناس غير جديرة بالأمانة والمسؤولية فتلاعبوا بمقدراتنا وزادوا الفارق في الهوّة بين المكوّنات طولاً وعرضاً ، وقد أخذتهم العزّة بالأثم فلاهم معترفين بفشلهم وخروجهم من المشهد جماعة ، ولاهم قادرين على إصلاح ماأفسد الدهر ، حتى بات الأمر واضحاً أنه وبسبب سياساتهم الرعناء ونفوسهم الجائعة المريضة يقودوننا إلى الأقتسام بدلاً من معالجة وتهذيب وتشذيب الأنقسام إلى حالة من التعايش الأنساني والأخوي نزولاً عند قوله تعالى ( إنما المؤمنون أخوة ) من خلال الجنوح إلى عالم السلم والأمن والأمان وزرع بذور الأستقرار وأسباب إستتبابه ، وبدلاً من ذلك ولّوا بنا تحت جنح رغباتهم المريضة وجنوحهم الأخلاقي إلى تعزيز أسباب الأقتسام لتحقيق مآرب دنيوية نفعية ضيقة ولبناء أمجاد شخصية مريضة ، وهم لايدركون تماماً أنّهم أكثر من واهمون لأنّهم ولاشك ذاهبون وأموالهم وأطيانهم التي إجتنوها من قوت الشعب سحتاً حرام ذاهبة معهم وإيّاهم إلى مزبلة التأريخ في عالم ليته نسيان لسياساتهم وحسب ، ولكن سيلعنهم اللاعنون ويشتمهم الشاتمون مع كل مفردة من الكلام صغيرة كانت أم كبيرة ، وهؤلاء بحكم كونهم أقزاماً في عالم السياسة ولم يخبروا دهاليزها بعد ، فقد كانوا أسباب كل إبتلاءات الشعب العراقي ، وماداموا هم زروعاً زرعها الأميركان وأنبتوها من شرائبهم المسمومة ، فلايخفى على الواعين والمثقفين من أبناء شعبنا أن العم سام لم يزرع الورود لتشم الشعوب عبق طيبها ولتنعم بمنظر الأزهار الجميل الخلاّب .
#ياسين_الياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا .. الجهاد كفائي ؟
-
التغيير .. وأبجدية الخلاف والأختلاف
-
في الكهرباء .. كذبت الحكومة وإن صدقت
-
أمر الولاية الثالثة حسم الآن .. ولنعمل على الولاية الرابعة
-
النكوص العربي .. وقذارة التفخيخ
-
المتملّقون .. ولاحسي قصاع السلطان
-
قراءة مبكرة .. في نتائج الأنتخابات
-
مجرّد سؤال .. إلى مفوّضية الأنتخابات
-
وطاويط .. ودخلاء
-
الجبن والكذب .. وجهان لعملة واحدة
-
الأحزاب في العراق .. والأنتخابات
-
قراءة .. في حربنا مع الأرهاب
-
قراءة تحليلية .. في الأنتخابات القادمة
-
الثقافة .. والسلوك الثقافي بين أتون وترّهات المتثيقفين
-
العلمانية .. بين أن تكون مستبدة ، أو مصلحة وبنّاءة
-
بعبع التغيير .. بين الحقيقة والواقع
-
للأسف .. مازال شعبنا مسكيناً
-
كيف .. صار الجلاد مجاهداً
-
لماذا .. نريدها دولة مدنية
-
كيف .. للحاكم أن يكون عادلاً
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|