|
السعي المحموم للقوى الطائفية لتلويث القوى الديمقراطية بالطائفية المقيتة!!
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 4511 - 2014 / 7 / 13 - 11:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية والعلمانية يعيش محنة مركبة ومعقدة وعسيرة جداً، إنها الأكثر شدة وإيذاءً للمجتمع بالمقارنة مع كل المآسي والكوارث والحروب التي مرّ بها عبر العقود الخمسة المنصرمة. فهي ولأول مرة لا تضع الصراعات والنزاعات في دائرة القوى الحاكمة من جهة، والشعب بكل مكوناته من جهة أخرى، بل دفعت وما تزال تدفع بها إلى أوساط واسعة من المجتمع العراقي بكل مكوناته. ومما يزيدها خطورة واقع الوعي المشوه والمزيف الذي تكون عبر الأعوام أو العقود الستة المنصرمة والذي تفاقم خلال السنوات العشر الأخيرة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية الغاشمة، دكتاتورية حزب البعث وشوفينيته وطائفيته وعهره كنظام سياسي، لدى أوساط شعبية واسعة. إن التحالف الدولي، الذي تكون خارج نطاق الشرعية الدولية، شرعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية نجح في إسقاط الدكتاتورية الغاشمة، ولكنه فرض على أنقاضها نظاماً سياسياً سيئاً يقوم على المحاصصة الطائفيةً والأثنية وسلم قيادة الدولة المهشمة بيد قوى طائفية لا يجمعها مع مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والسلم الاجتماعي أي جامع، إذ إنها من حيث الفكر والعقيدة شمولية ورافضة من حيث المبدأ لكل تلك المبادئ ورافضة للقوميات وحقوقها ومصالحها وإرادة شعوبها. هذه القوى الإسلامية السياسية الطائفية بامتياز التي تسلمت السلطة وتقاسمتها بصورة غير شرعية وبعيداً عن الدستور، الذي يؤكد، رغم نواقصه، مبدأ المواطنة الحرة والمتساوية، دخلت في صراع مرير ثم تحول إلى نزاع دموي على سلطة الدولة واستغلال الشعب وخيراته وموارده المالية. ومن أجل ضمان نجاحها وبقائها في السلطة أو الحصول على مواقع أكثر قوة وتحقيق غنائم أكبر وأكثر والتي انخرط بعضها في تنظيمات وعلاقات مافيوية، لم تكتف بصراعاتها السياسية على مستوى القوى الحاكمة بل دفعت بها إلى المجتمع بكل ثقلها مقترنةً بدعم متنوع ومتعدد الأشكال والأدوار من جانب المرجعيات والمؤسسات الدينية، الشيعية منها والسنية، والتي كانت قد حرمت الشعب العراقي على امتداد الحكم الوطني من عملية التنوير الديني والاجتماعي، ولعبت دورها المميز والشديد السلبية في تكريس وتعميق التخلف والتشوه الديني وتزييف إرادة الناس. وزاد في الطين بِلة الصراعات المذهبية الدائرة في منطقة الشرق الأوسط التي تقودها بشكل خاص إيران التي تعتمد المذهب الشيعي الصفوي المتخلف والمتشدد من جهة، وعلى السعودية التي تعتمد المذهب السني الحنبلي الوهابي المتخلف والمتشدد من جهة ثانية. ولا يعني هذا أن ليست هناك دول وقوى أخرى لعبت وما تزال تلعب دوراً كبيراً في الاستفادة وفي تعميق وتشديد هذه الصراعات وتغذيتها بالمال والسلاح والانتحاريين، ومنها تركيا وقطر من جانب، وسوريا وحزب الله من جانب أخر مثلاً. لقد نجح الطائفيون المغامرون الذين شاركوا في حكم العراق خلال السنوات العشر المنصرمة من أمثال نوري المالكي وعلي الأديب وهادي العامري وغيرهم، أو طارق الهاشمي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وخاصة من بيده قيادة السلطة، الذي اعتبر السلطة إنها له وليس لغيره وأنه أخذها ولن يعيدها لغيره وإنه جاء ليبقى في السلطة وإلى الأبد، والذي لم يدرك مضمون المثل القائل" ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع"، وإنها لو دامت لغيره ما وصلت إليه، إلى نشر الحقد والكراهية في أوساط الشعب العراقي من أتباع المذهبين السني الحنفي والشيعي الاثنى عشري، هؤلاء الناس الذين لم يميزوا في الحياة اليومية بين السني والشيعي باعتبارهم مواطنين عراقيين لا غير، رغم سوءات النظم السياسية وتمييزها بين أتباع الديانات والمذاهب. ويلعب الإعلام الحكومي وإعلام الدول العربية الرسمي وإعلام إيران بشكل خاص وقوى الإرهاب من الطرفين دوره في تشديد هذه الصراع حتى أصبحت مطالب الشعب العادلة والمشروعة والواقعية التي رفعها الديمقراطيون متهمون بالبعثية والعداء للحكم الشيعي والشيعة. كما اعتبرت المطالب العادلة والمشروعة والواقعية لأبناء وبنات المناطق الغربية والشمال الغربي من العراق هي الأخرى أهدافاً مشبوهة لا بد من مواجهتها بالعنف والقوة كما جوبهت مظاهرات 25 شباط 2011 ولكن بصورة اشد وأكثر قسوة وعنفاً وحقاً، مما أدى إلى ما نحن عليه اليوم. إن الجرائم التي ترتكب من داعش والمليشيات المسلحة الأخرى المتعاونة والمتحالفة معها كبيرة جداً هي أقرب ما تكون إلى الإبادة الجماعية وهي لن تترك أي عراقي وعراقية من أي دين أو مذهب كانا ما لم يظهرا البيعة لهم ويؤمنوا بما يؤمنون به، ولكن في ذات الوقت تمارس المليشيات الشيعية مثل عصائب أهل الحق الشيعية الصفوية الإيرانية، التي اعتمدها نوري المالكي في صراعه مع القوى الأخرى ومع حلفائه، إضافة إلى المليشيات الشيعية المسلحة الأخرى التي تمارس كل أنواع القهر والجرائم بحق من تعتبرهم أتباع يزيد على حسب تعبير رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي حين ادعى بكربلاء: أن الصراع بين أنصار الحسين وأنصار يزيد بن معاوية. وقد أشارت إلى ذلك منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch ومنظمات كثيرة أخرى وتناقلتها أجهزة الإعلام الدولية حيث تم إعدام 250 سجيناً ومعتقلاً متهماً بالإرهاب دون محاكمات، كما تم قتل 20 امرأة و8 رجال في بيتين في حي الزيتونة ببغداد يوم أمس، إضافة غلى ما مارسته عصائب أهل الحق وغيرها في مدينة بهرز حيث قتلت 48 شخصاً بسبب كونهم من السنة، رغم كونهم غير طائفيين وغير مناهضين للشيعة. إنها جرائم لا تمارسها إلا قوى وعناصر فقدت الذمة والضمير وتحمل الجريمة في رؤوسها والإيديولوجية القذرة التي تؤمن بها. إن الخطر الداهم الذي بدأنا نتلمسه ونخشى منه على القوى الديمقراطية العراقية ممن ولدوا في عائلات شيعية أم سنية برز، وبصراحة وشفافية عالية، في ولوج الشعور الطائفي السياسي التمييزي إلى هذه الأوساط التي لم تكن قبل ذاك ملوثة بداء الطائفية السياسية ولم تكن تعرف هذه المصطلحات أو تعيرها الانتباه. إنه يحرك مشاعر غير حضارية نتحمل مسؤولية مواجهتها ومنعها من التطور والتأثير الفعلي. إن خسارتنا كبيرة إن أصبحت بعض القوى أو العناصر الديمقراطية العراقية، ولا أتحدث هنا عن قوى التيار الديمقراطي وحده، بل كل القوى التي تحسب نفسها على الاتجاهات الديمقراطية المدنية أو العلمانية، أرضية صالحة لهذا الوباء الناخر في جسم المجتمع العراقي. إن على العناصر الديمقراطية أن تعي بأن هذا الصراع الطائفي يمكن أن يتخذ أبعاداً تحرق الأخضر واليابس في آن واحد، وبالتالي لا بد من مواجهته بمبادئ الحرية والديمقراطية والعلمانية ومناهضة كل أشكال الطائفي السياسي والتمييز الديني، بالضد من هذا الاتجاه النتن في السياسة، تجاه الطائفية المقيت والمؤذي للمجتمع، إنه الأخطر حقاً على سلامة المجتمع والدولة العراقية الهشة. إن المالكي لا يتحرك بمعزل عن التأييد القادم له من إيران الطائفية المتوحشة. ومن المؤسف إذا استطاعت أن تنتصر الحوزة الدينية بمدينة قم على قرارات واتجاهات الحوزة الدينية بالنجف، وهما كانا على خلاف مستمر لا في موضوع ولاية الفقيه فحسب، بل وفي شدة تعصبهما للمذهب وتجاوزه حدود المعقول والمصدر باستمرار للمزيد من البدع إلى العراقيين الشيعة الذين يمارسونها بدعم ودفع ومساهمة من إيران والكثير من الزوار الإيرانيين. أتمنى على جميع الديمقراطيين العراقيين والعراقيات من كل القوميات والمنحدرين من عائلات شيعية أو سنية أن ينتبهوا إلى الجو الطائفي المحموم والمسموم الذي تغذيه القوى الطائفية في الحكم وخارجه وأن يواجهونه بحزم وصرامة وإدانة وأن يطرحوا البديل الديمقراطي للعلاقات بين أتباع جميع الديانات والمذاهب بالعراق، وبين جميع القوميات. 13/7/2014 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول دراسة تحت عنوان :الأزمة السياسية الحالية: رؤيا ا
...
-
الرقصة الأخيرة: رقصة الموت السياسي لنوري المالكي!
-
قراءة في كتاب -بغداد ... أمس- للكاتب البروفيسور الدكتور ساسو
...
-
من منهما الأكثر عشقاً ونرجسية واستبداداً في حكم العراق؟
-
هل من حلول سلمية وديمقراطية للأزمات المتشابكة والمعقدة بالعر
...
-
الإصرار على البقاء في الحكم، جريمة بحق وحدة الشعب العراقي وا
...
-
حين تكون الهمجية عنوان تنظيم ما، فلا ينُتظر منه إلا الموت وا
...
-
المستبدون متماثلون في السيرة والسلوك، صدام والمالكي نموذجاً!
-
شروط تغيير اللعبة الطائفية الراهنة إلى عملية سياسية وطنية نا
...
-
من أجل دحر قوى الإرهاب والطائفية السياسية المستباح بهما العر
...
-
لتنتصر إرادة الشعب، كل الشعب، على قوى الإرهاب والظلام والطائ
...
-
نوري المالكي والنهج الطائفي المتشدد والمشين بالعراق
-
نحو نقاش هادئ مع السيد أياد عبد الرزاق حول رسالتي النقدية ال
...
-
المجرمون القتلة من بعثيين وداعشيين .. يجب أن لا ينجو من العق
...
-
رسالة مفتوحة إلى السيد السيستاني وبقية المراجع والهيئات الدي
...
-
حكومة الإنقاذ الوطني .. هي الحل الوحيد لوحدة الشعب العراقي!!
...
-
لتتضافر الجهود لدحر الإرهابيين بالعراق ... لتتضافر الجهود لد
...
-
لننتصر لأهلنا بالموصل والفلوجة ... ولكن من تسبب بالكارثة؟
-
نعم لتوفير مستلزمات التعبئة الوطنية لمواجهة الإرهاب ... لا ل
...
-
أليست المهمة الملحة .. توفير مستلزمات دحر الإرهاب أولاً؟
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|