|
هيبة الحاكم حين تتضعضع..نصيحة لمن يعنيه الأمر مع التتقدير
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 4511 - 2014 / 7 / 13 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعني الهيبة..المكانة والاحترام والمخافة..وتكون ام مفروضة او تلقائية..وانموذج المفروضة هو الطغاة في العالم..فالناس كانوا يهابون هتلر ،ستالين،القذافي....وصدام حسين،لأن كل واحد منهم كان (يحيي ويميت ) من يشاء من الناس،فعاشوا في حياتهم مكروهين وفي مماتهم ملعونيين .وانموذج الهيبة التلقائية :غاندي ونلسن مانديلا اللذين حظيا بمحبة تلقائية عفوية صادقة في حياتهم والذكر الطيب لهما في مماتهم. ما كان احد من العراقيين يجرؤ على ان ينال من هيبة الطاغية ويبقى سالما آمنا في العراق.لكن الحال تغير الآن..فبعد ان كانت وسائل الاعلام في الداخل تمجّد الحاكم،صارت الآن بالمئات بينها من تمجّده وبينها من تعدد مثالبه. الى هنا والأمر عادي..اعني ان تنال وسائل اعلام من هيبة الحاكم..اذ لا يوجد في الدنيا حاكم تمتدحه كل وسائل الاعلام، لاسيما في بلد صار نظامه ديمقراطيا.لكن ما هو غير عادي ان ينال شركاء الحاكم في العملية السياسية من هيبته،وحين تتدنى مكانته عند الناس. الحقيقة المرّة، اننا لدينا من السياسيين جموعا غفيرة،لكن ليس بينهم من يتمتع بمواصفات رجل دولة لبلد ينفرد في المنطقة بتعدد وتنوع مكوناته القومية والدينية والمذهبية،وان نظامنا الديمقراطي جاء بعملية قيصرية خارجية،فضلا عن ادارة حاكم محتل ما كان يفهم وجنوده الذين جاءوا(محررين) وصاروا متغطرسين..سيكولوجيا الشخصية العراقية..كما فهمتها(المس بيل) مثلا. كانت الغالبية المطلقة من السياسيين الذين سلّمت لهم السلطة، يحكمهم العقل الانفعالي المشحون بدافع الانتقام من الآخر..نفسيا باذلاله واهانته وحرمانه من حقوقه..وجسديا بتصفيته..فيما العراق يحتاج الى حاكم يتمتع عقله بالحكمة والنضج السياسي وينبض قلبه بمحبة كل العراقيين..الذين هم اصعب خلق الله في علاقتهم بالحاكم. ولأن (الجود من الموجود) فقد جاء من هذا الحال حاكم كان نفسه هو لا يحلم بذلك،بل ان ما حصل له كان يفوق خياله.ولقد عمل الرجل في بداية حكمه..فأصاب وأخطأ..فشفع ما عدّه البعض تعادل الكفتين على ان يعهدوا له ثانية بادارة امور البلاد..وكانت تلك هي غلطة شركائه الذين انقلبوا عليه الآن. كان ذلك (التفويض) هو سبب ما حصل ويحصل الآن.فالرجل صار لديه يقين ثابت بأنه الأكفأ..وله الحق في ذلك لأنه اعتراف من مناصريه ومن شركاء خصوم. ولقد قاده هذا اليقين الى ان يعدّ كل ما يفعله هو عين الصواب او افضل الخيارات.ولأن تاريخ سيكولوجيا السلطة في العراق يفيد بان المحيطين بالحاكم يقولون له ما يحب ان يسمعه،ولأنه احاط نفسه بمن يتمتع بالثقة والولاء له وليس بمن يتمتع بالخبرة والكفاءة ويصدقه النصيحة،فانهم كانوا يزيّنون له ما كان يفعله..وكانوا يبرعون في تبرير اخطائه ويجيدون استخدام آلية اسقاط العيوب والأخطاء على الآخرين،في واقع عراقي( يسمح ) بأن يرحّل كل طرف الأخطاء الى الطرف الآخر ويبرأ نفسه منها. كان الرجل لا يدرك حينها ان لعبة ترحيل الأخطاء تفضي الى تراكمها،وأن هذا التراكم يحكمه قانون اجتماعي نفسي يؤدي به الى حتمية الانفجار.وكان بامكانه معالجة تلك الاخطاء حتى في مرحلة تراكمها..لكن المعالجة سقطت وانتهت حين وصلت الامور مرحلة الانفجار. ومشكلة الحاكم الذي يتمتع باليقين(يقينه هو) ويجري له تعزيز من المحيطين به،فان عناده العصابي يمنعه ان يعترف بفشله..لاعتقاده بأن هذا الاعتراف ينال من هيبته. ولهذا فانه يمضي في تكابره دون التبصر بالعاقبة، بل ان عناده العصابي يقوم بطرد فكرة التبصر بها لحظة ان اراد التأمل فيها..مدعوما بتعزيز من المريدين والمنتفعين..وتعزيز آخر أهم وأقوى هو حصول قائمته على المرتبة الاولى في الانتخابات..الذي خلق له (وهما) بان غالبية (طائفته) او العراقيين..هم معه. الحقيقة المؤكدة هي ان السيد نوري المالكي قد تضعضعت هيبته،ليس فقط عند شركائه الذين اعادوا انتخابه لولاية ثانية..ووصفهم له بالطائفية والهستيرية والفشل السياسي والاداري والمالي ،بل وعند الغالبية من الناس بعد فاجعة سقوط الموصل وعار الهروب المخزي لآلاف الضباط والجنود امام عصابات داعش، الذي يتحمله هو بوصفه القائد العام للقوات المسلحة..في واقعة فتحت الباب على جهنم ولم يعد ينفع معها ما كان يشفع لسابقاتها..وان كان لشركائه حصة فيما حصل..قد يصدق عليها وصفه هو بأنها كانت بسبب (خدعة ومؤامرة)..ويصدق عليها وصفهم ايضا بأنه غباء منه وسوء بناء لجيش يفتقد للعقيدة العسكرية والولاء للوطن. ان السيد المالكي يدرك ان هيبته قد تضعضعت الآن..والأرجح ان عناده العصابي القائم على يقينه هو بانه الأصلح،يدفعه الى انه قادر على استعادتها عبر مسارين:عسكريا..باستعادة مدن احتلت ورد الاعتبار للجيش العراقي،وسياسيا..من خبرة له في التعامل مع الشركاء تغريه بمعرفته لنقطة ضعف كل شريك واستغلالها( سلطة، منصب ، ثروة..) وكسب تأييدهم له..وصولا الى مشهد يراه سيتكرر في لقاء بين الخصوم ينتهي ،كالعادة،بطريقة(بوس عمك بوس خالك بوس اخوك)!..يصوره له وهم طمأنينة التمني بأنه سيحصل! ومع ان كل شيء في السياسة ممكن الا ان هيبة الحاكم التي تتضعضع لا يمكن لها ان تستعاد مع السد نوري المالكي، ليس فقط لأن جبهة معارضيه صارت هي الاوسع،وان المرجعية وحلفائه السياسيين من طائفته قد تخلوا عنه،بل ولأن الغالبية السياسية ترى انه لا يمكن التعاون مع من كان السبب في حصول الكارثة، وأنه لا رادّ لكارثة اخرى اوجع الا بمجيء حاكم آخر يتعاونون معه. والحقيقة الأمرّ ان عراق ما بعد سقوط الموصل لم يعد عراق ما قبله..من حيث حدة انقساماته السياسية تعقد مشاكله وجسامة اخطاره وولادة (دولة خلافة)في خاصرته،وانه ليس بمستطاع حاكم لم ينجح في ادارته قبل الواقعة ان ينجح في ادراته بعدها..ما يعني ان السيد نوري المالكي حتى لو استطاع تشكيل حكومة جديدة فانه لن يوفق في ادارتها، لأن المتعاونين معه من غير كتلته تجمعهم مصالحهم الشخصية وليس صدق النوايا وانهم سينفضون ايديهم منه ان وجدوا (ان اللقمة عند خصمه أدسم)،ولأن المعارضين له سيزرعون له الالغام في طريقه..الأمر الذي سيفضي الى انهيار هيبته بشكل مخجل. ولكي لا يحصل هذا فان الفرصة الذهبية متاحة له الآن ان يخرج للناس بمشهد (مؤثر) يعلن فيه تنازله عن ترشيح نفسه، ويتوجه بخطاب الى معارضيه يضمنه مقولة(اذا كانت الأمور لا تستقيم الا بتنحيتي..فها انا اتنحى..وسأكون مع كل من يعمل لأنقاذ العراق وأهله)..فبها سيتسعيد هيبته ،ويجعلها افضل خواتيم افعاله!..فهل سيفعلها ويحمّل الآخرين الأمانة..ويترك حسابهم لله والناس والتاريخ؟!
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابات ساخرة:نكتة لها حكاية موجعة
-
الارهاب والشخصية الداعشية - تحليل سيكوبولتك
-
العراقيون..في يوم الحساب! فنتازيا
-
مهدي الحافظ..محرجا
-
كتابات ساخرة:العاض والمعضوض في كأس العالم..والعراق!
-
الدعاية والاشاعة..تحليل سيكولوجي لما حدث ويحدث
-
بعد خراب العراق..المرجعية تحرق ورقة المالكي
-
الخيارات صعبة..ومبادرة للحل
-
العراقيون ..وكأس العالم
-
الحاكم الفاشل..تحليل شخصية
-
ليلة سقوط الموصل!
-
ما افسدته السلطة في الشخصية العراقية (2-2)
-
الاختلاف والكره..تحليل سيكوبولتك
-
وسائل السيطرة على التشاؤم لدى العراقيين
-
ما افسدته السلطة في الشخصية العراقية (1-2)
-
عذر عبد الآله الصائغ..العراقيون اجهضوا فرحتك!
-
حقائق جديدة عن الشخصية العراقية:(3) الوعي الانتخابي واحياء ا
...
-
حقائق جديدة عن الشخصية العراقية 2:التعصب للهوية والوصولية وا
...
-
الطائفية والعشائرية والاأبالية هي الفائزة!. 1:خصائص جديدة عن
...
-
من سيفوز في الانتخابات العراقية..؟تحليل سيسكوبولتك
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|