أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - من هم العلماء في الدين ؟















المزيد.....

من هم العلماء في الدين ؟


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 07:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اطمئن ليس منهم محمد حسان أو العريفي أو الحويني أو ابن تيمية وتلك الأصنام البدوية السلفية، أو حتى مراجع الشيعة وأحبار اليهود وقساوسة المسيحيين، ولكن العلماء في الدين هم أنا وأنت وكل باحث عن الحقيقة، كل متفكر في خلق الله، كل مريد لمعنى الدين، كل من أراد تصور كيف أن الله محبة..كل من سعى لمعرفة الله كسبيل للهداية وليس كسبيل للصراع، كسبيل للمعرفة وليس كسبيل للجهل، كسبيل للعمل والبناء وليس كسبيل للهدم والترويع..

مبدئياً لم يذكر الله كلمة.."العلماء"..في القرآن إلا مرة واحدة في قوله تعالى.." ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور".. [فاطر : 28]

طيب ما معنى هذا الكلام ؟

أولا: ظاهر الآية يقول بوضوح أن معنى كلمة العلماء هي تبعاً للسياق، والسياق هو عن اختلاف ألوان الناس والدواب والأنعام، والمعنى أن المقصود بالعلم والعلماء هم المفكرون في الآيات الطبيعية..وكيف أن الله أحكم خلقه والأشياء بنَسَقٍ جميل ومبدع يدعو الإنسان للتأمل، هؤلاء هم العلماء الحقيقيون، وهو المعنى المستفاد من حركة العقل ونشاطه الذي أثنى عليه الله في القرآن بتكرار خطابه للقوم المتفكرين والعاقلين عشرات المرات.

ثانيا: هذا التفسير لا يوافق هوى ومزاج الشيوخ..فادعوا أن المقصود من العلماء هم.."الفقهاء والشيوخ والمراجع والأحبار والقساوسة"..والهدف كي يحصروا فهم الدين في فهمهم فيعود الناس إليهم وتعلو منزلتهم فيشعرون بمتعة السلطان والتحكم في رقاب الناس وتوجيههم أينما وكيفما يُريدون.

ثالثاً: يقول الله تعالى.." يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ".. [المجادلة : 11]..والآية تفصل بين الإيمان والعلم بقوله.."الذين أمنوا منكم"..ثم .."والذين أوتوا العلم درجات"..وهذا يعني أن الله سيرفع العلماء الحقيقيون الذين خدموا العلم والإنسان حتى ولو كانوا غير مؤمنين، وفي الآية لفتة طيبة على تشجيع العلم والبحث عن الحقائق وعدم الخوف من النتائج، لأن الله يحيل عليه أن يظلم أحداً بحث عن الحقائق بإخلاص وسلك سلوكا حسناً ثم ضلّ عن سبيله، هذا علمه عند ربه، والخبر يأتي إلينا مطمئناً من سار في درب العلم كافة أن يتعلموا ولا يهابوا النتائج.

وسياق الآية الكريمة في سورة المجادلة تُعطي صفة.."الذين أوتوا العلم"..لمن لا يتناجى بالإثم والعدوان بل يتناجى بالبر والتقوى، ولمن لديه مبادئ وأخلاق الإسلام من التفسح في المجالس وما وراءه من توقير واحترام الآخرين، ولمن يتصدق في سبيل الله ولمن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، هذه مبادئ عليا في الدين حرّض الله عليها لمنفعة الإنسان، وأعطى صفة العلم والعلماء لمن يلزم هذه الأشياء، وهذا يعني أن سقوط واحدة منها تعني انتزاع صفة العلم نزعاً، فليس من المنطقي أن يكون العالم مُصلّياً ومُزكياً وفي نفس الوقت يكون من المعتدين على الناس بالإثم..أو أن يكون ساقط الأخلاق لا يُنزل الناس منازلهم ولا يحترمهم ، وما أكثر في زماننا هذا من يتصف بتلك الصفات القبيحة، تجده عابداً ملتزماً ولكنه على المستوى الشخصي إنسان ساقط بذئ اللسان وفاحش القول والعمل..

رابعاً: يقول الله تعالى.." هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب [آل عمران : 7]....ومعنى الآية صريح في أن.."الراسخون في العلم"..ليسوا هم العلماء الذين يفتون في كل صغيرة وكبيرة، بل هم الذين يُقرّون بجهلهم تأويل المتشابه في القرآن، ويكتفون بالإيمان به كلُ من عند الله ولا يعلم ذلك إلا أولو الألباب، أي هؤلاء لديهم مساحة من التواضع تدفعهم للاعتراف بجهل ما اشتبهَ عليهم من القرآن.

خامساً: والدليل على أن معنى.."الراسخون في العلم"..ليسوا هم الفقهاء والشيوخ ورجال الدين هو قوله تعالى في سورة النساء.." لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك[النساء : 162]..والآية جاءت في سياق ظلم بعض اليهود وأكلهم الربا وأموال الناس بالباطل وتحريمهم ما أحل الله، فأراد الله أن يُطمئن نبيه بأن من اليهود عقلاء.."راسخون في العلم"..وأداة الفصل.."لكن"..تعني ثبوت الضد، بما يعني أن الرسوخ في العلم عند اليهود هم الذين لا يأكلون الربا ولا يأكلون أموال الناس بالباطل ولا يُحرمون ما أحل الله، فأين معنى الرسوخ الشائع عند الفقهاء واحتكارهم هذا المعنى دوناً عن الناس ؟

إن أبسط بدهيات العقل تُعطي حق الرسوخ في العلم لمن لا يُحرم ما أحل الله ولا يأكل الربا ولا يأكل أموال الناس بالباطل، وبإضافة معنى آية المحكم والمتشابه في سورة (آل عمران: 7) يكون الرسوخ مُضافاً لمن لا يُفتي في دين الله بغير علم، ويتجنب الشبهات ويتقي الله ويبرأ من الكذب، وبإضافة معنى العلماء في سورة(فاطر:28) يكون الرسوخ مضافاً أيضاً لمن يتفكر في خلق الله واختلاف الألوان والأجناس والألسنة ،كذلك وبإضافة معنى.."الذين أوتوا العلم"..في سورة ( المجادلة:11)..يُعطي صفة الرسوخ والعلم لمن يتخلق بخُلق الإسلام ولا يعتدي على الناس، وأن يرحم الصغير والفقير بزكاته وصدقته وصلاته.

كل ذلك -كما قدمنا -هو يخدم سبيل الله كطريق هداية وليس كما أشاعه فقهاء المذاهب ومجانين الطوائف أنه طريق صراع وحلبة مصارعة يكون فيها البقاء للأقوى، وهذا يعني أن العلماء في القرآن ليسوا هم العلماء عند الشيوخ وكهنة الدين، ولا سبيل لتأويل الآيات وحرفها عن ذلك المسار مطلقاً، بل هم يخترعون أدلة من عند أنفسهم معظمها أدلة حديثية تُفيد أن العلماء هم الدعاء والمتحدثين باسم الدين..وهذا غير صحيح، فالقرآن ضد هذه الرؤية بالمطلق، لأن الله لم يجعل بينه وبين العباد وسائط يتحدثون باسمه، إنما الوسيط الوحيد هو من كان مقيداً بوحي لضمان عدم تحريف شريعته وهم الأنبياء، لذلك خصّهم الله بمنزلة عظيمة ووعدهم بأجرٍ عظيم جراء ما سيُعانونه من إخوانهم البشر من أذى.

كل ذلك كان في علم الله، وهي فلسفة دينية وقرآنية سهلة تبدو للناظر المتيسر، ولا تبدو للمقلد المُعسّر، لذلك ذم الله التقليد وجعله سمتاً لأولي الكفر والبهتان، وحذر من أن اتباع الأولين يجب أن يكون في صورة الواقع وعلى مبادئ الشريعة الإنسانية السمحة الداعية إلى المحبة والخير والعمل والبناء، ومن ضل عن هذا الطريق هو المقصود من العذاب والتحذير في الخطاب القرآني، وفي صحيح السنة النبوية جاءت الأخبار ما تؤيد وتعضد هذه الرؤية وتجعلها أكثر تماسكاً مثل حديث.."إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"..وتعني أن الأخلاق كانت موجودة وإنما كان الإسلام لتقويم بعضها واكتشاف غيرها والبناء على ما فات، وعليه فالعلم والعلماء هم الناظرون المتفكرون الذين يدعون إلى مكارم الأخلاق وإلى التكافل وإلى البرّ والتقوى، أما حصر تلك المعنى في صورة رجل الدين الوصي على عقائد الناس لهو الغشّ والتحريف بعينه.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش وحديث الفرقة الناجية
- معبد الجهني المعارض الحُر
- الأمويون وتخلف الأمة
- ابن شهاب الزهري في الميزان (4)
- ابن شهاب الزهري في الميزان (3)
- ابن شهاب الزهري في الميزان (2)
- ابن شهاب الزهري في الميزان
- خرافة هزة العرش لسعد بن معاذ
- الوصاية الدينية في فقه ابن حجر العسقلاني (3)
- الوصاية الدينية في فقه ابن حجر العسقلاني (2)
- الوصاية الدينية في فقه ابن حجر العسقلاني
- تصحيح بعض مما ورد في دراسة الحجر الأسود
- حقيقة الحجر الأسود
- أعذرني ياسيادة الرئيس
- معالم فوز السيسي والأسد
- تحديات سيساوية (2-2)
- تحديات سيساوية (2-1)
- عوامل مساعدة لانتشار الإرهاب
- لماذا أنتقد حمدين صباحي ولماذا أرفض تخوينه ؟
- ماذا يحدث في ليبيا ؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - من هم العلماء في الدين ؟