عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 06:50
المحور:
المجتمع المدني
شروط مدنية الدولة وتحديث النظام السياسي الأجتماعي يعتمد على ركائز تكوينية بمجملها تنصب على تعليم الفرد الأجتماعي حقيقة واحدة هي أنه مجرد فرد في مجموع وهذه الحالية تتطلب منه أولا أن يعرف حدود الأنا ويحترمها من خلال أحترام الأخر بنفس الضوابط وثانيا أن هذا الأحترام المتبادل هو الذي يبني الحربة ويؤسس للسلام وبالتالي يضمن للأنا عمد تمكن أحد من خرق حدودها وثالثا أن هذا الأحترام والتحدد الموضوعي سينتقل إلى قاعدته الأكبر وهو المجتمع بكل ما فيه من دقه ليعكس وجهة نظر جماعية تؤسس لعلاقة مجتمعات وحضارات .
وكل ما بنيت العلاقات الأجتماعية البنية والعابرة على هذا الفهم قلت الحاجة لمنظومة متشددة من القوانين وبالتالي ينجد أنفسنا أما إلتزام طوعي إنساني بالقيم والمحددات التي تبني ثقافة المسئولية الذاتية بدون مراقبة خارجية ليشعر الإنسان في الأخر أنه قائد أجتماعي وأيضا عضو في فريق متكامل يبني وينتج بإيمان أن ما يفعله هي مكسب ذاتي له قبل أن يكون مكسب جماعي , وأن إنشغاله في الأداء الأحسن يغنيه عن المنافسه اللا مجدية التي تحطم منظومة القيم التي أسسها وحافظ عليها .
هذا الوصف للمدنية يعبر بنا سلميا من إشكالية ربط المدنية بقضية الدين والعالم الروحي الذي ينتسب له وبالتالي نمنح الإنسان فرصة أن يختار من قواعد الدين التي يؤمن بها ما تتلاءم مع مفهوم المدنية هذا ,وليس تحسيسه أن الدين مناقض للمدنية وبالتالي وضعه في موضع المدافع عن روحانياته بحجة تعدي المدني على أسسه المثالية التي لا يمكن أن يضحي بها ,إن تجنب الإشارة إلى ما هو فردي على أنه جزء من خطأ يكمن من خلال إرجاعه لفردياته الخاصة ليختار هو ما يناسب حالته الجديدة تشعر بأعتزاز وأحترام المجتمع لجزء من أنانيته المشروعه وتوكيله لتهذيبها ذاتيا بتعليمه قاعدة المدنية الأساسية التي ذكرناها في أعلاه وهي (أنه مجرد فرد في مجموع) .
المدنية أذن ليست نظاما سياسيا وأجتماعيا له شكليات وتطبيقات وأسس دستورية بقدر ما هو وعي حضاري إنساني يرتكز على تحديث إدراك الأنا الفردية وأعادة رسم حدودها بالشكل الذي يخلصها من ميلها نحو الإفراط والتضخم نحو الإقرار بالجزئية وأن حريتها تتجسد باحترام حدودها الخاصة ومجالها الحيوي , هذه الفهم هو الذي تأسست بموجبة الدولة المدنية الغربية الحديثة والتي لم تسن قوانين مدنية ولم تنشئ نظاما مختلفا عن أنظمتنا السياسية ولكنها صنعت وعي وثقافة مدنية تمنح الإنساني حرية واسعة جدا لكنها تحترم مجالها الحيوي فقط وعلمت الفرد الغربي انه لم يكن ولن يكون في أي حال وبأي صفة من الصفات كرئيس للدولة إلى أصغر مواطن ما هو إلا جزء من مجتمع متضامن ومسئول ومتشارك ومتعاون وأن أي خروج لهذا الفهم هو تفريط بالحرية تفريط بوحدة وسلامة المجتمع .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟