ماجد عبد الحميد الكعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 20:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مشهد لا ينفصل عن بقية مشاهد السيناريو المصمم لتمثيل الرواية التي تمت كتابتها عن الاسلام فتهجير المسيحيين وفرض الجزية عليهم في ظل دولة الخلافة يعيد الذاكرة الى بدايات القرن الاول الهجري لظهور الاسلام. والقصد هو تنشيط الذاكرة الغربية عن طريق احياء المفاهيم التي تمت صياغتها منذ القرن الاول بعدما فشلت وسائل الاساءة بالرسوم الكاريكاتيرية والافلام السينمائية بتشويه صورة الاسلام .لذلك اختار صناع السياسة الغربية الرواية التي اقتبست من نسختهم المزيفة عن الاسلام ليتم استحضارها بصنع فلم سينمائي تجري احداثه في واقع شرقي ويقوم ابطال شرقيون بالادوار الموكلة لهم فابو بكر الخليفة البطل الذي يظهر في مشهد تتم مبايعته تحت راية (لا اله إلا الله محمد رسول الله ) ثم تاتي المشاهد متلاحقة بعد ذلك والتي تشمل اقامة الحدود الشرعية بالجلد والرجم وغلق المقاهي وحرق السكائر ومنع وسائل الترفيه وغيرها. ويلتحق بها مشهد تهجير المسيحيين مكملا لتلك المشاهد التي تم وسيتم تمثيلها.
نسخة غربية للإسلام تمت كتابتها في قرون متفاوتة . ففي كل عصر يتم اعادة انتاج تلك النسخة بالتعديل والزيادة والنقصان لكنها لم تفقد جوهرها الذي صيغ في بدايات القرن الاول من لدن المؤلفين النصارى من العرب والرومان والذين خشوا من انهيار امبراطوريتهم فتمت المهادنة والمصالحة مع المسلمين بعدما تم توجيه بوصلة الفتوحات نحو الشرق حيث بلاد فارس وتم استيعاب صدمة الدين الجديد التي كانت تمثل لهم بمثابة نهاية العالم و قيام الساعة. وبعد الاستيعاب بدأت عائلة جون الدمشقي بكتابة نسختها عن الاسلام باللغة اللاتينية في ظل القصور الاموية .
ان احياء النسخة السيئة للإسلام والمتمثلة بفكر ابن تيمية المتجسد في الوهابية سلاح فتاك بيد صانعي السياسة الغربية فهو سيف للتخلص من المسلمين الذين يبحثون عن المشاكل مع اسرائيل وفي الوقت نفسه يمثل رسالة للداخل حيث المعجبين و المتأثرين بالإسلام وقيمه وكأن حال الصناع يقول : هذا الاسلام الذي تدافعون عنه ؟ هذا الاسلام الذي تريدون الدخول به فتتحولون من المسيحية المسالمة الى الهمجية التي لا تبقي ولا تذر؟
لقد قام المستشرقون باعادة بناء الشرق الميت في القرنين الماضيين تاريخا ودينا ولغة من اجل السيطرة وفي ذلك يقول ادوارد سعيد : ( ان اعادة بناء لغة شرقية ميتة او مفقودة كانت تعني في النهاية اعادة بناء شرق ميت او مهمل ، كما كانت تعني ان ما يصاحب اعادة البناء من دقة وعلوم بل وخيال ابداعي يستطيع تمهيد الطريق لما سوف تحققه الجيوش والإدارات والأجهزة البيروقراطية في وقت لاحق على ارض الواقع في الشرق).
واليوم يتم اعادة بناء نسخة اسلامية ميتة متمثلة بالفكر السلفي الوهابي الداعشي من اجل تمهيد الطريق لما سوف تحققه الجيوش و الادارات للسيطرة في وقت لاحق على ارض الواقع في بلاد العرب.
#ماجد_عبد_الحميد_الكعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟