|
تبرير السقطات في الكيانات الحزبية
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1276 - 2005 / 8 / 4 - 10:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
معظم قيادات الكيانات الحزبية في العالم الثالث من جيل الديناصورات غير القابلة للتطور وتعاني من قحط وتصحر في ثقافتها السياسية، بل أن القسم الأعظم منهم جهلة وأميين وحثالات قاع المجتمع. تجدهم في هرم السلطة المستبدة وقيادة حزبها الشمولي كونهم يمتازون بالقسوة والعنف ويمارسون أبشع أنواع الاضطهاد ضد المجتمع بغرض فرض توجهاتهم. وفي المقابل فإن قيادة أحزاب المعارضة تماهي سلطة الاستبداد في تحشيد حثالات القاع في قياداتها، وكلاهما يكره الثقافة والمثقفين. هذا التماهي لقيادات أحزاب السلطة والمعارضة، أدى إلى تهميش وإقصاء المثقفين عن مراكز القيادة السياسية، وهناك من المثقفين من أرتضى لنفسه القبول بتسلط القيادات الجاهلة والأمية وأصبح أداة بيدها ومدافعاً عن سقطاتها ويبرر سياساتها الخاطئة. ويتمادى أكثر ليجعل من نفسه كلباً للحراسة، مهمته النباح والعواء ضد المنتقدين لسياسية وتوجهات قيادته الحزبية. وحين تقتصر مهمة المثقف الحزبي على تبرير سقطات قيادته ويمارس دور كلب الحراسة لها، لم يعد يسمى مثقفاً. لأن من مهام المثقف الدفاع عن مصالح المجتمع وكشف مكامن الأخطاء، وتعرية حثالات القاع الذين يعثون فساداً في الأرض. فلم تجد التطورات المتسارعة على صعيد العالم في كل مرافق الحياة، طريقاً لها في الكيانات الحزبية فمازالت قياداتها الجاهلة تتصدر المشهد السياسي. ومقياس نضالها السياسي هو الشهداء والسجن ورفع السلاح والغدر والإساءة للمخالفين بالرأي....، وتلك الممارسات (النضالية) يتوجب أن يكافئ عليها الكائن الحزبي عند استلام كيانه السلطة. كأن يسنم وزيراً أو مديراً عاماً لمؤسسة، يتناسب وحجم ممارساته (النضالية) السابقة!. لافسحة لحثالات قاع المجتمع في خوض التنافس الاجتماعي الحر، فوجدت ضالتها في الكيانات الحزبية لتحقيق ذواتها. فنضالها السياسي المغلف بالشعارات الإنسانية يخفي بين طياته نوازع داخلية لتحقيق المصالح الذاتية، فلا قيمة لتلك الشعارات الإنسانية إن لم تحقق لها الفوز بمركز اجتماعي-سياسي عند استلام كيانها الحزبي للسلطة. فهي لاتعي أن النضال لأغراض إنسانية لايشترط المكافأة، وإن الدولة تتطلب خبراء ومختصين وأكفاء لإدارة شؤونها في سبيل تحقيق مصالح المجتمع لا إلى جهلة وأميين يستندون إلى مبدأ المكافأة في نضالهم الحزبي!. إن مبدأ المكافأة لسنوات النضال المعتمد لدى الكيانات الحزبية أدى إلى المزيد من الخراب، والإساءة لمرافق الدولة وأضر بمصالح المجتمع. وانسحب هذا الضرر على الكيان الحزبي ذاته الذي أصبح شغله الشاغل تحقيق مصالح أعضاءه من حثالات القاع وعلى حساب الكفاءة والتخصص في إدارة شؤون الدولة والمجتمع. إن حزب السلطة بدلاً من أن يكون جهازاً للرقابة على أداء الحكومة أصبح الحكومة ذاتها وجهازها الفاسد وبالتالي فإن رد الفعل الاجتماعي لم يقتصر على مناهضة أداءها وإنما أصبحت مهمته مناهضة الحكومة وحزبها باعتبارهما يتحملان مسؤولية الإساءة والإضرار بمصالحه. يعتقد ((تيموثي غاراثون))"عندما أحيل الحزب الحاكم إلى محكمة الطبقة التي ينتمي إليها على حد زعمه وباسمها يحكم، أدين بالخيانة العظمى". إن سياسة التبرير لسقطات القيادة الحزبية وما يلجأ إليه العديد من الكائنات الحزبية، عمل مضر بالكيان الحزبي ذاته قبل أن ينسحب ضرره على المجتمع بالكامل. وإن ترسيخ مبدأ (النقد البناء) في ذهنية الكائن الحزبي، يخفي بين طياته عدم توجيه النقد لقيادته وإنما العمل على تبرير سقطاتها. إن من مهام النقد هو هدم أسس البناء الخاطئ وإلا فإن عملية البناء على أساس هش وخاطئ، يسفر عن خسائر لاحدود لها. وحينها تعمد القيادة الحزبية على نقد ذاتها وينتهي الأمر! وكأنه حدث عابر لايستوجب إجراء محاسبة صارمة جراء تعريض مصالح الحزب والمجتمع للضرر. ومن ثم تبدأ من جديدة بسقطات أخرى تجلب المزيد من الكوارث على المجتمع طالما الأمر لايتعدى النقد الذاتي، ويستمر دعاة التبرير من الكائنات الحزبية وحثالات القاع على دعم وأزر قيادتهم دون أن يعتريهم أي خجل أو حياء!. إن تبرير سقطات القيادة الحزبية لايصحح مسار تاريخها المشين، فالتاريخ مستودع كبير للأحداث والسقطات المشينة وكذلك للأحداث والنجاحات السياسية. فلا جدوى من تبرير السقطات والإخفاقات لقيادة الجهلة والأميين، لأن التاريخ لايغفلها مهما حاول مزوريه لوي عنق الحقيقية. يرى ((محمد الحبابي))"أنه من غير المجدي أن تعمل على تبرير موقف سياسي، فالتاريخ مخزن سلاح يضمن بالتساوي لكل المتحاربين من جميع الأحزاب السياسية العثور على أسلحة". إن من تعتمر ذاته بالشعور الوطني والحريص على تقدم وتطور مجتمعه، عليه أن يبادر في تعرية الأخطاء والكشف عن ستر المخطئين الساعين لتحقيق مصالحهم وعلى حساب المجتمع. فحشد التبريرات للدفاع عن سقطات القيادة الحزبية، لن تسهم في تصحيح الأخطاء بل تسهم في التستر على المخطئين!.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهية الحق
-
ماهية الخسة والحماقة
-
ماهية الغيرة والحسد
-
استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
-
الطاغية والثقافة
-
الدولة الاستبدادية
-
أنين ومعاناة هيفاء بيطار
-
دوافع الود والعداء
-
الشرطي الوزير
-
ماهية الخير والشر في الفلسفة
-
طرائف من سيرة الفلاسفة
-
الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
-
ماهية الفكر
-
النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
-
العشق عند العرب
-
العشق في الفلسفة
-
التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
-
الطاغية والسلطة
-
ممارسات الطاغية
-
شريعة الطاغية
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|