نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 15:03
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العيون الخضر والماعون الصيني ( الفرفوري)
نعيم عبد مهلهل
( صيني ، خزف ، فرفوري ) ثلاث مفردات تؤدي الى صحن واحد ..مثلما يؤدي ( النحيب والدمعة والنظرة ) الى عين واحدة.. وبين دورة الصحن ودورة العين تنمو كلمة الجوع ، فالماعون الصيني هو ذاكرة الرز والخبز ومائدة الأسرة التي تتصدرها كلمات أب العائلة : بسملوا قبل أن تأكلوا.
والعين هي ذاكرة النظرة الجائعة الى حاجة ما بين الرغيف وقبلة المرأة المتمناة ليعود بنا أثير العبارة القائلة : من يقول لك ان جوع العيون أقل الماً من جوع البطن هو يكذب ، فالعيون بوابة اشباع الذاكرة والبطن وحاجتنا الى كل الامنيات من جسد المرأة الى حفنة المال.والعين هو ماتراه من نافذة الروح لا من نافذة الزجاج ، والماعون ما تغمسُ فيه الأصابع وليس ما تسبح فيه البطون ، فبطون الجوع لا تسبح سوى في دورة الدمعة والثورة والألم من الفوارق والحظ الخائب وسرقة ما وهبنا الله من قبل المحتل والحاكم الطاغية وصاحب الميزان المغشوش ، ولهذا تحتاج العيون الى بطون من الكتب لتفسر النظرة وهاجسها منذ شعور الأنسان الأول بمظلوميته وحتى اليوم ، ويحتاج الماعون الصيني أيضا افواهً متسعة ليكرر لغو الكلام في موائد المتخمين وحشرجة الألم في مواعين الفقراء التي قد تحوي دبساً او بطاطةً مسلوقة ، فسلاما لمن يجوع ولا يحسد لمعان الماعون ..
سلاما لمن يجوع وفي عينيه كبرياء قيصر وعناد ربان سفينة نوح وذاكرة نبي يقرأ أسفار الدنيا كلها من أجل كسب مودة فقير واحد.. الفقير الذي يتعلق بأهداب الماعون قبل أن يتعلق بأهداب القصيدة ،ربما لشعورة بأن دورة القصيدة تأتي بطراً حين تشعر البطن بجوع الحاجة والعدل والمسواة ، لهذا يقولون : الجوع لاتكتمل دورة الثورة فيه إلا عندما يختمر العجين. وعليه قد يجد المتتبع لتاريخ الماعون الصيني والعارف بقراءة لغة العيون أن رؤية الشعوب وهي تمجد القمح في صلاتها هي شعوب تعرف كيف تختار حياتها ،اما اولئك الذين يزنون بالقمح والماعون فديدنهم صراع لاينتهي من أجل كرسي المجلس وبلاط الجاه وشهوة الرقص وأشياء تدفعهم الى ظلمات الدهر.
وحدها تبقى شعوب الحلم تدرك في خضرة العيون خضرة حقيقتها لتكون ، وليحيا الماعون المزين بالفراشات الحمر ،وبمناجل حصاد الحلم وقبعات رجال المناجم ومعامل الصلب ومخابز الصمون الحجري.
أولئك هم صناع التاريخ الحقيقي للنظرة الساحرة والماعون الشريف الذي عندما تعزف عليه أصابع وأفواه الفقراء يكون أشد بريقاً من حزمة الشمع في ليلة عرس الحاكم أو جامع المال او نائب الغفلة.
عيون خضر ، فراشة حمراء ، ماعون صيني ..كلمات تصلح مقدمة لتأريخ أي شعب او أمة تريد الحياة كما حَلمَ فيها الأنبياء والفلاسفة والساسة الأشتراكيون …!
دوسلدورف 2015
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟