|
جمهورية إسلامية أم ديمقراطية؟
عبدالرزاق الصافي
الحوار المتمدن-العدد: 1277 - 2005 / 8 / 5 - 09:35
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كانت قوى المعارضة العراقية، التي تمثل الغالبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي، في عهد صدام حسين، قد اتفقت في كل مواثيق وبيانات ائتلافاتها السياسية، منذ العام ٠٨٩١، على ان هدفها المركزي هو اسقاط النظام الدكتاتوري، واقامة نظام ديمقراطي على انقاضه.
ومنذ العام ٢٩٩١ جرى النص على ان هدفها هو اقامة نظام ديمقراطي تعددي اتحادي (فيديرالي)، واحترام ارادة الشعب الكردي في اختيار الفيدرالية شكلاً للعلاقة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية، المعبر عنها، اي الارادة، في قرار المجلس الوطني الكردستاني الصادر في الرابع من (أكتوبر) ٢٩٩١.
وجرى تأكيد ذلك في وثائق مؤتمر لندن لغالبية اطراف المعارضة العراقية، الذي انعقد في (ديسمبر) ٢٠٠٢، قبل اسقاط نظام صدام بما لا يزيد عن أربعة أشهر.
ولذا كان منطقياً جداً ان ينص على هذا الأمر في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، وان يثبت في نص القسم الذي يتوجب على المسئولين الكبار في الحكومة العراقية ان يؤدوه، قبل ممارسة مسئولياتهم. والحكومة، وفقاً للقانون المذكور تشمل الجمعية الوطنية المنتخبة، ومجلس الرئاسة والوزارة، فقد كان القسم يتضمن صيانة »النظام الديمقراطي الاتحادي« (الفيدرالي).
وقد أدى القسم كاملاً رئيس الجمعية الوطنية ونائباه، ورئيس الجمهورية ونائباه، غير ان كلمات »النظام الديمقراطي الاتحادي« اهملت عندما ادى الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء، ووزراء التحالف العراقي الموحد القسم الأمر الذي اثار احتجاج وزراء الائتلاف الكردستاني، والاصرار على أداء القسم كاملاً. وهكذا كان. إذ اعيد أداء القسم من قبل الجعفري وزملائه في جلسة لاحقة للجمعية الوطنية.
وسواء كان اسقاط كلمات »النظام الديمقراطي الاتحادي« قد حدث عمداً أو سهواً، فقد اثار قلقاً عميقاً بين أوساط الرأي العام العراقي، لما قد يعنيه ذلك من محاولة للتملص من الالتزام بما نص عليه قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، الذي يعتبر دستوراً ملزماً لكل المساهمين في العملية السياسية الهادفة إلى بناء عراق جديد ديمقراطي تعددي (فيدرالي) اتحادي موحد.
ولم يبدد أداء القسم كاملاً من قبل وزراء الائتلاف العراقي الموحد، القلق، الذي انتاب الرأي العام، بشكل كامل.
وذلك لان أوساطاً في هذا الائتلاف ظلت تحاول الالتفاف على الالتزام باقامة نظام ديمقراطي اتحادي (فيدرالي).
وكانت آخر المحاولات ما طالب به اجتماع عقد في مدينة النجف الاشرف قبل حوالي الاسبوعين، بأن ينص الدستور الجديد على ان »العراق جمهورية اسلامية«. الأمر الذي يعني التنصل مما نص عليه قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، والالتزامات التي ترتبت عليه، من قبل جميع القوى التي وقعت عليه، ومن بينها، بطبيعة الحال، غالبية قوى الائتلاف العراقي الموحد، التي خاضت الانتخابات بالقائمة المرقمة ٩٦١، والتي قيل انها حظيت بمباركة آية الله السيد علي السيستاني، من دون ان يصدر عنه أو عن مكتبه في النجف الاشرف، ما يؤكد ذلك، حاملاً ختمه وامضاءه، كما أعلن في أكثر من مناسبة، نفى فيها المتحدثون باسم السيد السيستاني عائدية اي تصريح أو بيان أو موقف أو رأي، إليه ما لم يحمل ختمه وامضاءه!
ان ما يطمح إليه الشعب العراقي هو اقامة جمهورية ديمقراطية تعددية برلمانية اتحاية (فيدرالية)، ترعى حقوق ومصالح الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية والطائفية والسياسية عرباً وكرداً وتركماناً وكلدوا وآشوريين، أرمن، مسلمين: سنة وشيعة، ومسيحيين وصابئة (مندائيين) ويزيديين ويهود. يكون فيها »الدين لله والوطن للجميع«.
وان المطالبة بجمهورية إسلامية في العراق لا يثير في ذهن المواطن العراقي غير تجربة جمهورية إيران الإسلامية، فضلاً عن ان كل الدول التي تحمل اسم إسلامية هي دول منقوصة الديمقراطية، ان لم تكن دكتاتورية مكشوفة أو مبطنة.
والمثال الاقرب، هو جمهورية إيران الإسلامية، في ظل مبدأ ولاية الفقيه اللاديمقراطي، لا يمكن ان تكون مثالاً يطمح إليه المواطنون العراقيون في غالبيتهم، ذلك ان مقاليد الحكم الأساسية فيها هي بايدي اناس غير منتخبين من قبل الشعب بحرية، بدءاً بالفقيه الولي (المرشد)، الذي يجمع بيديه السلطات كلها تقريباً، وانتهاء بمجلس صيانة الدستور غير المنتخب أيضاً، المتحكم بمن يمكن له ان يترشح لمجلس الشورى (البرلمان) ولرئاسة الجمهورية.
واقرب مثال هو الانتخابات الأخيرة في ايران، حيث منع هذا المجلس غير المنتخب، ما يزيد على الألف مواطن ايراني من دخول المعركة الانتخابية لرئاسة الجمهورية، عن طريق ترشيح أنفسهم لتولي هذا المنصب.
كما ان تجربة السنوات الثماني التي قضاها رئيس الجمهورية السابق السيد محمد خاتمي، الذي فاز بنسبة عالية من الأصوات في دورتين انتخابيتين، وتعذر عليه تنفيذ برنامجه الاصلاحي، الذي أهله للفوز، بسبب سيطرة قوى محافظة غير منتخبة على أجهزة الدولة الأساسية، ومن بينها القضاء ، ماثلة للعيان إذ جرى عن طريق هذه الأجهزة تكميم افواه الاصلاحيين وصحافتهم، وارسال العديد منهم إلى السجون، باحكام ثقيلة، بسبب آرائهم الاصلاحية.
ولا يمكن للعراقيين ان ينسوا ما قامت به بعض الزمر في البصرة، قبل أسابيع، باسم الدين الاسلامي و»الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« من اعتداءات مستنكرة، قوبلت بادانة واسعة، على طلاب وطالبات كلية الهندسة في جامعة البصرة لقيامهم بفعالية مشتركة في احد متنزهات المدينة. وكذلك ما جرى في بعض كليات جامعة بغداد.
وإذا لم يجر، حتى الآن، الإعلان من جهة ما عن تحبيذ مبدأ ولاية الفقيه في العراق، بشكل مباشر، فإن هناك من الممارسات، ما يوحي برغبة البعض بممارسة ولاية فقيه مبطنة. وهو ما يتنافى مع السعي لاقامة جمهورية ديمقراطية تعددية برلمانية اتحادية ذات سيادة، تكون السلطة فيها لممثلي الشعب المنتخبين، بارادتهم الحرة، بعيداً عن الاكراه من أي نوع، مادياً كان هذا الاكراه أو معنوياً، ومن أية جهة جاء.
#عبدالرزاق_الصافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصالحة وطنية.. نعم.. ولكن مع مَنْ وكيف؟
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|