أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية














المزيد.....

عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4513 - 2014 / 7 / 15 - 08:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اكتسح حزب الشعب الهندوسى الراديكالي (بهاراتيا جاناتا) الانتخابات البرلمانية الهندية، حيث حصل على الأغلبية في البرلمان (280 عضوا من 543)، وبهذه الأغلبية فقد أصبح بمقدور حزب الشعب أن يشكل حكومة بدون حاجة إلى التحالف مع غيره من الأحزاب.
ويعرف حزب الشعب بكراهيته للمسلمين والمسيحيين وقمعهم، حيث يعتبرهم أجانب ويعتبر الهند دولة هندوسية، مما جعل فوزه الساحق يثير في أوساط المسلمين تخوفات كثيرة، إذ رغم أن عدد المسلمين في الهند يفوق 180 مليون نسمة، إلا أنهم يظلون في حكم الأقلية الصغيرة وسط مليار من الهنود.
ما أثار انتباهي هو التصريح الذي أدلى به أحد مشايخ المسلمين عبر قناة فرنسا 24، وهو التصريح الذي يطالب فيه الهند باحترام علمانيتها وعدم الوقوع فريسة التطرف الراديكالي لحزب الشعب، منبها هذا الحزب إلى أنه في حالة اضطهاد المسلمين فسيكون ذلك خيانة لمبدأ العلمانية المعتمد في الهند. وهكذا في الوقت الذي يقوم فيه الكثير من المسلمين في العديد من البلدان بـ "محاربة العلمانية" يعتبرها مسلمو الهند منقذهم من الاضطهاد، ولعل قراءة هذه الواقعة ستكون عبرة لأولي الألباب.
ففي البلدان التي يشكل فيها المسلمون أغلبية الشعب يشيعون فيما بينهم أنّ العلمانية معادية للدين، وأن الإسلام دين ودولة لا ينفصلان، وأن الفصل بينهما ليس من "تقاليدنا العريقة"، ولهذا يسعون إلى فرض عقيدتهم وطقوسهم وثقافتهم الدينية على جميع الأقليات الأخرى، ويطالبون هذه الأقليات بالانمحاء في الفضاء العام وعدم الظهور لأنها "تستفز مشاعرهم"، أما في البلدان التي يعدّ فيها المسلمون أقلية فيستنجدون بالعلمانية لكي تحميهم من الأغلبية، ماذا يعني ذلك ؟ يعني ببساطة أن المسلمين يريدون العلمانية عندما يحتاجون إليها لحماية أنفسهم من الظلم، ويرفضونها عندما تكون مطلبا لحماية غيرهم من الأقليات الأخرى. والدرس الذي ينبغي أن يتعلموه عبر تغيير ذهنيتهم هي أن العلمانية هي النظام الذي يحمي جميع الديانات وتستطيع أن تتعايش في ظله بكل أمان، لأنه في غياب العلمانية يصبح دين الأغلبية سيفا مسلطا على رقاب الناس، وأداة قمع وترهيب، وتاريخ الإسلام والمسيحية واليهودية والهندوسية دليل قاطع على ذلك، فقد استعملت هذه الديانات كلها من طرف معتنقيها في فترات من تاريخها الطويل لاضطهاد الأقليات الأخرى وسحقها وإرغامها على الخضوع لقوانين لا تؤمن بها، مما يحتاج معه الجميع إلى قوانين محايدة تنصف الجميع، وتلك هي العلمانية، حياد المؤسسات تجاه الدين واعتبار هذا الأخير أمرا شخصيا، واعتماد منطق المساواة في إطار المواطنة بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العقيدة أو اللغة أو النسب والأصل العرقي.
صرخة الاستنجاد الصادرة من مسلمي الهند هي نفس الصرخة التي يطلقها مسلمو فرنسا عندما يطالبون الدولة الفرنسية باحترام علمانيتها التي تم إرساؤها سنة 1905، وعدم منع الحجاب على النساء والفتيات داخل المؤسسات، بينما لا أحد يحمي نساء غزة وفتياتها من غلو ميليشيات "حماس" التي تفرض الحجاب بكل الطرق الظاهرة والمستترة، والتي قد تصل أحيانا إلى درجة العنف المادي المباشر في الشارع العام، دون الحديث عن التهديد والوعيد اليومي.
إذا كان الأساس الذي ينطلق منه مسلمو فرنسا والهند لانتقاد السلطة هو العلمانية التي تقر بحرية اللباس فما هو الأساس الذي يمكنهم الانطلاق منه لانتقاد حماس وإيران والسعودية والسودان، التي تفرض الحجاب قهرا وتعاقب بأشد العقوبات النساء المخالفات للزيّ المفروض رسميا ؟ ولماذا يطالب المسلمون بحرية اللباس لأنفسهم في البلدان العلمانية بينما لا يطالبون بهذه الحرية في بلدانهم حيث تسود كل أنواع الاضطهاد باسم الدين ؟
ليس هذا هو الدرس الوحيد الذي على مسلمينا تعلمه من مسلمي الهند، بل هناك درس آخر عميق وهو أن صرخة أئمة الهند المطالبين باحترام علمانية الدولة أنها ستنبه جماعات الإسلاميين إلى الخطأ الذي يرتكبونه عندما يختزلون الديمقراطية في صناديق الاقتراع وحدها وصوت الأغلبية العددية، ويعتبرون أن من حصل على الأغلبية سيكون من حقه أن يفعل ما يريد بالناس، ويطبق سياسته كما يشاء، رغم ما قد يكون فيها من غلو واعتداء على الغير، فإذا كان الأمر كذلك فليس عليهم إلا قبول مصير المسلمين في الهند، وقبولها كذلك في أوروبا عندما ستكتسح الأحزاب اليمينية الراديكالية والفاشستية صناديق الاقتراع، وهذا مستقبل ليس ببعيد.

ملحوظة جانبية:
اضطهاد المسلمين في الهند من طرف الهندوس لا يعود فقط إلى عنصرية الأغلبية الهندوسية بل إلى عامل آخر أيضا هو إصرار المسلمين على السخرية من عادات الهنود وتقاليدهم وديانتهم واعتبارها خرافية واعتبار دينهم وحده الصحيح، وهذا يعلمنا درسا آخر هو ضرورة احترام الديانات والمساواة بينها في قيمتها الإنسانية، حتى نضمن التعايش المشترك الذي أساسه الاحترام المتبادل والمساواة في إطار المواطنة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى المقامرين بالوطن
- لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين
- مأزق طارق رمضان
- لماذا نحن ضد إعدام 529 إخوانيا مصريا
- من أين تأتي جاذبية خطاب العنف والتطرف ؟
- حقوق المرأة في الدستور المغربي، مكتسبات معطلة
- جذور الإسلاموفوبيا من أجل نظرة واقعية
- من المسئول عن جعل الفنانين المصريين سفراء للعسكر ؟
- لماذا تظل الحقائق صادمة في بلدان المسلمين ؟
- ثورة القبل
- مأزق المسلمين حضاري وليس سياسيا
- لماذا لم يزهر ربيع الإسلاميين ؟
- -صامدون- ضد من ؟
- أحمد عصيد - كاتب وشاعر وباحث أمازيغي مغربي، وناشط حقوقي وعلم ...
- حول -المحاكم الشعبية الأمازيغية-
- السلفية ومستقبل المسلمين
- دور الإسلاميين في المخطط الأمريكي الجديد
- كيف نحول الإسلاميين إلى ضحايا وهم في الحكم ؟
- الإعلام والوصاية الدينية
- تعليم الأمازيغية بين الشعار والممارسة


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية