|
صمود غزة يختزل مسيرة شعب
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 08:28
المحور:
القضية الفلسطينية
بوقاحة وانعدام أخلاق وتزييف للتاريخ ، ينبري إعلاميون وسياسيون عرب ، وخصوصا من مصر - لمهاجمة وشيطنة ، ليس حزبا فلسطينيا بعينه ، بل مهاجمة وشيطنة الشعب الفلسطيني والتشكيك بتاريخه وعدالة قضيته ، زاعمون أن الفلسطينيين ناكرون للجميل وأن العرب ضحوا من أجل فلسطين وخاضوا حروبا من أجلها الخ . لا ننكر تضحيات وخسائر الشعوب والجيوش العربية نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي ، في أوقات الحرب أو أوقات السلم ، ولكن الأنظمة العربية خاضت حروبا ليس من أجل تحرير فلسطين ولكن في إطار صراع عربي إسرائيلي وفي مواجهة إسرائيل التي كانت وما زالت تشكل تهديدا للدول العربية ولأمنها القومي ، أو هكذا صنفت هذه الأنظمة والحركات القومية إسرائيل. حتى مع افتراض خطأ أحزاب أو أشخاص فلسطينيين مثل حركة حماس ، فإنه لا يجوز تحميل الشعب الفلسطيني كله مسؤولية ذلك ، خصوصا أن حماس جزء من حركة الإخوان في مصر التي كانت قبل عام تحكم مصر ، وحماس اليوم مدعومة بأنظمة عربية وإسلامية . بالتالي اللوم ليس على حركة حماس والفلسطينيين بل على العرب الذين يتدخلون في الشأن الفلسطيني ويعملون على توظيف بعض الفلسطينيين ومعاناتهم ودمهم ، لخدمة حساباتهم الخاصة. من يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وبأن إسرائيل عدو مشترك للفلسطينيين والعرب ، فعليه ألا يُحوِّل بوصلة العداء من إسرائيل إلى الفلسطينيين ، وأن يوقف حملة معاداة الفلسطينيين ، إلا إذا كان هدف هذه الحملة تبرير نهج سياسي يريد مصالحة إسرائيل أو على الأقل تحييد الصراع معها ، وشيطنة الفلسطينيين ذريعة قد تقنع الشعب بهذا السلوك. نعم إن ما يجري من معاداة للفلسطينيين ، وتشكيك بتاريخهم وبعدالة قضيتهم الوطنية ، وعمليات الإذلال وكسر الكرامة على المعابر والمطارات ، ليس بالأمر العفوي بل سياسة ممنهجة وموجهة . وأن تتعاظم هذه الحملة المضادة للفلسطينيين في نفس وقت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، هذا معناه أن انقلابا خطيرا يحدث في ثوابت ومرتكزات الأمة العربية ، بل خيانة لها. لم يكن الفلسطينيون يوما شوفينيين ولا شعوبيين ، كانوا وما زالوا معتزين بانتمائهم العربي والإسلامي ، ويحفظون الجميل لكل من يمد لهم يد المساعدة ، ولكن في نفس الوقت يعتز الفلسطينيون بكرامتهم ، ولا يقبلوا ان يكونوا (حيطه واطيه) للإمعات الذين في قلوبهم مرض من سياسيين وإعلاميين عرب ، ممن يسعون التغطية على مشاكل بلدهم ، وفشلهم ودونيتهم ، بفتح جبهة ضد الفلسطينيين . للفلسطينيين ماض يعتزون به ، وتاريخ وحاضر نضالي يعترف به كل أحرار العالم ، وإن كان لا بد من الذكرى فلنذكر ببعض نضالنا المشرف. في عام 1948 انهزمت سبعة جيوش عربية خلال أيام أمام عصابات صهيونية محدودة العدد ، ونتيجة هزيمة الجيوش العربية خسر الفلسطينيون 78% من أرض فلسطين ، وبعد النكبة مباشرة انتشر الفلسطينيون في كل البلاد العربية من الخليج العربي إلى المغرب العربي ، وساهموا في بنائها وتطويرها ، فكان خيرة المهندسين والمعلمين والأطباء ورجال الاعمال من الفلسطينيين . وفي يونيو 1967 وخلال ستة أيام فقط هزمت إسرائيل ثلاثة جيوش عربية – مصر وسوريا والأردن - وكانت نتيجة هزيمة الجيوش العربية أن احتلت إسرائيل بقية فلسطين – الضفة وغزة – بالإضافة إلى سيناء والجولان ، أي ما مساحته حوالي 67 ألف كيلو متر مربع من الاراضي ، وفي حرب اكتوبر 1973 حيث قاتل الجيشان المصري والسوري بشجاعة ، دخلت سوريا الحرب والجولان محتلة ، وخرجت منها والجولان محتلة ! ودخلت مصر الحرب وسيناء محتلة ، وتوقفت الحرب واستمرت سيناء محتلة ، ولم يستعد المصريون سيناء إلا عام 1982 بعد توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وإنهاء حالة الحرب ، وعادت سيناء لمصر ناقصة السيادة . أما المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني وبالرغم من كل قلة الإمكانيات ، ففيها يظهر المعدن الاصيل للفلسطينيين ودفاعهم عن أرضهم ومقدساتهم . ففي 21 مارس 1968 حشدت إسرائيل جيشها في حملة لاحتلال الضفة الشرقية من الأردن بعد ازدياد عمليات الفدائيين الفلسطينيين عبر نهر الأردن ، والتقى جيش العدو في قرية الكرامة ، مع عشرات من الفدائيين الفلسطينيين تساندهم بعض وحدات المدفعية من الجيش الأردني والذي غالبيته من الفلسطينيين ، واندلعت معارك شرسة أوقعت العديد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش الغازي ، وفشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها واضطر جيشها للانسحاب من المعركة ، مخلفا وراءه عتادا مُدمَرا . وعندما قامت إسرائيل بالعدوان على لبنان عام 1982 صمد الفلسطينيون معهم الحركة الوطنية اللبنانية مدة 88 يوما دفاعا عن بيروت ، ولم يخرجوا إلا بوساطات دولية وحفاظا على أرواح المدنيين ، وكان خروجهم مشرفا . في مارس 2002 قام الجيش الإسرائيلي باجتياح الضفة الغربية ومحاصرة مخيم جنين ، ما بين 1-12 أبريل صمد المخيم والذي مساحته 372 دونم فقط ، لمدة خمسة عشر يوما ، واستعمل الجيش الإسرائيلي كل انواع الأسلحة بما فيها القصف بالطائرات ، ولم يدخل الجيش الإسرائيلي المخيم إلا بعد تدميره كاملا واستشهد 52 من الفلسطينيين . واليوم ومع الموجة الجديدة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، فإن إسرائيل رابع قوة عسكرية في العالم والأولى في الشرق الأوسط ، لم تستطع التقدم في قطاع غزة سوى أمتار بعد خمسة عشر يوما من الحرب المدمرة ! نعم الجيش الإسرائيلي يهزم الجيوش العربية خلال ستة ايام ويحتل أراضي عربية مساحتها حوالي 67 ألف كيلو متر مربع ، بينما يعجز عن اقتحام قطاع غزة ذي المساحة 360 كيلو متر فقط ، بعد 15 يوما من الحرب المدمرة . هذا هو الشعب الفلسطيني الذي يسعى الموتورون وأشباه الرجال لتشويهه . نعم ، بعد ستة وستين عاما ، وبالرغم من الاحتلال والشتات والغربة ، لم يستسلم الفلسطينيون وما زالوا متمسكين بحقهم وبكرامتهم ، ولو استسلم الفلسطينيون واستكانوا لإسرائيل ، لكانت إسرائيل ترتع اليوم في كثير من البلدان العربية ، ولكن الفلسطينيين بدمهم وأجسادهم يقفون حجر عثرة امام التوسع الصهيوني ، ويا ليت الموتورون من أشباه الرجال من الإعلاميين والسياسيين العرب يدركون هذه الحقيقة . ولنا الفخر أننا بالرغم من الاحتلال والشتات وبالرغم من الانقسام بين غزة والضفة والذي تقف ورائه أجندة عربية وإقليمية متواطئة مع إسرائيل ، بالرغم من ذلك ، ما زلنا نحافظ على هويتنا الوطنية ووحدة شعبنا ، فيما دول عربية مستقلة منذ عقود ولها تاريخ ضارب بالقِدم ، تتعرض للتفكك ولحروب اهلية مدمرة تُفقدها هويتها وكينونتها ، نتمنى من الله أن يخرجوا من محنتهم ويعود لهم الاستقرار ، لأنه يؤلمنا ما يؤلمهم . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزة ضحية عدوان إسرائيل وصراع المحاور العربية والإقليمية
-
الحرب والهدنة في فلسطين : التباس في المواقف والأهداف
-
حتى لا تحصد إسرائيل بالهدنة ما عجزت عنه بالحرب
-
ما تريده إسرائيل وما يريده الفلسطينيون من الحرب
-
عدوان إسرائيلي متعدد الاهداف
-
إشكالية الرواتب : بين حقوق الموظفين وحق الوطن
-
ما زال بالإمكان إنقاذ المصالحة
-
ما أسهل حديث العاطفة وما أصعب حديث العقل
-
الثمن السياسي لعملية الخليل أخطر من الرد العسكري
-
الهويات الفرعية كتهديد للهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة
-
إسرائيل الدولة الاستعمارية العنصرية الوحيدة المتبقية في العا
...
-
تشكيل حكومة تكنوقراط توافقية لا يعني نهاية الانقسام
-
البرنامج السياسي لحكومة (التكنوقراط) لا يُلزِم إلا الحكومة
-
في ذكرى النكبة : انهزم العرب فانتكب الفلسطينيون
-
الخلل ليس في وجود سلطة وطنية بل في وظائفها ومرجعياتها
-
المصالحة الفلسطينية بين الإرادة والقدرة
-
ضرورة تحرير حركة فتح من استحقاقات السلطة والتسوية
-
منظمة التحرير الفلسطينية أمام مفترق طرق
-
هل نحن امام استراتيجية فلسطينية متعددة المسارات ؟
-
في ذكرى يوم الأرض ؟ لماذا لا يكون يوم للأرض في مواجهة الاستي
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|