محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 4504 - 2014 / 7 / 6 - 23:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل أنت حر ؟
سؤال ضروري لا بد من الإجابة عليه بصراحة ووضوح , ومن المُحير أن نتلاعب بالجواب متهربين من مواجهة أنفسنا , ولماذا نهرب من مواجهة أنفسنا ؟ .
ورغم توخينا إجابة شجاعة واضحة , نُعيد صياغة السؤال :
هل تشعر بأنك حر ؟
هناك من يولد من رحم العبودية , فلا يعرف الحرية ولا يتصور أن يعيش بعالمها , فهو عبد من عهد جده السابع عشر , وهذا النوع هو المشمول بالسؤال ما قبل إعادة الصياغة ( هل أنت حر ) , ولهذا وجهنا له السؤال كأننا نطرح عليه شيئا" لم يعرفه , ومن أين له أن يعرف شيء لم يتعرف عليه كتجربة شخصية , وإن كان قد رآه عند غيره , فنحن نرى الماسة النادرة التي تُعرض على شاشة التلفاز , ولكننا لا نمتلكها , وقد نرى الماسة عند شخص لا تفصلنا عنه سوى سنتمترات قليلة , أو لربما نكون معه في حالة عناق , ولكن الحقيقة تقول أنه من يملك الماسة , ونحن لا نملكها , وأقصى شعور نصل له تجاه الماسة هو امتلاكها , أما امتلاكها فعلا" فهذا يكون عند امتلاكها فعلا", فأما أن نكون أحرار , أو عبيد , ولا يمكن سرقة الحرية , وكيف تُسرق الحرية ؟! .. هذا سؤال , أن طرح , فيجب أن يُطرح على كل سكان كوكب الأرض , ونحن الآن منشغلين بموضوع حرية المواطن العراقي , ولسنا تلك الحضارة التي أعتقت العالم من الأمية والجهل , فحالنا اليوم ............
هل تشعر بأنك حر ؟
وقبل الإجابة ؛ اسألك : هل تستطيع أن تُميز كونك حر أم لا ؟
هذه الاسئلة موجهة للمواطن العراقي , وأتوقع أن تكون الإجابات صريحة ومختصرة , وواقعية , فهل يشعر المواطن العراقي بالحرية داخل وطنه ؟؟؟
لقد اُريد للديموقراطية أن تُعبر عن حرية الإنسان , المنضوي تحت سيادة دولة , فيكون انسانا" مشاركا" في الدولة , فاعلا", لا أن يكون منفعلا" فقط , وشعوب الدول اللاديموقراطية تعيش في علاقة أحادية مع الدولة , فهي شعوب تتلقى , ولا تُشارك , تخضع , ولا تُعطي رأيها , تُنفذ , ولا تسأل , تسير وفق مصلحة السلطة الماسكة للدولة , وليس لها الحق في مشاركة السلطة في تحديد السير, شعوب لا تسير وفق مصالحها , فهي لم تختار حكامها , ولا تنتظر انتخابات تُغير الخارطة السياسية وتُعاقب المقصر وتُكافأ المتميز , أنها شعوب مقادة بالقوة , بالنار والحديد , بالتوجيه القسري , بالخوف , ولهذا تراها شعوب غير ناضجة , منغلقة , بائسة , تتعرض للذل على يد المتسلطين , والدخلاء , والمحتلين , تجهل الحرية كمعنى يُعنى بكرامة الإنسان , وتطبيق يتجلى في النظام الديموقراطي الحقيقي , وتجهل إتجاه السير نحو الحرية , وتجهل ملامح الحرية , وتجهل تخليق الحرية , فتخليق الحرية يحتاج لإنسان يُقرر أن يتحرر , وسمعنا أن المثقف يصير مثقفا" في اليوم الذي يُقرر فيه أن يكون حرا", والشعوب تتحرر بالثقافة , لا بالسيف والخيل , أن لم يتزامن مع دور للقرطاس والقلمُ , أنها شعوب المتنبي والفراهيدي وابن رشد وأبي أسود الدؤلي وسوق عكاظ والمربد والتلسكوب والطب والإبداع , لا شعوب العشوائيات والأمية وثقافة ( الكية ) وبؤس الأقتصاد والمعيشة والفكر والوعي , الشعوب الحرة لا تتذمر من تسونامي , ولا من أعصار كاترينا , وأن تذمرت فتذمرها يولد ثورة من الترميم وإعادة البناء وتنضيف المناطق المنكوبة ورمي الأنقاض , الشعوب الحرة هي تلك التي تحمل جوازات سفر مكتوب عليها : نُحرك أساطيلنا لأجلك , وليس مكتوب عليها تهديد بالغرامة أن ضاع الجواز , الشعوب الحرة هي التي تحتفظ بالناقة والصحراء والعقال بجوار الأبراج العالية والبنايات الفخمة والحواضر المتمدنة , الشعوب الحرة لا تنهب أوطانها تحت أي ذريعة ومسوغ , تلك هي الشعوب الحرة يا من سألتك : هل تشعر بأنك حر ؟؟؟
كيف تكون حرا" ووطنك مفتوح لكل ( حرامية ) العالم , ومنهوب , وأقتصادك منهار , وحياتك مسلسل رعب لا ينتهي , وطريقك مسدودٌ مسدودٌ مسدود , وقارئة الفنجان تتحكم برأيك , التي جلست والخوف بعينيها , تتأمل فنجانا" مقلوب ( مقلوب ), وقالت ياشعبي لا تسأل , فالجهل عليك هو المكتوب , يا شعبي ...
يا شعبي قد مات شهيدا" من مات فداء" للحرية , حبا" بها , وبغضا" بغريمتها , العبودية , فهل تشعر بأنك حر ؟؟؟.
قبل الإحساس بالحرية توجب أن نستشعر مكان نزيف كرامتنا , وطريقة أيقاف النزيف , وكيف لنا أن نوقف النزيف , ومستشفياتنا بدائية , ومذاخرنا انتهازية , وأدويتنا متوفرة لكل غني , وممنوعة عن كل فقير , والطب في بلدنا تخلف عن التطور العالمي , حيث أن في بريطانيا , وقبل فترة , تم علاج مرض السلطان عبر تصحيح خطأ في الجينات , ونحن نتوسل العرافات والجنيات لتهب للفتاة زوج , وللغائب العودة , وللجائع رغيف , ولولا كرم وتسامح أولياء الله الراقدين في أرضنا لغرقت بلادنا في طوفان دونه طوفان نوح , وللبثت غارقة الى يوم يبعثون , ولقيل بُعدا" للقوم المستعبدين .....
لقد استعبدت الخطيئة قوم نوح , ونحن استعبدنا الجهل , والجهل خطيئة , ومن ارض العراق فار الماء من تنور الفيضان , ومن أرضنا العراقية فار تنور المفخخات والعبوات والدماء المراقة , وسفينة النجاة نحن من يصنعها هذه المرة , فنوح لن يحمل في سفينته غير عدد قليل من الناجين , أن سفينتنا الوطن , أن بنيناه نجونا , وأن عجزنا عن بناءه غرقنا , ولعمري أن هطول المطر بغزارة يُنذر بأقتراب الغرق , فهلموا نبني الوطن , ليحملنا على ألواح ودُسر , وما لنا لا نبنيه , ألسنا نطلب الحرية . . أم ماذا ؟؟؟؟ .
حتى عندما نطلب الحرية نطلبها كتحرر , فنذهب الى ساحات الحرية ونطلب التحرير , والتحرر , ورغم أن التحرير والتحرر جزء من الحرية , إلا أنني اتقصى أصل المشكلة , فأجد أن مطالباتنا مازالت تخضع لذهنية المواجهة العنيفة , والسلاح , والتصادم , ورفع الشعارات الثورية , وتنظيم الاحتجاجات المنددة بسياسة الحكومة , أو الشروع بأنتفاضات ضد السلطة , أو اعلان المقاومة ضد المحتل , وهذه كلها بوادر ومنافذ للوصول الى الحرية , ولكن مشكلتنا أننا نقف في وسط الطريق , ولا نُكمل ما بدأناه , مما يضطرنا للعودة الى ساحات الأعتصام , والمظاهرات , وحمل السلاح , والانتفاض ضد السلطة , والمقاومة , ورفع المزيد من الشعارات الثورية , وهكذا دواليك ما برحنا نكرر المعهودات التحررية , ولم نصل للحرية , لأننا نجد أن النزف الدموي , وتقطع أوتارنا الصوتية , وأجهاد القدمين بالسير في طرق التنديد , أسهل من بناء طابوقة واحدة , أو الشروع بحملة استصلاح لأراضينا , فتكفل المطر بتخفيض مناسيب الملوحة في ربوعنا البوار , ولله الحمد , ولكن للنعمة وجه آخر , قد نستمر بتجاهله , الى أن تكتمل ملامحه , ويعم في واقعنا , ونذهب ادراج الرياح , ونمكث في قاع الأستعباد الى ما شئنا , عكس ما نراه في واقع الشعوب الحرة , التي اتخذت من دروب التحرر وسيلة للوصول للحرية , ولم تتوقف في منتصف الطريق , في كل مرة , لأنها عرفت أن الحرية أعظم من لحظة التحرر , لحظة الثورة , لحضة التنديد , لحظة المقاومة , لأن الحرية تُنجز حين أكمال الطريق , حين البناء , الاستقرار , الإبداع , التعايش السلمي المتحضر بين افراد الشعب , ومع مؤسسات الدولة , تتجلى الحرية في نصب لها يتوسط مدينة عملاقة تعجب الناظرين , ولن نجد الحرية في الخرائب والعشوائيات والبلاد المنهكة المدمرة الخاضعة للسياسات الحمقاء , لن نجدها في تصريحات السياسي , أو تنديدات المواطن , والأصوات لوحدها لا تبني , فهل تشعر بأنك حر ؟؟؟.
أن كان الوطن كنزنا , فأن حتى العصفور لم يتحمل العيش بقفص , وإن كان قفصا" ذهبيا" . . . . . . . . .
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟