أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هند وصفي طاهر - الوطنية مبدأ وفعل حقيقي بالتضحية والايثار....















المزيد.....

الوطنية مبدأ وفعل حقيقي بالتضحية والايثار....


هند وصفي طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


.. اشعر بألم وحزن ووجع لا مثيل له، لما حل بمدينة الموصل المفجوعة، ليس فقط لما ابتلى به اهلها من كابوس داعش وبقايا البعث، وانما بمواقف هزيله لـ (قادتها الامنية) وبالطبع اتلمس ذلك الوجع بوجه كل من التقي به هنا في بغداد، وحتى عبر صفحات التواصل الاجتماعي لاصدقاء ومعارف في كل مكان من هذه المعمورة، فحالة الهلع والخوف التي يعاني منها الكثير من اهالي الموصل، وضواحيها، يذكرني ليس بما جرى من اقتتال طائفي في سنوات 2006 او2007 فحسب، وانما لسنوات عجاف ماتزال مرارتها وكوابيسها تراودني، حينما كانت تتعرض له القرى الكردية من هجمات وحشية من قبل مرتزقة نظام صدام وبشكل مستمر، قبل الكارثة الكبرى في حملات الانفال سيئة الصيت عام 1988، وعن الموقف البطولي للانصار الشيوعيين ودفاعهم عن اهالي تلك القرى المسالمة، وعدم تركهم في مهب الريح، رغم التفاوت الكبير بين ماتملكه جحافل النظام من اعداد وتجهيزات، والنصير الشيوعي الذي لايملك سوى وطن في قلبه، وبندقية في يده.. لذا وجدت من الضروري استذكار تلك الاحداث وتسجليها... بعيدا عن أي مظهر من مظاهر الاستعراض، فالايمان بقضية عادلة والدفاع عن مباديء سامية تجعل الانسان يقاوم ويدافع الى النفس الاخير، وقطعا يرفض فكرة الاستسلام...
.........
تجربة خاصة ومشاهدات عشتها ستبقى مغروسة في ذاكرتي مهما حييت. كنت قد التحقت بقوات الانصار البيشمركة، التابعة للحزب الشيوعي العراقي، لمقارعة نظام صدام المجرم عام 1985 وبعد ان انيطت لي مهمة العمل على جهاز اللاسلكي، والتدريب لفترة وجيرة لاتتجاوز 14 يوماً، فقد شكل ذلك تحديا لقدرتي في استيعاب واجادة شيء جديد بالنسبة لي، اضافة الى التكيف مع قساوة الحياة وسط الجبال، وانا ابنة المدينة التي تعودت على الحياة السهلة المترفة، والقادمة من احدى البلدان الاوربية، بعد غربة قسرية ابان الحملة الشرسة لنظام صدام المقبور على الحزب الشيوعي عام 1978... وهنا لابد من الاشارة الى دور النصيرات الرائدات اللواتي سجلن مواقف شجاعة وبطولية، واستطعن بمد جسور المحبة بنسج علاقات طيبة مع نساء واهالي القرى، والذي كان له دور كبير بتسهيل مهمة أي نصيرة التحقت بعد سنوات.
.. وفي بداية عام 1987 وتحديدا صباح الخامس من كانون الثاني، بدأت قوات النظام المستقرة في مواقع ليست بالبعيدة عن موقعنا في الفوج الاول لقاطع بهدينان (كلي مراني) بالتقدم والهجوم بجحافل كبيرة وتجهيزات متطورة، امام ما نملكه من تجهيزات واعداد، لتشكل بذلك معادلة غير متكافئة... كانت مهمتي هو العمل على جهاز اللاسلكي لوحدي، بعد ذهاب زميلي بالعمل قبل الاحداث لقاطع بهدينان، لظرف خاص به وذلك القاطع يبعد مسافة يومين مشي.
لذا شكل ذلك الأمر تحديا كبيراً لي، اذ بات عليّ مواصلة العمل ليل نهار لمدة تجاوزت اليومين دون انقطاع، بارسال واستلام برقيات من القيادة والى الافواج والقطاعات الاخرى.. وبالطبع فقد كانت طبيعة عملي تتطلب اليقظة والحذر والحريص على عدم تسرب أي خبر اضافة الى الدقة... وبعد ثلاثة ايام استطاع ان يلتحق زميلي بالعمل وهو الرفيق العزيز سالم لاسلكي، ليقدم لي العون والمساعدة، كما التحقت اعداد من المقاتلين الانصار من الافواج والقواطع الاخرى...
قاتلت قواتنا ببسالة وقاومت لاكثر من اسبوعيين وقدمنا شهيداً واحداً وهو الشهيد البطل "جنان" الشاب المفعم بالشجاعة والحماس، ليسهم بدمه الطاهر في مساعدة قرى مسالمة احرقتها نيران مرتزقة صدام، ولضمان انسحاب اهالي القرى من الاطفال والنساء والشيوخ معنا بأمان، وقد قامت مجاميع من انصار الفوج بتأمين الطريق الى منطقة "كافية" البعيدة عن موقع الهجوم.
كان بحوزتي جهاز اللاسلكي، ويكبر حجمه جهاز الستلايت بقليل وقد وضعته على ظهر الحيوان وطلبت من احد الامهات ان تضع اطفالها الثلاثة فوق البغل ليتسنى لها الامساك بيد الاكبر سناً.. بينما توليت انا رعاية أولئك الصغار الذين تجمدت دموعهم على خدودهم التي اصطبغت بلون احمر قرمزي من شدة البرد.. وقفت حائرة امام معاناة الاطفال، فمازال الطريق طويلاً امامنا قد يتجاوز اليوم او اليومين، للوصول الى منطقة كافية، الاكثر امانا والذي يقع فيها احد مقراتنا.. اخرجت قطع الجوارب التي املكها ووضعتها في ايديهم... كل واحد منا وجد طريقة ليخفف بها عن معاناة هؤلاء الابرياء... وقد خرج اهالي منطقة كافية لاستقبالنا بالطعام والماء.. مما خفف من حالة الوهن والجوع والعطش الذي اصابنا... بعد انسحاب القوات من منطقتنا وعودتنا الى مقرنا في مراني بسلام لكم هذه المشاهدة...
--------------
ثمة حقيقة اسجلها للتاريخ... لابد من التفريق بين بعض الضباط الشرفاء، واغلب الجنود الذي زجوا قسرا لقتل الابرياء من اهالي المنطقة، وحتى الدخول في قتال مع قوات البيشمركة، وبين مرتزقة اسماهم صدام بالفرسان، وهم جحوش مهمتهم قتل الاطفال والنساء وكل الابرياء دون ان يرف لهم طرف جفن... اصبنا بحالة الذهول حينما دخلنا مقرنا، فما شاهدناه كان خارج عن كل توقعاتنا... ان من دخل المقر هم الجنود الطيبون حيث اوهموا قادتهم الجبناء الذين اختبؤا خلف الجبل باحراق المقر بالكامل، ولكن الجنود لم يحرقوا سوى غرفة صغيرة من هذا الجانب وغرفة من الجانب الاخر كانت اسطبل للحيوانات ليشكل المنظر من بعيد سحابة دخان كثيفة... وكأن كل شيء سوى مع الارض بالكامل... ولم يعبثوا بشيء بل كتبوا عبارة قلوبنا معكم على جدران احدى الغرف... فتحية لهؤلاء الجنود الرافضين لنظام صدام المجرم... الذي ترك العراق في مهب الريح واختفى في حفرة كالجرذ، بينما كان يتراكض ازلامه على شواطيء دجلة بملابسهم الداخلية ابان دخول قوات الاحتلال العراق عام 2003......
واخيرا كم أود ان اعبر بان الوطنية ليست كلمة تقال في خطبة لتمرير سياسة طائفية لقادة متعجرفين... الوطنية مبدأ وفعل حقيقي بالتضحية والايثار.... فالقادة الوطنيون لثورة 14 تموز المجيدة قاتلوا وضحوا بانفسهم الى جانب الزعيم عبد الكريم قاسم، كما وقفت الجماهير بطوابير امام وزارة الدفاع، والزعيم يرفض تزويدها بالسلاح حفاظا على ارواحهم.



#هند_وصفي_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة وطنية للكشف عن مصير ضحايا النظام المباد بصمة الحامض الن ...
- هل تجدد ثورة تموز 1958 نفسها اليوم


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هند وصفي طاهر - الوطنية مبدأ وفعل حقيقي بالتضحية والايثار....