أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث














المزيد.....


الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4513 - 2014 / 7 / 15 - 21:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الزواج في اليهودية، علاقة إله بشعبه
أشرنا في المقال السابق لمفهوم الزواج في اليهودية، إذ أن اليهودية هي مهد المسيحية. لكن لا بد لنا قبل إنهاء تعريف الزواج في اليهودية، أن نتطرق الى البعد الروحي للزواج في هذا الدين.
تخطى مفهوم الزواج في اليهودية المفهوم الأفقي الذي يربط الرجل بالمرأة ليأخذ مفهوما عاموديا يربط الأمّة اليهودية بالله. فالله، و على امتداد صفحات الكتاب المقدس في العهد القديم، هو الحبيب الذي احب شعبه حبا فريدا لا مثيل له، و هو الخطيب الذي خطب الأمّة اليهودية لنفسه دون شعوب الارض، و هو الزوج الذي اختار هذه الأمة و ارتبط بها في علاقة محبة عميقة و أبدية. لكن، و على صفحات الكتاب المقدس أيضا، يعبر الله عن خيبة أمله من هذه العلاقة التي لم تتكافأ فيها موازين الحب. فالشعب اليهودي هو المرأة الساقطة التي لم تبادل رجلها الحب بمثله، هو المرأة الزانية التي أحبت آلهة الأمم المجاورة أكثر من إلهها ، و هو المرأة الخائنة التي خانت العهد و جرت مع عشاقها الكثيرين (آلهة الامم و شعوبها). لكن القصة تأخذ منحى مغايرا لما اعتدنا عليه في الواقع حيث، و في مثل هذه الحالات، يقوم الرجل بتطليق المرأة و التخلص منها. إنما، و على عكس الواقع ، يظهر الله على مسرح الأحداث بمحبته الفائقة لينتشل زوجته الخائنة من براثن العشق القبيح و الزنا، و من ثم يستر عريها (روحيا)، و يقيمها من خزيها بعدما تخلى عنها كل عشاقها (الأمم الذين جرت وراءهم مثل الكنعانيين و البابليين و الفرس و المصريين)، و يلبسها أجود الثياب و يسامحها و يردها إليه. لا ننسينّ أن استرجاع الله لزوجته الخائنة أمر غريب على المجتمع اليهودي و الذي هو جزء من المجتمع الذكوري الشرق أوسطي آنذاك. فالمرأة آنذاك كانت سلعة تباع و تشترى و تطلق و تسترد، فما بالك إن كانت هذه المرأة خائنة و زانية؟ و تنتهي هذه القصة نهاية سعيدة حيث يغفر فيها الزوج لزوجته الخائنة و يعدها بحب أبدي و بإحسان غامر.
و نستطيع تلخيص هذه العلاقة بين الله و الشعب اليهودي حسب التوراة بالشكل التالي:

• يختار الله الشعب اليهودي دون سائر شعوب الارض ليقدسه، كما ورد في سفر التثنية " لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك. إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" (تثنية7: 6). و من الملفت للنظر أن الله لم يختر اليهود لأنهم أفضل من سواهم، و ها هو يقول لهم في العدد السابع من الاصحاح نفسه " ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب، التصق الرب بكم و اختاركم، لأنكم أقل من سائر الشعوب" (تثنية7: 7). إذا لماذا اختارهم الله و هم أقل سائر الشعوب. يأتي الجواب في (تثنية 7: 8) حيث أن اختياره لهم كأمة مرده القسم الذي أقسمه لآبائهم " بل من محبة الرب إياكم، و حفظه القسم الذي أقسم لآبائكم، أخرجكم الرب بيد شديدة و فداكم من بيت العبودية من يد فرعون ملك مصر."

• بعد أن اختار الله شعبه، يرتبط به بعلاقة حميمة. فيكون هو الزوج و تكون الامة اليهودية الزوجة المختارة " لأن بعلك (زوجك) هو الرب صانعك، رب الجنود اسمه، و وليّك قدوس اسرائيل، إله كل الأرض يدعى" أشعيا 54: 5).

• لكننا نرى أن الامة اليهودية لم تحافظ على عهود الزواج الذي أرساه الله، فخانته و ابتعدت عنه لتعشق آلهة أمم أخرى أقوى. لذلك يوقع الله التأديب على زوجته الخائنة بطردها من الارض التي وعد الآباء بها لهم و لنسلهم من بعدهم إن هم أطاعوه. نختار من سفر أشعيا 24 بعض الاعداد التي تصف هذا العقاب " هوذا الرب يخلي الارض و يفرغها ويقلب وجهها و يبدد سكانها" و لا يستثني الله أحدا من هذا العقاب " و كما يكون الشعب هكذا الكاهن. كما العبد هكذا سيّده، كما الآمة هكذا سيّدتها..." و يبرر الله هذا العقاب بنكث الشعب لعهود إلههم " لأنهم تعدوا الشرائع، غيروا الفريضة، نكثوا العهد الأبدي" (أشعيا 24: 1- 5). و لتشريع حقه بالتأديب، يخاطب الله زوجته (الامة اليهودية) قائلا " حقا أنه كما تخون المرأة قرينها، هكذا خنتموني يا بيت إسرائيل، يقول الرب" (إرميا 3: 20).

• لكن الله لا ينسى القسم الذي أقسمه للآباء و طبيعته المحبة غير مشروطة و التي لا تتأثر برد فعل المحبوب (الأمة اليهودية)، بل هي تعبر عن نفسها بحب مطلق لا يعرف الحدود. عندها ينظر الله الى ذل حبيبته وسط الأمم الذين سبوها و احتقروها، فيمد يده لها و ينهضها و يعدها بسلام أبدي كما تعبر الآيات التالية من سفر أشعيا 54 (4-10) "لا تخافي لأنك لا تخزين و لا تخجلي لأنك لا تستحين فإنك تنسي خزي صباك و عار ترملك لا تذكرينه بعد . لأن بعلك هو صانعك رب الجنود اسمه و وليك قدوس إسرائيل إله كل الأرض يدعى. لأنك كامرأة مهجورة و محزونة الروح دعاك الرب و كزوج الصبا إذا رذلت، قال إلهك. لحيظة تركتك و بمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الغضب حجبت وجهي لحظة و بإحسان أبدي أرحمك قال وليك الرب. لأنه كمياه نوح هذه لي. كما حلفت أن لا تعبر بعد مياه نوح على الأرض هكذا حلفت أن لا أغضب عليك و لا أزجرك. فإن الجبال تزول و الآكام تتزعزع أما إحساني فلا يزول عنك و عهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب".

إذا، و كما أشرنا سابقا، يأخذ الزواج في اليهودية اتجاهين، واحدهما أفقي و يربط الرجل بالمرأة و ثانيهما عامودي يربط الله بالأمة فيكون هو الزوج و تكون هي الزوجة و يظهر الله فيه مثالا لما يجب عليه أن يكون الحب السامي غير المشروط و الذي لا يتغير بتقلبات المحبوب و تجاوبه و رد فعله، كما يعطينا دروسا لما يجب عليه أن نتحلى به من صفات مع شريك الحياة ألا و أهمها الحب المطلق، الصفح، الالتزام، العطاء، رذل الأنانية، و رفض التعامل بمبدأ العين بالعين و السيف بالسيف.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة بنصف عقل و رجل بعقل كامل
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني
- بين كندا و لبنان
- سيدي فخامة الرئيس ساركوزي
- أهلا سادتي الدواعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
- ديانا الترك ضحية جريمة الشرف
- التحرش الجنسي بين الثقافة و القيم المعاصرة
- الموت لمريم
- رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق
- سامحينا يا مريم
- مات القمر
- أنقذوا الطفولة
- لارا و أحمد
- وزير تعتذر من طاه
- العنف التربوي و اساليب معالجته
- ورقة اللوتو
- زمن أبي اللهب
- سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
- نساء عاريات أمام اللوفر


المزيد.....




- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...
- استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
- مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
- مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا ...
- غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
- أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين ...
- أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب ...
- رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في ...
- ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة ...
- هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث