أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الديمقراطية نظام تواصلي و معلوماتي















المزيد.....

الديمقراطية نظام تواصلي و معلوماتي


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 10:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نميِّز عادة ً بين الديمقراطية من جهة و التواصل و المعلومات من جهة أخرى. لكن الديمقراطية ليست سوى نظام تواصلي و معلوماتي. و ينجح هذا النموذج الديمقراطي في تفسير كيف تتمكن الديمقراطية من تحقيق الحرية و المساواة.

الديمقراطية نظام تواصلي و معلوماتي يُنتِج المعلومات الصحيحة و يُكثِر من إنتاج المعلومات و توزيعها بشكل متساو ٍ بين المواطنين. بما أن الديمقراطية عملية إكثار للمعلومات الصادقة و إنتاج لها و عملية توزيع للعدد الأكبر من المعلومات بين الناس و إيصالها إلى كل فرد , إذن تضمن الديمقراطية بذلك حرية كل فرد لأنها تقدِّم له كل المعلومات المتاحة فتمكنه من الاختيار بينها فيصبح حراً في اختياره فتصرفه على ضوء ما يختار من معلومات. فالفرد الذي يملك معلومات قليلة لا يملك الحرية لأن قلة المعلومات تسجنه في قِلتها. لكن إذا امتلك الفرد النسبة الأكبر من المعلومات فحينها يمتلك الحرية لأن كثرة معلوماته تجعله حراً في اختيار ما يريد و ما ينفعه فتتحقق الحرية الأكبر للفرد بدلا ً من أن يكون سجين قلة أو غياب المعلومات. من هنا , تضمن الديمقراطية الحرية لكل فرد من خلال كونها نظاماً تواصلياً و معلوماتياً يهدف إلى إكثار المعلومات و توزيع النسبة الأكبر منها و إرسالها إلى كل فرد. من المنطلق نفسه , تضمن الديمقراطية أيضاً تحقيق المساواة بين الأفراد. فبما أن الديمقراطية عملية توزيع العدد الأكبر من المعلومات بالتساوي بين المواطنين , إذن يتساوى المواطنون من خلال أنهم يتساوون في امتلاك المعلومات ذاتها. هكذا تنجح الديمقراطية في بناء المساواة بين الأفراد من خلال كونها نظاماً تواصلياً و معلوماتياً يهدف إلى توزيع المعلومات بالتساوي بين الجميع. فالذين يتساوون في امتلاك المعلومات نفسها يتساوون في إمكانيات التفكير و العمل , و بذلك تتحقق المساواة الاجتماعية.

الآن , بما أن الديمقراطية كنظام تواصلي و معلوماتي تحقق الحرية و المساواة معاً من جراء إكثار المعلومات و إرسالها إلى كل فرد و توزيعها بالتساوي بين الأفراد , و بما أن الحرية و المساواة صفتان أساسيتان لأية ديمقراطية , إذن تحليل الديمقراطية على أنها نظام تواصلي و معلوماتي بالمعنى السابق تحليل مقبول إلى أقصى حد. و بما أن الديمقراطية عملية صياغة للعدد الأكبر من المعلومات الصحيحة , إذن من الطبيعي أن تنمو العلوم و تزدهر ضمن الديمقراطيات. هكذا تنجح هذه النظرية في تفسير لماذا تنمو العلوم و تزدهر في ظل الديمقراطية. بينما الديمقراطية نظام تواصلي لأنها تتواصل مع الأفراد من خلال إرسال المعلومات إليهم , الديكتاتورية نظام لا تواصلي. فبما أن الديمقراطية عملية إكثار للمعلومات , إذن الديكتاتورية عملية إقلال للمعلومات و اغتيال لها , و لذا تموت العلوم ضمن الأنظمة الديكتاتورية. لا علم مع الديكتاتورية ؛ فالديكتاتورية نقيض المعرفة.

الديمقراطية حكم الحقوق الإنسانية كحق الفرد في أن يكون حراً. و تتصف الديمقراطية بصفات عدة منها : الفصل بين السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية لكي تضمن عدم هيمنة سلطة معينة على المجتمع. كما تتصف الديمقراطية بإنتخاب الشعب لرئيس الدولة و النواب بشكل دوري و محدودية مدة حكم الرئيس و ممثلي الشعب من أجل أن تضمن استبدالهم لكي لا يحتكر أحد السلطة فيقضي على حقوق و حريات الأفراد. و المساواة أمام القانون و المساواة في الفُرَص من الصفات الأساسية للديمقراطية بالإضافة إلى عدم تفضيل عقيدة على أخرى و عدم تفضيل سلوكيات على أخرى , و بذلك تحتوي الديمقراطية على نسبة عالية من العلمانية التي تفصل بين الدولة و الدين. و من خلال عدم تفضيل عقائد و سلوكيات معينة على أخرى تترك الديمقراطية للأفراد حرية اختيار عقائدهم و سلوكياتهم , و بذلك تضمن حرية الاعتقاد و التصرف.

كل هذه الصفات للديمقراطية ليست سوى آليات لتحقيق الديمقراطية كنظام تواصلي و معلوماتي. فمثلا ً , من خلال احترام الحقوق الإنسانية كحق كل فرد في أن يكون حراً فيما يفكر و يتصرف تضمن الديمقراطية أن يكون كل فرد حراً في إنتاج ما يريد من معلومات , و بذلك تضمن الديمقراطية أرجحية إنتاج العدد الأكبر من المعلومات. هكذا تحقق الديمقراطية ذاتها كنظام إنتاج للمعلومات بفضل احترام الحقوق الإنسانية. و كل من فصل السلطات و الإنتخاب المتكرر لرؤساء و نواب جدد يضمن عدم تفرد سلطة أو فرد بالمعلومات و احتكارها ما يضمن بدوره حرية صياغة المعلومات و إرسالها و تبادلها. و بذلك تضمن الديمقراطية أن تكون ذاتها أي أن تكون نظاماً تواصلياً و معلوماتياً ينتج المعلومات و يرسلها و يتبادلها بحرية. و عدم تفضيل عقائد و سلوكيات على أخرى يضمن أيضاً حرية بناء القدر الأكبر من المعلومات و تبادلها بشكل حر. فمتى حددنا ما هي العقائد و السلوكيات الأفضل قضينا على إمكانية إنتاج و تبادل عقائد و سلوكيات جديدة فقضينا بذلك على إكثار المعلومات و تبادلها الحر فيما بيننا. من هنا , عدم تفضيل عقائد و سلوكيات على أخرى ضمانة لتحقيق الديمقراطية كنظام تواصلي و معلوماتي هادف إلى خلق القدر الأكبر من المعلومات و توزيعها و تبادلها بحرية بين المواطنين جميعاً. ديمقراطية بلا إنتاج لمعلومات صادقة ديمقراطية بلا مضمون. و ديمقراطية بلا توزيع عادل للمعلومات الصادقة ديمقراطية بلا معرفة. و ديمقراطية بلا معرفة ديمقراطية كاذبة.

لكن , بالنسبة إلى الثقافة العربية الإسلامية , الإعجاز هو أعلى و أفضل آلية تواصل. و الإعجاز هو محاولة التعبير عن المعلومات بكثافة من خلال استخدام العدد الأقل من الكلمات و الجُمَل بحيث يعجز الآخر عن فعل ذلك. لكن حين نستخدم العدد الأقل من الكلمات و الجُمَل نكون حينها قد إختزلنا المعلومات فقدَّمنا الكمية الأقل منها. لذا الإعجاز كمنهج تواصلي يُقلِّل من إرسال المعلومات و تبادلها. و بذلك هو نقيض الديمقراطية كآلية تواصلية تهدف إلى إكثار المعلومات. لذا معظم العرب و المسلمين يرفضون الديمقراطية و لم يتمكنوا من تحقيقها. فمنهجنا التواصلي المُتشبه بالإعجاز أو المتمثل في الإعجاز هو في الحقيقة نقيض الديمقراطية المتمثلة في النظام التواصلي الحائز على وظيفة إكثار المعلومات و نشرها , و بذلك من المتوقع أن نرفض الديمقراطية و نفشل في تحقيقها لكونها تناقض منهج تواصلنا. على هذا الأساس , لا بد من ترك الإعجاز للإله المجرد و أن نعاود ممارسة إنسانيتنا بدلا ً من إلوهيتنا الكاذبة. حين نتخلى عن الإعجاز كأسلوب وحيد للتواصل , أي حين نتخلى عن أن نكون آلهة , من الممكن لنا فهم و قبول و ممارسة الديمقراطية كأسلوب تواصلي و معلوماتي.

في العلم إعجاز أيضاً , و الإعجاز الحقيقي كامن في العلم فقط . لكنه إعجاز لغوي و معرفي يحدث بعد إنجاز الفرضية العلمية و اختبارها و رؤية قدرتها على تفسير الظواهر الطبيعية. من هنا , الإعجاز الحق يأتي لاحقاً بعد المشاركة في إنتاج العلوم. فالإعجاز العلمي نتيجة ما ينتج العلماء من نظريات علمية تفصيلية و ناجحة في وصف و تفسير الكون و ظواهره كإعجاز قول أينشتاين إن الله لا يلعب بالنرد. لكننا اليوم نرفض العلم و نعاديه , و لذا نرفض الإعجاز الحقيقي و نكتفي باللعب على الكلمات حين نتكلم بلا أسس علمية. علم بلا إعجاز علم بلا نتائج. و إعجاز بلا علم إعجاز مخادع. مَن لا يمارس العلم لا يمارس الإعجاز. و مَن لا يمارس الديمقراطية لا يمارس الإعجاز و لا العلم.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الكون المعلوماتي
- الكون نظام تواصلي
- العلم إعجاز لغوي
- العلم عملية تصحيح لغوية
- السوبر تخلف : ما بعد الديمقراطية و الديكتاتورية
- فلسفة العلم في مواجهة فلسفة الجهل
- المعرفة بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- اللغة بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- العقل بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- فلسفة المجتمع العربي الإسلامي
- فلسفة الحوار العربي
- فلسفة الحروب العربية
- فلسطين قضية فلسفية
- فلسفة السوبر تجهيل
- فلسفة التفقير و الإفقار
- فلسفة البطالة العربية
- فلسفة الأكوان الممكنة
- السوبر إنسانوية
- السوبر ديمقراطية
- السوبر تاريخانية : صراع التواريخ الممكنة


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الديمقراطية نظام تواصلي و معلوماتي