|
علم الفلسفة -الهدف والغاية
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1277 - 2005 / 8 / 5 - 09:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الفلسفة هي علم الحكمة والمثل العليا للارتقاء بمنظومة العقل البشري لمراتب أعلى تتمثل باتخاذ مبادئ العدل والمساواة كأساس للحكم بين البشر. كما أنها علم لإدارة شؤون الدولة والمجتمع بما يحقق الوفاق الاجتماعي والعدالة ويكشف عن مظاهر الشر والفساد في مرافق الدولة لتحسين أداءها بما يحقق مصالح الأفراد والجماعات مستندةً لمبادئ العدل والمساواة في إدارة شؤون الدولة والمجتمع. إن منزلة الفيلسوف تفوق أياً منزلة أخرى في المجتمع، لأنها لاتسعى لتحقيق مصالحها الخاصة وأنما تهدف لتحقيق مصالح المجتمع من خلال مطالبة الحاكم بأتباع السُبل الناجعة لتحقيق العدالة والمساواة بين البشر. يعتقد ((الكندي))"أن أعلى الصناعات الإنسانية منزلة، وأشرفها مرتبة، صناعة الفلسفة لأنها تبحث في علم الأشياء وحقائقها وقدرة الإنسان. فغرض الفيلسوف من عمله إصابة الحق والعمل به". تركز الفلسفة في مسعاها على الاستقرار والأمن الاجتماعي وترفض الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمع. وتدعو إلى التحلي بالقيم والمثُل العليا والالتزام بمبادئ قيم الخير ونبذ الشر لأنها تنظر إلى الإنسان بكونه غاية وليس وسيلة. لذا ينصب اهتمامها على البحث في علاقة الإنسان بالمجتمع والطبيعة وتسخير كل الامكانات لتعزيز وجوده باعتباره الكائن الأكثر قدرة على استخدام منظومة العقل لتسخير موارد الطبيعة لتطوير حياته بما يخدم الحضارة الإنسانية. كما أن الفلسفة تبحث في كافة الشؤون الحياتية والكونية، بغرض إيجاد السُبل الصحيحة لبناء مجتمع مستقر تسوده العدالة والمساواة. وترفض تدخل الدولة القسري في الشؤون الخاصة لأفراد المجتمع، لفرض توجهاتها الساعية لتحقيق مصالحها الذاتية وعلى حساب مصالح المجتمع. يرى ((علي ليلة))"أن الفلسفة ترفض مسألتين، الأولى الفوضى الشاملة وما قد ينحدر إليها النظام الاجتماعي. والثانية تحريم تدخل الدولة أو أية سلطة خارجية في تنظيم التفاعل الاجتماعي، لأن المجتمع البشري جزء من الطبيعة ومن ثم فهو يخضع لذات القوانين الطبيعية التلقائية وما تحكم حركتها وتوازنها". إن عمل الدولة حين يتجاوز الحفاظ على التوازن والتنظيم الاجتماعي يعد انتهاكاً لقوانين المجتمع وتجاوزاً على حدوده العامة، فالدولة التي تفرض توجهاتها بالقوة والعنف على المجتمع وبما يتعارض ومصالحه تتجاوز صلاحيتها كونها مُنظمة لشؤونه العامة وتصبح جهة خارجة على حدود المجتمع. تعرف الفلسفة بأنها علم العلوم وليست مبادئ عامة يمكن أن يدركها العامة من الناس، فالفلاسفة يحتلون المرتبة المتقدمة بين أقرانهم من العلماء لأنهم منتجي المعرفة الإنسانية التي تخضع لها كافة العلوم كونهم أول من وضع الأسس والمناهج العلمية للبحث في الشؤون العلمية والاجتماعية. يتطلب فهم وإدراك مبادئ الفلسفة إلى دراسة وجهد كبير بغرض التوصل إلى ماهية الحكمة والحقيقة...........وما يتمخض عنهما من نتائج تفسر القوانين الاجتماعية والطبيعية وما يربطها من أواصر ومصالح متداخلة، يمكن تجييرها في خدمة الإنسان باعتباره الغاية الأسمى في الفلسفة. يوصي ((أبن سينا)) الساعين لدراسة وفهم علم الفلسفة قائلاً:"أيها الأخ أني قد مخضت لك في هذه الإشارات عن زبدة الحق وألقمتك خفي الحكم في لطائف الكلام. فصنه من الجاهلين والمبتذلين ولا تنشره إلا بين أيدي الذين تثق بنقاء واستقامة سيرتهم". عليه فالفلسفة ليست تلك القشور التي يتبجح البعض بمعرفتها ولاتقتصر على تصورات وآراء أحد المشتغلين بها. إنها نسخ متواصل من المعرفة الضاربة جذورها في عمق التاريخ، فما لايصلح منها من المبادئ في الوقت الراهن كان صالحاً في حينه وما هو صالح من المبادئ في الوقت الراهن قد لايكون صالحاً مستقبلاً!. وهذا لايقلل من شأنها، لأنها الأساس النظري لتطور المبادئ الفلسفية عبر التاريخ. فمبادئ الحكمة وسُبل البحث عن الحقيقة وتعدد منهاج البحث العلمي والاجتماعي وجملة المبادئ الداعية للعدالة والمساواة بين البشر مازالت (وستبقى) الهدف الأساس لرقي وتحضر العنصر البشري باعتباره الغاية الأسمى في الفلسفة. يعتقد ((روسو))"إننا في حاجة إلى الكثير من الفلسفة لكي نستطع أن نلاحظ ما نراه كل يوم بشكل صحيح". تعطي الفلسفة الكثير من الإجابات عن مسببات ونتائج الأحداث السياسية والاجتماعية وكذلك سلوك الأفراد والجماعات وانعكاسها على أواصر العلاقة بينهما وعلاقة الدولة بالمجتمع وماهية الظواهر الكونية والطبيعية ودور القيم الاجتماعية والدينية في حياة الناس. تلك التفسيرات ونتائجها تشكل بمجملها الهدف الأساس وما تسعى إليه الفلسفة في إيجاد نظام متوازن يحتكم إلى العدالة والمساواة بين البشر.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تبرير السقطات في الكيانات الحزبية
-
ماهية الحق
-
ماهية الخسة والحماقة
-
ماهية الغيرة والحسد
-
استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
-
الطاغية والثقافة
-
الدولة الاستبدادية
-
أنين ومعاناة هيفاء بيطار
-
دوافع الود والعداء
-
الشرطي الوزير
-
ماهية الخير والشر في الفلسفة
-
طرائف من سيرة الفلاسفة
-
الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
-
ماهية الفكر
-
النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
-
العشق عند العرب
-
العشق في الفلسفة
-
التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
-
الطاغية والسلطة
-
ممارسات الطاغية
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|