|
من فلكلوريات الزواج في الريف المصري
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 13:11
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أ-قراءة الفاتحة والخطوبة وهذا ما هو متبع في كل أنحاء مصر المعمورة ... وفي الريف المصري غالبا ما تكون البنت مخطوبة لقريبها وفي الغالب ابن العم ،فتعتبر خطيبته وممنوع الاقتراب منها ....وقد يعقد عليها في سن صغيرة(12-16)وكان هذا يحدث في فترة ما من القرية،وكان هناك مايعرف ب(التسنين)لتحديد سن الفتاة الصغيرة حتى تتزوج،وكانت تحدث الكثير من المخالفات ونجد بنات كثيرات كن يتزوجن قبل العشرين ,ومعظم أمهاتنا تزوجن بهذا الأسلوب ب-ليلة الحنة وهو اليوم الذي يسبق (ليلة الدخلة)..في الصباح الباكر نسمع صوت الميكروفونات عاليا ،لتشعر بوجود فرح في القرية ،ويذيع الأغاني التي تسمع في كل مكان في القرية ،ويعلم الجميع بأن فلان سيتزوج فلانة بنت فلان ،فتري البهجة والفرح في القرية ،وتنتشر روح الود واجتماع كبار عائلات القرية،وكنا لا نري خلافات ولا مشاكل،وتنبعث الأغاني من جهاز كان يسمي (الجرامفون)وتوضع عليه إسطوانة قطرها حوالي 30 سم ,,,,وتسمع أغاني (ليلي نظمي-عايدة الشاعر-محمد فوزي-فريد الأطرش-محرم فؤاد وغيرهم من المطربين) إلي أن جاء الدي جي ويقبل الأقارب علي منزل العروسين للتهنئة والمشاركة في الفرح وتري حركة وجلبة في منزل العريس ...فنري الطباخين الذين يحرص العريس علي جلبهم للطهي والقيام بأمور الطبخ ،فيسهرون الليل في تجهيز أدوات الطبخ ,وتشاركهم النسوة في ذبح الطيور وتنظيفها حتى تكون مهياة للنضج في اليوم التالي ويقدم الطعام في موعده وتقبل النساء علي أم العروسين ليباركن لهما ويعطونهما النقوط (ولا زال موجودا بالقرية –وكان النقوط يقدم في شكل (مال-سكر-شربات-أرز-طيور-فاكهة-وغيرها مما يحملنه لمجاملة أم العروسين.ومن أشهر المشروبات التي تقدم خلال هذا اليوم (الشربات )وغلبا مايكون بطعم الفراولة ...فيتم عمله في الطست(الطشت)وينقع فيه الشربات ،وتوزع الأكواب علي الحاضرين ويشربون في نخب العروسين. وطبعا كما هو متبع في القرية تخرج العروس من منزل خالها ....وكذلك العريس من منزل أخواله ولا زال هذا التقليد موجودا إلي الآن ومن الأصول والثوابت التي لم تتغير في عادات الزواج في القرية. وكانت الماشطة تقوم في القرية بدور كبير في تزيين العروس(تشبه الماشطة الكوافير الآن )فهي تذهب للعروس في هذا اليوم لتهيئها لليلة الدخلة ...فتعجن الحنة حتى تختمر ،وبعد أن تختمر تقوم بتحنية كعبي العروس...وترسم النقوش علي يديها ...وكذلك كل النساء والبنات والأطفال الذين كانوا يشهدون الحنة...وكانت الماشطة تهيئ العروس حتى تظهر في أبهي صورة لها. حتى أ العريس هو الآخر كان يحني قدميه ،ونسمع الأغنية الفلكلورية (كعب الغزال يامتحني بدم الغزال )كتعبير عن تحنيه قدمي العريس ليلة الحنة ج-ليلة الدخلة في منزل العروسين يستيقظ الجميع مبكرين. ففي منزل العريس تستيقظ علي رائحة الأطعمة ورائحة الشواء التي تغزو الأنف ،وتسمع أصوات غلي القدور وصراع اللحوم مع الماء المغلي فتغزو تلك الروائح فمك ،وتمني نفسك بقطعة من هذه الأطعمة أو تنال حظا من هذا اللحم ...حتى إننا سمعنا أغنية فلكلورية (ياعريس إبقي افتكر .....حوش لأبوك حتة من الدكر (قصدهم دكر البط المزقط )كدليل علي الاهتمام بالعريس وتغذيته في هذا اليوم لإقباله علي مرحلة وحياة جديدة ........ .................................................. .............. وتسمع صوت الميكروفون بأغانيه الفلكلورية في هذه المناسبة ،فيلتف الأطفال حوله ...وتتسابق الفتيات الصغيرات في أخذ الميكروفون للتعبير بزغرودة تسمع صوتها عاليه في الميكروفون ،كتعبير عن الفرح ومشاركة العروسين ،ويقبل النسوة والمدعوون ،وقبل الدخول لمنزل العروسين كانوا ينقطون صاحب الميكروفون الذي يعدد أسماء عائلة صاحبة النقطة....ولا زالت هذه العادة منتشرة في القرية ولم تختف من القرية .................................................. ...... وتنصب الموائد في منزل العريس ويقبل المدعوون والمهنئون لينئوا العريس وينالوا نصيبهم من الوليمة ويشاركوا العريس فرحته .....ولم تختف هذه العادة من القرية ولا زالت موجودة ،وكانت قديما تقام بصورة محدودة أما الآن ،فأصبح البذخ والإسراف هما الطابع الغالب علي هذه الولائم ,,فنجد من يذبح بقرة أو اثنتين ،وتختلف من عريس إلي آخر حسب ظروفه ،ويرسل العريس للعروس نصيبها من الوليمة، سواء أكانت في بيت أهلها أو في منزل أخوالها...وليست هذه العادة وليدة اليوم ،بل تقليدا متبع في القرية منذ زمن بعيد. .................................................. ............ وتقترب الساعة الحاسمة ،وتهيئ الماشطة العروس لعريسها (اختفت الماشطة وكانت الحاجة صديقة-رحمها الله-أشهر من عملت بهذه المهنة في القرية)وتجلس العروس علي الكوشة المعدة لها هي والعريس ....وتجلس العروس في انتظار عريسها واضعة منديلا فوق حجرها.... لتنقطها النسوة اللائي يقبلن عليها ...و كانت هذه النقطة من نصيب الماشطة التي تحصلها فورامتلاء المنديل أولا بأول....أما الآن فغابت الماشطة ،وأصبحت العروس تذهب إلي الكوافير ،وتحجز قبلها بيوم أو اثنين ويذهب العريس ليأخذها من هناك. ************************************** ويذهب العريس ماشيا بصحبة أصحابه وأقاربه ،وهم يغنون ويصفقون ،وفي الغالب كان العريس يسير علي قدميه إلي منزل العروس أو خالها وسط الهتافات والتهليل والأغاني الفلكلورية في تلك الفترة ،ويجلس العريس علي الكرسي الآخر بجوار عروسه وسط جو من الفرحة والتهليل ،في وقت لم يكن هناك فيه فرقا للزفاف كما هو متبع الآن ،بل كان يرقص أحد المدعووين وسط تصفيق وتهليل الحضور،وكانوا يستخدمون في الطبل طبقا من الآنية له صوت ويحدث إيقاعا ...وأحيانا يشترك في الرقص رجل أو اثنان وقد يشاركهم العريس ...وقد يحملون العريس لأعلي مرددين (يعيش العريس يعيش ...عريسنا الليلة كويس ...كويس ......يعيش ....يعيش ....يعيش)طبعا طقوس بسيطة وأمور ليست فيها زخرفة أو بهرجة ولكنها كانت تعبر عن جو الفرح والسعادة للفرح في القرية في فترات سابقة. لم تكن القرية تعرف فكرة جلب الفرق الموسيقية أو الغنائية ...ودخلت بعد ذلك فرق كانت تشبه فرقة حسب الله (التي جسدها عبد السلام النابلسي في فيلم شارع الحب مع عبد الحليم حافظ)،وكانت تعتمد علي آلات النفخ النحاسية الصاخبة...وبدأت الفرق الموسيقية تنتشر في القرية ،فيستقطبها الناس من الخارج بعد اختلاف شكل الفرح في القرية من الشكل البسيط إلي سرادقات تقام ...إلي مسارح ،فأصبحنا نري فرقة الزفاف ،وفرقة العرض علي المسرح والراقصات.إلي أن وصلت الأفراح بشكلها الحالي .إما الاحتفال بالفرح بفرقة زفاف أو فرقة مسرح أو تأجير قاعة للأفراح بالمنزل. وقبل أن ينتهي الفرح تذهب أم العروس سريعا لتجهز طعام العشاء للعروسين وغالبا مايكون لحوم طيور(زغاليل (صغير الحمام)-بط-فراخ-حمام)..... وسأنقل لكم صورة مما كان يحدث قديما مما كنت اسمعه من سيطرة بعض العادات المتخلفة والتي كانت تعكر صفو الفرح وفرحة العروسين وتضع العروسين تحت ضغط نفسي وعصبي رهيب ....والحمد لله أن هذه العادات تلاشت مع مرور الزمن ،وهذه كانت عادات وموروثات ظلت في القرية لفترة والغرض من عرضها هو نقدها )وهي فكرة غشاء البكارة(العرض) ويجب علي العريس أن يثبت رجولته في تلك الليلة ....ولا تدرون كم الضغط النفسي والعصبي الرهيب الذي يصيب عائلتي العروسين إزاء هذه العادة المتخلفة التي تكاد تصيب أحد العروسين بانهيار عصبي ...ويزداد هذا الضغط كلما اقترب العروسان من منزل الزوجية ويغلق عليهما باب واحد ....تخشي أم العريس علي ابنها من الأعمال ورش عتبة الباب بالماء والسحر لإصابته بالعجز في تلك الليلة ،فتنصح ابنها بارتداء ملابسه الداخلية بالمقلوب لينعكس العمل ولا يصيبه ...وكذلك العروس التي يصيبها الخوف الشديد والفكرة المسبقة التي يصورونها لها ،وقد يحدث له انهيار عصبي إذ تقع عليها مسئولية كبري وتخشي المجهول في إثبات أنها ذات شرف أمام الجميع ولم يمسسها بشر. ووسط التهليل والأغاني يزف الأهل العروسين ويغلق عليهما الباب وينتظرون بالخارج للاطمئنان علي الأحوال.... أهل العريس للاطمئنان علي ابنهم ورجولته, وأنه لم يصبه شيء من السحر أو الأعمال........وأهل العروس للاطمئنان علي ابنتهم والتفاخر بشرف ابنتهم التي رفعت رأسهم أمام الناس (وآه لو فشل العريس في هذه الليلة لوجدت سيرته تتناقلها الألسن ،وتكون فضيحته بجلاجل) ...والكل ينتظر بالخارج المنديل الملطخ بالدماء فيعرضه العريس فيرتاح الجميع ،وتتعالي الصيحات ، وتنطلق الزغاريد لنجاح المهمة. يحدث في بعض قري الشرقية أن يقوم أهل العروس بالطواف بالمنديل علي سيارة ربع نقل في شوارع القرية والهتاف بشرف ابنتهم ... والأصعب من ذلك هناك في بعض القرى كانت أمهات العرائس تدخل معهن ساعة هذه العملية لتمسك ابنتها لزوجها.... الصباحية والسبوع. وهي من العادات التي يحرص عليها أهل الريف المصري...وخصوصا في قرية جديدة المنزلة....... والصباحية...هي صباح يوم الدخلة ،ويذهب أهل العروس بكل مالذ وطاب حمله لزيارة العروس والاطمئنان عليها.......وبحق يكون هذا اليوم جميلا جدا وتشعر معه الأم بالسعادة والراحة النفسية بعد زواج ابنتها،وتنتظر المولود بفارغ الصبر لتصبح جدة.....وينقطها أشقاؤها بالنقوط...هذا خلافا لم يحدث في المدن ،فيذهب الأب والأم بفطيرة أو بعض الحلوى فقط.....لكن عندنا في القرية نحمل العائلة كل ماتتخيله في ذهنك. أما السبوع... فهو بعد مرور أسبوع علي الزواج،ويعد فيها أخوال العروس كل مالذ وطاب حمله،وهي عادة اعتادها أهل القرية ،ودائما مايقوم الأخوال بأشياء كثيرة في المناسبات (ومن هنا ظهر المثل الخال والد)وهذا عرف متبع في القرية منذ فترة بعيدة ...وبعد مرور أسبوع يتوافد الأصحاب والمهنئون للعروسين ،وتقديم النقوط ،ويستمر هذا الوضع حتى نسمع الخبر السار الذي يعلن عن وفود الزائر الجديد للأسرة.
#عطا_درغام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من فلكلوريات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في قرية مصرية
-
تطور الفن المسرحي في مصر
-
النص المسرحي وأساليبه
-
نشأة الفن المسرحي
-
النزعة الإنسانية عند سارويان
-
رزق الله حسون الأرمني
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|