أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين عواد - بصدد الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الامريكة وتجلياتها الراهنة تجاه الشرق الاوسط















المزيد.....



بصدد الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الامريكة وتجلياتها الراهنة تجاه الشرق الاوسط


نور الدين عواد

الحوار المتمدن-العدد: 1276 - 2005 / 8 / 4 - 07:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" الحقيقة اهم من السلام لان الكذب ابو العنف"
( ماهاتما غاندي)

مقدمـــــــــــــــــــــــــة

العلاقات الدولية بصفتها تجسيدا للسياسة الخارجية للدول ما فتئت تشهد تغيرات اساسية شكلا ومضمونا منذ بداية القرن العشرين تمشيا مع تطور النظام الراسمالي العالمي السائد؛ وانتقاله منذ نهاية القرن التاسع عشر من راسمالية المنافسة الحرة الى الراسمالية الاحتكارية ( اي الامبريالية)؛ وزوال ما يسمى بـ "الحرب الباردة"؛ وظهور واحتمال ظهور لاعبين جدد على المسرح الدولي وما يترتب على ذلك من تشكل نظام دولي جديد ومتعدد الاقطاب، على ضوء المخاض الذي يسميه كثير من المؤلفين "امبراطورية امريكية". البعض يرونها على انها "فوق امبريالية"، "ما بعد الامبريالية"، " امبراطورية حقيقية"...الخ. في رأيي اننا نشهد مرحلة جديدة من تطور الامبريالية نفسها اذ انها لم تكن قد استنفذت جل امكانياتها وطاقاتها الكامنة كامبريالية. حتى وان تم الاعتراف بان الولايات المتحدة تشكل القوة العظمى الوحيدة سياسيا وعسكريا واقتصاديا في العالم، ويعتقد بانها تمر بطور تحول الى امبراطورية عالمية، فانه يجب ان لا تغلق العيون وتصم الآذان ازاء "الوقائع العنيدة" ـ على حد تعبير فلاديمير ايليتش لينين. ان هذا التقييم ليس مطلقا بل نسبيا، وتسارع ديناميكية الاحداث والسيرورات السياسية ـ الاجتماعية والعسكرية في مختلف انحاء العالم تبرهن ذلك. وهاهي بعضها:
* ازمة اقتصادية عميقة في الولايات المتحدة الامريكية تضعفها لكنها لا تقضي على غلبتها او هيمنتها في اطار الثالوث الامبريالي: الولايات المتحدة الامريكية واوروبا واليابان ( الامبريالية الجماعية حسب تعبير الاستاذ سمير امين). اي ان العامل الاقتصادي الذي لا غنى عنه لبناء اية امبراطورية يشكل "كعب أخيل" الولايات المتحدة الامريكية.

* التورط العسكري في العراق دون اي افق لحلّ عسكري او سياسي للحرب على المدى المنظور. ان فيلسوف اليمين المحافظ المتطرف، صاموئيل هنتينغتون، حامل لواء نظرية صدام الحضارات، قد دعا علنا الى انسحاب القوات العسكرية من العراق، اذ انه يعتقد بان الانتصار هناك ضرب من المستحيل. فهو يقول بالحرف الواحد "...لقد وضع الرئيس بوش الولايات المتحدة في حرب ضد الشعب العراقي، حيث لن يستطيع تحقيق النصر. لذلك لا مفر من تقليص الوجود العسكري هناك وتسليم السلطة للشعب العراقي (...) الحرب لم تحقق مكاسبا بل انها جعلت العراقيين عدوا جديدا للولايات المتحدة الامريكية (...) التي خاضت حربين في العراق: الاولى ضد صدام حسين وانتصرت فيها؛ والثانية ضد الشعب العراقي ولن تحقق فيها الانتصار ابداَ (...) ان تحقيق النصر في حرب ما يعتمد على عنصرين: مصالح قومية وقيم اخلاقية للدفاع عنها. وكلاهما غير موجودين في الحرب الراهنة ضد العراق...".

حتى ان عالم الاجتماع الامريكي جيمس بيتراس وصل به الامر الى القول " لقد اثبت عام 2004 بشكل مأساوي وحاسم بان الآلة العسكرية الامبريالية يمكن ان تمنى بالهزيمة. لقد اثبتت المقاومة العراقية ان الامبراطورية الامريكية ليست قدرا لا يقهر. مع 1500 جندي قتيل وحوالي 25 الف جندي معاق واكثر من 35 الف آخرين يعانون من "الامراض النفسية" يعجز جيش الاحتلال الامريكي عن الوصول بالحرب الاستعمارية الى نهاية مظفرة. ان القوات الاستعمارية الامريكية وذيولها يواجهون يوميا اكثر من 100 هجوم على امتدا البلاد وعرضها".

ان حقيقة عدم حرص قوى عسكرية نووية اخرى مثل الصين وروسيا على المواجهة الحربية مع الولايات المتحدة لا يعني تلقائيا انها تخضع لارادتها. ان مجرد وجودها يفترض عقبة كأداء امام تشكل الامبراطورية الامريكية العالمية.

* ممانعة مسلحة قليلة الشدة ضد الولايات المتحدة الامريكية في افغانستان؛ مقاومة مسلحة في فلسطين ولبنان؛ صمود سياسي في كوريا الشمالية وايران وسوريا والصين وروسيا وكوبا وفنزويلا البوليفرية وغيرها.

* تطور الصين بصفتها قوة اقتصادية عظمى. في هذا الصدد هناك"تقرير اعده مجلس الاستخبارات القومي لعام 2020 ونشرته وكالة المخابرات المركزية الامريكية، ينبه الى امكانية قيام العملاق الصيني بغزو العالم اقتصاديا وثقافيا سواء في آسيا او امريكا اللاتينية او حتى في الولايات المتحدة الامريكية نفسها (...) الصين بدأت مخططها بالفعل وتغزو بضائعها الاسواق الامريكية (3تريليون دولار سنويا)؛ الصين حلت الآن محل الولايات المتحدة في كل دول آسيا في التجارة والاستثمار والتعليم والثقافة والسياحة؛ والصين الآن هي المصدّر الاول للبرازيل وتشيلي".

* المجتمع المدني الدولي يلعب دورا متصاعدا وفعالا في مكافحة سياسات وافعال الامبريالية واتباعها. وتتشابك النضالات الاجتماعية والسياسية المحلية والاقليمية والدولية ضد عولمة طغيان راس المال المالي عابر الاوطان وتبعاته. وقد نكون شاهدين على عملية عولمة التضامن الانساني للشعوب والامم في مواجهة العولمة الليبيرالية الجديدة وعسكرتها، بزعامة نخبة الطبقة المسيطرة في الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في مراكز اخرى للسلطان الراسمالي العالمي.

بصدد النظام السياسي في الولايات المتحدة الامريكية

الشروط والظروف التاريخية، والعوامل العرقية ـ الثقافية، والاقتصادية والاجتماعية ـ السياسية وغيرها، السائدة في امريكا الشمالية في نهايات القرن الثامن عشر، حددت بدرجة كبيرة جوهر النظام السياسي المسيطر في الولايات المتحدة الامريكية. ووفقا لقول الاكاديمي الكوبي من المعهد العالي للعلاقات الدولية في هافانا، الاستاذ كارلوس الصّغراي، فان مايسمى بـ "الثورة الامريكية" ليست في حقيقة الامر ثورة اجتماعية طبيعية، بل رد فعل على قرار ملك انجلترا جورج الخامس القاضي بتغيير القوانين بزيادة الضرائب ووضع حدّ لتوسع المستعمرات الثلاثة عشرة باتجاه الغرب.

منطقيا، نظام الحكم يتماشى مع مصالح الطبقة المسيطرة: اي البرجوازية، التي وضعت الدستور وصادقت عليه بحيث يمكنها من الاحتفاظ بالسلطة السياسية، اذ انه من الصعب جدا تعديله. ومن الجدير بالذكر انه لم يحصل ابدا في النظام السياسي الامريكي، ان فاز اشتراكي او حتى اشتراكي ديموقراطي؛ انه نظام اقصائي ويشكل اقطاعية حكرا على الأوليغارشية التي تتولى مهمة تشكيل الراي العام المحلي ـ من خلال التلاعب بوسائل الاعلام الجماهيري ـ من اجل ضمان استمراريتها في السلطة واعادة انتاج نفسها وثقافتها، مستغلة حقيقة ان الشعب الامريكي يفتقر الى الذاكرة التاريخية ويقبل ما تقوله الحكومة ويقبل الحفاظ على العقد القائم في مجتمعه. فالمشاركة السياسية للمواطن الامريكي تقتصر على التصويت في الانتخابات في اطار نظام يخلو حقيقة وبالفعل من التعددية ويكرس النخبويّة.
يمكن تصنيف النظام السياسي الامريكي على انه ديموقراطية ليبيرالية متقدمة من اجل تمييزه عن النظام السياسي الاوروبي.

وتتمثل قيمه الرئيسية في: الحرية ( حرية التملك الفردي)؛ النظام (الحفاظ على النظام القائم)؛ والمساواة ( مساواة الفرص) بغض النظر عن كافة العيوب والنواقص التي يمكن ان يشار اليها.

تجد الثقافة السياسية الاستعمارية التي شكلت مرتعا خصبا للسياسة الداخلية والخارجية الأمريكية عناصرها الأصلية في المفاهيم التالية:

* قانون علوي غيبي يحكم الجميع ـ وهو مستمد من الانجيل ـ او القانون الطبيعي.

* ايمان وقيم منبثقة عن الشخصية او اللاهوتية الكالفينية: الفردية ( التي تكرس قدسية الملكية الخاصة) وخلقيّة العمل ( الخلقية البروتستانتية).
* الجمهورية الامريكية تشكل جزء من المشيئة الالهية العظيمة لكي تجلب النور الى العالم المنحطّ، اي ان الجمهورية هي أمّة الخلاص.

اننا اذ نستحضر هذه العناصر في اذهاننا، يصبح من اليسير علينا ان نفهم الاسقاطات الداخلية والخارجية للنظام السياسي الامريكي.

ومن المثير للغرابة والدهشة ان طائفة " شهود يهوة" قد عدّلت خطابها التبشيري منذ انتخاب جورج بوش الإبن. وبمحض الصدفة يستخدم عناصرها نفس العبارة " نجلب نور الرب الى قلوبكم في هذا العالم المنحط..." ويعدون بجنة سماوية في متناول اليد وقريبا جدا.
انسجاما مع ما تقدم، يستعد قداسة البابا يوحنا بولوس الثاني لنشر كتابه بعنوان " الذاكرة والهوية" في بدايات العام الجاري. وفي احدى فقراته يؤكد بقناعة مسيحية وارادة الهية "... كانت الشيوعية شرا لا بد منه، وشاءت الارادة الالهية ان توجد في القرن العشرين لكي تخلق بزوالها فرصا تدوم الى الابد...".

حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية

تتحدد السياسة الخارجية للدول بشكل عام بمجموعة من المتغيرات الرئيسية الداخلية والخارجية والتي تسهل او تعرقل قدرتها على اتخاذ القرارات وتحقيق الاهداف التكتيكية والاستراتيجية لتلك السياسة. هنالك عنصر جوهري وحاسم يشترط اتخاذ القرارات والسلوك الدولي لدولة ما، يتمثل في: المصلحة او المصالح القومية و/او الحيوية التي تتحدد بدورها بفعل عوامل تاريخية وجغرافية واقتصادية وايديولوجية واخلاقية او فلسفية.

ان الطبيعة الاجتماعية والايديولوجية للسلطة السياسية والمرحلة التاريخية تحددان بدرجة كبيرة جوهر هذه المصالح و تغيرها سلبيا او ايجابيا.

في نظام حكم الفرد او الطبقة او الطائفة، عادة ما يتم تشخيص ومطابقة المصلحة القومية بمصلحة الزعيم او الطبقة الاجتماعية او الطائفة الدينية على التوالي على حساب الشعب او الامة.

بايجاز، طبيعة العلاقات الدولية لدولة ما تتحدد جوهريا بالعلاقات الداخلية والطبقة او التكتل الطبقي الذي يتربع على السلطة السياسية، وفقا للمفهوم اللينيني، دون اغفال الدور الذي تلعبه عوامل ثقافية وجغرافية...الخ.

في الحالة الخاصة بالولايات المتحدة الامريكية، منذ تأسيسها عام 1776، ارست القواعد التاريخية لسياستها الخارجية على النزعة التوسعية من خلال تضخيم اهدافها الى حد يزيد عن امكانياتها الحقيقية؛ وعلى النزعة الانعزالية التي خلقت لديها النزعة الاستفرادية التي تسم انتهازية سلوكها الدولي.

فعلى امتداد ما يربو على قرنين من الزمان من وجودها، لا زالت السياسة الخارجية الامريكية تتطور وتراوح بين مختلف العقائد والمباديء والمذاهب: سنة جيفرسون؛ مبدأ عدم المجازفة؛ مذهب مونرو؛ عقيدة ترومان؛ عقيدة ايزنهاور؛ مبدأ كيسسنجر وعقيدة بوش.

الخيط الناظم لكل هذه العقائد لا زال يتمثل في هدفها في الحفاظ على المصالح الطبقية للأوليغارشية القومية وحمايتها ( حاليا تمر هذه المصالح بعملية عولمة) وتأبيد النظام الراسمالي العالمي بغض النظر عن التناقضات التي تطفو على السطح بين الفينة والاخرى بين اعضاء الثالوث الامبريالي او الامبريالية الجماعية.

اعتبارا من انتهاء ما يسمى بالحرب الباردة في مطلع التسعينات وتبلور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة مهيمنة سياسيا واقتصاديا وايديولوجيا وعسكريا، بدات تتبلور استراتيجيتها للسيطرة على العالم مع طموحاتها الامبراطورية.

يشكل هذا المشروع الاستراتيجي المشكلة الكونية المعاصرة الرئيسية والاكثر خطورة على حاضر ومستقبل كوكب الارض والبشرية جمعاء. فهذه العبارة التنبؤية التي قالها محرر القارة الامريكية سيمون بوليفر " يبدو ان العناية الالهية قد اختصت الولايات المتحدة لكي تغرق القارة الاميريكية في وباء الجوع والبؤس تحت شعار الحرية"، يمكن ان يتم تأويلها جدليا وتعميمها لتطال العالم بأسره: يبدو ان اله راس المال قد اختص الولايات المتحدة لكي تغرق البشرية جمعاء بوباء الجوع والبؤس والموت تحت شعار الحرية الامريكية والعولمة الليبيرالية الجديدة.

في هذا السياق، يقول روبيرت شتراوس هوبيه في كتابه " توازن الغد" الذي نشر عام 1994: " المهمة الاساسية للولايات المتحدة تتمثل في توحيد كوكب الارض تحت قيادتها ومواصلة هيمنة الثقافة الغربية. لا بد من القيام بهذه المهمة بسرعة من خلال التصدي لنمور آسيا واية قوة أخرى لا تنتمي الى الحضارة الغربية (...) ان مهمة الشعب الامريكي هي القضاء على الدول القومية؛ المستقبل على امتداد الخمسين عام القادمة سيكون من نصيب الامريكيين ويجب على الولايات المتحدة ان ترسي قواعد الامبراطورية الامريكية بحيث تكون مرادفة لـ " امبراطورية انسانية"!





بعض حقائق الوضع الدولي الراهن

من اجل التوصل الى فهم عميق للسياسة الخارجية الامريكية تجاه ما يسمى بالشرق الاوسط، يغدو من الملائم التطرق الى المسرح الحالي للعلاقات الدولية حيث تتضافر الاستراتيجيات العالمية والاقليمية للولايات المتحدة. يمكن ملاحظة الحقائق التالية:

* هيمنة القوة الامريكية العظمى على مستوى عالمي واستعمال والافراط في استعمال القوة الوحشية في العلاقات الدولية. ان ادارة بوش الإبن بصفتها ممثلة للقطاع المعولم من راس المال المالي والشركات متعددة الجنسيات اوالشركات متعدية الاوطان والمجمع العسكري الصناعي قد اطلقت العنان للنزعة الواقعية المتطرفة في علاقاتها مع العالم، مستخدمة قوتها الهائلة من اجل الدفاع عن مصالحها الحيوية والجيواستراتيجية في مختلف انحاء المعمورة، بدء من افغانستان والتورط في العراق ومرورا بمحاولة تدجين وترويض الفلسطينيين وتهديد ايران وزعزعة لبنان وابتزاز سوريا والتحرش بفنزويلا وكوبا...( اكثر من 60 ركن مظلم في العالم علىحد قول بوش). ان التغير الذي طرأ على لهجة الخطاب السياسي لادارة بوش المخلّص، من " حرب مكافحة الارهاب" الى " كفاح من اجل الحرية وضد الطغيان والاستبداد" لا يعني اي تغير جوهري في الاستراتيجية السياسية ـ العسكرية، بل انه ينمّ عن ديماغوجية سياسية، واعتراف معيّن بفشل تلك الحرب ومحاولة تكيف مخادع للتبشيرية الدعاوية التي يضطلع بها راس الاستبداد في الادارة الامريكية.

* يمكن ملاحظة عملية تشكل لشريحة او طبقة اجتماعية على مستوى دولي ذات مصالح طبقية متماثلة ومتشابكة، تسيطر عليها ايديولوجية نازية ـ فاشية جديدة، ومصممّة على لعب اي دور يتيح لها ضمان امتيازاتها ومصالحها على حساب بقية البشرية. ان هذا الواقع، في رأيي، هو الذي خلق الاساس المادي للتحالف السياسي العسكري الانتهازي بين مختلف القوى والبلدان تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية.

* يمكن ان نتلمّس ظاهرة جديدة للانصهار المتكامل بين الاصولية الرجعية المسيحية (مذهب بوش) والاصولية الرجعية اليهودية (مذهب شارون). ان هذا التماثل والانصهار الايديولوجي ـ الديني ( الصهيونية المسيحية ـ الصهيونية اليهودية) يفسران مستوى التداخل العضوي والسياسي والاقتصادي والاخلاقي والعسكري بين الادارتين وتقاسم وتكامل الوظائف بينهما في مختلف المسارح، وفقا لمصلحة وامكانيات كل منهما.

* اللجوء الى الشكل القديم للاستعمار. يشكل هذا الامر نكوص ايديولوجي وسياسي للراسمالية المتطورة جدا جدا. فالتدخل العسكري واحتلال بلدان مستقلة وذات سيادة واعضاء في منظمة الامم المتحدة، على يد الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الرئيسيين، ليس الا محاولة لفرض العولمة الليبيرالية الجديدة على بقية البشرية، اي " عسكرة العولمة" حسب تعبير الاستاذ سمير امين، وهذا الامر يفترض مسبقا عسكرة السياسة الخارجية نفسها.

يلاحظ وجود توجه جامح نحو عسكرة المجالات والفضاءات الواقعة خارج اطار الاختصاص الاقليمي (البري) والبحري والجوي الامريكي:

 عسكرة تقليدية: يوجد اكثر من 750 قاعدة عسكرية امريكية في العالم؛ منها 63 قاعدة في 11 دولة في الشرق الادنى تغطي المجال الممتد من البكستان الى المغرب. كما أنشأت الولايات المتحدة واسرائيل شبكة دفاع جوي تغطي الشرق الاوسط.
 عسكرة نووية: في حين تسعى الولايات المتحدة الامريكية في سبيل تقليص وتقزيم الترسانات النووية لكل من روسيا والصين وكوريا الشمالية، تقوم باعادة تسليح نفسها بقنابل نووية تكتيكية. " في سبتمبر 2003 احبط مجلس الشيوخ الامريكي اعادة المصادقة على التعديل القانوني سبرات ـ فيرس الذي صودق عليه عام 1994، وكان يحرّم الابحاث التي من شانها ان تؤدي الى انتاج اسلحة نووية جديدة تقل طاقتها عن 5كيلوطن". من جهة اخرى تغض الولايات المتحدة الامريكية الطرف عن البرنامج النووي الاسرائيلي وعن " بناء مفاعل نووي جديد يعتبر من اهم الاسرار النووية الاسرائيلية، بتكلفة 500 مليون دولار بمساعدة من روسيا وفرنسا وسيبدا تشغيله عام 2009". غير ان الولايات المتحدة الامريكية تعارض بشدة بناء المفاعل النووي الايراني (بوشهر) بمساعدة روسية ولاهداف سلمية ( التكلفة مليار دولار؛ طاقة انتاج الكهرباء:1000 ميغاواط) وسيبلغ طاقته القصوى عام 2006. وقد اكد الرئيس بوش مؤخرا ان " الهدف المشترك مع الاوروبيين هو انه لا يجب ان يكون لدى ايران اي سلاح نووي(...) وانه سيعمل مع الاوروبيين والاسرائيليين على تطوير استراتيجية فعالة لاحتواء ايران". اما ديك تشيني فقد ذهب الى ابعد من ذلك عندما " لمّح الى احتمال توجيه اسرائيل ضربة عسكرية ضد ايران لتصفية برنامجها النووي".
 عسكرة فضائية: بالاضافة الى "مبادرة الدفاع الاستراتيجي" المعروفة و " الدرع الصاروخي" تقوم الولايات المتحدة الامريكية حاليا بتطوير برنامج "الحرب المناخية"، الخطير جدا من كافة الزوايا.

* عدوان جامح ضد الشرعية الدولية والقانون الدولي وهيئاته ومنظماته ومؤسساته في محاولة لضمان عصمة الامبراطورية من العقاب وتكريس الداروينية وقانون الغاب في علاقات المجتمع البشري والعلاقات الدولية.

ان هذه الحقيقة تبرهن على الانتقال من " تعددية الاطراف" التي روّج لها بوش الاب في وثيقة بعنوان "استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية" وصودق عليها في اغسطس 1991 الى الاستفراد العلني والعدواني وازدراء الامم المتحدة والحلفاء و "الاصدقاء" من خلال مبدأ لا عقلاني من مبادىء الفاشية الشتراوسية " من ليس معنا فهو ضدنا" وهو المبدأ الذي يرفع رايته بوش الإبن.

* محاولة اضفاء الطابع الديني على الصراعات الدولية وخاصة حرب الولايات المتحدة ضد "الارهاب"؟! فمع اختفاء العدو الاحمر نقلت الولايات المتحدة محور المواجهة نحو العدو الاخضر حتى الآن وربما في وقت لاحق ضد العدو الاصفر. انها عقدة "اشارةالمرور الضوئية"التي جاءت لتحل محل "عقدة فيتنام"!

ان نظريات نهاية التاريخ وصدام الحضارات ليست الا التعليل الايديولوجي والتبرير النظري للرؤية الكارثية للتاريخ والبشرية.

عقيدة الحرب الوقائية: الاساس النظري لعسكرة السياسة الخارجية الامريكية في الوقت الراهن:

على امتداد الاعوام الخمسة عشر الاخيرة وفي اطار الصراع الايديولوجي السياسي الذي يخاض على نطاق عالمي، تطرق فيديل كاسترو مرارا وتكرارا الى النكوص الادبي والاخلاقي للقوة العظمى الامريكية وسلوكها السياسي العسكري، ووصل به الامر الى التاكيد على ان البشرية عادت الى عهد ما قبل التاريخ.

ان عقيدة الحرب الوقائية او الاستباقية التي تتبناها الادارة الامريكية منذ العهد الاول للرئيس بوش الإبن جاءت لتؤكد ان كاسترو كان على صواب، اذ ان هذه الحرب تفتقر الى اية خلقية او شرعية وتستند الى غريزة بهيمية متأصلة في نفس الفرد البشري غير المؤنسن، الذي يسعى لتملك كل شيء واستعباد واذلال كل ما عداه. " هذا هو جوهر فلسفة التلمود الصهيوني (...) انها امريكا القرن الحادي والعشرين؛ من ليس معنا فهو ضدنا، ومن ليس مع اسرائيل فهو ضد امريكا". ان جلاوزة الحرب في امريكا واسرائيل يحددون العلاقة مع بقية البشرية على النحو التالي: " اما ان تذعنوا كالعبيد واما ان تذبحوا كالغنم".

تشكل الحركة الشتراوسية افضل ناطق باسم ادارة بوش فهي تستند الى مفاهيم: اما ان تكونوا معنا واما ان تكونوا ضدنا؛ قانون الغاب؛ كفاءة الكذب المتعمد في السياسة؛ والحرب الاستباقية.

في فبراير 2004، القى بوش خطابا امام معهد المؤسسات الامريكية وتوجه الى السياسيين والصحفيين الاعضاء في الحركة الشتراوس الفاشية قائلا " انكم مجموعة من افضل عقول بلدنا وان حكومتي فخورة لاستعانتها بخبرة عشرين منكم". ومن ضمن هؤلاء: ديك تشيني، رامسفيلد، بول وولفويتس، اليوت ابرامز، ريتشارد بيرل، وليام كريستول وغيرهم.
كثير من المؤلفين يتحدثون عن عودة العلاقات الدولية الى قانون الغاب. رمزيا هذا صحيح، لكن بعض ممارسات الجبابرة تحطّ من الجنس البشري بحيث ان مدبريها الذهنيين ومنفذيها الماديين لا يرقون ولو هذيانا الى مستوى بعض الآداب اللاواعية في عالم الغاب.

"كانت فكرة الحرب الوقائية الطّور الاول في تطور الاستراتيجية الهجومية الامريكية التي يؤرخ لها في الفترة 1945 ـ 1949، عندما كانت امريكا تحتكر امتلاك السلاح الذري في العالم". ومع ذلك وفي عام 1945، قال الرئيس آيزنهاور حرفيا " بالنسبة لي، اعتقد انه من المستحيل شن حرب وقائية. انا لا أؤمن بحرب كهذه. بصراحة، لن استمع بجدّيّة الى اي شخص يتحدث اليّ بهذا الخصوص".

وحين اندلعت ازمة الصواريخ النووية السوفييتية في كوبا (اكتوبر 1962) وأوصت هيئة الاركان المشتركة للقوات المسلحة الامريكية بالقضاء على تلك الصواريخ من خلال هجوم وقائي (...) وصف روبيرت كينيدي تلك الفكرة بأنها "بيرل هاربر بالمقلوب" مضيفا "على امتداد 75 عاما لم نكن دولة تلجأ الى هذا النوع من الحروب".

ان الهجمات الارهابية يوم 11 سبتمبر 2001 قد قدمت على طبق من ذهب الذريعة اللازمة لكي تحدث ادارة بوش تغيرا كاملا في السياسة الخارجية الامريكية بحيث اصبح " جوهر الاستراتيجية الامريكية الجديدة يستند الى اساس عسكري: توجيه ضربات احادية ضد اعداء مزعومين (...) لقد استبدل بوش السياسة التي كانت تتوخى السلام من خلال درء الحرب بسياسة تتوخى السلام من خلال الحرب الوقائية".
في عام 2003 استطاع دعاة الحرب الوقائية السيطرة على البنتاغون وحولوا عقيدة بوش الى سياسة رسمية للحكومة واساس لسياستها الخارجية.

في الواقع هذا الانقلاب المأساوي في السياسة الخارجية الامريكية يهدد ويضرّ العالم باسره بما فيه الولايات المتحدة الامريكية ويضع السلام والامن الدوليين في خطر حقيقي.

بهذا الصدد يقول هنري كيسنجر " ان اعتماد الحرب الوقائية لا يخدم المصالح القومية الامريكية، واعتمادها كمبدأ دولي يشكل خطرا جسيما على كل الدول..."، مما يرفع سياسة ارهاب الدولة الرسمية التي بلغت مستوى كارثيا الى درجة فاشية ليس لها قرين.

بهذا المعنى يشدد الاكاديمي الكوبي ارماندو هارت على ان " بوش يمثل الازمة الاخلاقية والقانونية التي تعيشها الحضارة الغربية المنبثقة عن اللاثقافة والجهل والاذلال (...) انها الفوضى والتسيب المتجسد في ادائه المافيوي، لانه الممثل الاعلى للارهاب الدولي وأعلن بكل صفاقة انه مناضل ضد الارهاب (...) بوش هو ممثل الفاشية الحديثة".

السياسة الخارجية الامريكية تجاه ما يسمى بالشرق الاوسط. الصراع الصهيوني ـ العربي.

في الفترة السابقة للحرب العالمية الثانية ونتائجها المؤاتية للولايات المتحدة الامريكية، لم تضطلع هذه، في الحقيقة ونظرا لاسباب جلية، بأداء واسع النطاق في المنطقة على الرغم من ان بعض الافعال اكتنفت اهمية معينة بالنسبة لوجودها ونفوذها لاحقا:

 في عام 1844 وصل ووردر كريستوفر الى القدس بصفته قنصلا امريكيا امام الامبراطورية العثمانية. ومن بين المهمات التي اختطها لنفسه نجد " الاضطلاع بعمل الرّب والمساعدة في انشاء وطن قومي للليهود في ارض الميعاد". في عام 1852 بنى اول مستعمرة يهودية في فلسطين.

 في 30 يونيو 1922 وافق الكونغرس الامريكي على وعد بلفور (...) ومنذ انعقاد مؤتمر بلتيمور (نيويورك 1942) بمشاركة قادة الحركة الصهيونية في فلسطين والولايات المتحدة الامريكية، بدات المنافسة بين مرشحي الرئاسة الجمهوريين والديموقراطيين في سبيل الفوز باصوات اليهود الامريكيين الذين كانوا يتمتعون بنفوذ سياسي ومالي واعلامي.

 في فبراير 1947 اجتمع الرئيس روزفلت مع العاهل السعودي عبد العزيز بن سعود على متن فرقاطة امريكية في قناة السويس واكد له على ان الولايات المتحدة الامريكية لن تتخذ اي اجراء بخصوص قضية فلسطين يكون معاديا للعرب.

 في عام 1946 ضغط الرئيس هاري ترومان على بريطانيا لكي تسمح فورا بهجرة مئة الف يهودي الى فلسطين ودعم تقسيم فلسطين وفقا لمخطط الوكالة اليهودية الذي صادقت عليه الجمعية العامة للامم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 بفضل الضغوطات الشديدة التي مارستها الولايات المتحدة الامريكية والحركة الصهيونية العالمية، وبعد عشرة دقائق من اعلان ديفد بن غوريون عن انشاء دولة اسرائيل في 15 مايو 1948 اعلن الرئيس ترومان عن اعتراف امريكا رسميا بتلك الدولة.

منذ ذلك الحين، تنطلق النظرة الامريكية لمنطقة الشرق الاوسط من رأي الرئيس الامريكي آيزنهاور القائل بأن " الشرق الاوسط هو اهم منطقة في العالم (...) ولذلك شددت السياسة الخارجية لادارته على ضرورة ابقاء الاتحاد السوفييتي خارج المنطقة؛ معتبرة ان اي نفوذ سوفييتي هناك سينظر اليه على انه تهديد للامن القومي الامريكي".
حسب راي سمير امين " بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اصبح الشرق الاوسط يحتل مكانة خاصة في الجيو ـ استراتيجية والجيو ـ سياسية الامبريالية وذلك نظرا الى ثلاثة عوامل: ثرواته النفطية وموقعه الجغرافي في مركز العالم القديم وكونه يشكل المنطقة الحساسة في النظام الدولي".

في هذا السياق تستند السياسة الخارجية الامريكية ازاء الشرق الاوسط على مجموعة من الثوابت الاستراتيجية التي كفلت لها حتى الآن، من خلال تفاعلها مع متغيرات اخرى، السيطرة الكاملة تقريبا على مسرح الاحداث وضبط حركة هذا النظام شبه الاقليمي والزج به في استراتيجية سيطرتها الكونية.

اولا: رعاية اقامة دولة اسرائيل قانونيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا في قلب الوطن العربي والتعهد الدائم بضمان وجودها وامنهاالاستراتيجي انطلاقا من عناصر ايمانية ومعتقدية دينية و المصالح الاقتصادية والجيو ـ سياسية الاستراتيجية.

يؤكد الاستاذ الامريكي نورمان بيرنبوم من جامعة جورج تاون " لا يزال صالحا حتى اليوم الوصف الذي قدمه أليكس توكنيل للولايات المتحدة الامريكية: أمّة ممزقة بين المحلية والحركية، بين المادية والتديّن وبين الخصخصة والقومية المتغطرسة".

كما ان الاستاذ الامريكي ايضا، جون غرين، من جامعة أكرون يقدّر "في الولايات المتحدة يوجد 62 مليون من الاصوليين الانجليكيين ( وهم صهاينة مسيحيون ومنهل المحافظين الجدد) يريدون دفع العالم الى الحرب في معركة فاصلة يموت فيها 3مليارات من البشر"، نسخة من معركة ارمجدون الموعودة، تمهيدا للظهور الثاني للمسيح؛ وانتصاره على عدوّه وحكمه العادل في الأرض لمدة الف عام قبل ان تقوم القيامة.

في هذا السياق يندرج المشروع الجيو ـ استرتيجي الصهيوني: اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، والمشروع الجيو ـ استراتيجي الامريكي: الشرق الاوسط الكبير، اللذان يتوخيان، اولا واخيرا، استحواذ الثّنائي الصهيونية المسيحية ـ الصهيونية اليهودية على الثروات المادية في المنطقة (النفط بشكل اساسي)؛ القضاء على امكانية انبعاث الامة العربية من خلال تصفية ثقافتها وهويتها القومية؛ والقضاء على الحضارة الاسلامية؛ وتشكيل تكتل اقتصادي ـ سياسي ـ عسكري في مواجهة الصين وروسيا بشكل رئيسي.

على هذا النحو نرى ان اندماج الثروة (راس المال)، والسياسة (الادارة) والدّين (الاكليروس) قد حدد الخلفية الايديولوجية للمصلحة القومية العليا للولايات المتحدة الامريكية، ناهيك عن انه قد حدد آلية تطبيق هذه الرؤية من خلال " محور ثقافي ـ حضاري ـ ديني؛ محور جيو سياسي للسيطرة على الثروات والموارد المادية؛ و محور عسكري باستخدام القوة النووية والكيماوية والبيولوجية".

عملية التماثل والاندماج المذكورة كان لها اثر مباشر على السياسة الخارجية الامريكية من خلال ما يسمى بـ " اسرلة السياسة الخارجية الامريكية" على حد تعبير فؤاد المغربي الذي يتفق مع الكاتب اليهودي الامريكي جوناثان غولدينبيرغ الذي يقول في كتابه " قوة اليهود في الولايات المتحدة الامريكية": " لا يمكن الفصل بين القوة الخاصة باسرائيل و الولايات المتحدة الامريكية، كما انه لا يمكن الفصل بسهولة بين قوة اليهود و قوة الولايات المتحدة الامريكية".

وبهذه الطريقة جاءت الصهيونية المسيحية، على المستوى الايديولوجي ـ الديني، لكي تبلور منظومة مصالح واهداف الصهيونية اليهودية، وتتكرس بصفتها ايديولوجية المشروع الامبريالي ـ الصهيوني على نطاق عالمي.

على الرغم من ان الدستور الامريكي يفصل الدين عن الدولة فان البحث العلمي في افعال كثير من الرؤساء الامريكيين وخاصة منذ الربع الاخير في القرن العشرين، يثبت التداخل المساميّ الواضح بين الايديولوجية الدينية وسياسة الدولة بما فيها السياسة الخارجية. اي ان الاصولية المسيحية ـ اليهودية لا زالت تشكل الى حد كبير المنهل الايديولوجي للحكومة بغض النظر عن تناوب الجمهوريين والديموقراطيين في السلطة، فهم يتنافسون فيما بينهم ليس فقط على كسب اصوات اليهود في الانتخابات بل وايضا على تقديم افضل الخدمات لدولة اسرائيل، انطلاقا من المفهوم اللاهوتي الامريكي القائل بان ذلك يشكل امتثالا لارادة الرب.

ولدعم هذه الاطروحة استشهد ببعض افعال واقوال بعض رؤساء الولايات المتحدة الامريكية:
• توماس جيفرسون: اقترح تبني رمزا للولايات المتحدة الامريكية يمثل الاسرائيليين البابليين.
• وودرو ويلسون: عين يهوديين بمنصب مستشار رئاسي وصادق رسميا على وعد بلفور. وفي رسالة الى زعيم الصهيونية الامريكية الحاخام ستيفن وايز، تطرق الى نفسه بالقول " انه يجب على ابن راعي الكنيسة ان يكون قادرا على المساعدة لاعادة الارض المقدسة الى شعبها اليهودي".
• فرانكلين روزفلت: خلال عهده الرئاسي تم تبني نجمة داوود ( رمز الصهيونية) شعارا رسميا للبريد وللخوذ التي يلبسها الجنود في الفرقة السادسة وعلى اختام البحرية وعلى طبعة الدولار الجديد وميدالية رئيس الجمهورية وخفراء الشرطة في شيكاغو وشارة الصدر للعمدة.
• هاري ترومان: فتح ابواب فلسطين لمائة الف مهاجر يهودي؛ أمر بتقسيم فلسطين؛ وكان اول من اعترف بدولة اسرائيل في العالم؛ كتابه المفضل: التلمود.
• الجنرال ايزنهاور: كان عضوا مؤازرا لجمعية "بناي بيرث" اليهودية وصديقا لجماعة "شهود يهوة" الارهابية. قال " ان اسرائيل ولدت بعد الحرب العالمية الثانية وانها قامت لتعيش مع غيرها من الدول التي اقترنت مصالح الولايات المتحدة الامريكية بقيامها".
• جون. ف . كينيدي: قال" ان امريكا التزمت التزامات صريحة بحماية اسرائيل ومن مصلحتنا نحن الامريكيين تنفيذ ما التزمنا به". كان كينيدي "يؤمن بأن الرّب يهوه هو الذي يحمي الولايات المتحدة الامريكية ويسهر على امنها".
• ريتشارد نيكسون: قال" لقد امرت في حرب 1973 ببدء جسر جوي ضخم للمعدات والمواد التي مكنت اسرائيل من وقف تقدم سوريا ومصر على جبهتين (...) ان التزامنا ببقاء اسرائيل اعمق بكثير من مجرد تحالف رسمي... انه التزام معنوي، انه التزام لم يخل به اي رئيس في الماضي وسيفي به كل رئيس في المستقبل باخلاص (...) ان الولايات المتحدة الامريكية لن تسمح ابدا لاعداء اسرائيل بتدميرها".
• جيمي كارتر: قال" ان شيئا لن يؤثر على التزام بلادي نحو اسرائيل؛ القدس يجب ان تبقى موحدة الى الابد" (...) "اننا نتقاسم نفس التراث التوراتي" (...) " العلاقة بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل فريدة ولا يمكن تحطيمها لانها متأصلة في وجدان واخلاق ودين ومعتقدات الشعب الامريكي".
• رونالد ريغن: اكد اكثر من احدى عشرة مرة انه يؤمن بنبوءات التوراة بما فيها معركة هرمجدون القادمة.
• جورج بوش الأب : سهل هجرة اليهود السوفييت. وقال " ان بلادي قدمت مساعدات مالية وعسكرية لاسرائيل بلغت 4.4 مليار دولار بالاضافة الى 10 مليارات دولار لتوطين اليهود السوفييت سابقا في فلسطين".
• ويليام كلينتون: كان عدد اعضاء مجلس الامن القومي في عهده 11 عضوا منهم 7 يهود كما ان 55 من كبار موظفي ادارته بمن فيهم وزراء كانوا يهودا، وهو صاحب شعار " لن نخذل اسرائيل ابدا".
• جورج بوش الصغير: انتهز احداث 11 سبتمبر 2001 لشن حملاته الصليبية ضد الامة العربية والاسلامية ايضا.

في حالة جورج بوش الابن، كان التبرير المسيحاني للاسس المسيحية ـ الصهيونية للسياسة الخارجية الامريكية تبريرا فاضحا ومفضوحا، فقد ادعى انه يجري اتصالات مباشرة مع الرب " الذي امره ان يشن الحرب على العراق من اجل تحرير الشعب العراقي (...) وهذا ما انتقده الرئيس الالماني جوهانز رو مؤكدا انه لا يوجد اي شعب يتلقى الاوامر من الرب لكي يحرر شعبا آخرا؛ التوراة لا تتحدث عن حروب صليبية وكلام بوش لا يعني المسيحيين".

وما يزيد الطين بله هو ان الرئيس الامريكي يستخرج عبارات خطاباته الى الامة الامريكية من كتاب " قوة الحرية للتغلب على الاستبداد والارهاب" لمؤلفه ناتان شيرانسكي، وهو وزير اسرائيلي لشؤون القدس والشتات اليهودي. واكد بوش في خطابه الى الامة ان هذا الكتاب يشكل جزء من فلسفته في الحياة السياسية.

احد الباحثين الامريكيين ـ بعد دراسته لكل احاديث وخطابات الرئيس الحالي بوش الابن ـ توصل الى النتيجة التالية : " بوش اصولي مسيحي يؤمن بان الضفة الغربية وقطاع غزة منّة (هبة) ربانية لليهود لا يجوز التنازل عنها".

الاستاذ الأمريكي جون اكسبوسيتو في كتابه بعنوان " الحرب غير المقدسة" يؤكد انه راى شخصيا الرئيس بوش وهو يصرح بان " اليهود هم شعب الله المختار الوحيد على وجه الارض". وتجدر الاشارة الى ان بوش الإبن هو اول رئيس امريكي يمول التعليم الديني من ميزانية الدولة الامريكية التي يفترض فيها انها دولة علمانية" حسب الدستور.

من المعروف ان اليهود يشكلون 3% من سكان الولايات المتحدة الامريكية ومع ذلك فانهم يشكلون 10% من مجلس الشيوخ.

نشرت مجلة دير اشبيغيل الالمانية تقريرا عن رواية " عودة المسيح" لمؤلف بروتستانتي من طائفة الباوتيست، وهي رواية ضربت خلال اسابيع قليلة رقما قياسيا معاصرا في المبيعات حيث بيع منها 80 مليون نسخة في الولايات المتحدة الامريكية مما اثار الرعب لدى الامريكيين انفسهم. وحسب كلام نيقولا كريستوف فان هذه الرواية " تدعو الى الفاشية وتحرض على الارهاب والتطهير العرقي"، بينما يرى ديفد كيرباتريك " ان هذه الرواية تتحدث عن مسيح يغرق العالم في حمام من الدماء والموت، على خلاف كبير جدا مع المسيح الذي نعرفه مسيح المحبة والسلام".

ان ما يثير الاستغراب هو ان الرئيس بوش الإبن ما انفك يستعمل الفاظا وعبارات تخص المؤمنين بطائفة الباوتيست مثل " صدام ورعب"، " معركة الرأس" في اشارة الى الحرب ضد العراق والتي يعتبرها بوش وزعيم الباوتست البروتيستانتية على حد سواء، " القوة المحركة لحرب مقدسة ضد اعداء المسيح".

ان فهم المسار التاريخي لتهويد المسيحية البروتستانتية يشكل المفتاح اللازم لفهم السياسة الامريكية تجاه فلسطين والعالم الاسلامي. فبالنسبة لاغلبية الامريكيين اسرائيل تشكل مشروعا الهيا لا يقبل الادانة والنقد. من يفعل ذلك يسيء الى الرب بعينه".

ثانيا: عسكرة الوجود والنفوذ الامريكي المباشر في مسرح الشرق الاوسط ومحيطه.

من المعروف علنا ان الولايات المتحدة الامريكية تطمح وتريد بناء امبرطورية عالمية مطلقة ومستبدة خاصة بها وتوطيد الاسس المادية التي تضمن وجودها وبقاءها على امتداد القرن الحادي والعشرين على اقل تقدير، وفقا لمشروع "القرن الامريكي الجديد"، المستند الى ايديولوجية خاصة في تاريخ الولايات المتحدة تكتنف بين ظهرانيها الغزو والاحتكار واحتقار العنصرين الاحمر والاسود. ويليام كورس وهو احد المتعصبين لهذا المشروع يقول للزنوج الامريكيين ان " احد افضل الاشياء التي فعلها تجار العبيد بحقكم هو جر اجدادكم الى هنا مكبلين بالاصفاد".

بعد زوال القطبية الثنائية اصبحت احدى المهمات الرئيسية والحاسمة للطبقة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية تتمثل في منع ظهور وتعزيز اقطاب جديدة ـ حاليا قيد التشكل ـ مثل اوروبا والصين. في الحقيقة تعيش الولايات المتحدة الامريكية سباقا مع الزمن ولهذا فانها تسارع الى خلق الظروف الدولية التي تمكنها من تحقيق اهداف مشروعها، بدء من محاولة السيطرة على الموارد المادية الاستراتيجية وخاصة النفط والمواقع الجيوستراتيجية من الناحية العسكرية والتجارية.

في سبيل ذلك لجأت بشكل اساسي الى استعمال القوة العسكرية ذات التكنولوجية الخارقة ضد اهداف ضعيفة ومستنزفة ( العراق، افغانستان، الصومال، السودان، صربيا وهايتي).

بالتزامن مع ذلك لا زالت تستخدم دبلوماسية الكاوبوي الهوليوودية: اشهار المسدس في وجه الخصم تحت خيار اما النقود واما الموت. على مسرح الشرق الاوسط تتجلى هذه الدبلوماسية بوضوح في حالات العراق وفلسطين وسوريا ولبنان.

ان الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط تنطلق من مقدمات مؤاتية لها ومنها:

1 ـ وجود اسرائيل بصفتها قاعدة عسكرية دائمة وموثوقة اذ انها تشكل جزء مكونا من المشروع الامريكي للسيطرة على العالم على المستويات التالية: الايديولوجي ـ الوجداني؛ الاقتصادي؛ والعسكري ( لديها اسلحة استراتيجية للتدمير الشامل بما فيها الاسلحة النووية). ناهيك عن وجود تحالف استراتيجي بين الدولتين منذ عام 1980.

2 ـ وجود غالبية احتياط النفط العالمي في المنطقة الخالية عمليا من اي نفوذ ذي وزن للقوى العالمية الاخرى.
3 ـ وجود نظام عربي رسمي يلعب ـ نظرا لتاريخه السياسي وجوهره الطبقي ـ دورا محزنا كعبد وخادم مطيع لراس المال، في اطار علاقة المركز ـ التخوم (المحيط).

4 ـ وجود تحالف عسكري استراتيجي بين الولايات المتحدة وتركيا بالاضافة الى العلاقات الممتازة بين الاخيرة واسرائيل.

ان هذه المقدمات قد سهلت الى حد كبير عسكرة الوجود الامريكي المباشر، على الارض، في الشرق الاوسط وحوله. وقد ادت تفاعلات المنطقة ومتطلبات التوسع الاقتصادي والسياسي والعسكري الامريكي الى " مزيد من التدخلات في المنطقة: عملية التسوية السلمية للصراع العربي ـ الصهيوني؛ انتشار اسلحة الدمار الشامل؛ "ما يسمى بـ "الدول المارقة" خلال التسعينات؛ معضلة الارهاب وتغيير الانظمة السياسية في اعقاب 11/9".

ان نجاح او فشل المخطط الامريكي للشرق الاوسط وامتداده الى ما يسمى " الشرق الاوسط الكبير" والذي يتجه بدوره نحو المواجهة المستقبلية مع الصين وروسيا والهند ( وفقا للمنظور الامريكي المنطلق من نظرية صدام الحضارات ونفس المشروع الامبراطوري العالمي) يعتمد في رأيي على الطريقة التي ستحل بها ثلاثة معضلات ساخنة وحاسمة بالنسبة لمستقبل المنطقة وربما العالم ايضا.

اولا: الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني

لقد استطاعت الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل منذ عام 1993 ايجاد شريحة اجتماعية ـ سياسية فلسطينية متوائمة مع ايديولوجيتهما وفكرهما الوحيد، وتنطلق نظرتها وسلوكها السياسي ـ العسكري من واقعية مبتذلة، جعلتها قادرة على التفريط بمصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية والوطنية، في سبيل الحفاظ على امتيازاتها الطفيلية ( بصفتها برجوازية كومبرادورية) وانخراطها كأداة طيعة ومطيعة في استراتيجية السيطرة الاقليمية لكلا القوتين.

لقد تصرفت الولايات المتحدة الامريكية دائما كطرف وحكم في جهودها الفردية او في الجهود متعددة الاطراف الرامية الى حل الصراع الذي مهدت له تاريخيا وحافظت عليه ولا زالت. " من 77 مرة استخدمت فيها الولايات المتحدة الامريكية الفيتو في مجلس الامن الدولي، 36 مرة كانت ضد مشاريع قرارات تدين اسرائيل": وهي الدولة الوحيدة العضو غير القانوني في الامم المتحدة ولا ينالها اي عقاب، لانها اي اسرائيل حسب راي الولايات المتحدة الامريكية تقف فوق البشرية ومؤسساتها القانونية والسياسية لانها تشكل تجسيدا للمشيئة الرّبانية. "منذ عام 1947 رفضت اسرائيل تنفيذ اكثر من 100 قرار صادر عن الامم المتحدة". كما ان " اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة الامريكية يساهم بـ 40% من نفقات الانتخابات للحزب الجمهوري و65% للحزب الديموقراطي (...) بينما يتمتع اصدقاء اسرائيل في ولاية نيويورك بـ 65% من مقاعدها في الكونغرس (...) في حين يصوت 80% من مجلس الشيوخ و77% من مجلس النواب لصالح القرارات المعادية للعرب بناء على اقتراحات اللوبي الصهيوني".

ان الاستعجال الامريكي ـ الاسرائيلي في ايجاد حل ما للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني يعزى في المقام الاول الى الازمة الشاملة التي تواجهها الادارتان داخل وخارج حدود اختصاصهما؛ فشل الخيار العسكري الصهيوني في تصفية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية؛ والضرورة الملحة للتفرغ للعراق بعد ان احتلوه عسكريا.

ثانيا: الحرب العدوانية والاحتلال العسكري للعراق.

اذا انطلقنا من حقيقة وجود ترابط حميم بين الاستراتيجية الامريكية ونظيرتها الصهيونية الاسرائيلية تجاه الوطن العربي، فانه يمكننا استنتاج ان دولة اسرائيل لا زالت حتى الآن هي الرابح الاكبر من عواقب الحرب الامريكية ضد العراق. فمن بين مكاسبها: القضاء على العدو الرئيسي والتهديد العسكري لاسرائيل على الجبهة الشرقية ( يعني نظريا تم ضمان الامن الاستراتيجي الخارجي لاسرائيل لمدة زمنية طويلة)؛ خلق ظروف مؤاتية اضافية امام مشروع "اسرائيل الكبرى"؛ تعزيز اسرائيل كقوة عسكرية ذات سيطرة اقليمية؛ ارباح اقتصادية متنوعة.

انطلاقا من المنظور الامريكي وحسب كلام نعوم شومسكي " يستجيب غزو العراق لحاجة الولايات المتحدة الامريكية لبناء اول قاعدة عسكرية آمنة في مركز اكبر موارد الطاقة في العالم".

ان الازمة الامريكية في العراق تشكك تشكيكا حقيقيا بكل مخططها الاستراتيجي لمنطقة الشرق الاوسط مما ستكون له عواقب وخيمة على مشروع هيمنتها وسيطرتها العالمية، خاصة اذا ما اخذنا بالحسبان حقائق الوضع الدولي الراهن المشار اليها سابقا، مضافا اليها واقعا حقيقيا ومرئيا طارئا يتمثل في ان الولايات المتحدة الامريكية اخذت تفقد نفوذها ومواقعها في امريكا اللاتينية على يد حركات يسارية ذات جذور شعبية عميقة وتطلعات تكاملية (وحدوية) وقومية امريكيةلاتينية، وذات توجهات مناهضة لليبيرالية الجديدة ومناهضة للامبريالية.

ان هذه الحقائق تجعل الولايات المتحدة اكثر خطورة وفاشية ودموية حيث ان زعامتها السياسية المشبعة بايديولوجية محافظة جديدة واصولية ظلامية كارثية، تمتلك التكنولوجيا العسكرية الفتاكة والتي لم يعرف لها التاريخ مثيلا.

يجب ان لا نماثل بين " المحافظين الجدد والحزب الجمهوري لانهم في الحقيقة كانوا صقور الحزب الديموقراطي ( على سبيل المثال، هنري جاكسون وبول وولفوفتز). والفرق بين الحزبين كالفرق بين كوكاكولا وبيبسي كولا، انهما وجهان لعملة نفس المشروع الامبراطوري الامريكي".

لقد اصبح تفكك ائتلاف التكالب الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الامريكية في احتلالها للعراق واضحا وامرا واقعا. لكن هناك محاولة لتشكيل ائتلاف اقليمي ، بشكل او بآخر ولغاية هذه اللحظة، يزج بايران ودول عربية معينة لكي تلعب في الساحة العراقية دورا رسمته لها واشنطن مما يقدم لها استراتيجية للخروج من ازمتها العويصة. وفي نفس الاثناء تواصل الولايات المتحدة الامريكية شن حرب تطهير عرقي وتدمير حضاري ضد المقاومة العراقية باستخدام كافة انواع الاسلحة المحرمة دوليا.
ان مستقبل المشروع الامريكي يعتمد الى درجة كبيرة على قدرة الشعب العراقي على الصمود والحاق الهزيمة بالمحتلين وعملائهم.

ثالثا: المشروع الامريكي "للاصلاح واشاعة الديموقراطية" في الشرق الاوسط.

لقد جاء الغزو الامريكي للعراق حاملا معه مشروعه الايديولوجي الرامي الى فرض هيمنة ثقافته وقيمه المقنّعة من خلال نضال مزعوم في سبيل الحرية ضد الدكتاتوريات؛ وضرورة اصلاح الانظمة السياسية ودمقرطتها وتحديث وعصرنة برامج التربية والتعليم...الخ.

في الحقيقة تعاني الحملة التبشيرية الامريكية منذ البداية من انعدام مصداقيتها بالكامل امام جماهير الشعوب العربية نظرا لـ :

1 ـ زيف وانعدام قانونية الحجج التي شهرتها الولايات المتحدة الامريكية في شنها حربها على العراق، الممارسات الفاضحة والوضيعة التي قامت بها مؤسساتها الرسمية وقواتها في العراق المحتل. في الحقيقة، العراق تحت الاحتلال الامريكي ومعه افغانستان وفلسطين يقدمون جوهر الديموقراطية والحرية الامريكية التي يتشدقون بها.

2 ـ موقف الولايات المتحدة الامريكية المتمسح (من تمساح) ازاء الممارسات المستمرة التي لا زالت تقوم بها ربيبتها اسرائيل بحق الشعوب العربية منذ ما يزيد على قرن من الزمان وتشمل اعمال الابادة وجرائم الحرب وجرائم بحق البشرية.

3 ـ الانظمة العربية التي تعتزم الولايات المتحدة الامريكية دمقرطتها واصلاحها، لا زالت بطريقة او باخرى وبدجات متفاوتة "حليفة" لها، ولا زالت تحكم شعوبها بالحديد والنار ولا زالت تتربع على السلطة بفضل مساعدة وحماية الولايات المتحدة الامريكية وآخرين من حلفائها من القوى الاوروبية.

4 ـ الهجمة الجامحة ضد التراث الثقافي الحضاري للشعوب العربية والاسلامية اثارت الرفض العلني للمشروع الامريكي. فالولايات المتحدة الامريكية تنوي تزييف وتدمير التاريخ والهوية الثقافية العربية والاسلامية من خلال حملتها الصليبية المناهضة لما هو عربي ولما هو اسلامي تحت ذريعة مكافحة الارهاب الذي صنعته هي بيدها.

5 ـ لا يوجد لدى الولايات المتحدة الامريكية بديل قابل للحياة ومتماهي مع مصالحها افضل من الطبقات والشرائح الاجتماعية التي تستأثر حاليا بسلطان الحكم في بلدان المنطقة. ولهذا السبب فانها تضغط عليها وتبتزها لكي تقدم مزيدا من التنازلات وافضل الخدمات للمصالح الامريكية والاسرائيلية وخاصة فيما يتعلق بكل من فلسطين والعراق.

بموازاة ذلك تعمل الولايات المتحدة الامريكية على ايجاد بديل آخر: اسلاميين معتدلين ينالون الرضى والشرعية من شعوبهم ويستطيعون الانخراط في مخطط الشرق الاوسط دون التسبب لها في احراجات او مشاكل، ويكونون قادرين في الوقت نفسه على وقف او تدميرعنفوان تيارات الراديكاليين الاسلاميين والقوميين واليساريين العلمانيين.

بغض النظر عن الهدوء الظاهري على جبهة الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، والهدوء المتوتر على الجبهة الاسرائيلية ـ السورية ـ اللبنانية، فانه من المتوقع ان تستمرالهجمة السياسية ـ العسكرية الامريكية ـ الاسرائيلية وربما تمتد الى ايران بسبب الازمة بخصوص برنامجها النووي في بوشهر، حيث ان المقاومة العراقية آخذة في التصاعد،؛ ولا توجد بوادر لانتصار عسكري تقليدي امريكي في ارض المعركة؛ ولا يلوح في الافق اي امل حقيقي في ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

على كل حال، في سياق سيرورة عولمة عالم اليوم، تتبادل الاحداث والسيرورات في مختلف المناطق الاصداء فيما بينها بشكل اكثر سرعة ومباشرة وباضطراد، نظرا للتطور المتسارع لانجازات الثورة العلمية ـ التقنية التي تشهدها وسائل الاتصال الجماهيري والاعلام، وإشاعة الوعي والمعرفة بين الشعوب والامم، والتداخل بين طموحاتها الحقيقية ونضالاتها ومطالبها في سبيل عالم ينعم فعلا بالحرية الحقة والسلام والعدل والتضامن والتنمية الشمولية.

واذا كانت العولمة الليبيرالية الجديدة و/او المحافظة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الامريكية تشكل جوهر "الاممية المستبدة والدموية" للامبريالية العالمية التي تنتقل الى طور الامبراطورية، فان الاممية الانسانية الحقة يجب ان تكون جوهر فعل ووعي كافة الذين يعترضون على هذه الايديولوجية المقبرية والكارثية وسياستها الخارجية المعسكرة والمشؤومة.




ملاحظة ختامية من الكاتب:

اولا اتوجه بالشكر والتقدير لكافة الاخوة والرفاق والزملاء ( من مختلف القوميات والاجناس والثقافات واللغات والبلدان) الذين كتبوا وحللوا واجتهدوا قبلي حول شؤون وشجون السياسة الخارجية الامريكية واستعنت بآرائهم وكتاباتهم كمصادر لهذا البحث المتواضع.

ثانيا: حذفت الخلاصة من البحث لكي يتسنى لكل قاريء ان يتوصل الى خلاصات بنفسه كما حذفت المراجع لتسهيل النشر الصحفي.

وثالثا: تم اعداد هذا البحث (العلمي) باللغة الاسبانية في اطار التحضير لرسالة ماجستير، ونشر في عدة مواقع امريكية لاتينية واوروبية على شبكة الانترنيت في شهر مارس 2005 . كما شرفتني مجلة كنعان العربية بنشره باللغة الاسبانية ووجهته الى قرائها الناطقين بتلك اللغة في الامريكتين.




#نور_الدين_عواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً ...
- مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن ...
- مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة ...
- ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا ...
- كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة.. ...
- لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
- صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا ...
- العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط ...
- الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين عواد - بصدد الخطوط الرئيسية للسياسة الخارجية الامريكة وتجلياتها الراهنة تجاه الشرق الاوسط