|
سقط المجد في المحراب ... طبر اليوم ابو تراب
محمد علي مزهر شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 4515 - 2014 / 7 / 17 - 21:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سقط المجد في المحراب ، طبر اليوم " ابو تراب
محمد علي مزهر شعبان
اراد ابن اكلة الكبود ان يرضي غروره ، ويسمع ما يؤنسه من حضوره . أجزل العطاء واشبعهم اكلا ورواء .. فهو صاحب الاهداء وخليفة الامراء ، واراد ان يسمع من حاضريه مدحا واطراء ، كلمة واحده تخدش في علي ع الحياء . فسئل احد القادمين من العراق ، فقدم له كيس العطاء ، متمنيا ان يسمع ما يشاء . فسئل : ضرار انت عراقي ما رايك في علي .. تململ ضرار وهو يستحضر حادثة حجر بن عدي وكيف ذبح مع اصحابه ، فلزم الصمت ضرار وتحسس نحره ، وعرف نهاية امره ، وما بين سيف معاوية وحقيقة علي وما اسسه في الضمائر الحية قال : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان فينا كاحدنا يجيبنا اذا سألناه وينبأنا إذا استنبأناه ونحن مع تقريبه ايانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته ، ولا نبتدأه لعظمته يعظم اهل الدين ويحب المساكين . وأشهد لقد رأيته ذات ليلة وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو يتململ تململ السليم ويبكى بكاء اليتيم ويقول : يا دنيا غرى غيرى اليً تعرضت ؟ ام الى تشوقت؟ هيهات هيهات فقد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق . في هذه الليلة استوحشته جدارات المسجد ، حين كان يتكأ عليها ، يتحد مع الافق السماوي ، الى هذا الموكب المهيب من مجراته ، تلتحم الذات الساميه مع مهندس الكون العظيم . في هذه الليلة يبكيه البكاء ، وينصب في ماهيته العزاء . تفجرت مسامات البناء بالدماء ، تهدمت الاركان وصرح البناء . ذهبت روح الخاشع الراكع الى بارئها في السماء . ياللعزاء ، من يمنح العظمة لافاق السماء . سقط المجد في المحراب ، طبر اليوم " ابو تراب " قتله جموح الهوى والديادن الرعناء ، انها القلوب العمياء حين يملئها الحقد تقفل العيون ، وحين يطفح الغل تلبى الجوارح الماجورة بالشهوة الحاقدة والدنيئه ، وحين تتفاعل الاحاسيس الملئية بالوساوس يصمت العقل وكأنه مفصول مأمور لرغبة زانية بنت مجرم ، ولغضبة حاقدة أغوت ، فاستجابة واتحدت شهوة وحش بربري ، وفكر وسخ اسن ، مهرولة لارادة تلك الفتاة الشيطان في لبوس فتنة طاغية ، انها " قطام " غيداء " تيم الرباب" اسيرة الحقد لتمنح تحت جنحه موعدا مع جسدا لبعد حين ، وما ان رنت اليه ، حتى ادرك انه في لجة الرغبة التي اسست من يوم رفع المصاحب ومقتل الرفقة في النهروان ، الى الوقوع في غرام الفاتنة والغريزة القاتله ، فحلقت مهمة القتل التي جاءت بابن ملجم مع نشوة الاحلام ، فطفت رغبة القتل كسيل عارم لاغتنام فرصة وكانها ستهدأ بعد مقتل في غد هني مع رهينة الموعد على فراش يجمع اطفاء موجة حقد جياشة في صدر امراءة ، تداعبها يد اغتسلت بدماء اطهر الخلق عظمة وشأنا . في هذه الليلة ، قتل عظيم البشرية من بذر في العقول والقى بالانفس موازين العدالة الانسانية . تهدمت اركان فلسفة ماهية الوجود ومسلك الانسان في درب تجدد الحياة وتواصلها حيث يقول رائدها ع : من تساوى يوماه فهو مغبون . انه الفرض اللازم في ان تتجدد وان لا يتساوق يومك بامسك . انه الدافق الحيوي للصيرورة والارتقاء والنماء .انه التفاعل لتثوير السكون والرتابة والاتكالية ، ليكون يومك افضل من بارحه وغدك اجمل من يومه . انه تيار اليسار المتقدم ضد مكتنزي المال ومن تكسر خزائنهم من الذهب بالفؤوس ممن ادعو انهم صحبة رسول عظيم ، ولينحني ماركس وانجلز امام عظمة هذا المشرعن وتلميذه " ابا ذر " حين قال : ما جاع فقير الا بما متع به غني ......انه يعلن ظلم الاغنياء للكادحين انه الخارج من سطور الافكار الى منهج التطبيق والتفعيل في قواعد سلوكيه ، ان الحرية هي سند مكفول في منهج هذ الامام لان الانسان حر في تفكيره ضمن افق احترام حرية الاخر ليتساوقوا في المصلحة والغاية ... دونك تلك التي معاييرها الفرد في خدمة المجتمع او المجتمع في خدمة الفرد ، رغم الفوارق الشاسعة بين الامرين ، فنجد ان عليا اقام القواسم المشتركه بين هذه وتلك ، فقد حد من حرية الفرد من الاذلال والاحتكار والاباحة بل ارتباطها في سياق حرية الجماعة والشعور بالمسؤولية . وبقدر ما خالفته تلك التي جعلت من نفسها ارستقراطية الامة وارتدت جلباب المستسلمين وليس المسلمين ، التي دعت واسست الانداد من اهل المؤامرة لاغتيال هذا الرجل ، في دين غير الذي التمسوا واعتقدوا ، بانهم اهل الغنيمة واصحاب كل الغلة والامبراطوريات وامراء المؤمنين على ظهور الاجتياحات والترويع . انه زمن علي في الحرية واستماع الراي الاخر ، حتى وصف زمن حكمه باضعف الفترات ، حين حكمت العصى الغليظة من قبله ، وحيث تطغي البداوة على التحضر ،واذ تنحر الرؤوس بامر من الخليفة ، ليس المهم انه مدركا ، وماسكا للعلة او يغوص في عمقها ، ويجوب في اغوارها ويقلب في نواحيها ، انما هوقياس ملحوق بالغضب والسطوة ، فان اخطا له حسنة . ايا تبا للحسنات حين تنحر الابرياء وانت القائل ياحكيم الازمان في هذا : ليس من العدل القضاء بالظن على الثقة. بقى علي كنظام تمجده الاجيال وطالبوا الحرية ، وتناسلت امبراطوريات الهراوات والقتل .ولكن بقى التاريخ النظيف الاسطر يتلألا في كل اشراقة لمباديء ثورة شعب وقادة نجباء وبعد اكثر من اثني عشر قرن يتحرك علي ع ناقوسا وناموسا في طروحة " جان جاك روسو" اذ يقول : ان ايماننا بالانسان وولاءنا للانسانية هما اللذان يثيران في طبيعتنا الخيرة اعمق الدوافع لان نجعل من الفرد المسخر انسانا بشريا نابها . اذن هكذا صقل الامام حرية الفرد بالجماعة وجعلها مسؤولية امام الاثنين . لقد ازاح العوائق والقيود التي يفرضها من جعل انفسهم سلاطين على البشر واستعبادهم . يقول شهيد هذا اليوم :( الناس اعداء ما جهلوا .... وقيمة كل امريء ما يحسنه) ... انه وسع مدارك ، وادراك مسالك ، ما اخفي منها فهي قيد غوره فيها ، وعمقه في استجلاءها مهما اختفت تحت غطاء ووعاء . اليوم يطبر راس ، قل نظير رقبة حملت نظيره .وانه لمدرك فصولها منذ انبثقت الرسالة لحين فارق الحياة .اي راس تلك ايها السيد التي ادركت الحلم الجميل حيث تقول : ( لا تظنن بكلمة خرجت من احد سواءا وانت تجد لها في الخير محتملا ). واي راس حملة الصدق مع نفسها فطبقته ، فانتشر كقبس بين الناس ولكن الناس هم تراب وطين وليس من نور وضياء وانت القائل (ذمتي بما اقول رهينة ).( ان من عدم الصدق في منطقه فقد فجع باكرم اخلاقه )... سيدي رهنت كل كيانك وتاريخك بقول وكلمة ؟ ايه ايها الزناة امثل هذا يقتل وتنحر اتباعه ؟ اي راس ادركت البلاغة ليس فقط في تركيبها كلغة بل بلوغها المعاني السامية النبيلة . فاطربت الاسماع وهديت الالباب ( افعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئا ، فان صغيره كبير وقليله كثير ) اي راس طبرت اليوم وفي خيبر ويوم أحد ويوم حنين وسال في محرابها الدم الزكي وهي تحمل فضلها الاكبر والاعظم في اكمال الرسالة بكل تفرعاتها وما اوجب وما حرم وما كره وما استحب ، وضعت معاييرها وتفرعاتها ، سمحا شفافا مدركا ، حلال معضلاتها وفكاك ازماتها ، ومنير مسالكها ومجيب عن المحرج من سؤالها حتى قال قائلها ( ما من معضلة الا ولها ابا الحسن ) مقيم ثوابتها ومؤسس ديمومتها ومنقذ من جلس على دست خلافتها ويقول قائلها ( لولا علي لهلك عمر ) انه الهلاك الاقرب الى الزوال فثبت اركانها ، وكنت شهيدها . وما انقاك حين تلبس جلباب الحلول على النفوس الغاضبة ، تبرد الساخن وتهدا الخواطر حين تتجلى ارقى معاني الدفء والحكمة والشفافية في التعامل .انت لست ابن زمانك في تناحر جلاسه ، ولا مكانك في جلف ووعورة تفكير ناسه . فايما درس علمت فتعلموا وانت القائل :( احصد الشر من صدرغيرك بقلعه من صدرك ) هل حصد الشر من صدورهم ، الم ينفذ غيلهم وغلهم من مكامنه الدفينة . ابا الحسن من قتلك اولئك الامعات حين تخاذلوا امام عمر بن ود ، وكنت المتحد لمن يعد بالف فارس . كنت الصارع لمن هزء واستخف وكذب الجنة واهان الشهادة بهم بقولته : الا يريد احدكم الذهاب الى الجنة ، فاني اسارع به اليها ... فقتلته واذهبت به الى جهنم العار والانكسار . حين خرج الايمان كله الى الشرك كله وهذا ما قاله جهارا الرسول الاعظم ص . لقد قتلك من ضمر الحسد والكراهية وهم عدو " قال " هكذا أنبئك نبيك ص .. من قتلك دفن ثأره ، حين اسست على جماجم ابائهم العفنة ، رفعة ما امنت به ، وفي قلوبهم نقوش الامس القريب لتجارة رب ارباهم هبل وسطوة المال والجاه والاستعباد للبشر . ابا الحسين كيف لا يحقد ولا يتامر لقتلك من لم يستطع ان يدنو لمعاليك في الشجاعة والعلم والحضور والزهد والعفة والتقشف . يا شهيد المحراب الذي ولدت فيه ، انت لم تمت الا جسدا والابدان الى حيث تؤوب كسدا ، لكنك حي ما بقى الانسان يتزود من منهل المعرفة ، وسمو وشموخ الفكر ورقة القلب وسمو السلوك . فانت قمة في تاريخ الانسانية دون انفصال . ابا الحسن اليوم يوم نهايتك جسدا طاهرا .. وطودا شامخا وبستانا زاهرا . حيا نابضا متحركا متوهجا .. الابدان حيث تؤوب وفكرك نبراس الدروب(فجزاك الله عن المسلمين خير الجزاء. قويت حين ضعف اصحابه ، وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج الرسول ص . وكنت خليفته لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين . وقمت بالامر حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا ، ومضيت بنور الله اذ وقفوا . كنت اخفضهم صوتا ، واعلاهم قنوتا ، واقلهم كلاما ، واصوبهم نطقا ، واكبرهم رايا ، واشجعهم قلبا ، واشدهم يقينا ،واحسنهم عملا واعرفهم بالامور .كنت والله يعسوب للدين اولا واخر ، الاول حين تفرق الناس والاخر حين فشلوا . كنت للمؤمنين ابا رحيما ، اذ صار عليك عيالا فحملت اثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما اضاعوا ورعيت ما اهملوا .)
#محمد_علي_مزهر_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكل عيد ... أضحية
-
شامت فرحان ... مذهول سرحان
-
صاحب الربطة الصفراء
-
ارادة شعب ... وفن اللعب
-
لا ابكيك موسى .. بل احتفل برمز الارادة
-
السيد مسعود .. اقرا جيدا حاضرك ومستقبلك
-
لا تصفوا هذا الشعب بالخراف .. قليلا من الحشمة والعفاف
-
غدا ... انت في خيار التجربة والحكمة
-
ازدحام
-
حكومة المركز والاقليم .. هل شاهدتم فلم ( ابن بابل )
-
خالد .... وحده لا شريك له
-
شبكة الاعلام احزموا امتعتكم .. لقد كفرتم
-
دعاية انتخابيه . تحتاج الى لطميه .... نقلها محمد علي مزهر شع
...
-
لازالت لافتات العزاء.... تغطي الارجاء
-
قليلا من الحياء ... فائق الشيخ علي
-
خطاب منفعل لكسب جولة
-
هل هي مبادرة ..... ام خطة عمل عسكري ؟
-
ايها القائد .. أثمة للصبر رجاء
-
قبلك ... بترايوس أغرى وأشترى
-
هل انتهت الصحافة الورقية ؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|