|
جرائم الحرب الإسرائيلية يا أيها الغثاء
حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4509 - 2014 / 7 / 11 - 09:07
المحور:
القضية الفلسطينية
في شهر يناير 2011 تلقيت دعوة من مستشارة الصحافة والإعلام في السفارة البريطانية في الكويت للقاء المتحدث الإقليمي للحكومة البريطانية آنذاك السيد مارتن داي (Martin Day) الذي كان يزور البلاد. وكانت الدعوة واضحة وصريحة ومفتوحة لسؤال السيد داي عن أي شيء وعن أي موضوع وبدون شروط مسبقة، ومن دون أي رغبة من السفارة البريطانية وممثليها في سؤالنا عن أي شيء. فقد كنت وقتها نشطاً جداً في مجال التدوين السياسي ومعارضاً للسياسات الخليجية الفئوية - الطائفية [الكويت - السعودية – البحرين - الإمارات]. وقد كان هذا اللقاء الثاني للمدونين الكويتيين مع السيد داي خلال ستة أشهر. ففي يونيو 2010 جمعنا، أي شخصي المتواضع وأطياف من المدونين السياسيين الكويتيين، لقاء معه في السفارة البريطانية أيضاً. شمل هذا اللقاء الأخير، الذي بدأ في إحدى صالات الشاي في السفارة البريطانية في منطقة دسمان في مساء التاسع من يناير 2011، المدونين السياسيين الكويتيين محمد اليوسفي وداهم القحطاني بالإضافة لي أنا. وقد حضره أيضاً بالإضافة إلى السيد مارتن داي والمدونون الكويتيون، مسؤول الشؤون السياسية والعلاقات العامة في السفارة البريطانية ومستشارة الشؤون الاقتصادية والصحافة والإعلام في السفارة البريطانية. جميع الحضور كانوا يتحدثون اللغة العربية، ويُصرّون على التحدث من خلالها، فكان اللقاء، في معظمه، يدور باللغة العربية الفصحى، وقد استمر اللقاء حوالي الساعتين. كان الغرض من اللقاء، على ما حدسته، هو محورين إثنين: أثر تسريبات ويكي ليكس (WikiLeaks)، والثاني هو تجاذبات السياسة الكويتية التي بدت حينها وكأنها خارج إطار السيطرة والرؤية المستقبلية لها التي كانت تبدو بالفعل غير مطمئنة. (تم نشر وقائع اللقاء على صفحتي الشخصية في اليوم الثاني مباشرة). وما يهمني هنا هو الجزء المتعلق بالحرب على قطاع غزة كما هو حاصل اليوم أمام أعين العالم، ولكن حتى أبين النقطة التي أريد إيصالها للقارئ الكريم، سوف أتعرض لأسئلة أخرى وإجابتها في ذلك اللقاء:
حسن محسن رمضان:
لنبقى مع ويكي ليكس. في برقية بعثها السفير الأمريكي في قطر للولايات المتحدة الأمريكية ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية عن وثائق ويكي ليكس جاء فيها ما يلي: (قطر تستخدم قناة الجزيرة للمساومة في السياسة الخارجية). انتهى النقل من برقية ويكي ليكس. هل تتفق الحكومة البريطانية مع هذا الرأي؟
السيد مارتن داي:
عندي أصدقاء كثيرون في هذه القناة، وهي تعبر عن وجهة نظر معينة. هي تنطلق من شعبية في الدول العربية ولديها نفوذ. ولذلك ترى الحكومة البريطانية أنها أهم القنوات الإخبارية في الوقت الحالي.
حسن محسن رمضان:
حسناً، ولكن هل تستخدم قطر قناة الجزيرة للمساومة في السياسة الخارجية؟
السيد مارتن داي:
من الأفضل أن تطرح هذا السؤال على الحكومة القطرية.
حسن محسن رمضان:
لا نزال مع ويكي ليكس. في المرة السابقة تكلمنا أيضاً عن الحرب على العراق في 2003 وعن ما إذا كانت مشاركة بريطانيا في الحرب خطأ، وتكلمنا عن اللجان المشكلة للتحقيق في هذه الحرب. في أحد تسريبات ويكي ليكس نقرأ برقية من السفارة الأمريكية تقول بأن (جون داي) المدير العام في وزارة الدفاع البريطانية للشؤون الأمنية قال للمسؤولين الأمريكيين في سنة 2009 مطمئناً لهم: (اتخذت إجراءات لحماية مصالحكم)، وذلك خلال التحقيق. أدى هذا بالناطق باسم منظمة (اوقفوا الحرب) (اندرو بورغين) إلى وصف هذه التطمينات بأنها: (إهانة للقواعد الديموقراطية في البلاد). كيف ترى هذا التصريح؟
السيد مارتن داي:
الحكومة البريطانية تريد أن تتعلم من التجربة البريطانية في الحرب العراقية. ولذلك اللجنة تركز على الدور البريطاني، ولكنهم التقوا بمسؤولين من دول أخرى. وهذه اللجنة لجنة مستقلة وهدفها واضح وهو تعلم الدروس. وليس لدي معلومات خاصة عن هذا ولكن دور اللجنة ليس الأمريكيين أو غيرهم. حسن محسن رمضان:
كان هناك تداول جدي في الرأي العام البريطاني عن إمكانية اعتقال بعض القادة الإسرائيليين المتورطين في الحرب الوحشية على قطاع غزة عند وصولهم للأراضي البريطانية بتهمة جرائم ضد الإنسانية. لكن هذا التداول قد خَفَتَ صوته لسبب أو لآخر. ما هو موقف الحكومة البريطانية؟
السيد مارتن داي:
موقف الحكومة البريطانية من محاكمة مجرمي الحرب واضح. لابد من تقديم مجرمي الحرب إلى العدالة، هذا الموقف لم يتغير ولن يتغير. أنا شخصياً كنت مسؤولاً عن ملف البوسنة والهرسك، وليس هناك دولة على مستوى العالم عملت على تقديم مجرمي الحرب هناك للمحاكمة مثل بريطانيا. ولكن يجب أن أوضح الوضع القانوني في بريطانيا. في الوقت الحالي يستطيع أن يذهب أي مواطن إلى المحكمة ليحصل على مذكرة توقيف واعتقال ضد أي سياسي مع وجود أدلة بسيطة. المشكلة هنا أن المحاكمة لن تنجح بسبب عدم كفاية الأدلة، وهذا لا يخدم المصالح السياسية البريطانية. ولذلك الحكومة البريطانية تنوي تقديم مشروع قانون لإجراء اصلاحات قانونية في هذا الخصوص. في هذه الإصلاحات إذا ما قدّم أي مواطن طلب إيقاف واعتقال بحق أي سياسي فإن المدعي العام سوف يقرر أولاً عن مدى إمكانية نجاح المحاكمة بعيداً عن أية ضغوطات سياسية، ثم بعدها يتم اصدار المذكرة. نعم، أنا أعترف أن الحكومة الإسرائيلية أثارت القضية معنا. أنا كنت في إسرائيل في نوفمبر. ويجب التذكير أنه جرت محاولات أخرى في بريطانيا لإصدار مذكرات توقيف بحق سياسيين آخرين. ففي سنة 2002 جرت محاولة بحق هنري كيسنجر [وزير الخارجية الأمريكي من سنة 1973 إلى 1977]، وهناك محاولة أخرى بحق وزير التجارة الصيني. المهم هو محاكمة مجرمي الحرب إذا كانت الأدلة متوفرة لإجراء المحاكمة.
حسن محسن رمضان:
ولكن استعمال القنابل العنقودية والفسفورية المحرمة دولياً في الحرب ضد قطاع مدني وسكان مدنيين عزل قد أثبتته الصور والأفلام ونقلته قنوات التلفزيون والصحف، أليس هذا دليلاً كافياً على جرائم الحرب؟!
السيد مارتن داي:
أنا لست محامياً لأعرف. ولكننا نقول بأن ندع المدعي العام ليحكم إن كان هذا دليلاً كافياً حتى يسمح باصدار مذكرة التوقيف والاعتقال.
(انتهى النقل من اللقاء)
مشلكتنا، أقصد الدول العربية بصفة عامة، أننا نُعلق آمالاً كبيرة وكثيرة على الموقف الدولي من إدانة الأفعال الوحشية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة. إذ ما يثير دهشة قطاع كبيرة من شعوبنا المنكوبة بسياسييها وأنظمتها، بل وبمفاهيم بعض مواطنيها، أن هؤلاء السياسيين وتلك الأنظمة وهذه الذهنيات تبدو بالفعل (غير قابلة للفهم أو التعلم حتى من خلال التكرار الذي يتعلم من خلاله بطيئوا الفهم). الموقف الدولي من جرائم الحرب الإسرائيلية هو (بيد دول قليلة جداً) سوف تدافع عن مصالحها، ومصالح هذا الكيان الهمجي، حتى آخر قطرة دم فلسطيني سوف يُراق على تراب غزة. اقرأوا الإجابات أعلاه، وتمعنوا فيها جيداً. حتى مع (وضوح الدليل)، وحتى من خلال استراتيجية (مِن فمك أدينك)، المصلحة السياسية مقدمة على (الدماء الإنسانية) عند الدول التي تملك القوة وتسيطر على السياسة العالمية وتتحكم في سيرورة الرأي العالمي فيما يخص مصالحها. فكل الحديث الذي يجري الآن عن (إدانة لإسرائيل)(!)، وعن (تشكيل رأي عالمي مناهض للأعمال الوحشية الإسرائيلية)(!)، وعن عمل عربي (مشترك)(!) في المنظمات الدولية، وما شابه ذلك من شعارات وأوهام فارغة لن تجدي إلا كسب مزيد من الوقت للاحتلال الإسرائيلي لقتل المزيد من الأبرياء الفلسطيني.
هل تريدون حقاً أن توقفوا هذا العدوان الوحشي على الفلسطينيين؟
هددوا إذن مصالح إسرائيل المباشرة، ولديكم من الوسائل الكثير لو تفكرتم. أولها حزب الله، ووسطها الغاز والنفط والتبادل التجاري الذي يجري أحياناً علناً وأخرى خفية، وآخرها خليج العقبة، وهذه بعض الوسائل القليل جداً وليس كلها. بل ليس من الضروري أن تستخدموها كلها في وقت واحد، واتركوا عنكم الرأي العام العالمي، فهو لن يفيدكم كما أثبت لكم التاريخ مراراً وتكراراً. وأنا أعلم مقدماً أنه ليس هناك دولة عربية واحدة، ومعها تلك الذهنيات لبعض مواطنيها، سوف تتجرأ بأن تفكر بتهديد مصالح إسرائيل أو مصالح الدول التي تتغاضى عمداً عن الجريمة الإنسانية التي يتم ارتكابها بحق غزة.
المشكلة فينا جميعاً، وليس في الهمجية الوحشية الإسرائيلية. ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وقلَّ مَنْ يهابكم.
#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يسوع والمرأة السورية – 6
-
أكره أن أودع أحداً
-
حتى نفهم التطرف السلفي المسلح
-
يسوع والمرأة السورية – 5
-
أنتم صنعتم داعش
-
يسوع والمرأة السورية – 4
-
يسوع والمرأة السورية – 3
-
يسوع والمرأة السورية – 2
-
يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي
-
السلفية المسيحية
-
مقدمة في مفهوم السلفية
-
لم يكن سعيداً، ولكنني فخور به - تعقيب على الدكتور القمني
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 9
-
في جريمة اختطاف الفتيات النيجيريات
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 8
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 7
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 6
-
لماذا سلسلة مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 5
-
مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 4
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|