أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فيحاء السامرائي - هنا خازر (من أوراق نازحة)














المزيد.....

هنا خازر (من أوراق نازحة)


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 19:12
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


علينا تحمّل حر فاجع فاجر، فنحن، كما تقول أمي، في حال أفضل من غيرنا، لسنا عالقين على حدود مدن ترفضنا ولا مفترشين العراء، أو ليس كما الذين قضوا بقصف هاونات أو بطرق أخرى للموت وما أكثرها اليوم..نحن نسكن في مخيم ونمارس خصوصياتنا داخل كيس بلاستيكي يسمى خيمة، فيها نتدرب على تمرينات أولية تنفع في تحمل نار الجحيم الموعود، حر يضطر جراءه المهدي الى تأجيل ظهوره كما يذكر أخي، أستغفر الخالق له ولنا..عويل وصراخ أطفال لا ندري هل من جوع أو حر لا يكفّ عن إزعاجنا، يسحب أحدهم طفله مسرعاً، يضعه تحت صنبور مياه يفتحه عليه، يصيح به ناس تتجمع لائمين عليه قسوته، حرام عليك، لأن الماء ساخن لايصلح للشرب فما بالك للسبح أو للتخلص من الحر، تلكزني أمي:
- غشعتو؟ نحن أفضل من غيرنا، ليس عندنا أطفال..أطفال لايستحمون ورائحتهم لاتطاق.
يعلّق أبي:
- من كثرة الحمامات ومواد النظافة، لو كنا ذهبنا شمالا لكنا الآن أما في مخيم دوميز أو بردرش، تكون عندنا دورات مياه مال أوادم ومبردات
تسكته:
- هونيك للنازحين السوريين، "خازر" للعراقيين، أحمدوا ربكم نحن نازحين ببلدنا
- ما بعد ذلك نعمة، بلد مقابر والآن مخيمات
يركض أحداث وشباب نحو قادمين أجانب يصورون المخيم، يقف هؤلاء في ظل خيمة، ينزعون قبعاتهم، يجففون عرقهم يتحدثون مع سكان المخيم بصعوبة، يحمل أحدهم طفلاً يحك جلده، يصرخ الصغير بين يديه ربما فزعاً من لون أحمر قان لجلد الأجنبي المتقد حرارة، يبدو هذا الغريب متعاطفاً مع الأطفال، ينصح الأباء على لسان مترجم معه:
- لاتدعوا أطفالكم، يتفرجون على أفلام رعب وعنف، ليكن عراق المستقبل أفضل.
يدفع المترجم الطفل الى أبيه، يقرأ ما بعين الوالد:
- أفلام أبوك شنو، واقعنا أفضل مدرسة رعب.
يريد الأب أن يخبر الضيف كيف شهد صغيره بأم عينيه مصرع أخوته وأمه، يؤشر له المترجم بيده، يفهمها بأن لا جدوى من الحديث.
تحدث ضجة ولغط في جانب آخر من المخيم، يترك الأولاد الضيوف الأجانب ويجرون نحو سيارة تفرغ مواداً غذائية وإعانات:
- طابور، طابور فرمو..تحضروا شوية، ناته واو، ناشارستانى
تلوم أمي جدتي لأنها تخطئ أمام كاميرات التصوير حينما توجه شكرها الى السيد القائد على مكرمته:
- بقى قائد يمّة !! وين كِن عايشة أنت؟
يحمل النازحون ما يحصلون عليه الى خيامهم، يزداد بكاء أطفال مع ازدياد شدة الحر، لايُسمح لنا بالخروج من المخيم، تبكي جدتي حينما تتذكر أيام مضت، يصلي أبي متكتفاً وحينما ينتهي، يعطي السجادة الى جار قربه يصلي مسبلاً يديه، تصفّ أمي في ركن الخيمة ما أخذناه من مواد غذائية مبتسمة، تسرح قليلاً، ثم تسقط من عينيها دمعتان، تمسحهما قائلة:
- عندنا مواد غذائية، لن نموت من الجوع، نحن أفضل من غيرنا
تأتينا أخبار عن نازحين جدد لا يسمح لهم بدخول خازر، لا أدري كيف تسع الـ 500 خيمة ناس آخرين.
تنظر أمي نحونا بانتصار:
- غشعتو؟
يحرك أخي رأسه ساخراً..أحلم أنا ببيتنا، بغرفتي، بثلاجة فيها ماء بارد، بحديقة ورائحة زهور وعشب، أخبر أمي عن أمنيتي وحلمي في الرجوع، تخبرني أن لا رجعة حتى ينصلح الأمر، وأنها تخشى عليّ من جهاد نكاح أو اختطاف، أسالها متى نرجع إذاً؟ تصمت.
نتجمع في المساءات، يتحدث الكبار عما فقدوه من مال وسكن وعزيز:
- كيف مات؟ قصف لو ذبح؟
- لا، اختطاف وقتل
يحتدم حديث حول المصير ومجهول الآت..يرتفع صراخ جارتنا المسيحية وتشتد عليها آلام الطلق، تهرع أمي وبعض من نساء المخيم نحو خيمتها، نسمع بكاء طفلٌ وليد، يبتسم النازحون لولادة أول نازح صغير، تعترض والدته على اسم يطلقه والده عليه، تقول لها أمي:
- أفضل من أسماء أخرى تأتي بأجل حاملها.
تداعب الوليد وتناغيه:
- أشّونك يا حلو يا خازر، عسى من تكبر،ما تشوف مجازر.
مامن أمر عجيب أبداً في بلد ينتج "خازر".






#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائلة الياسمين والمسرح
- - خبال - علمي
- إمرأة للدهشة
- كراسي في استراحة
- أحزان الدم
- شيء من ذلك
- هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟
- (حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
- تفاحة الذاكرة
- فصل
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فيحاء السامرائي - هنا خازر (من أوراق نازحة)