أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1277 - 2005 / 8 / 5 - 09:18
المحور:
الصحافة والاعلام
ما أن تزحزحت غيوم الاستبداد السوداء عن السماء العراقية، ولاحت في الأفق بشائر نهاية عصر التسلط والقسوة حتى تململت الفكرة من رقادها، ومضة ملتمعة في فضاءات المخيلة، محض انعكاسات للاماني المؤجلة منذ أمد طويل، هكذا كانت لحظة حضور الفكرة محمولة على أجنحة الأحلام، محفزة عقل وإرادة سياسي معمد دمه بالثقافة، ومعلنة عن بداية توظيف الطاقات، وهكذا كانت البداية مؤطرة لجهود المبدعين الخلاقة، ومراميها إنعاش روافد العقل لترتيب الكلمات في الحياة الجديدة، وتنمية دور الفكر على دروب التنوير في زمن الانكسارات حيث وقف البلد ممتحناً على مفترق طرق، ومطوقاً بالاحتلال وارث الاستبداد والهزائم.
وسط تزاحم غير معهود في شارع الصحافة العراقية، بدأت (المدى) خطوات مسيرتها بثبات واثقة من وجهة سيرها، وقد تبدت توجهاتها واضحة في مجرى الأيام مع توالي صدور أعدادها، ممتدة الى أفق رحب اكبر من رسالة جريدة يومية، وبإمكان أي متابع رصد هذه الحقيقة، وتلمس تحققاتها، مثلما ممكن من الوهلة الأولى إدراك رصانة مشروع (المدى) بكونه مشروعاً إعلامياً وثقافياً وفكرياً متوازناً، تصدى في مشوار السنتين لشتى أنواع المعرفة وأنماط الثقافة، بتلاوينها المتنوعة هادفاً المضي قدماً دون ارتباك بزخم فكري متنور نحو وجهة تنشد التوافق الوطني عنواناً لسعادة العراقي أينما كان، وتحقيقاً لاستقلال العراق الناجز.
ذكرى صدور (المدى) في 5 أب 2003، من العناوين المرتسمة في الذاكرة التي لا تغيب عنها، وعند حلول هذه المناسبة إذ تستمد كما درجت العادة طقوسها الاحتفائية من أعماق الميثولوجيا بإيقاد الشمعة الثالثة، فأن حزم نور إشعاعاتها المنبعثة تعمق من شدة الالق في مدار السنين لتأتي الاضاءات متماهية مع اشراقة كل صباح، وتبدو معانيها منسجمة مع اتساع تأثير (المدى) في ما تحمله من ومضات تنويرية مستمدة من التراث العربي الإسلامي أو المنفتحة على معطيات الحضارة الإنسانية سواء في تنوعات الجانب الإبداعي، أو في الجوانب الأخرى المتمثلة بالدراسات والتحليلات والتقارير والتحقيقات، أو في مشروع الكتاب الشهري المجاني.
لقد أثبتت (المدى) كونها عراقية الهموم والهواجس فيما تناولته من شؤون وشجون ومعالجات، وقد توضح شأن احترامها لعقل القارئ بما نشر على صفحاتها في مختلف المجالات المعرفية حينما تخطت بمنظورها الى أبعد مما يمس المشاعر والعواطف الى حيث نبض الشارع، وعمق الحقائق، واختراق جوهر الأشياء، وبذلك استطاعت أن تساهم بدور في إرساء مقومات ثقافة وطنية حية من المأمل أن تتسع بؤرها المنتجة شيئاً فشيئاً ليقوم على فعلها التراكمي إنتاج المجتمع نفسه الذي سيكون في يوم ما أرضية مثلى لبناء عراق مستقل تعددي ديمقراطي فيدرالي موحد، امن ومستقر.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟