نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 02:34
المحور:
القضية الفلسطينية
غزة- 3 – أربعة أطفال و قذيفة.
راقبت ُ ردود أفعال الناس بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة في غزة و التي اتخذت بعدا ً جديدا ً مع الاجتياح البري، فتفاجأت ُ أن حجم التعاطف الشعبي مع أهلنا هناك أقل بكثير مما هو متوقع، لا بل و شعرت ُ بالصدمة ِ الكبيرة و أنا أرى أعدادا ً أكثر تبرر لدولة ِ الكيان الصهيوني جرائمها و تلقي باللوم على حركة حماس باعتبار أنها البادئة في العدوان، و كأن ما ترميه حماس على إسرائيل يعطي جيشها المجرم الحق في ممارسة ِ أبشع الجرائم تجاه الغزاوين و يُسقط حقوقهم كاملة ً و يجردهم من أي قيمة إنسانية لهم و يجعل ُ استهدافهم مشروعا ً و قتلهم مفهوما ً و تشويههم مبررا ً، و كأن حماس دولة تمتلك ُ ذات المقدرة ِ العسكرية الأسرائيلية، و كأن الخسائر التي توقعها حماس في الإسرائيلي تساوي الخسائر التي يوقعها الأخير في الشعب الفلسطيني.
لن أعقد الأمور، سأجعل ُ هذا المقال بسيطا ً جدا ً و قصيراً جدا ً، ما أريد أن أقوله هو التالي:
قبل يومين و على شاطئ غزة كان أربعة أطفال يلعبون، شاهدتهم بارجة حربية إسرائيلية فأطلقات قذيفة لم تصبهم، هربوا، فعاجلتهم بالثانية، فكانت القاضية على الأربعة معا ً. التالي هي صورة أحد الأولاد، شاهدوها ثم عودوا للمقال:
http://alsiasi.com/en/2014-2/gaza/boy-bloodh.jpg
هل شاهدتم في حياتكم ساقين بهذا الشكل؟ نعم أنا شاهدت: فقط لعبة الباربي الخاصة بالفتيات يمكن لساقيها أن يتشكلا بهذه الهيئة بعد خلعهما من المفصلين!
لن أحاججكم في الأخلاق و لا في الإنسانية فإنها كارثة أيما كارثة إن كانت الإخلاق و الإنسانية بعد كل ما يحدث تحتاج لدفاعي كي تلقى قبولا ً لديكم، و إن السقوط منتهى السقوط أن يصبح هذا الطفل مجرد دليل آخر على مسؤولية حماس عما يحدث، و قطرات ٍ آخريات تنضم لماء الوضوء العربي المُسال على الأيدي الإسرائيلية تطهيرا ً لها و تبرئة من هذه الجرائم السافلة.
أطلب منكم شيئا ً واحدا ً، أن تتخيلوا أن هذا الطفل ابن أي ٍ منكم، و أنه قد تجندل و انقصم ظهره هذا الانقصام و أن ساقيه قد اتخذتا هذه الوضعية َ حينما مات، بينما وجهه في التراب، ثم بعد ذلك قولوا لي: ما رأيكم فيما تفعله إسرائيل؟ هل هناك ما يبرره؟
على رسلك أخي، على رسلك ِ أختي، قبل أن تشرعا في تلاوة ما تيسر من سور التبرير و التبجيل للعقيدة الأخلاقية للجيش الإسرائيلي و كيل اللعنات على حماس، اسمحوا اي أن أذكركم بأن طائرات سلاح جو صاحبة الجلالة البريطانية لم تجرؤ يوما ًعلى قصف دبلين عاصمة إيرلندا حتى في أكثر المواقف ِ دموية ً و عنفا ً عندما كان الجيش الجمهوري الإيرلندي يوجه الضربات شديدة الوجع للتاج البريطاني في عمق أرضه.
بينما تقرؤون هذه الكلمات يجتاح ُ الجيش الإسرائيلي غزة بريا ً، يموت المزيد من الأطفال، و تُثكل النساء، و تتحطم الآمال في المستقبل و يغرق الغزازوة في بؤس الظلم و انعدام الأمل و الموت، بينما إخوة ٌ لهم في الإنسانية و العروبة يرون أن هذا الموت و ما سيأتي به جزء مما يستحقون جزاء ً بما كسبت أيدي حماس.
الإنسانية لا تتجزأ إخوتي أخواتي، هذه رسالتي إليكم اليوم.
لا داعي لأن أقول أكثر.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟