أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - ذكريات من أجل المكاشفة (لهذا الطباق أطروحته)














المزيد.....

ذكريات من أجل المكاشفة (لهذا الطباق أطروحته)


مناف الحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 07:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحي الشعبي الذي ترعرعت فيه في طفولتي وهو حي يقع في منتصف المدينة ،ويعجّ في الصباح بالحياة والحركة التجارية، بينما يسوده الهدوء الكامل في الليل ،كان ثمة تنوع غريب في الشخصيات لا أدري لماذا استحضرت بعضها عندما زرت العائلة السورية التي تقطن في خربة في عنتاب في ظروف أقل ما توصف به أنها لا تصلح للبشر.
السيدة "شعيلة الخبازة" التي كانت تعتاش من تنور بنته في دارها ،وكان زوجها قد غادرها باكراً بسبب التهاب في الضرس وصل إلى الدماغ بسبب الإهمال .
كانت زيارتي "لشعيلة" يومية لأن والدتي كانت تحرص على ابتياع كمية كبيرة من خبز التنور نتقاسمه مع بيت جدي القاطنين في شارع "الحمام" والذي يبعد عن حينا مسافة قصيرة.وهو ما كان يحتّم علي الاضطلاع بمهمة زيارة بيت الخبازة يومياً و بعد ذلك إيصال قسم من خبز التنور إلى بيت جدي والذي كان يذهب منه ما لا يقل عن رغيفين في الطريق لأنني كنت مضطراً للمرور بسوق التجار ،وكان عدد منهم لا يقاوم شكل ورائحة الخبز الخارج للتو من التنور فيناديني واحدهم بعبارة " يا ولد يا ولد كشمة الله يرضى عليك" ولم أكن أمانع بالطبع حتى صار هذا أمراً روتينياً يثير استغرابي عدم حدوثه أحياناً.
المهم أن "شعيلة الخبازة" كانت تقيم في بيت ضمن زقاق ضيق وكنت آنذاك أستغرب من قدرة هذه العائلة على العيش فيه لأنه أشبه بالخربة.
كان هذا في بداية الثمانينيات وقد استطاعت أن تعيل عائلتها وأن تزوج بناتها وأن تستر على العائلة بدون استجداء أحد.
في الزقاق نفسه الذي يقع فيه بيت الخبازة كان ثمة شخص مريب يسكن في بيت يشبه بيتها لوحده ،وسبب وصفي له بالمريب أنه لم يكن من السهل علي تمييز جنسه فلم أكن أعرف فيما إذا كان ذكراً أم أنثى والأرجح أنه كان خنثى وكانت تتناول سيرته الأقاويل .
التاجر الميسور الحال في الحي ،والذي كان مليئاً بالنشاط تدمّرت تجارته لأسباب لا أعرفها وبدت عليه أمارات القهر والعوز بعد بضع سنين .
ولا أ زال أذكر المعركة التي استخدم فيها السلاح الأبيض بين عائلتين أساسيتين في الحي إحداهما من أصول ريفية والأخرى من عوائل المدينة وقد أصابني الرعب وأنا أرقب في تلك الليلة من الشرفة المطلة على الحي في منزلنا ذلك العراك الشرس الذي لم أعرف سببه.
ليس جديداً على السوريين أن يعيشوا في خربة؛ فقد طحنهم الظلم الاجتماعي الذي كرسته الأنظمة المتعاقبة قبل هذه الحرب التي تدور رحاها الآن ،وليس مستغرباً أن يعاني واحدهم من عجز عن إعالة زوجه وأبنائه بعد أن كان مرفهاً ،وليس بعيداً عن ثقافتهم الاقتتال على خلفية انقسامات بدائية.
كما إن مظاهر الشذوذ التي كان يجسدها الخنثى سئ السمعة في الحي ليست إلا معادلاً موضوعياً لحالة فقدان الأرضية الأخلاقية الراسخة.
كلّ ما يجري اليوم في خضم المأساة له جذوره في المجتمع وكما مثّلت "شعيلة" حالة رائعة للصبر والتفاني وعزة النفس مثّل غيرها نموذجاً لقهر المجتمع والسياسات ، أو ضحية لقصور الوعي الذي كرّسته الأنظمة ولم تعمل النخب على الارتقاء به ، أو نمودجاً لشذوذ لا يعرف لا سببه ولا كيفية التعاطي الصحي مع صاحبه.



#مناف_الحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش والفوات التاريخي
- الاتفاق النووي الإيراني :آفاقه وتحدياته
- لماذا انخفضت نسبة نجاح بشار الأسد ؟
- مقدمة بحث عن الدولة والقبيلة
- الكتل المتصارعة
- أحزاب الأزمات
- لا ديمقراطية بدون فردية
- الموت إحساساً بالذنب
- صديقي (س)
- في ذكرى السابع من نيسان
- لا تستخدموا الإسلام كأداة تسويق واسترضاء للأكثرية
- شبكات الثقة والتحول الديمقراطي
- الطاغية وعنف اللغة
- فتح صفحة جديدة
- أين انتم من الضحية؟
- التشكل الكاذب
- التعسف في التعامل مع النص المطلق
- من الذي يشرعن التدخل الخارجي؟
- يا الله ما لنا غيرك يا الله
- لوك والحق الطبيعي


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مناف الحمد - ذكريات من أجل المكاشفة (لهذا الطباق أطروحته)