|
الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 2 – 12 )
كور متيوك انيار
الحوار المتمدن-العدد: 4504 - 2014 / 7 / 6 - 13:22
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 2 – 12 ) كور متيوك [email protected] بعد إن نالت جنوب السودان إستقلالها عانت من العديد من الصعوبات حول بناء الدولة و مؤسساتها و إداراتها و هو ما اسرع بتلك الاحداث الجارية اليوم ، و إن الحرب التي تدور في رقعة واسعة من البلاد هي هروب للحركة الشعبية وقادتها من اسئلة الشعب المصيرية وهي : اين السودان الجديد ؟ اين الطرق ؟ اين محاربة الفساد ؟ اين محاربة القبلية ؟ اين الحكم الرشيد ؟ اين المدارس ؟ اين مؤسسات الدولة ؟ اين حق التعبير ؟ اين حرية الصحافة ؟ اين وزارة الخارجية ؟! ويظل الاجابة المفضلة دوماً من الحركة الشعبية وقادتها هو إن الدولة وليدة ، الدولة الصغيرة ، الدولة عمرها ثلاثة سنوات ، لا تستعجلوا على التنمية ، ..... الــــــــــخ . العديد من الوزارات و المؤسسات في الدولة تم احتلالها من قبل جيوش قبلية ، فكل وزير يفضل تعيين الاقارب الاقربين و البعيدين من القبيلة ومن ثم الاصدقاء ، فالزملاء ، اما بقية شعب جنوب السودان الذين لا يملكون اقرباء لهم في تلك المؤسسات فلا سبيل لهم للعمل حتى لو إمتلكوا ارفع الشهادات الاكاديمية و المؤهلات الفكرية ، وزارة الخارجية مثلها و مثل العديد من الوزارات لم تحظى بالاهتمام الكافئ من قبل الدولة لانها لم تكن اولوية بل تم التعامل معه للاستقبال و الاتصال و المسكول كانه هاتف نوكيا 3310 وليس مؤسسة وذلك اعفى الدولة و الخارجية من رسم سياسة خارجية واضحة ، بعض المسؤولين اتخذو من الخارجية حضانة ومرتعاً لابنائهم ، فبدلاً إن يتحملوا تكلفة السفريات المتكررة لابنائهم قاموا بتحميل الدولة بتلك التكاليف ليس لكي يخدموا الدولة و الشعب بل ليخدموا انفسهم ، حتى اصبح الوزارة مثل شركات تنظيم رحلات سياحية . لذلك لم يكن هنالك إهتمام من قبل الدولة في وضع سياسة لادارة العلاقات الجنوبية الامريكية على الرغم من اهميتها ، بل كان الفكر المسيطر هو إن امريكا دولة صديقة دون الاخذ في الاعتبار إهتمامات الولايات المتحدة كدولة عظمى ، الامنية و الاقتصادية في الاقليم و داخل جنوب السودان . في كتاب الدكتور جون قاي نوت يوه وزير العلوم و التكنلوجيا بعنوان " جنوب السودان و افاق التحديات " عن مطبعة الاهلية للنشر و التوزيع ، الطبعة الاولى 2000م ، يقول نوت يوه إن قيام دولة لجنوب السودان يطرح سؤال حول كيفية تعامل هذه الدولة مع العالم ؟ و ماهي السبل التي من خلال وجودها في هذا العالم التي تتحكم فيه المصالح الاقتصادية للدول الكبرى ؟ . يستمر قاي في طرح اسئلته التي كانت تشغل فكره في ذاك الوقت حول شكلية العلاقات بين الدولتين في المستقبل و هي اسئلة مازالت تطرح نفسها حتى اليوم : ما هي المصالح الامريكية في جنوب السودان و كيف تتعامل الحكومات الامريكية مع القيادة السياسية في جنوب السودان ؟ و هل لجنوب السودان مصالح محددة في تعامله مع واشنطن ؟ من بين الاسئلة الاكثر اهمية و التي طرحها قاي حول طبيعة الاهتمام الامريكي بجنوب السودان هي هل للادارات الامريكية دور في الانقسام في صفوف الحركة الشعبية ويقصد بذلك احداث 1991م و الذي قادها كل من دكتور رياك مشار ودكتور لام اكول في محاولة منهم للانقلاب ضد دكتور جون قرنق ، و التي يمكن وصفها بصراع الدكاترة ( د. جون قرنق ، د. رياك مشار ، د. لام اكول ) ، ما يجعل من تلك السؤال اهمية هو إن احداث 15 ديسمبر 2013م اعادت تلك الاسئلة وذلك لان الحكومة تتحدث باستمرار عن دعم امريكي للمتمردين ! فهل فعلاً دعمت امريكا احد الطرفين في 91م ؟ وهل فعلت في 2013م ؟ ، كذلك يتساءل قاي عن الموقع الاستراتيجي و السياسي للدولة المرتقبة في جنوب السودان للولايات المتحدة ؟ هل لواشنطن حسابات سياسية تتعلق بالشرق الاوسط تجعلها تتريث في التدخل لحسم الحرب السودانية الطويلة ؟ و الاكثر اهمية هو هل هنالك اتفاقيات سرية بين واشنطن وبعض قيادات الحركة الشعبية ؟ هل تعهدت امريكا الى شركاتها العاملة وقتها في جنوب السودان في إن تعيدهم الى العمل بتلك الحقول بعد الاستقلال ؟ . اسئلة جون يوه قديمة ، لكنها متجددة و مازالت تطرح نفسها بقوة باعتبار إن الإجابة لتلك الاسئلة التي لم تجد حتى اليوم احداً يفكر فيها وسط فحيح القبلية ولدغات الحرب و الاستحقاقات التي ينتظرها الشعب من قادة الحركة الشعبية ، الذين اختاروا الحرب بدلاً من النهوض و التطور لتغيير الواقع الاجتماعي و التاريخي المزري كالية من اليات الهروب من التساؤل التاريخي ! إن الإجابة على تلك التساؤلات هي المدخل الحقيقي لفهم طبيعة العلاقات الجنوبية الامريكية التي مازالت حتى اليوم تفتقر إلى مفهوم واضح حول ماهيتها و شكلها و مدى قوتها ؟ ومدى إعتماد واشنطن على جوبا في منطقة القرن الافريقي و شرق افريقيا كحليف استراتيجي ؟ و هل يمكن لقيادة جنوب السودان إن تضحي بتلك العلاقة من اجل تفادي التدخلات الامريكية في الشؤون الداحلية للجنوب في قضايا حقوق الانسان و الحكم الرشيد و التداول السلمي للسلطة ؟ . إن العلاقات التي كانت تربط الجنوب بامريكا على الرغم من إنها لم تكن واضحة ، وهذا واضح بجلاء من خلال تلك الاسئلة التي طرحها قاي ، فبالمقارنة مع فترة بداية اول تمرد في جنوب السودان ، نجد الولايات المتحدة حديثة الارتباط السياسي و العلائقي ، مع قضية جنوب السودان ولقد اخذت ما يقارب الاربعة عقود حتى يراجع راسمي السياسة الخارجية في وزارة الخارجية و الكونغرس بمجلسيه ( الشيوخ ، النواب ) مراكز البحوث و الجامعات و الصحف ، اجهزة الاستخبارات ، وهذه فترة طويلة جداً ، فلماذا احتاج امريكا كل تلك العقود ، حتى تستوعب قضية شعب يعاني الاضطهاد و القهر و الظلم و الاستلاب ، هنالك عوامل عديدة قد تكون لعبت دوراً كبيراً ومنها : في الخمسينات كان امريكا قد خرجت لتوها من حرب طاحنة وهي الحرب العالمية الثانية ، بالاضافة الى إن الدور القيادي الامريكي حول العالم لم تكن قد تحددت بدقة ، ووضحت ملامحها ، كما إن عوامل اقليمية اخرى لعبت دور كبير في التقارب الامريكي مع الحكومة السودانية خاصة في منطقة الشرق الاوسط وفي القرن الافريقي معتقدة إنها السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة ، وباعدت المسافة بين الحركات المتمردة في جنوب السودان وامريكا ؛ إلا أن العلاقة بعد وضوحها يمكن وصف العلاقة بين الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان وجنوب السودان كدولة ، فيما بعد بالممتازة و الاستراتيجية ، و إذا إستطاع جنوب السودان إستغلالها بشكل جيد يمكن إن يكون الجنوب حليف استراتيجي يعتمد عليه امريكا في المنطقة دون إن تؤثر في جوهر الدولة و سيادتها و ذلك بتحقيق المصالح المشتركة للدولتين ، لو كان هناك بورصة للعلاقات الدولية فإن بعض الدول ستشتري العلاقة التي تربط الجنوب بواشنطن باي ثمن دون تردد ، نظراً للعائد السياسي و الاقتصادي الكبير التي يمكن إن تعود من تلك العلاقات ، لكن الدخول في مواجهة مبكرة معها قد يقلل من فرص نجاح الدولة و حتمية تحولها الى دولة فاشلة يضاف الى المنطقة الافريقية مثلها مثل الصومال و افريقيا الوسطى و ربما اسوأ من تلك التجربتين بصورة لا يمكن تخيلها ، الولايات المتحدة تسيطر على كافة المؤسسات و المنظمات الدولية من الامم المتحدة و مجلس الامن الدولي و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و الاتحاد الافريقي وتسيطر على الصين و روسيا حتى ؛ لذلك من الصعب رؤية جنوب السودان تنهض دون دعم امريكي ، البعض قد يقولون إننا لسنا بحاجة الى دعم امريكي وقد يكون ذلك صحيحاً نوعاً ما و بالفعل يمكن ( العيش ) دون الاعتماد على امريكا ، احبذ استخدام كلمة ( العيش ) بدلاً عن كلمة ( البناء ) و الفرق شاسع بين الكلمتين ، فيمكن الابتعاد عن امريكا على إن يعيش الدولة و الشعب وسط بركة اسنة من الامراض كالكوليرا التي بدات تنتشر وسط المواطنين ، وكذلك اذدياد الفقر و الجهل و الفوضى و اللانظام وغيرها مما لا يمكن تخيلها ، وهذا ما يمكن إن يحصل في حال اختار النخب الحاكمة العيش بدلاً من البناء ، وفي حال اختار النخب البناء فقد يتدخل امريكا بين الوقت و اخر في توجيه اتجاهات البلاد الاقتصادية و السياسية مصحوباً مع النمو و التطور وتقليل نسبة الامية و الفقر وهذا هو الفرق بين ( العيش ) و ( البناء ) .
نواصل
#كور_متيوك_انيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب واثرها على علاقات جنوب السودان بامريكا ( 1 – 12 )
-
الدول الفاشلة و الهشة ( 3 – 3 )
-
الدول الفاشلة و الهشة ( 2 – 3 )
-
الدول الفاشلة و الهشة ( 1 – 3 )
-
مفاوضات ال( 17 ) مليون دولار ، فرصة لن تتكرر ؟
-
لقاء كير ، مشار : رفع ترمومتر الحرب او وقفها !
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 4-4 )
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 3-4 )
-
باقان اموم .. براءة ام عفو ومصالحة ؟
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 2-4 )
-
وزارة الخارجية الرضيعة ( 1-4 )
-
المصالحة الفلسطينية وانتهاء الحسم العسكري
-
قراءة في رواية زهرة الكركديه الارجوانية
-
اوباما الوديع و بوتين الحاذق
-
استفتاء شبه جزيرة القرم
-
إمتحان النزاهة و الاستقلالية رقم ( 3 )
-
إنتخابات كيم جونغ اون ( نعم ) او ( نعم )
-
تعقيب على د.عبدالله علي إبراهيم - بروق الحنين : لوحة غير انس
...
-
محاصرة دويلة قطر
-
وزارة الخارجية للشؤون الداخلية و الاعلام
المزيد.....
-
بوغدانوف يبحث مع وفد من حماس المستجدات في غزة ويؤكد أهمية ال
...
-
الجدل حول شراء غرينلاند لم ينته بعد.. ورئيسة وزراء الدنمارك
...
-
بيل غيتس وصورة -الملياردير المثالي-
-
ترامب يعلق رسومه الجمركية على المكسيك -شهرا-
-
الرياض.. برنامج أمل التطوعي لدعم سوريا
-
قطاع غزة.. منطقة منكوبة إنسانيا
-
الشرع لـ-تلفزيون سوريا-: النظام كانت لديه معلومات عن التحضير
...
-
مصراتة.. سفينة مساعدات ثانية إلى غزة
-
جنوب إفريقيا تعلن عن إجراءات محتملة ردا على قرار ترامب وقف ت
...
-
مصر تصدر خرائط جديدة لقناة السويس.. ما أهميتها وتفاصيلها؟
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|