|
خفايا صفقة طائرات السوخوي
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 4499 - 2014 / 7 / 1 - 22:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خفايا صفقة طائرات السوخوي
جودت هوشيار
بعد تلكؤ الولايات المتحدة الأميركية في تنفيذ العقد المبرم مع حكومة نوري المالكي لتزويد العراق بمقاتلات ( 16 F- ) بسبب خشية البنتاغون من وقوع هذه الطائرات بيد ايران ، سارع المالكي الى مفاتحة روسيا لتزويده بمقاتلات حديثة من اجل القضاء على الفصائل السنية المسلحة بذريعة محاربة ( داعش ) . وقد استغلت روسيا حاجة المالكي الشديدة الى الطائرات المقاتلة لتفرض عليه شروطاً قاسية ، من حيث نوع الطائرات وأسعارها الباهضة . وقد نشرت مجلة ( شبيكل ) الألمانية - واسعة الأنتشار والتي تتميز بمصادرها الموثوقة –بعض تفاصيل الصفقة في عددها الأخير ، وأكدت ان الطائرات العشر التي تعاقدت علها حكومة المالكي مع روسيا هي من طراز( SU-24) القديمة المستعملة وليس ( SU-25) ، وأن قيمة هذه الصفقة تبلغ ( 365 ) مليون يورو وليس جزءاً من صفقة قديمة كما تدعي بغداد ، ولم يكن أمام المالكي سوى الرضوخ للشروط الروسية والقبول بهذه الصفقة غير المتكافئة .
وقد ظهرت خلال المباحثات بين بغداد وموسكو حول تفاصيل العقد ، مشاكل جادة عديدة ومنها : من سيقود هذه الطائرات ؟ مدير مركز التحليل الستراتيجي والتكنولوجي الروسي روسلان بوخوف صرح لصحيفة ( نيسافيسفايا غازيت ) الموسكوفية ، ان العراق يفتقر الى طيارين مدربين على قيادة طائرات السوخوي رغم ان عددأً كبيراً من الطيارين العراقيين قد تدربوا على استخدام هذا النوع من الطائرات خلال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ولكن لا أحد منهم يخدم اليوم في سلاح الجو العراقي ، بعد قتل أو أغتيال عدد كبير منهم من قبل الميليشات الطائفية المتطرفة وهجرة ما تبقى منهم الى خارج البلاد أو التحاقهم بالفصائل المسلحة . واقترحت روسيا الأستعانة بالطيارين الأيرانيين أو السوريين المدربين على قيادة طائرات السوخوي ، او التعاقد مع طيارين من أوكرانيا أو أي بلد آخر . ولكن العراق رفض هذا الأقتراح وأصر على استخدام طيارين روس لقيادة الطائرات المشتراة وقد وصل الى العراق فعلاً عدد من الطيارين الروس ، كما هبطت الدفعة الأولى من طائرات السوخوي ، في احد المطارات الحربية العراقية في جنوب البلاد بعيدا عن جبهات القتال وليس في غربي بغداد كما صرح الناطق بأسم القائد العام للقوات العراقية السلحة قاسم عطا . . وكشفت بعض الصحف الروسية المعارضة للرئيس بوتين ومنها صحيفة ( نوفايا غازيتا ) التي يمتلك الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف أكثر اسهمها ، أن صفقة الأسلحة الجديدة الموقعة بين العراق وروسيا تتضمن أيضاً تزويد العراق بطائرات مروحية من طرازMIG-28) ) و( MIG – 35) . السؤال الذي يطرحه المعلقون الروس هو الى أي مدى تريد روسيا أن تكون طرفاً في حرب المالكي ضد الثورة السنية في العراق ؟ يتبين من الحوار الذي أجراه المحلل السياسي الروسي سيرغي بريلوف مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصالح قناة ( فيستي ) الحكومية الروسية ، ان روسيا لن تكون متفرجا خارجيا على ما يحدث في العراق ولن تقف مكتوفة الأيدي تجاه المخاطر التي قد تتعرض لها أمنها الوطني ومصالحها في المنطقة . وحذر لافروف من تفكك العراق ، الذي يؤدي – حسب رأيه - الى تفجر الوضع في المنطقة بأسرها ، وان حالة عدم الاستقرار سوف تستمر لسنوات عديدة وتشمل تداعياتها ليس الشرق الاوسط وشمال افريقيا فقط بل المناطق المجاورة لهما ايضا . ويمكن تفسير كلام لافروف ان روسيا قلقة على احتمال تغلغل الفصائل الأسلامية المتطرفة الى جمهوريات جنوب القفقاس وآسيا الوسطى الأسلامية المتاخمة لحدودها الجنوبية ، اضافة الى المناطق الأسلامية في روسيا ذاتها مثل الشيشان وتاتارستان وغيرهما .
ولا شك ان روسيا تتخذ من حرب المالكي ضد الفصائل السنية المسلحة ذريعة لأستعادة نفوذها المفقود في العراق . ولكن الى أي مدى يرغب قادة الكرملين في اقحام روسيا في المستنقع العراقي ؟ يبدو ان ثمة تنسيقا من نوع ما بين الولايات المتحدة الاميركية وايران وروسيا ، لأن المالكي لم يكن يتجاسر على أغضاب واشنطن في وقت هو بأمس الحاجة الى المساعدة العسكرية الأميركية من اجل القضاء على الثورة السنية التي يشكل تنظيم داعش جزءأً ً منها .
وتقول صحف المعارضة الروسية ، ان طهران قد ارسلت الى العراق فعلاً طائرات تجسسية بدون طيار وثمة عدة كتائب من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الأيراني تقاتل في ديالى وسامراء الى جانب جيش المالكي وميليشياته ، وان القوات الأيرانية تشغل الآن قاعدة الرشيد - وهي اكبر قاعدة عسكرية في العراق- أما الجنرالات الأيرانيون ، الذين يوجهون قوات الماكي ، فقد أتخذوا من دار الأذاعة القديمة في الصالحية ببغداد مقراً لهم .
حملة استعادة تكريت التي تم الأعداد لها بالتعاون مع المستشارين الأميركان لم تحقق أهدافها الرئيسية المتمثلة في رفع معنويات الجيش العراقي وتعزيز موقف نوري المالكي في الأحتفاظ بمنصبه لأربع سنوات أخرى قادمة . وان الحرب ضد الفصائل المسلحة ستستمر الى امد غير معلوم اذا اصر المالكي على استخدام القوة للقضاء عليها .
طائرات السوخوي المدمرة وتورط روسيا المباشر في الحرب لن تؤدي الا الى تعقيد الأزمة العراقية وقتل المزيد من سكان المناطق الساخنة ، من دون الحاق الهزيمة بالمسلحين ، ولو كان الحل هو القصف الصاروخي والمدفعي والبراميل المتفجرة ، 3لكانت سيطرة المسلحين على الفلوجة قد انتهت منذ أشهر . ولكن هذا لم يحدث ولن يحدث وطائرات السوخوي لن تجدي نفعا في الحاق الهزيمة السريعة بهم كما تدل على ذلك التجربة السورية طوال السنوات الثلاث الماضية . معالجة الأزمة العراقية تكمن في ايجاد حل سياسي يلبي طموح الأغلبية الساحقة من المكون السني العربي الذي يشكل أكثر من ثلث سكان البلاد وبذلك يتم عزل داعش والقضاء عليه بمساعدة ثوار العشائر أنفسهم وعلى المالكي ادراك هذه الحقيقة وليس صبت الزيت على النار المشتعلة ...
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين صحافتين جيدة وسيئة
-
من يدفع ثمن الولاية الثالثة للمالكي ؟
-
غزوة المالكي الموصلية
-
فوز للمالكي بطعم الخسارة
-
الكابوس الذي أقض مضاجع المالكي
-
نصيحة يوليوس قيصر والمالكي
-
الطريق الطويل من الأطروحة الى الكتاب !
-
سيناريو الفوز بولاية ثالثة
-
ظاهرة نيلسون مانديلا
-
مهزلة العقل العفوي
-
كيف تؤثر تكنولوجيا المعلومات في قدرة الإنسان على التفكير؟
-
جائزة نوبل لقاء انتحال مبادرة
-
المعارضة الكردية ما لها وما عليها
-
عبء جديد على - الرجل الأبيض -
-
ما قل ودل : - كلاوات - المالكي
-
ما قل ودل :عش ودع غيرك يعيش !
-
فلك الدين كاكائي كما عرفت
-
أيطاليا تحتفل بمرور 500 عام على كتاب - الأمير - لنيكولو مك
...
-
المشهد المصري لن يتكرر في العراق !
-
جوزيف ناي ونظرية القوة الناعمة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|