أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - شريف عشري - سكريبت ولينك الحلقة الثالثة من برنامج الاقتصاد للجميع - الموازنة العامة - مقدمة















المزيد.....


سكريبت ولينك الحلقة الثالثة من برنامج الاقتصاد للجميع - الموازنة العامة - مقدمة


شريف عشري

الحوار المتمدن-العدد: 4503 - 2014 / 7 / 5 - 03:51
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



سريعا جدا حنلخص ما قولناه فى الحلقة السابقة ...كنا نتحدث عن المشكلة الاقتصادية الكبرى وان تلك المشكلة هى اصل كل المشاكل المنبثقة عنها كالبطالة والتضخم والفقر والعشوائيات وعجز الموازنة وعجز الميزان التجارى ...الخ وقولنا انها تماما مثل الخطية الكبرى التى ارتكبها آدم بعصيانه الأمر الإلهي وهى اصل كل الخطايا والشرور على الارض من قتل وزنا ونميمة وحقد وسرقة ....الخ وقولنا ان قبل الخطية الكبرى لم يواجه الإنسان اى مشكلة اقتصادية فهو كان يشعر فيرغب فيطلب فيجاب فى الحال أما بعد الطرد من الجنة أصبح الإنسان يشعر فيرغب فيطلب فلا يجاب ومن هنا بدأت المشكلة فحاجات الانسان كثيرة ومتنوعة وملحة ولانهائية بينما الموارد التى فى الارض محدودة ونادرة ..فالمقابلة بين الحاجات الللانهائية والموارد المحدودة هى التى خلقت المشكلة الاقتصادية الكبرى ...وندرة الموارد فى حد ذاتها هو ما جعل لها سعر او قيمة استبدالية فلو كانت لا نهائية لكانت مجانية مثل الهواء والماء مثلا لكن الندرة هى التى تجعل لها قيمة فى التبادل وربما قيمة عالية جدا كالذهب والمعادن النفيسة . واى مورد أو سلعة أو خدمة لها نوعان من القيمة : قيمة استعمالية Value in use مستمدة من القدرة على اشباع حاجة معينة لدى الانسان ...وقيمة استبداليةValue in exchange مستمدة من مبادلة السلعة او الخدمة بسلعة أو خدمة اخرى آخر ..وهذا ما يفسر لغز القيمة paradox of value فقد يكون الذهب اقل نفعا من الهواء للانسان بينما هو اكثر قيمة من ناحية التبادل نظرا لندرته النسبية الشديدة .
وقولنا انه طالما ان الانسان يواجه مشكلة فعليه ان يتصرف ويعمل أى ان ينتج ...والانتاج معناه خلق منفعة اى تحويل المورد من صورة غير قابلة للإشباع لصورة قابلة للإشباع .. مثل البترول الخام لما نحوله لمشتقاته المختلفة بالاستخراج والتكرير ثم الدخول فى الصناعات المختلفة . وقولنا ان الموارد يمكن حصرها فى (ارض وعمل وراس مال وقدرة تنظيمية ) وتلك الموارد تدخل فى العملية الانتاجية بنسب مختلفة ( كمدخلات ) لكى تخرج لنا فى صورة سلع وخدمات ( كمخرجات) وقولنا ان العملية الانتاجية لكى تتم لابد من طرح ثلاث اسئلة هامة :
1- what ? اى ماذا ننتج
2- How ? اى كيف ننتج
3- for whom ? اى كيف نوزع ما تم انتاجه على الناس
فتلك الاسئلة هى اركان او عناصر المشكلة الكبرى وليس سبب وجودها( او جوهرها ) الذى تم ذكره والذى ياتى من مقابلة الحاجات اللانهائية بالموارد المحدودة ..
وقولنا ان السؤال الاول يستلزم 3 امور هامة :
أ) تحديد سلم افضلية preferences ( تفضيلات و اولويات) للسلع والخدمات الضرورية التى يحتاجها المجتمع واللى مش حنقدر ننتجه فى الداخل نستورده من الخارج ..واللى حننتجه بكفاءة وبكثره فى الداخل نصدره للخارج وبحصيلة الصادرات نستورد ما يلزمنا من الخارج .
ب) تخصيص كامل للموارد complete ( مانخلليش موارد عاطلة ..عمال بدون عمل ...ارض غير مستغلة ..مواد خام غير مستغلة .. رؤوس اموال تحت البلاطة ...آلات متوقفة ...الخ )
ج) تخصيص أمثل للموارد Optimal : نوظف العنصر الجيد فى المكان المناسب فنأخذ منه أعلى انتاجية ..والانتاجية هى ( المخرجاتoutput / المدخلاتinput )
وقولنا ان التصدى لعناصر المشكلة يكون وفقا للنظام الاقتصادى المتبع فى الدولة ...وعموما هناك 3 أنظمة رئيسية :
أ) نظام فى اقصي اليمين : الرأسمالي المتطرف ( بحت) ...أو نظام السوق ..أو جهاز الثمن Market system
ب) نظام فى اقصي اليسار : إشتراكي متطرف ( بحت) .. أو النظام الآمر Command system
ج) نظام وسطى معتدل : نظام مختلط Mixed system قد يميل الى الراسمالية فيعطى فرصة للقطاع الخاص اكبر من القطاع العام والحكومة فى التدخل فى النشاط الاقتصادي ...أو قد يميل الى الاشتراكية فيعطى فرصة أكبر للحكومة والقطاع العام فى التدخل على حساب القطاع الخاص .
وقولنا ان الانظمة فى كل دول العالم الآن مختلطة ولم يعد هناك أى نظام متطرف (بحت)

وذكرنا ان نظام السوق يواجه عناصر المشكلة أى الاجابة عن ماذا ننتج ؟ وكيف ننتج ؟ ولمن ننتج من خلال العرض والطلب أداتى وهما جناحى نظام السوق ... فالطلب على منتج معين هو ما يحفز المنتج ان يدخل فى انتاج وصناعة هذا المنتج وهذا يتم من خلال دراسات الجدوى ودراسة الطلب السوقى ... وتطبيق دالة الانتاج ما اذا كانت مكثفة للعمل على حساب راس المال او العكس هو ما يحدده ظروف المجتمع نفسه ..فمثلا فى مصر لا ينفع ان نقيم مصنع يعتمد على الآلات والروبوت من اوله لآخره On key factory(مصنع على المفتاح ) ولا يعتمد على العمالة ..لماذا ؟ لان مصر تعاني من بطالة !!
أما بخصوص توزيع الانتاج فيتم حسب القدرة الشرائية للمستهلك فمن يملك المال يستطيع ان يقتنى المنتج الذى يرغبه ..فالرغبة فى الاقتناء غير كافية بل لابد وان تكون مدعومة بالقدرة المالية على الشراء .
أما بالنسبة للنظام الاشتراكي يجيب عن الاسئلة بطريقة مختلفة ...فالدولة فيه هى كل شىء ..الدولة هى التى تتملك الموارد والدولة هى التى تحدد سلم الاولويات والدولة هى التى تحدد طرق الانتاج والدولة هى التى تقرر توزيع هذا الانتاج بطرقها المختلفة ..اما الاسعار فى ظل هذا النظام الاشتراكي بتكون ادارية ليس لها علاقة بالسعر السوقي ..ادارية بمعني انها تحدد من قبل الدولة . ومن الملاحظ أن هذا النظام يقتل الحافز الفردى ويعين على النوم والكسل فلا تطبيق لمبدأ الثواب والعقاب والذى يعمل مثل الذى لا يعمل والكل فى النهاية يحصل دخل والكل فى النهاية سواء !
+++


فى موضوع حلقتنا هذه سوف نقفز قفزة للامام بسبب الظروف التى تمر بها مصر وسوف نتطرق للحديث فى موضوع من اهم الموضوعات المطروحة على الساحة وهو الموازنة العامة للدولة ...
بداية نقول انه لابد من التفرقة بين الدولة والحكومة ::: فالدولة كيان اعتبارى معنوي يلزم لوجوده توافر 3 عناصر :
أ) أرض
ب) شعب
ج) مجموعة من القوانين والمؤسسات التى تنظم العلاقة بين الناس وبعضها من ناحية وبين الناس والسلطة الحاكمة من ناحية اخرى ..فيترتب على الطرفين التزامات ويكون لكل طرف ايضا حقوق على الآخر وهذا ما نسميه فى السياسة بالعقد الاجتماعى أو الدستور (وهو قمة القوانين ) واول من طرح الفكرة هو جان جاك روسو فى نظرية العقد الاجتماعى ..... وتنطوى المؤسسات على السلطات الثلاثة : تشريعية – تنفيذية – قضائية ... وتنطوى ايضا على الجهاز الادارى التنفيذى للدولة ( الوزارات أو الحكومة )
..



أما الحكومة فهى كيان تنفيذى منظور( وهو جزء من الدولة ) يضم كل مؤسسات الدولة التى تقوم بتنفيذ القانون والرقابة على هذا التنفيذ وتنطوى الحكومة على كل الوزارات كالدفاع والداخلية والزراعة والصناعة ...الخ
وعموما قديما فى ظل الفكر الاقتصادى الكلاسيكي كان دور الدولة محدود جدا فى الاقتصاد لأن الفكر الاقتصادى ايامها كان قائم على قانون جان باتيست ساى Jan Batiste Say :" كل عرض يخلق الطلب عليه every supply creats its own deman " أو كل دخل يولد بالضرورة إنفاق ..كما أن الفكر كان متأثر بمقولة المدرسة الطبيعين فى الاقتصاد Phisiocrates les ( مدرسة اقتصادية فرنسية ) وهذان المبدآن هما ما جعلا المفكرين الاقتصاديين ايامها يعتقدوا ان اى خلل فى الاقتصاد يمكن ان يتم تصحيحه ذاتيا أو آليا من خلال جهاز الثمن ( العرض والطلب) ومن ثم الوصول تلقائيا للتوازن ( التوازن يعنى انه لاتوجد مشاكل فى الاقتصاد لا بطالة ولا تضخم ) لكن مع بروز أزمة الكساد الكبير The great depression 1930-1933 ( هذه الازمة ظهر فى امريكا فى الوول ستريت بنيويورك ثم صدرت الى بقية العالم ) ظهر عالم فى سماء الاقتصاد جون ماينارد كينز يؤكد على فشل النموذج الاقتصادى الكلاسيكي فى التعامل مع الظروف الجديدة ومن ثم أنشا هو نموذج جديد فى كتابه لThe general theory of money , employment & interest النظرية العامة فى النقود والعمالة والفائدة" ومن خلال النموذج أثبت ان توازن الاقتصاد قد يحدث فوق او تحت توازن العمالة الكاملة( توازن العمالة الكاملة عنده يتحقق النموذج الكلاسيكي ان كل دخل يولد انفاق ) وبالتالى قد يصاب الاقتصاد بتضخم ( لو التوازن اعلى العمالة الكاملة ) او بطالة ( لو التوازن اقل من العمالة الكاملة ) وذلك حسب شكل توازن الطلب الفعال وقد نادى ( كينز) بان الاصلاح ياتى من خلال تدخل الدولة فى الاقتصاد بسياساتها الاقتصادية المختلفة( المالية والنقدية والتجارية ) . . وفى ظل لاقتصاد الكلاسيكي كان دور الدولة مقصور على 3 وظائف أساسية فقط وهم : الدفاع الخارجي + الأمن الداخلي + التمثيل الدبلوماسي ...وقد سميت تلك الوظائف بالوظائف التقليدية القديمة .... لكن مع تطور الاقتصاديات وتطور وسائل الانتاج وتطور الظروف وبروز ازمة الكساد العظيم تطور معى كل هذا دور الدولة واصبح يتعدى الوظائف التقليدية لكى يكون له نصيب فى التدخل فى النشاط الاقتصادى للدولة وذلك لتوجيهه وجهة معينة فى الاتجاه الصحيح ...
مثلا : لو افترضنا أن مخبز ينتج ارغفة خبز وانه بسبب ما تقرر انه يوقف انتاجه لخسارته بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج مثلا ... أو ان هذا المخبز قرر رفع اسعاره بطريقه مبالغة للحفاظ على ارباحه ...او ان مجموعة المخابز تواطأت مع بعضها البعض فى رفع الاسعار حتى لا تخسر ...هنا يتضرر المجتمع ومن هنا يكون تدخل الدولة أمر ضرورى لتصحيح الخلل ... فقد تدخل الدولة نفسها فى مجال انتاج الخبز وتتحمل الخسائر فى توفير الخبز للناس ..او قد تتدخل الدولة بشراء الانتاج من الخبز من الخارج بسعر عالى وتبيعه للناس فى الداخل بسعر منخفض وتتحمل الفرق ( وهذا ما نسميه بدعم السلع الاستراتيجية ( كشراء بعض الادوية ولبن الاطفال ...الخ) ...... أو قد يكون هناك مشروعات لا ربح من ورائها كمشروعات الكبارى والطرق والانفاق مثلا لا يتعهد بها ولا يخوض فيها القطاع الخاص الذى يسعى وراء الربح ..هنا الدولة تتدخل وتقوم بتنفيذها لمساعدة المستثمرين فى الاقتصاد ....وكل انواع التدخلات السابقة تعد من قبيل الانفاق الحكومى او التدخل فى النشاط الاقتصادى بالانفاق ... والسؤال من اين تاتى الدولة بالاموال ؟ أكيد هناك وسيلة !! بالتأكيد هناك وسيلة واسهل الوسائل هى تحصيل ضرائب من المواطنين أو ان تدخل الدولة فى مشاريع بغرض تحقيق الايراد ا وان الدولة تتحكم فى بعض الاصول السيادية التى تدر عليها عوائد ( كقناة السويس مثلا أو المتاحف والآثار ...الخ ) وهنا نقول ان الدولة تدخلت فى النشاط الاقتصادى من خلال الايراد ... اذن قد يبدو مقبولا فى الاقتصاديات المعصرة ان تتدخل الدولة بطريقة ما نسميها ( السياسة المالية للدولة ) والتى جناحيها الانفاق والايراد وهنا تؤثر على الطلب الكلى الفعال فى المجتمع ( الدخل القومى )
فالطلب الكلى- حسب فكر اللورد جون ماينارد كينز Keynes John Mynard الفعال عبارة عن = الاستهلاك الكلى + الاستثمار الكلى + الانفاق الحكومى + ( الصادرات – الواردات )
ولسنا الآن فى مجال شرح تلك المعادلة كيف جاءت فلنترك هذا الأمر للمتخصصين انما نحن نأخذها كما هى مؤقتا لكى نوضح ان الانفاق الحكومى بالتأكيد يؤثر على الطلب الفعال للمجتمع فيرفعه بزيادة الانفاق وخفض الضرائب والعكس يخفضه بخفض الانفاق وزيادة الضرائب ..
لو الدولة مثلا تواجه بتضخم فمن الواجب عليها اتباع سياسة مالية انكماشية Contractionary fiscal policy ( خفض انفاق وزيادة ضرائب) فهذا يؤدى الى خفض غير مباشر فى الاستثمار والاستهلاك معا ...لان زيادة الضرائب مثلا تؤثر سلبا على الاستثمار فينخفض وانخفاضه سوف يؤدى الى انخفاض الاستهلاك بسبب انخفاض الدخول فيقل الطلب الكلى ويقل معه المستوى العام للاسعار ومن ثم يقل التضخم . والعكس تماما يمكن اتباعه فى حالات الانكماش فتتبع الحكومة سياسة مالية توسعية Expansionary fiscal policy اى عندما يكون هناك بطالة ...تتبع الدولة سياسة مالية توسعية اى تزيد الإنفاق وتقلل الضرائب فتحفز الاستثمار وتزداد فرض العمل وتزداد الدخول ويزداد الاستهلاك ...وهكذا يزداد الكلب الكلى الفعال ...
السؤال هنا : هل الدولة تؤثر فقط بالسياسات المالية من خلال تدخلها فى النشاط ..الاجابة لأ طبعا ...لأن هناك سياسات أخرى مكملة ...فهناك السياسة النقدية Monetary policy ودى هدفها التأثير المباشر ( ليس فى الطلب الفعال ) ولكن فى العرض النقدى والأخير يؤثر فى الطلب الفعال من خلال الانفاق الاستهلاكى والاستثمارى ...و السياسة النقدية تنصب على التحكم فى الاصدار النقدى والذي يقود السياسة النقدية ليست وزارة المالية بل البنك المركزى الذى ياتى على راس الجهاز المصرفى كله ببنوكه التجارية ... وادوات السياسة النقدية تتراوح بين التحكم فى نسبة الاحتياطى النقدى التى لدى البنك المركزى او عمليات السوق المفتوحة او تغيير سعر الفائدة ولسنا فى مجال شرح كل ذلك انما ما يهمنا ان لو الدولة تواجه مثلا تضخم فانها كما تتبع سياسة مالية انكماشية فانها تتبع سياسة مكملة نقدية انكماشية ... فرفع سعر الفائدة مثلا يزيد من تكلفة الاستثمار فيزيد الادخار ويقل الاستثمار ومن ثم يقل الطلب الفعال ويختفي التضخم تدريجيا ...والعكس فى حالة البطالة فخفض الفائدة تشجع على الاستثمار وتقلل من الادخار فيزداد الطلب الفعال وتزداد فرص العمل ...وهكذا ...أخيرا قد تتدخل الدولة بسياسات أخرى تسمي السياسات التجارية والتى تتعلق برفع او خفض سعر الصرف الاجنبى أو تطبيق نظام الكوتة والحصص على الوارد او الصادر من السلع والخدمات .. ....فرفع سعر الصرف يقلل الواردات ويزيد الصادرات والعكس صحيح وتستخدم مثل تلك السياسات التجارية مع تلك المالية والنقدية فى توجيه الاقتصاد وجهه معينة ومعالجة مشاكله الكبرى من تضخم أو بطالة والسياسات الثلاثة السابقة ( المالية والتجارية والنقدية ) يطلق عليها السياسات الاقتصادية وهى أدوات الدولة فى التدخل فى النشاط الاقتصادي لتوجيهه وجهة معينة ...
ولو اتكلمنا عن الموازنة العامة للدولة فاننا كأننا نتكلم على جانب واحد فقط من السياسات الاقتصادية ...وهو السياسات المالية المتعلقة بالانفاق والايراد ويفرد لها فرع كبير من فروع علم الاقتصاد يطلق عليه " الماليةالعامة public Finance "... فالمالية العامة أو التدث فى مجال الانفاق والايراد الحكومى ليس هو كل الاقتصاد بل جزء منه فقط ...وهذا هو موضوعنا فى الحلقات القادمة الى ان ننتهى منه والذى ربما ياخذ اكثر من حلقة ...
طيب علشان نفهم الموازنة العامة للدولة تعالى ناخدها بالمنطق البسيط جدا ...تعالى نتكلم الاول عن موازنة اسرة صغيرة ...
لوانت رب منزل وجئت فى آخر الشهر واردت ان تعمل حصر لمصاريفك وايراداتك فماذا تفعل ؟
بسيطة حتجيب ورقة وتقسمها نصفين بالطول وفى النصف الايمن حتكتب عنوان ( المصاريف ) او استخدامات الاموال وفى النصف الايسر حتكتب عنوان المتحصلات ( الايرادات ) او مصادر الاموال ...
ثم تأتى بعد ذلك وتعمل عملية حصر لكل من مصاريفك وايراداتك وفى النهاية تشوف هل مصاريفك كانت اكبر من ايراداتك ام حدث العكس ... فلو مصاريفك اكبر كان عندك عجز ( هنا تسال نفسك ازاى مولت هذا العجز ...منين جيبت فلوس تغطى تلك الفجوة ..اما لو كانت ميزانيتك تعكس فائض لان ايراداتك اكبر فهنا تاخذ الفائض وممكن تستثمره ( تدخره فى بنك او صندوق توفير او تستثمره فى مشروع او أو تستثمره فى شراء اوراق مالية ( اسهم – سندات ) أو تتصرف فيه كما تشاء ..
طيب الكلام اللى فات ده لو كنت بتعمل ( ميزانية ) ..فماذا لو كنت بتعمل ( موازنة ) ...حتقول لى هو فيه فارق ؟ حأرد واقولك طبعا هناك فارق كبير ...فالميزانية بيان عما تم انجازه بالفعل من مصاريف وايرادات خلال فترة معينة سابقة وتمت بالفعل ...اما الموازنة فهى بيان لما سوف تكون عليه الايرادات والمصاريف فى فترة قادمة ( مستقبلية ) ..
ولو افترضنا ان رب الاسرة بيعمل موازنة فانها تكون بنفس المنطق ..انه يعمل حساب على شكل حرف T ثم يدرج فى طرفيه الايمن والايسر الايرادات والمصاريف ( المتوقعة ) كما بالشكل التالي :
الايرادات ( الدخول )
============
دخل 2000
سلف 500 منح ومساعدات 200
بيع بعض الاصول 500 ===========
اجمالى 3200
المصاريف (النفقات)
============
سداد فواتير والتزامات 1000
مصاريف سفر وانتقالات 300
مواد نظافة ومصاريف نثرية اخرى 100
مصاريف أكل وشرب 2000
=========
اجمالى 3400

اذن ( العجز= 3400-3200=200)

هنا نلاحظ ان العجز = المصاريف – الايرادات = 200

وهنا نقول ان هناك ثمة فجوة تمويلية أو عجز الموازنة وينبغى سد هذا العجز وطرق السد كثيرة منها :
1- رب الاسرة يلجا الى اقامة مشروع يوفر له دخل يسد بيه العجز
2- رب الاسرة قد يلجأ للسرقة او الرشوة
3- رب الاسرة قد يلجا للاقتراض
4- رب الاسره يلجأ لتلقى منح ومساعدات اى يشحت
....الخ من الطرق البديلة لسد العجز .
=================================================
ما قولناه سابقا بالنسبة لموازنة الخاصة برب الاسره وبنفس المنطق يمكن قوله بالنسبة للموازنة العاملة للدولة على افتراض ان الدولة هى الأسرة الكبيرة التى تضم كل الاسر المصرية بارضها ومؤسساتها الحاكمة ...
الموازنة العامة للدولة ايضا تنقسم الى جانبين الأول يمثل إستخادات الاموال ( المصاريف أو النفقات ) والثانى يمثل مصادر الاموال ( الايرادات السيادية وعلى رأسها الضرائب التى تمثل النسبة العظمى من ايرادات الدولة )
والموازنة العامة للدولة هى بيان تقديرى مستقبلي( عادة لمدة سنة قدام) لما سوف تكون عليه نفقات الدولة والايرادات اللازمة لتمويل النفقات ....لاحظ هنا أن الأمر معكوس ...فرب الأسرة يرصد أولا مصادر دخله ثم فى حدود دخله يتم الصرف ...اما الدولة فترصد أولا مجالات إنفاقها ثم بعد ذلك تحدد من أين تأتى بالاموال اللازمة لتمويل تلك النفقات ...اى ان الدولة تطبق مبدأ " على أد رجليك مد لحافك وليس مبدأ على أد لحافك مد رجليك "
ويمكن عرض اهم ملامح الموازنة العامة فى شكل قائمة منسدلة أو فى شكل حساب على شكل حرف T :
وعموما تنحصر أهم النفقات فى الآتي :

1- النفقات التقليدية :
الأمن – الدفاع – التمثيل الدبلوماسي
2- النفقات الجارية:
ومنها الأجور والمرتبات فى الجهاز الإدارى للدولة
3- شراء السلع والخدمات :
هناك الحكومة قد تتجر فى السلع والخدمات الاستراتيجية ( التى تمثل حاجة ماسة للمواطنين ) بهدف بيعها للمحتاجين وذوى الدخول المحدودة والمتوسطة بأسعار اقل من قيمتها السوقية .
4- أقساط الديون :
وهى الفوائد الدورية التى تسددها الحكومة نتيجة اقتراضها من الخارج ( قروض طويلة وقصيرة الاجل ) أو من الداخل(سندات – اذون خزانة ) وأحيانا نسميها عبء خدمة الدين .
5- الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية:
.... قد تدعم الحكومة بعض الصناعات لحفزها وقد تعطى للبعض الآخر مزايا كإعفاءات ضريبية او دعم طاقة أو خلافه ... ويدخل فى البند ده العلاوات الاجتماعية والمدفوعات التحويلية لأصحاب المعاشات .
6- المشروعات الاستثمارية وشراء اصول غير مالية
....قد تدخل الدولة فى صناعات استراتيجية من خلال القطاع العام بهدف توليد دخل يدخل كمصدر من مصادر ايرادات الدولة مثل صناعات الحديد والصلب والغزل والنسيج واستخراج وتكرير البترول والبتروكيماويات والالومينيوم وجميع الصناعات الاستخراجية للفوسفات والمعادن المختلفة كالمنجنيز والنحاس ...الخ ...الخ ... والاصول الغير مالية يقصد بها الآلات والمعدات والمواد النصف مصنوعة والخامات التى تستخدم فى الصناعة ... أما الاصول المالية فهى ( الاسهم والسندات واذون الخزانة )
7- مشروعات البنية التحتية Infrastructure : مثل الطرق والكبارى والانفاق ومحطات المياه والكهربا ...الخ وكل مشروع يخدم بطريقة مباشرة و غير مباشرة فى تحفيز الاستثمار الخاص .
كذلك تنحصر أهم بنود الايرادات السيادية فى الآتى :
1- الضرائب بانواعها المباشرة( على الدخل ) والغير مباشرة ( على القيمة المضافة وعلى السلع والخدمات أو ضرائب المبيعات ) والضرائب الجمركية على السلع المستوردة والمصدرة وضريبة التمغة ...الخ
2- المنح والهبات والتبرعات من حكومات وهيئات أو منظمات أجنبية
3- قروض داخلية ( أذون خزانة وسندات )
4- قروض خارجية : جهات حكومية وبنوك تسليف ومنظمات دولية : كصندوق النقد الدولى IMF أو البنك الدولى IB او نادى باريس ...الخ

5- عوائد ملكية ( ريع أرض – عوائد قناة السويس ...الخ )
6- متحصلات من بيع سلع وخدمات : منها مبيعات الثروة المعدنية ومبيعات السلع التي سبق وان اشترتها الحكومة .
7- تحويلات للداخل : منها تحويلات المصريين العاملين بالخارج
8- غرامات ورسوم
===
أخيرا احنا لماذا نعمل هذا الحصر لبنود النفقات والايرادات ؟
والاجابة لان هذا أمر ضرورى لتوضيح كيفية اللعب فى تلك البنود لتقليل العجز القائم فى الموازنة ...أو لبيان البنود التى فيها مبالغة فى الانفاق وينبغى ضغطها ..او لبيان البنود التى يمكن ضبطها فى الايرادات للحصول على حصيلة اكبر وهكذا ...وكل دهب يدخل فيما نسميه بطرق سد عجز الموازنة أو طرق معالجة الفجوة التمويلية ..وهذا ما سوف نرجئه للحلقات القادمة .
....
http://www.youtube.com/watch?v=PXmzKHy_oKw



#شريف_عشري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماوراء مبادرة السيسي- نعم نستطيع !
- بارانويا البورصة وشيزوفرانيا الاقتصاد فى مصر
- قصة المرأة الكنعانية من واقع إنجيل متى -الدروس والعبر والعظا ...
- حتمية عودة القطاع العام للإقتصاد المصري
- العلاقة مع الله
- أيها المهرطقين...يا نشطاء السبوبة المحسوبين على المسيحيين .. ...
- سكريبت وفيديو الحلقة الثانية من برنامج الاقتصاد للجميع
- روشتة الخلاص الاقتصادي لمصر
- طنطاوى – الرجل الذى لم نعرفه !
- حقيقة الصراع من أجل السلطة فى مصر
- أهمية الإتضاع والتواضع
- سكريبت ولينك الحلقة الأولى من برنامجنا -الإقتصاد للجميع
- المجتمعات الساكنة فى مواجهة المجتمعات الديناميكية
- تعالوا نتعلم من القطة درس
- لا مغفرة بدون سفك دم
- أستاذ العرائس
- ضربات ولعنات وصلوات
- الحرية كما أفهمها
- تحديات الإقتصاد المصري ما بعد 30 يونيو
- جوهر الإنسان وجوهر الله


المزيد.....




- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - شريف عشري - سكريبت ولينك الحلقة الثالثة من برنامج الاقتصاد للجميع - الموازنة العامة - مقدمة